تواصل النساء التألق في جميع جوانب الأعمال التجارية وتجاوز جميع التوقعات في ريادة الأعمال، إلا أنهن مع ذلك قد يواجهن صعوبات عندما يتعلق الأمر بالتمويل الشخصي.
وفي تقرير نشرته صحيفة "فايننشال بوست" (Financialpost) الكندية، أشارت الكاتبة روزاليند ستيفاناك إلى تحليل حديث لأرصدة حسابات التقاعد أجرته شركة "ميرسر" (Mercer) لإدارة الأصول، أظهر أن النساء يتقاعدن بأرصدة حسابات أقل بنسبة 30% من الرجال، ونتيجة لذلك يعملن لفترة أطول بسنتين. فضلا عن ذلك، أشارت دراسة استقصائية لمصرف "مونتريال"(Montreal) في عام 2021 إلى أن تقديرات النساء لحجم الأموال التي سيحتجنها للتقاعد أقل بنسبة 18% مقارنة بالرجال.
وفيما يلي، نصائح قدمها عدد من الخبراء من شأنها مساعدة النساء على إيجاد موطئ قدم لهن في عالم التمويل الشخصي.
وضع الميزانية
ترعرعت نيكول سيمونز مع والدها الذي أسس شركته الخاصة للسمسرة قبل 30 عامًا، وبذلك أدركت فوائد الإدارة الجيدة للأموال بشكل مباشر. ولطالما أرادت نيكول وظيفة تمكّنها من مساعدة الآخرين لتحقيق النجاح المالي، وخاصة النساء السود.
وهي الآن شريكة في شركة "سي بي إن" (CPN) للخدمات المالية في برامبتون أونتاريو، التي تشكل الإناث 90% من عملائها.
وذكرت سيمونز أن وضع الميزانية مرتبط في الأذهان بأمور سلبيّة مثل الحد من النفقات. وتعتقد الكثيرات أن وضع ميزانية يعني التخلي عن الأمور التي تحبها، لكن الميزانية في الواقع هي مجرد خطة إنفاق تساعد في تحديد الأولويات. وارتكاب الأخطاء والفشل في وضع ميزانية فعالة يجعل بعض النساء يعتقدن تلقائيا أنه لن ينجحن في ذلك أبدًا، ولكن عدم تخطي أخطاء الماضي وعدم الانفتاح على التغيير، لن يساعدا في المضي قدمًا عندما يتعلق الأمر بوضع الميزانية وبالتالي مواصلة اتباع نفس العادات.
وأكدت سيمونز أن مقدار الأموال التي تجنيها لا يهم، ما دمت لا تعرف فيما تنفقها. وهي ترى أن القاسم المشترك الرئيسي بين النساء هو عدم التمعن في قراءة كشوفات حساباتهن لمعرفة أكثر ما ينفقن عليه أموالهن. في المقابل، يساعد وضع ميزانية وتتبع النفقات على ضمان تطابق نفقاتك مع نمط الحياة الذي تريده. كما تنصح سيمونز بإنشاء حساب ادخار أوتوماتيكي للتأكد من توفير بعض المال كل شهر.
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن تغيير ميزانيتك حسب الحاجة لتتناسب مع المراحل المختلفة من حياتك. ويجب أن تكون مخططاتك واقعية فيما يتعلق بما يمكنك تحمله من نفقات بناءً على دخلك، حتى لا تصاب بالإحباط.
الاستثمار بثقة
جوليا تشانغ، الشريك المؤسس والمديرة التنفيذية لشركة "سبرينغ بلانينغ" (Spring Planning) التي يقع مقرها في سوراي، دائمًا ما تتلقى رسائل بريد إلكتروني من نساء في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهن يَتُقن لتعلم المزيد بشأن الاستثمار والتخطيط المالي.
وتقول تشانغ إن النساء في أميركا الشمالية أقل ميلا إلى الاستثمار مقارنة بالنساء في البلدان الآسيوية مثلًا. وهي تعتقد أن هذا السلوك نابع من نظرة سلبية للرياضيات والأرقام، التي ينضاف إليها درجة تعقيد عملية الاستثمار. ولا بد من الاعتراف بأن شعور النساء بالنقص لا ينبع من داخلهن، بل من تأثيرات المجتمع.
وأكدت تشانغ أن المرأة ليست بحاجة إلى فهم كيفية حساب عوائد السندات أو كيفية التداول لتكون مستثمرةً جيدة. في البداية، نصحت بتحديد ما تريدين تحقيقه ثم مقدار الأموال التي تحتاجين إلى ادخارها لتحقيق هذه الأهداف. وهي تؤكد أن الرجال والنساء على حد سواء يحتاجون إلى تعلم بعض أساسيات الاستثمار وإلى الدعم واستشارة أهل الاختصاص.
وذكرت تشانغ أنه لا بأس في توخي الحذر عند الاستثمار إذا قمت بالتخطيط مسبقًا لخطواتك. كما ينبغي التفكير في التدفقات النقدية التي تحتاجينها في مراحل مختلفة من حياتك. ولا تترددي في أخذ استشارة مختص متى احتجتِ لذلك.
الاستعداد للأفضل أو للأسوأ
كانت إلك روباتش تبلغ من العمر 15 عامًا عندما توفي والدها، تاركًا عائلتها دون تأمين أو أي خطة مالية. بصفتها محامية سابقة، أسست شركة "روباتش ويلث" (Rubach Wealth) في تورنتو عام 2012، التي تتمثل إحدى مهامها الأساسية في تثقيف النساء (اللائي يشكلن 70% من عملائها) حول أهمية إلمام المرأة بالشؤون المالية حتى لا يتخذن قرارات غير مدروسة أو يعتمدن على شركائهن في اتخاذ مثل هذه القرارات.
مع أن النساء كسرن جميع الحواجز والتوقعات في عالم الشركات، أشارت روباتش إلى أنهن لا يركزن بنفس القدر على الشؤون المالية في إطار العلاقات الشخصية. وهناك نساء يفكرن في الطلاق لكنهن يخشين عدم القدرة على تحمل تكاليف مغادرة عش الزوجية، على الرغم من أنهن يجنين ما بين 300 ألف دولار و500 ألف دولار سنويا. وقد يعانين من العيش مع أزواج يستنزفونهن ماليا، إذ لا سيطرة لديهن على مواردهن المالية.
وشددت روباتش على أهمية تأكد المرأة من أن زوجها يدرك أهمية تقاسم مسؤولية النفقات. وإذا لم تتمكني من التحدث إلى زوجك حول هذه الأمور بشكل صريح في بداية العلاقة، فإنك من المحتمل أن تواجهي مشاكل أكبر في المستقبل.
في المقابل، عندما تنتهي العلاقة الزوجية، ترى روباتش أنه من الضروري التوصل إلى تسوية معقولة والتفكير في جميع التفاصيل خاصة إذا كان لديكما أطفال. ولا تنسي متابعة الديون على الحسابات المشتركة بينكما والاتفاق على تقاسم هذه الأعباء. كما أن الاحتفاظ بأموال إضافية في صندوق الطوارئ الخاص بك فكرة جيدة لتحضير نفسك لعدم الحصول على النفقة أو مدفوعات إعالة الأطفال. وتنصح روباتش أيضًا بوضع أهداف تمكنك من تحقيق استقلال مالي بغض النظر عن حالتك الاجتماعية والثروة التي تملكينها.
التخطيط للتقاعد وما بعده
تتمتع لوري كامبل بأكثر من 30 عاما من الخبرة في مساعدة الأفراد على إدارة مواردهم المالية. وبصفتها مديرة قسم متخصص في الشؤون المالية للعملاء في "بروموتش+ سميث"(Bromwich + Smith Inc)، تعمل حاليًا مع فريق من الخبراء المرخص لهم بمعالجة حالات الإفلاس وتخفيف الديون، وهي حريصة دائمًا على مساعدة النساء على الاستعداد بشكل أفضل لمرحلة التقاعد.
أشارت كامبل إلى أن الكثيرات شاهدن أمهاتهن يكافحن من أجل توفير المال أو يتركن مسألة التخطيط المالي على عاتق أزواجهن. وفي الحقيقة، لا تفكر النساء في ادخار المال في سن مبكرة، وهن لا يدركن أنه كلما وضعن خطة مالية محكمة في سن مبكرة، زادت قيمة الأموال التي سيجمعنها للتقاعد. فضلا عن ذلك، لا تزال المرأة تكسب مالا أقل بكثير من الرجل، لذا من غير المفاجئ أن تضطر إلى العمل لسنوات أكثر قبل التفكير في التقاعد. كما أن إجازات الأمومة والوقت الذي تستغرقه المرأة في تربية الأطفال يؤثر على مقدار الثروة التي تجمعها على مر السنين.
قبل 5 إلى 10 سنوات من التقاعد، نصحت كامبل بتجنب المخاطر الناجمة عن الاستثمار، التي من شأنها التأثير على رفاهيتك خلال فترة التقاعد. ومن المهم أن تكون لديكِ خطة محكمة قبل أن تتوقفي عن العمل. وإذا سمحت شركتك بذلك، جرّبي خطة تقاعد تدريجية تمكنك من العمل بضعة أيام في الأسبوع لبضع سنوات، ولا سيما أن الكثير من الشركات باتت ترغب في الاحتفاظ بالخبرات في مهارات معينة.
نصيحة بشأن التخطيط العقاري: على المرأة أن تناقش مع زوجها تبعات وفاة أحدهما وتزوج الآخر مرة أخرى. وعلى الزوجين وضع خطط بديلة من شأنها توفير الرفاهية لمن في كفالتهم بعد الوفاة.