كلما أضاءت شاشة التلفاز، وظهر إعلان عن منتجات سحرية لإنقاص الوزن، تذكرت» سلمى» سنوات المحاولات مع الأنظمة الغذائية التى تطلبت منها صبرا على الجوع، وحرمانا من المأكولات الشهية، ومع ذلك جاءت النتائج ـ بالنسبة لها ـ بطيئة وغير مرضية، كما تذكرت رفضها لنصيحة البعض باللجوء لعمليات «التكميم» الجراحية.. وتساءلت : لماذا لا تكرر تجارب أبطال وبطلات الإعلان من الرجال والنساء والأطفال ممن يبدون فى قمة السعادة والصحة بعد أن حاربوا السمنة، واكتسبوا أجسادا ممشوقة وأوزانا مثالية مضبوطة !؟إلحاح الإعلان الذى حظى بشهرة واسعة بعد تصدى أحد الممثلين للظهور به وترديد شعار المنتج لم يكن سببا فى كسب ثقة تلك الفتاة العشرينية فقط بل المئات، وربما الآلاف من أصحاب الوزن الثقيل الذين داعبهم حلم الرشاقة السهل والسريع، ودفعهم لشراء المنتج واستخدامه بدون أى مشورة طبية! إلى أن أفاق الجميع على إعلان جهاز حماية المستهلك حصوله على حكم قضائي بحبس الممثل القانونى لشركة منتج التخسيس الشهير، وغرامة 900 ألف جنيه.
حلم الشفاءيجب أن نعترف بداية أن إيقاف تداول منتج التخسيس لا يعنى أنه الوحيد الذى يقدم لجمهور المستهلكين، أحلاما زائفة عن الرشاقة فهناك سيل أحلام ووعود أخرى بالشفاء من آلام الظهر والعظام وخشونة الركبتين، والتخلص نهائيا من الضغط والسكر أو الضعف الجنسى، والقضاء على العقم، وفرد الشعر وتنعيمه وعلاج الصلع الوراثى، ينطلق كالطوفان على شاشات الفضائيات وعلى صفحات الفيس بوك، معتمدا على نظام الديليفرى لتوصيل المنتج، الأمر الذى استلفت انتباه كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذى أعلن أن هناك أدوية وعقاقير غير معتمدة، تقدم في بعض البرامج وكأنها تساعد في الشفاء من كل الأمراض!! وأوضح ـ فى بيان تم تداوله إعلاميا ـ أن المجلس خاطب نقابتي الصيادلة والأطباء للتعاون معه لتوفير كل سبل الحماية للمواطن، وإعداد ميثاق مشترك مع النقابات الطبية لضبط ظهور أعضائهم على القنوات الفضائية.
أول خيوط هذا التحقيق الصحفى الذى اهتممنا بالتقاطه، هو: كيف حازت هذه المنتجات بسهولة ثقة المستهلكين ؟
كلمة السر كانت عبارة «مسجل بوزارة الصحة» وهى كفيلة طبعا بخلق شعور بالاطمئنان لخضوع المنتج للفحص والتحليل، وأنه حتما صالح للتداول ويحقق الهدف العلاجى أو التجميلى المعلن عنه بكل أمان.
وكانت المفاجأة أن هذه العبارة لا يتم الحصول عليها بالنسبة لهذه المنتجات إلا عن طريق التحايل كما كشف لنا الدكتور عبدالناصر بدوي سنجاب العميد الأسبق لكلية الصيدلة بجامعة عين شمس، وعضو اللجنة الثلاثية للإشراف على نقابة الصيادلة، قائلا: إن التلاعب بتسجيل منتجات تحت مسمى أعشاب، وبيعها كأدوية جريمة خطيرة وموجودة منذ سنوات، حيث يزعم صاحب المنتج أنه حصل على تسجيل لعشب وليس دواء، رغم أن كل ما له أثر طبي ودوائي وفسيولوجي على الإنسان يدخل تحت عنوان الدواء، فمثلا من يقوم بتسجيل فيتامين أو مكمل أو عشب، هل هو يباع لغرض غذائي؟
الجواب أن جميعهم يعلن أنه يستخدم لغرض دوائى وعلاجى، وهذه جريمة وتشكل خطورة كبيرة على صحة المواطنين.ويضيف: لا أحد يعلم ماهية هذه المواد التي تصنع منها، بل وربما يحمل بعضها عناصر سامة في تركيبها، وربما أكون محقا لو قلت إن أحد أهم أسباب انتشار الكبد الوبائي والفشل الكلوى فى مصر مثل هذه الأدوية والمنتجات المجهولة والضارة.
وطالب سنجاب، بتفعيل دور الرقابة والتنسيق بين الجهات المعنية، وفي حالة ضبط صيدلي واحد يقوم بمثل هذا الفعل غير القانوني وغير الأخلاقى ببيع هذه المنتجات، فعلى الدولة إخطار نقابة الصيادلة بذلك ليتم التحقيق معه وشطبه.
ويضيف:كنا نأمل بعد تشكيل هيئة الدواء وهيئة سلامة الغذاء محاربة هذه المافيا لكن للأسف لايوجد خط مشترك أو تنسيق فى العمل بينهما.
التحقق من الدواء
عبد الله أبو طالب عضو المكتب الأوروبي بمنظمة الصحة العالمية، قال إن وزارة الصحة ليس لها سلطة على إعلانات الدواء، وهذا لا ينفى أن هناك مسئولية مشتركة بينها وبين هيئة الدواء وهيئة سلامة الغذاء والهيئة الوطنية للاعلام وجهاز حماية المستهلك فى هذا الملف الخطير، أبو طالب أكد كذلك أنه لا توجد دولة في العالم فيها برامج طبية مدفوعة الأجر سوى في مصر!
وأشار إلى أن المخالفين يقومون باستغلال ثغرة فى القوانين والإجراءات لبيع أعشاب ومواد مجهولة باعتبارها أدوية، وبعضهم من المشاهير ويحصل على تسجيل لمنتج كونه من الأعشاب، ولنفرض مثلا الكركم، نراه على برامج وقنوات يصفه كدواء لأمراض خطيرة مثل الكبد والقلب والضغط والسكر والقولون إلى آخره، ولو تمت مساءلته يقول أنا مثل العطار، فلماذا لا تغلقون محلات العطارة؟
وأوضح أبو طالب، أن منظمة الصحة العالمية تتحدث عن السياسات العامة والدول تتعامل وفقا لسياستها المحلية، وأطالب بأن تكون هناك حملات توعية للمواطنين بعدم التعامل مع مثل هذه الأدوية المجهولة، التى يباع ٪99 منها عبر الإنترنت أو أماكن غير مرخصة طبيا ودوائيا، كما يجب التوعية بضرورة السؤال عن رقم التسجيل وما هي استخداماته.
ويشير لحضوره مشروعا بين وزارة الصحة والإنتاج الحربي لإطلاق موقع إلكتروني وخط ساخن، للتتبع track and trace، والتحقق من تسجيل الدواء، كما أن هناك إدارة بوزارة الصحة للإعلام الصحي لكنها تتحرك وفق ميزانية محددة.
فشل كلوى
هل تتلخص كل خطورة هذه المنتجات فى كونها فقط تبيع الوهم للمستهلك ولا تحقق الغرض المعلن عنه ؟الحقيقة أن الأمر أكبر بكثير من مجرد خدعة أو كذبة حيث فاجئنا الدكتور حامد العراقى، رئيس قسم الكلى بمستشفى المنصورة الدولى، وعضو مجلس نقابة الأطباء، بأن المستشفى قد استقبل مئات الحالات التي تعرضت للفشل الكلوى بعد تعاطيها منتجات مجهولة المصدر على أنها أدوية، وعند رؤية المنتج تلاحظ عدم وجود أسماء المواد المصنع منها ولا نسبتها وهو أمر خطير طبيا، لأن النسب مهمة جدا وزيادتها تؤدي للتسمم أو الموت أحيانا، كما أن عدم الدراية بطبيعة المكونات المصنع منها المنتج يؤدي لنتائج وخيمة .وكما هو معلوم فإن أي دواء أو مستحضر يجب أن يحصل على رقم تسجيل في وزارة الصحة، لكن معظم هؤلاء يحصلون على رقم التسجيل عبر البوابة الخلفية لذلك فيما يعرف باسم «المكملات الغذائية» ولذلك تجد معظم هذه الأدوية التي يروج لها على أنها دواء تخسيس أو للكبد والكلى وغيره حاصلة على رقم تسجيل بمكمل غذائى فقط .
ويضيف : من المعروف طبيا أنه لا يوجد علاج بالأعشاب لتليف الكبد والفشل الكلوى، وبعضهم يخدع الناس بوضع مسكنات بكميات كبيرة داخل الكبسولة حتى يشعر المريض بالراحة، والحقيقة أنه لا يوجد مكمل غذائى يستخدم كعلاج دوائى، ونحن طبيا نستخدم الأدوية التي تحمل هذا الاسم لعلاج الأنيميا مثلا أو نقص معادن وفيتامينات بالجسم بسبب مرض ما ، مع ملاحظة أن هناك فرقا بين المكملات التي تنتجها شركات معروفة وتباع في الصيدليات وبين تلك الأخرى المجهولة التي يتم تصنيعها في مصانع بير سلم أو المستوردة من الخارج بطرق غير صحيحة أو مجهولة المنشأ.
وبرر د.العراقي سر الإقبال على الإتجار بهذه المنتجات والترويج لها بإعلانات مكلفة بارتفاع نسبة المكسب إلى أكثر من 300 ٪ فعلبة المكمل لا تتجاوز تكلفتها 7 جنيهات، ولكنها تصل للمستهلك بحوالي 50 جنيها، لذلك يقبل أغلبهم على العمل فيها نظرا لمكاسبها الخرافية، هذا بالنسبة للشركات المرخصة فما بالنا بغير المرخصة أو من يعمل فى الظلام.
كريمات رديئة
من المخاطر أيضا كما قال لنا الدكتور وليد عرفات، أستاذ الأورام بجامعة الإسكندرية: قد يحدث تعارض بين هذه المنتجات المجهولة وبين أدوية وعلاجات يأخذها المريض أصلا كونه مصابا بالقلب أو السكر أو الكبد، ممايسبب تدهور في الحالة المرضية وربما تؤدى للوفاة، حتى الكريمات التي تباع للمواطنين من شركات مجهولة، يجب الحذر منها لأن معظمها يسبب أمراضا جلدية بسبب رداءة المواد المكونة له. وأكد عرفات، أنهم يقومون بخداع وزارة الصحة للحصول على رقم تسجيل، كنوع من التغذية فقط لاغير، دون أن تقصد الوزارة نهائيا السماح به كعلاج لأى مرض.
أما الدكتور محمد عز العرب أستاذ الكبد ومؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، فأشار إلى احتواء معظم هذه الأعشاب على شوائب ومواد شديدة الخطورة، مثل فطر «أفلاتوكسين» وهو له صلة وثيقة بحدوث أمراض وسرطان الكبد، كما أن هناك تفاعلات وتأثيرات تحدث لهذه الأدوية المجهولة تؤثر مباشرة على الجسم وخاصة وظائف الكبد والكلى.
وحذر عز العرب، من احتواء هذه المنتجات على المعادن الثقيلة والتي تسبب الإصابة مباشرة بالفشل الكلوى لعدم قدرة الجسم على التخلص منها، بالإضافة الى أن بعضهم يقوم باستخدام أنوع من الأعشاب دون معرفة مخاطره على الجسم، مثل عشب«التاتورة» الذى يستخدم بكميات معروفة طبيا لخطورته ويسبب الإدمان إذا تم تناوله بصورة غير علمية وطبية.
وقال عز العرب، إننا نأمل في القريب العاجل ومع تطبيق التأمين الصحي الشامل، أن يتم القضاء على هذه المشكلات الخطيرة، لأن هذه المنظومة تهتم بالتصدى لكل أنواع الغش والتزييف، وتهدف لتطبيق أعلى معايير الجودة والاحتراف، حفاظا على حياة الناس.
التسمم بالفيتامينات
الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب السابق، يقول إن طرق استخلاص هذه الأدوية أو مصادرها غير معروفة، ولم تخضع لرقابة أو موافقة المنظمات العالمية أو المحلية المختصة، ولم تمر بالطريقة العلمية السليمة، وبالتالي يمكن أن يكون بها شوائب أو مواد ضارة سواء من حيث النوع أو من حيث الكيمياء والتركيز، والأدوية ماهي إلا سموم بكميات قليلة والسموم ماهى إلا أدوية بكميات كبيرة.
يضيف شعبان: الدواء السليم حتى يصل ويباع فى الصيدليات يستغرق عشرات السنين من البحث والتجارب فى المعامل وعلى الحيوانات وعينات بسيطة وغيره حتى يتم التأكد من صلاحيته وفاعليته، لكن هذه النوعيات المجهولة لا تخضع لهذه المراحل، وبالتالي هناك مواد من نوعيات غير معروفة وتركيزات غير آمنة وهي تسبب أضرارا وخيمة على صحة المواطن حتى وإن كانت فيتامينات أو مكملات فقد تسبب مايعرف بـ«تسمم الفيتامينات»، وقد يكون المحتوى آمن لكن تركيزه غير آمن، ونحن نعاني من عشوائية صرف الأدوية المعتمدة، فماذا عن غير المعتمدة ؟
ثمن الأنوثة !
أمكننا التواصل مع بعض من ضحايا العلاجات الوهمية، لنكتشف أن منهم من دفع الثمن غاليا لهذه التجربة، فقد أصيب محمود وهو شاب لم يغادر بعد محطة العقد الثالث من عمره بفشل كلوى مزمن، رغم أنه لم يكن يعانى سوى دهون على الكبد، يقول: شاهدت إعلانا لشخصين أحدهما يرتدى بالطو أبيض ويتبادلان الحوار حول خطورة إهمال علاج الكبد الدهنى وأن الأمر لا يحتاج سوى علبتين من منتج موضوع أمامهما ويضيف: بعد تفكير غير طويل قررت خوض التجربة خاصة أنه أعشاب إن لم تفد فلن تضر بالتأكيد، ويكمل: سافرت من شمال سيناء حيث أقيم إلى محافظة المنصورة لمقابلة المندوب واستلام العلاج، وبعد شهرين بالضبط من الاستعمال يكمل محمود: كانت الآلآم لا توصف وتضرب بقوة جسدى من الجانبين، وفى مستشفى المنصورة علمت الحقيقة المفجعة ألا وهى أننى قد أصبحت مريضا بالفشل الكلوى وأحتاج لإجراء غسيل ثلاث مرات أسبوعيا طيلة عمرى.
أما صبحى الرجل السبعينى الذى طالما أمضى ليله ساهدا لايستطيع النوم من آلام الظهر والركبة فقد كان أفضل حظا، إذ اكتفى الأطباء بإجراء غسيل كلوى له مرتين فقط لتعود كليتاه بعدهما للعمل وينجو من الفشل الكلوى المزمن، أما قصته فسببها التعلق بأمل زائف فى الشفاء التام من تلك الآلام الروماتيزمية ، فاشترى الأقراص المعلن عنها، فإذا بها عبارة عن كمية كبيرة جدا من المسكنات كما أخبره الأطباء فيما بعد، وهذا سر انبهاره بالنتائج الأولية للعلاج الوهمى، قبل أن يداهمه توقف الكليتين المؤقت، وتأثر وظائف الكبد أيضا من جراء الجرعات العالية للمسكنات.
وعلى العكس من قصة بطلتنا الأولى «سلمى»الباحثة عن الرشاقة والتى لم يجد المنتج نفعا معها، ولم ينقص وزنها كيلوجراما واحدا، بل بالعكس أدى لحدوث لخبطة بالهرمونات لديها وتأخر للدورة الشهرية، تأتى «إيمان»الفتاة العشرينية التى تشكو النحافة الشديدة، لدرجة سخرية البعض منها وتكرار جمل من نوعية: »لازم تتخنى شوية عشان يبقى شكلك حلو وتتجوزى« فلم تتردد ـ وهى تشاهد إعلانا على إحدى القنوات لمنتج يقوى الجسم ويغذيه ويقضى تماما على النحافة فى أقل من شهرين فى طلبه فورا، ليصلها منتج يشبه البودرة في كيسين مغلفين، قيل لها إن الدواء آمن تماما و«مسجل بوزارة الصحة»، وبعد أسبوع كانت سعادتها غامرة إذ شعرت بامتلاء في وجنتيها وبروح الأنوثة تدب فى جسدها، ولم تدرك أنها كانت تضيف سما قاتلا كل يوم لكوب اللبن الذي كانت تشربه، فبحسب الطبيب المعالج أن الدواء الذي كانت تأخذه إيمان كان يحوي كميات كبيرة من »الكورتيزون« لينفخ الجسد ويعمل على كسب الجلد خاصة الوجه نسبة إحمرار، وهو مايوحي للمريض بأنه بالفعل يقضى على النحافة، خاصة أنه لاتوجد أي مكونات كتبت على الأكياس، والنتيجة كانت للأسف أن أصيبت "إيمان" بمرض السكر!
أزمة عالمية
وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن %30 الى %60 من الأدوية المغشوشة تباع في الدول ذات الدخل المنخفض وبحسب معهد الأمن الصيدلانى وهو هيئة دولية تراقب مجال الدواء في العالم، ووفقا لدراسة أخرى نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية »JAMA« ، فإن أزمة بيع الأدوية المغشوشة وغير المطابقة أزمة عالمية توجد في جميع دول العالم، وأن حجم تجارة الأدوية المغشوشة والفاسدة في العالم قد ارتفع بنسبة %60 خلال الخمس سنوات الأخيرة، لتصل قيمتها إلى 200 مليار دولار بعد أن وصلت إلى 75 مليار دولار في عام 2015، ويمثل حجم الأدوية المغشوشة نحو %20 من سوق الأدوية العالمية، و %90من هذه الأدوية تصنع في الهند والصين، وهو ما أكدته أيضا منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
حماية المستهلك
كان الأمل معقودا على حماس وإيجابية جهاز حماية المستهلك، وبتواصلنا مع أيمن حسام الدين مساعد وزير التموين، والقائم بأعمال رئيس جهاز حماية المستهلك، قال: إن الجهاز حصل على حكم بحبس صاحب إحدي الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي عامين وغرامة 100 ألف جنيه لترويجه منتجات دوائية غير مرخصة وغير مطابقة للمواصفات، كما حصل الجهاز على حكم بحبس الممثل القانونى لشركة منتجات تخسيس شهيرة عاما ومبلغ 900 ألف جنيه غرامة، وذلك بعدما تبين عدم استكمال إجراءات تسجيل المنتج بوزارة الصحة، وادعائه قدرته على التخلص من الوزن الزائد رغم أن العبوة المعلن عنها مسجلة كمستحضر غذائي غنى بالألياف بطعم التفاح بالمحلى الصناعى، وهذا الغرض لا يتضمن كونه يساعد على خفض الوزن، كما أن مكونات المنتج لا تتعدى كونها أليافا، مشيرا إلى أنه قد ورد للجهاز العديد من الشكاوي التي تتضرر من المنتج إما لعدم تحقيق نتيجة وإما لحدوث أضرار صحية.
ووجه حسام الدين، نداء للفنانين والشخصيات العامة بعدم التسويق لمثل هذه الإعلانات المضللة خاصة أن هذه الإعلانات لمنتجات غير مرخصة أو مسجلة لأغراض أخرى. فتجد منتجا مرخصا كمكمل غذائى يباع كدواء للمفاصل أو للكبد وغيره وهو ما يمثل جريمة، وأكد عزم جهاز حماية المستهلك تعقب الأدوية غير المرخصة ومواصلة جهوده واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لضبط كافة المخالفين.
شروع فى قتل
الدكتور عبدالمنعم زمزم، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، قال إن الضرر المترتب على هذه السلعة لو كان صحيا بمعنى تعرض المواطن لأزمة صحية أو حدوث وفاة بسبب تناول أدوية غير مطابقة مثل مستحضرات التخسيس، فإن العقوبة تغلظ وتصل لجرائم الشروع في القتل، ولو تجمع 10 أشخاص وتقدم كل منهم ببلاغ وفقا للضرر الواقع عليه، فالعقوبة ستكون منفصلة حتى أنها قد تصل لـــ 30 سنة سجن وليس 3 سنوات فقط، لأن الضرر يخص كل شخص منفردا.
الدكتور إيهاب رمزى الخبير القانونى، قال إن هناك وقائع تزوير لرقم تسجيل وزارة الصحة، وتكون التهمة هى التزوير في محرر رسمى، وله عقوبة مستقلة تصل للأشغال الشاقة المؤقتة وأقصاها 15 عاما، أما في حالة الغش في أجهزة ومعدات لا تتعلق بصحة الإنسان مباشرة فتخضع لقانون الغش التجاري رقم 10، وعقوبته حاليا تصل لــ3 سنوات كأقصى عقوبة.
وختاما نتمنى أن تتضامن جهود كل الجهات المعنية لإيقاف طوفان المرض المبيع فى كبسولة على شاشة فضائية، والأهم أن يكون لدينا وعي بخطورة أن تبلع أفواهنا أدوية وعقاقير دون وصفة طبية.
هيئة الدواء: لسنا جهة اختصاص..والبروتوكول مع «سلامة الغذاء» غير مفعل
تواصلنا مع هيئة الدواء المصرى، وكان ردهم عبر مصطفى حسن المتحدث الرسمى لهم، بأن هناك بروتوكولا موقعا منذ شهرين بين هيئة الدواء وهيئة سلامة الغذاء فيما يخص المنتجات التى تتعلق بالصحة، لكن هذا البروتوكول لم يفعل بعد.
وطلبت الهيئة أن نمنحها وقتا لتفسير آلية منح التراخيص وإعطاء رقم التسجيل لتلك المنتجات على أنها أغذية رغم أنها تتماشى مباشرة مع الأغراض الدوائية، بل وتقدم كعلاج من خلال الإعلانات، ثم كان جوابهمـ من خلال المتحدث الرسمى ـ بعد انقضاء فترة الانتظار بأنهم لا علاقة لهم بهذا الملف الذى يدخل ضمن اختصاصات هيئة سلامة الغذاء.
مع البحث تبين وجود قانون رقم 206 لسنة 2017، تحت عنوان قانون تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، نص فى مادته الثانية على حظر الإعلان بأى وسيلة عن أى منتج صحى أو خدمة صحية دون الحصول على ترخيص بذلك من اللجنة المختصة المنصوص عليها فى المادة رقم 3، ومنح اللجنة حق مخاطبة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقف بث الإعلانات غير المرخص بها، كما وضع عقوبات لكل من يسمح بنشر هذا الإعلان تتراوح بين 50 ألفا و100 ألف جنيه والحبس مدة لا تقل عن شهر، وغرامة 500 ألف جنيه إذا تسبب هذا المنتج المعلن عنه فى حدوث عاهة مستديمة أو الوفاة، لكن المفاجأة أن هذه اللجنة لم تشكل بعد!
وقد دونت الهيئة على موقعها الرسمى من شروطها أنها لاتحتاج لعينة من المكملات الغذائية لتحليلها قبل منح الترخيص وذلك سواء ما يتم استيراده أو حتى إنتاجه محليا، لأن لديهاـ حسبما تعلن على موقعها الرسمى ـ نهجا تنظيميا شاملا يمكنها من الإشراف على المنتجات جنبا إلى جنب مع الرقابة على السوق!
وعلى الرغم من منحها التراخيص حاليا، إلا أنها لا تستطيع اتخاذ أى إجراءات قانونية فى الوقت الحالى، تجاه الشكاوى الواردة إليها وإنما ستضعها فى خططها المستقبلية.
نقلا عن صحيفة الأهرام