أقنعة كورونا.. أين تذهب نفايات الفيروس القاتل؟

  • Time:Feb 07
  • Written : smartwearsonline
  • Category:ملابس ذكية

بعد نحو 15 شهرا على تفشي كورونا، لا يزال كثيرون يركزون على البعد الصحي للجائحة رغم أنها خلفت مشكلة أكثر عصيانا تتعلق بمخلفات الفيروس.

ومع إعلان منظمة الصحة العالمية (WHO) أن فيروس "كوفيد-19" جائحة عالمية في 11 مارس/آذار 2020، أصبح استخدام الأقنعة الواقية والقفازات ركنا أساسيا في مكافحة العدوى التاجية؛ لتتفاقم مشكلة مخلفات معدات الوقاية الشخصية وإعادة تدويرها.

ووفقا لتقدير المختصين، يستخدم العالم إجمالي 129 مليارا من الأقنعة الواقية الورقية شهريا، بمعدل 3 ملايين في الدقيقة أو 50000 كل ثانية اعتمادًا على كيفية تأطيرها.

مع تركيز العالم على الجانب الصحي لأزمة كورونا، وتجاهل حقيقة أن الأقنعة الواقية من العدوى ليست مجرد أوراق بل هي مادة البولي بروبيلين أيضا، أي نفس البلاستيك المستخدم في زجاجات الكاتشب، فإننا أمام مشكلة جديدة تتعلق بتريليونات الأقنعة المهملة بدون حل عملي لإعادة تدويرها.

موقع ROADRUNNER البيئي المسؤول عن إعادة تدوير المخلفات سلط الضوء على أزمة مخلفات معدات الحماية الشخصية (PPE)، محذرا من فخ نفايات كورونا التي سيظل العالم يحاربها بعد فترة طويلة من زوال الفيروس.

مشكلة المخلفات الطبية


بعد شهر من تصنيف منظمة الصحة فيروس "كوفيد-19" رسميا بأنه جائحة، كان لدى المراكز الطبية العالمية تصورات عن كيفية انتقال الفيروس بين البشر، لتنصح جميعها بارتداء غطاء واقٍ للوجه والحفاظ على نظافة اليدين.

في تلك الفترة، سعى غالبية سكان الأرض (7.8 مليار شخص) إلى شراء معدات الوقاية الشخصية مثل الأقنعة والقفازات المطاطية لحماية أنفسهم وأحبائهم.

وبناء على ما سبق، تضاعفت معدلات استهلاك الأقنعة الجراحية بشكل ضخم ووصل معدل إنتاجها إلى أقصى حد، مع الأخذ في الاعتبار أنها مصممة بحيث يمكن التخلص منها بعد أول استخدام؛ نظرًا لطبيعة الفيروس والغموض المحيط بعمره على الأسطح وخارجه.

ووفقًا للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، أنتجت المستشفيات في ووهان الصينية، مركز تفشي الفيروس التاجي، أكثر من 240 طنا من النفايات الطبية البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد (مثل أقنعة الوجه والقفازات والعباءات) لكل يوم في ذروة الوباء، أي 6 أضعاف المتوسط اليومي قبل الجائحة.

الحقيقة أن العالم لم يكن بمقدوره الاستعداد لحجم النفايات التي خلفتها الأزمة، مع العلم بأن جميع معدات الوقاية الشخصية تقريبًا مصممة من بلاستيك غير قابل لإعادة التدوير، ما يعمق من المشكلة.

أيضا تكمن المشكلة هنا في أن نظام إعادة التدوير الحالي في أغلب الدول، بما في ذلك المتقدمة، والذي يُطلق عليه اسم "التيار الفردي"، غير مجهز للتعامل مع أي من مخلفات معدات الوقاية الشخصية.

لذا يتوقع المختصون أن تظل معدات الوقاية الشخصية (الأقنعة والقفازات) على الأرجح موجودة، سواء في المحيطات أو مقالب النفايات ومستودعات المواد الخطرة.

أين تذهب مخلفات معدات الوقاية الشخصية؟


مشاكل إعادة تدوير البلاستيك ليست جديدة على العالم الذي يعاني من ضعف القدرة على معالجة الأزمة منذ سنوات. فعلى سبيل المثال لم تتمكن الولايات المتحدة من إعادة تدوير سوى 8.7% من حجم مخلفاتها البلاستيكية بين عامي 2015 و2018.

ويقدر حجم الإنتاج العالمي السنوي للبلاستيك بنحو 380 مليون رطل (باستثناء الزيادة في الأقنعة ومعدات الحماية الشخصية)، و91% من إجمالي الرقم لا يُعاد تدويره أبدا.

من الناحية النظرية وبافتراض أن وباء كورونا سينتهي بعد 18 شهرا من تصنيفه جائحة، سيكون العالم قد استخدم ما يقدر بـ2.32 تريليون قناع، ومع التوجهات الحالية سيتم إعادة تدوير أقل من 1% فقط.

أقنعة كورونا.. أين تذهب نفايات الفيروس القاتل؟

الأسوأ في الأزمة هو افتقاد العالم لرؤية واضحة لكيفية التخلص من تلك المخلفات المحملة بالفيروسات، وفي ظل عدم وجود نظام "حلقة مغلقة" لإعادة تدوير الأقنعة لتصبح جديدة قابلة للاستخدام.

وتشير الأبحاث إلى أنه بحلول عام 2050 سيكون هناك بلاستيك أكثر من الأسماك (بالوزن) في المحيط، لكن نظرًا لأن الجائحة أوجدت نوعا جديدا من التلوث البلاستيكي، فإن علماء البيئة حذروا من قرب مواجهة خطر وجود أقنعة أكثر من قناديل البحر في محيطاتنا.

بمجرد دخول البلاستيك إلى البيئة، قد يستغرق الأمر مئات أو حتى آلاف السنين حتى يتحلل، ونظرًا لطبيعة البلاستيك فإن ما يقدر بنحو 79% من هذه المواد قد تراكم بالفعل في بيئتنا الطبيعية وفي مقالب القمامة قبل انتشار الوباء.

ومع ذلك، من المرجح أن يزداد هذا العدد في المستقبل القريب بسبب الوباء، إذ قدر تقرير صدر مؤخرًا عن الصندوق العالمي للحياة البرية أنه حتى لو تم التخلص من 1% فقط من الأقنعة بشكل غير صحيح، سينتهي الأمر بـ10 ملايين في البيئة الطبيعية شهريًا.

اقتراحات لحل أزمة نفايات كورونا


وفقا للموقع، تسعى شركة هولندية إلى تصميم قناع قابل للتحلل الحيوي يُراد غرسه في الأرض بمجرد التخلص منه، وبمجرد دفنه تنبت البذور المغطاة بالغطاء أزهارًا.

بينما اقترح باحثون من جامعة RMIT في أستراليا استيعاب الأقنعة المهملة في بناء الطرق، إذ يستخدم امتداد من مسارين بطول 0.62 ميل من هذا الرصيف المكسو بالبلاستيك 3 ملايين قناع، ما يبقي 93 طنًا من البولي بروبيلين القابل للارتداء بعيدًا عن مكب النفايات.

أيضا جمعت شركة فرنسية 70 ألف كمامة العام الماضي، وخلطتها في نوع جديد من البلاستيك يسمى Plaxtil يمكن تحويله إلى أقنعة ومنتجات أخرى.

بينما تعهد كازينو Venetian في لاس فيجاس الأمريكية بإعادة تدوير أقنعة موظفيه في ألواح بلاستيكية وأربطة سكة حديد.

أيضا اقترح خبراء من جامعة دراسات البترول والطاقة استراتيجية تحويل البلاستيك من معدات الحماية الشخصية المستخدمة إلى وقود سائل متجدد، وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة Taylor & Francis Biofuels.

وركز عدد لا يحصى من الشركات على إنتاج أقنعة قماشية مناسبة منذ تفشي الوباء، باعتبارها خيارا جيدا قابلا للغسيل وتأثيره مساو للأقنعة الورقية.

ووجدت دراسة أجراها باحثو جامعة كوليدج لندن أنه إذا استخدم كل شخص في المملكة المتحدة قناعا واحدا يوميا (أحادي الاستخدام) لمدة عام، فسوف ينتج عنه 66000 طن من النفايات البلاستيكية الملوثة.

علماء الآثار وحل مشكلة نفايات كورونا


أصبحت النفايات البلاستيكية رمزًا للوباء ودخلت الآن في السجل الأثري، إذ يعكف الباحثون الآن على إنشاء أرشيف فيروسي، وهو سجل أثري للتاريخ في طور التكوين.

أحد جوانب هذا الأرشيف تتمثل في زيادة التلوث البيئي، خاصة مشكلة التخلص من أقنعة الوجه والقفازات التي تميز الوباء.

في المملكة المتحدة وحدها، جرى تسليم 748 مليون قطعة من معدات الوقاية الشخصية (14 مليون عنصر في اليوم) إلى المستشفيات في شهرين، وتضم 360 مليون قفازات، و158 مليون قناع، و135 مليون مريلة، ومليون بدلة طبية.

وقال موقع Lab Manager إن علم الآثار يمكن أن يسهم في إيجاد حلول لمشكلة التلوث الناجم عن جائحة "كوفيد-19"، من خلال تركيزه على انتشار ومرونة الثقافة المادية.

الدراسة الجديدة أجراها باحثون من جامعات يورك وصن شاين كوست وتسمانيا، ونُشرت في مجلة Antiquity، ويجادل مؤلفوها بأن علم الآثار يوفر أساسًا فريدًا لتشكيل السياسة البيئية في عالم ما بعد كورونا.

الباحثون يسعون من خلال الدراسة إلى تسليط الضوء على مشكلة النفايات من خلال إبراز العناصر الموجودة في كل مكان من النفايات البلاستيكية التي أصبحت رمزية للوباء ودخلت السجل الأثري.

أيضا يعمل الباحثون على تقديم منظور طويل الأجل حول الاستجابة الخاصة للجائحة، وتغيير المواقف تجاه استخدام اللدائن ذات الاستعمال الواحد بمرور الوقت.

وقال الدكتور كاثي تاونسند، من جامعة صن شاين كوست (أستراليا) والمشارك في الدراسة: "فهم السلوكيات البشرية من خلال الثقافة المادية التي يتركونها وراءهم هو ما يفعله علماء الآثار. نعتقد أن هذا النهج يوفر منظورًا متميزًا ومفيدًا لمشكلة التلوث البيئي".

وأضاف: "تتناول دراستنا القضايا الأوسع التي كشفها الوباء، ما يوضح إحدى الطرق التي يظل بها علم الآثار ذا صلة ومفيدة في تشكيل مستقبل مستدام".