بقلم: حلمي رفاعي، رئيس قسم التكنولوجيا في شركة ماجد الفطيم القابضة
أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا. فمعظمنا يمتلك هواتف ذكية أو مساعدين رقميين. ووفقاً لهيئة تنظيم الاتصالات، يبلغ معدل انتشار الهواتف الذكية في دولة الإمارات هاتفين لكل شخص تقريباً. كما أننا نستخدم التطبيقات للاستكشاف والاطلاع على توقعات الطقس، وشراء البضائع المختلفة، ودفع الفواتير. ووفقاً لموقع Statista.com، بلغ متوسط عدد التطبيقات التي يجري إطلاقها يومياً على متجر أبل 1434 تطبيقاً، وهو ما يتيح الكثير من الخيارات أمام المستخدمين الذين يسعون إلى الحصول على المساعدة في مهامهم اليومية.
ولكن، كيف نستخدم التطبيقات لتحسين حياتنا؟ وهل هذه التطبيقات ذكية بما فيه الكفاية لتحقق هذا الهدف؟
ماذا لو كان بإمكان التقنيات المختلفة مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، التنبؤ باحتياجاتنا استناداً إلى السلوك السابق والتفضيلات المعلنة والعادات المحددة والبيانات التي نمتلكها وموقعنا والبيئة التي نعيش فيها، لتقديم حلول سلسلة لمتطلباتنا اليومية في الوقت الحقيقي؟ وفقاً لمؤسسة ماكينزي ، سيكون إنترنت الأشياء أحد أكثر ثلاث تقنيات تأثيراً على حياتنا بحلول عام 2030، ويمكن أن يضمن ذلك حضور التقنيات الذكية في كل مكان على مدار اليوم.
ويمكن تصنيف التقنيات التي نمتلكها اليوم بطريقتين. الأولى تركز علينا نحن – بيئتنا على الإنترنت وفي الواقع وأنشطتنا وسلوكياتنا فيها. وتقوم هذه التقنيات بجمع البيانات التي يتم استيعابها وتحليلها واستقراؤها لتوقع احتياجاتنا في أي وقت. أما الطريقة الثانية، فتركز على غرس الذكاء في الأنظمة لتنمية قدراتها على التفاعل مع بعضها البعض دون تدخل بشري، واستخدام البيانات لاتخاذ إجراءات لخدمتنا وإسعادنا. ويصف الدكتور كيرت فان مينسفورت ذلك مستخدماً مصطلح “الطبيعة التالية” الذي يدور حول فكرة أن بيئتنا التكنولوجية أصبحت معقدة للغاية، وحاضرة في كل مكان ومستقلة ذاتياً، بحيث يتم النظر إليها على أنها طبيعة خاصة.
فكيف يمكننا الاستفادة من “الطبيعة التالية” لتحسين حياتنا؟ في الوقت الحالي، هذه التقنيات ليست مترابطة تماماً كما ينبغي، فلا يزال يتم استخدامها بشكل مستقل عن بعضها البعض في العديد من الحالات.
تخيل سيناريو تكون فيه هذه التقنيات مترابطة تماماً. مثل أن ترتدي ساعتك الذكية التي تساعدك على مراقبة جوانب معينة من صحتك، ولكن ماذا لو لم يقم الجهاز بتوفير معلومات مفيدة فحسب، بل اتخذ إجراءات لتحسين أسلوب حياتك، والتأثير بشكل إيجابي على صحتك وحتى تنبيه الأطباء للقيام بمساعدتك إذا دعت الحاجة؟ ومن خلال تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، يمكن ربط جهازك القابل للارتداء مع سلة التسوق الخاصة بك في متجر البقالة، واقتراح خيارات من شأنها تحسين نظامك الغذائي أو تذكيرك بمواعيد أدويتك. وعلاوةً على ذلك، فإذا لاحظ الجهاز أي مشكلة خطيرة قد تهدد الحياة، يمكنه تنبيه خدمات الطوارئ وإبلاغهم بموقعك بدقة وإنقاذ حياتك بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وفي ظل توقعات تشير إلى ارتفاع عدد الأجهزة القابلة للارتداء من 526 مليون جهاز في 2016 إلى أكثر من 1.1 مليار جهاز في 2022، فسيكون هناك فرص هائلة لمساعدة البشر.
ويمكن للتكنولوجيا أيضاً جعل حياتنا اليومية أكثر راحة. فعندما تذهب إلى أحد مراكز التسوق، ستجد الكثير من الأشياء التي يمكنك القيام بها مثل تناول الطعام والتسوق ومشاهدة الأفلام أو حتى مجرد التجول بين المتاجر المختلفة. ويمكن رقمنة منظومة مركز التسوق بأكملها، بحيث يمكن التعرف عليك بمجرد دخولك ومنحك تجربة مصممة خصيصاً لك. يمكن أن يتم حجز موقف لسيارتك. كما يمكن أن تحصل على كود تخفيضات خاص بمركز “ماجيك بلانيت” ليستمتع أطفالك باللعب بينما تقوم بشراء هدايا لهم. ويمكن أن يذكرك المساعد الشخصي بشراء طعام لحيوانك الأليف أو شراء جهاز دعم شبكة واي فاي الذي قمت بالبحث عنه سبع مرات عبر محرك جوجل. كما يمكن للمساعد الشخصي إبلاغك بأن الفيلم الذي أردت مشاهدته سيبدأ بعد 15 دقيقة وينتهي مع انتهاء وقت اللعب الخاص بأطفالك، وهو ما يعد أمراً رائعاً! يمكنك أيضاً حجز تذكرة السينما الخاصة بك عبر التطبيق الذكي، ليقوم أحد المساعدين بلقائك عند مدخل السينما ليأخذ حقائق التسوق الخاصة بك ويضعها في سيارتك، فهم يعلمون بالفعل ما قمت بشرائه وكيف يقومون بحمله وتخزينه بالإضافة إلى المكان الذي تقف فيه سيارتك. وتعلم السينما أنك تحب الفشار بنكهة الكراميل المملح، والتي يمكنك أن تطلبها مسبقاً ويتم توصيلها إلى مقعدك في السينما. ويمكن لكل ذلك أن يحدث بشكل بديهي.
هذه هي الطريقة التي يمكن من خلالها دمج التكنولوجيا في حياتنا. ويجب أن يكون هذا الدمج غير مزعج وسلس بحيث نبدأ في الاعتماد عليه بشكل بديهي. إن التجارب التي نعتبرها في الوقت الحالي مذهلة يجب أن تصبح مجرد أمور عادية. وهذا شيء ينبغي على الشركات -لا سيما التي تركز على العملاء- منحه الأولوية إذا كانت ترغب في كسب ولاء العملاء. يجب أن تمتد مثل هذه التجارب عبر جميع الأنظمة المختلفة لتكون في متناول العميل أينما ذهب.
وتمتلك التقنيات المتصلة بالشبكات إمكانات هائلة ليس فقط لجعل حياتنا أسهل وأفضل، بل أيضاً لمساعدتنا في العمل على تحقيق المصالح الأكبر. ونظراً لأن إنترنت الأشياء تدور حول الاتصالات والتحكم في الأشياء غير المتصلة مسبقاً، فإن تطبيقات هذه التكنولوجيا لا تنتهي تقريباً. وينبغي على الحكومات والشركات الاستمرار في استكشاف طرق جديدة لاستخدام التكنولوجيا لجعل العالم أكثر أماناً ورخاءً واستدامةً، فيما يجب علينا -كمستهلكين- التطلع قدماً إلى المستقبل حيث نفعل ما نحب ونترك العمل وراء الكواليس للتقنيات الذكية.