مازال الترخيص للأطباء الأجانب يثير جدلا واسعا في صفوف الأطباء المغاربة والهيئات التابعين لها، إذ أعربوا عن رفضهم للصيغة التي جاء بها مشروع القانون، الذي تمت المصادقة عليه بمجلس النواب.
وينتظر أن توجه مجموعة من الهيئات المهنية للأطباء رسالة إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين بخصوص تداعيات المصادقة على مشروع قانون 33/21 في صيغته الحالية.
واعتبر الأطباء، من خلال مسودة رسالة حصلت جريدة هسبريس على نسخة منها، وتنتظر تأشير الهيئات عليها قبل توجيهها إلى الجهات المذكورة، أن مشروع القانون المذكور “فتح الباب على مصراعيه لمزاولة مهنة الطب بدون قيد أو شرط من طرف أطباء أجانب، دون مراعاة لأبسط شروط الخبرة أو المعادلة، فضلا عن إلغاء صلاحيات الهيئة الوطنية للأطباء لمتابعة الوضع واقتصارها فقط على دور التسجيل في قطاع يعتبر حيويا، الأمر الذي يمس مباشرة المبادئ التي جاء بها الخطاب الملكي السامي، والتي تحث على الرفع من المستوى الصحي ببلادنا، عبر فتح باب القطاع أمام بعض الكفاءات العالمية والمبادرات النوعية”.
وأكدت الرسالة أن هذا القرار سيضع صحة المواطنين المغاربة تحت رحمة الأجانب، “الذين سيزاولون المهنة دون رقيب أو محاسبة ببلادنا، ولن يأتوا للمغرب حبا في تقوية نظامه الصحي، وإنما بحثا عن تحقيق أرباح طائلة في أسرع وقت ممكن”.
وأوضح الأطباء أن السماح للأجانب بالعمل في المغرب، وقبله تمرير قانون يسمح للرأسمال المغربي والأجنبي بالاستثمار في القطاع الطبي، قد يحول المغرب إلى أرض خصبة لانتشار “الفضاءات الصحية الخارجة عن المراقبة”، والتي ستساهم في إغراء “الزبناء” عبر مختلف الأساليب المتاحة، لتفرض بذلك علاقات تنافسية ستؤدي لا محالة إلى تراجع نوعية الخدمات الصحية، وتزيد من معاناة المواطنين، الذين سيتعذر عليهم التوجه إلى مراكز العلاج باهظة الثمن.
وحمل الأطباء حكومة سعد الدين العثماني مسؤولية عدم تمكنها من ضبط تسيير هذا القطاع، وعدم إدماج المؤسسات الطبية كالهيئة الوطنية للأطباء في بلورة مشاريع قوانين، مما ترتب عنه إفراغ المستشفيات الجامعية من الأطر الطبية، والأمر نفسه بالنسبة لكليات الطب.
وأضاف المصدر نفسه أن “التدبير الأمثل للمنظومة الصحية يمر بالضرورة عبر ترشيد الإمكانيات المتاحة، وعبر تحديد الحاجيات والأولويات، وقد لا نكون مبالغين إن قلنا إن مجرد عملية الترشيد ستمكن من حل حوالي 30 بالمائة من المشاكل التي يتخبط فيها القطاع الصحي”.
ودعت الهيئات نفسها إلى إقرار مجلس وطني للصحة، والتعجيل بسحب المشروع، والاعتماد أولا على الأطر المغربية والإمكانيات والمؤهلات المتاحة على كل مستوى، “وإذا تبين بأن هناك حاجة إلى إشراك الأجانب لتغطية الخصاص، فحينها يمكن اتخاذ الإجراء القانوني والسياسي الملائم”.
وذكرت الهيئات ذاتها بأنها كانت تقدمت بتعديلات على مشروع القانون تحث على إعطاء الصلاحيات الكاملة للمجلس الوطني للأطباء لتقييم الكفاءات ومتابعة ممارستها حتى تتمكن من المزاولة بأرض الوطن إسوة بالطبيب المغربي.
وأضافت أنه “حفاظا على السيادة المغربية على القطاع، تقدمنا بمقترح تعديل يوجب تشغيل 50 بالمائة من الأطباء المغاربة في المصحات الأجنبية، كما تقدمنا بتعديلات تحث على التوزيع الجغرافي المتوازن لهذه الكفاءات في مناطق الخصاص، وحصر المزاولة المؤقتة في القطاع العام، أما في القطاع الخاص فيجب أن يشمل الأمر الاختصاصات غير المتاحة في المغرب، وحصرها أيضا في التعليم الطبي الجامعي”.
وكان مجلس النواب قد صادق في جلسة عمومية بالإجماع على مشروع القانون رقم 33.21، الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب.