يعد الكاحل أحد مفاصل الجسم ذات التكوين المعقد، ووظيفته توصيل القدم بالساق، ويتكون من مفصلين؛ الأول المفصل الأساسي، والثاني المفصل الجزئي.ويتكون المفصل الجزئي من 3 عظام؛ هي: الظنبوب وهو الجزء الأنسي من الكاحل؛ والشظية وتكون في الجزء الوحشي منه؛ وفي الجزء السفلي يوجد عظم الكاحل، ويعد هذا المفصل المسؤول عن حركة القدم لأعلى وأسفل.يقع المفصل الجزئي أسفل المفصل الأساسي، ويتكون من عظم الكاحل في الأعلى، وعظم العقب في الأسفل، وهو مسؤول عن حركة القدم الجانبية.وتتعدد كسور الكاحل؛ حيث يصنفها الأطباء بحسب العظام التي كسرت، كما أن درجة خطورة الكسر تراوح بين شقوق ضئيلة في العظام أو كسور تخترق الجلد.وتتحدد شـدة الإصابة وطبيعة الكســر بعد الفحص البدني للمصاب، والاطلاع على صور الأشعة؛ لمعرفة مدى الضرر الذي لحق بالعظام والأربطة، وبالتالي تحديد العلاج المناسب للحالة.ونتناول في هذا التحقيق مشكلة كسر الكاحل بكل تفاصيلها مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تظهر، ونقدم طرق الوقاية الممكنة، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
ألم حاد
يقول الدكتور سعيد حامد (اختصاصي جراحة العظام والكسور) بمستشفى راشد بدبي: يؤدي كسر الكاحل إلى معاناة المصاب من بعض الأعراض، والتي ربما كانت شبيهة بأعراض التواء الكاحل؛ ولذلك فينصح في هذه الحالة بسرعة العرض على الطبيب.ويضيف: تبدأ الأعراض بألم حاد وسريع، يزداد مع أي حركة، مع تورم الكاحل، وبسبب التورم فإن الجلد يصاب بالترقق، ولا يستطيع المصاب ملامسته، ويمكن أن تظهر في بعض الحالات كدمات عليه.ويجد المصاب صعوبة في المشي أو لا يستطيع المشي بشكل كلي، كما أن تحرك المفصل من مكانه الطبيعي؛ يتسبب في تشوه الكاحل، وفي حالة الإصابة بالكسر المفتوح، فإن العظام تكون ناتئة خارج الجلد.
الحوادث والسقطات
يضيف د. سعيد أن أسباب الإصابة بكسر الكاحل ترجع إلى التعرض للحوادث، كالسيارات والدراجات البخارية، وكذلك السقطات في حالة التعثر، أو الهبوط على القدم عقب القفز من مكان مرتفع نوعاً ما.وأوضح د. سعيد أن هذه الإصابة يمكن أن ترجع إلى دوران الكاحل والتفافه بشكل مفاجئ وشديد، وفي بعض الأحيان فإن العرقلة أو السقوط خلال ممارسة الألعاب الرياضة يمكن أن تؤدي إلى هذا الكسر.ويزيد من خطر الإصابة بكسر الكاحل بعض العوامل؛ مثل: الإجهاد الزائد والمستمر للعظام، وتكرار الإصابات في الكاحل؛ لأنها ربما سببت شقوقاً صغيرة في العظام، ما يؤدي للإصابة بالكسور الإجهادية.
هشاشة العظام
تؤدي الإصابة بهشاشة العظام كما يؤكد د. سعيد إلى زيادة خطر الإصابة بكسر الكاحل، كما أن خطر هذا الكسر يزيد عند المشي أو الجري فوق سطح زلق، أو في حالة ارتداء حذاء غير مناسب؛ لأداء التمارين الرياضية. ويمكن أن تزيد ممارسة بعض الرياضات من خطر السقوط أو الالتواء، وبالتالي التعرض للكسر، ككرة القدم أو كرة السلة، أو التنس أو رقص الباليه.وتتسبب عدم ممارسة تمارين الإحماء قبل الرياضة في زيادة خطر هذه الإصابة، وكذلك فإن هناك بعض المهن التي تحتاج إلى مجهود بدني، أو أنها ذات طبيعة غير آمنة كعمال البناء.
التهاب المفاصل
تعد المضاعفات التي ترتبط بكسر الكاحل غير شائعة، ومن الممكن أن تتضمن التهاب المفاصل؛ وذلك لو امتد الكسر إلى المفصل، ما يتسبب في إصابته بالالتهاب بعد سنوات؛ ولذلك يحتاج المصاب للذهاب إلى الطبيب، لو شعر بألم في الكاحل بعد فترة طويلة من تعرضه للكسر.ويمكن أن يتسبب الكسر المفتوح في هذه المنطقة في الإصابة بعدوى العظام، أو ما يُعرف بالتهاب العظم والنقي، وفي بعض الحالات القليلة ربما يصاب بمتلازمة الحيز، وهي حالة تسبب ألماً وتورماً، وفي بعض الأحيان تسبب العجز للعضلات المصابة بالساقين أو الذراعين.وتشمل مضاعفات هذا الكسر في بعض الحالات إصابة الأعصاب أو الأوعية الدموية بالتلف، وأحياناً تمزقها؛ ولذلك ينصح بالحصول على استشارة طبية سريعة لو لاحظ المصاب أي مشكلة في الدورة الدموية أو خدر؛ لأن نقص تدفق الدم من الممكن أن يؤدي إلى موت العظم وانهياره.
إنسي ووحشي
يوضح الدكتور أشرف وليد عبيدات (اختصاصي جراحة العظام والمفاصل) أنواع الكسور قائلاً: تتعدد أنواع كسور الكاحل، والتي يقصد بها كسر في عظام الظنبوب أو الشظية، ويُعرف الكسر في نهاية عظمة الساق بالكعب الإنسي، في حين أن كسر نهاية عظمة الشظية يُعرف بالكعب الوحشي، ويمكن أن يكون الكسر في العظمتين.ويعد كسر الكعب الوحشي الأكثر انتشاراً، والكعب الوحشي هو النتوء العظمي الذي يوجد على الجانب الخارجي للكاحل.ويضيف د. عبيدات: ينبغي التأكد من أن مفصل الكاحل مستقر وثابت، وهو ما يعني أنه يعمل بصورة طبيعية بالرغم من الكسر؛ لأنه لو كان غير مستقر أو أن الأربطة تمزقت أو تلفت فإن الطبيب يوصي بالتدخل الجراحي.ويعد كسر الكعب الإنسي؛ وهو النتوء العظمي الذي يوجد في الجانب الداخلي للكاحل، الأقل حدوثاً، مقارنة بالكعب الوحشي، وبصفة عامة فإن التدخل الجراحي يوصى به للكسر غير المستقر.
أهم خطوة
ويضيف: يمكن أن تحدث الإصابة في النتوءين الظاهرين على جانبي الكاحل، ويعرف بالكسر الثنائي، ويصاب بهذا النوع بشكل كبير من يبذلون جهداً بدنياً ضخماً.ويتسبب هذا الكسر في عدم استقرار مفصل الكاحل؛ ولذلك فإن علاجه يكون جراحياً، وينبغي أن ينتبه المصاب إلى أن التئام الكسر في هذا النوع لابد أن يكون دقيقاً؛ لأن عدم عودة العظام للوضع الطبيعي يؤثر في استقرار المفصل وثباته، وبالتالي ربما تسبب في خشونة بالمفصل. وتعد أهم طرق تشخيص كسر الكاحل تحديد نوعية الكسر، ومدى ثبات المفصل واستقراره؛ لأن على أساس هذه الخطوة يتم تحديد خطة وطريقة العلاج، والتي يمكن أن تقتصر على علاج تحفظي في بعض الحالات كجبيرة أو تثبيت الكسر بالجبس، وتصل في بعضها الآخر إلى التدخل الجراحي.
نقاط الألم
وأخيرا يوضح د. عبيدات أن الطبيب يقوم بتشخيص كسر الكاحل بالفحص البدني للمصاب؛ حيث يبحث عن نقاط الألم في الكاحل، ويساعد التحديد الدقيق للألم على معرفة السبب.ويمكن أن يشمل الفحص تحريك القدم في عدة مواضع مختلفة؛ وذلك بهدف معرفة معدل الاستجابة لنطاق الحركة، كما يمكن أن يطلب من المصاب المشي مسافة قصيرة؛ وذلك حتى يفحص طريقة المشي.
الأشعة السينية
أما الدكتور وائل فايز (اختصاصي طب العظام والمفاصل) فيؤكد ضرورة طلب الطبيب بعض صور الأشعة؛ للتأكد من الكسر، ومن الممكن رؤية أغلب كسور الكاحل؛ من خلال صور الأشعة السينية، وربما احتاج فني الأشعة لإجراء التصوير من زوايا مختلفة، حتى لا تتداخل صور العظم كثيراً؛ ولأن كسور الإجهاد تتعافى فإنها لا تظهر في الأغلب في صور الأشعة السينية.
تفاصيل أكبر
ويضيف: تكشف صور الأشعة المقطعية تفاصيل أكبر عن العظم والأنسجة الرخوة التي تحيط به؛ ما يساعد الطبيب في تحديد أفضل طرق العلاج. وتساعد صور الرنين المغناطيسي في إظهار العظام والأربطة، وكذلك يمكن أن تحدد الكسور، والتي لا تتضح من خلال الأشعة السينية. ويمكن أن يجري الطبيب فحصاً للعظام؛ من خلال حقنها بمواد ذات نشاط إشعاعي في الوريد؛ حيث تنجذب المواد المشعة إلى العظام المكسورة، وبالتالي تظهر المناطق المصابة، بما فيها الكسور التي تنتج عن الضغط، كنقاط مضيئة على الصورة التي تنتج.
نوعية الكسور
يوضح د. فايز أن علاج كسر الكاحل يختلف، بحسب أي عظم في الكاحل تعرض للكسر، وكذلك قوة الإصابة، يمكن أن ينصح الطبيب بتناول أحد مسكنات الألم التي تصرف دون وصفة طبية.وتحتاج بعض الحالات إلى إجراءات أخرى، ربما تتضمن تدخلاً جراحياً، وتشمل هذه الإجراءات الرد، وذلك بالنسبة لمن يعانون الكسر المنزاح؛ لأن هذا معناه أن طرفي الكسر غير متحاذيين. وتتسبب هذه الحالة إلى اضطرار الطبيب إلى إرجاع الأجزاء إلى أماكنها الصحيحة بيده، وربما احتاج المصاب بسبب ذلك إلى مرخي عضلات أو مسكن؛ وذلك تبعاً لحجم الألم والتورم الذي يعانيه، وتصل الأمور مع بعض الحالات إلى تناول مخدر عام قبل هذا الإجراء.
دبابيس ومسامير
ويوصي أخيراً د. فايز بأهمية تثبيت العظام المكسورة؛ وذلك حتى يمكن للطرفين الانجبار سوياً مرة أخرى؛ ولذلك فإن كثيراً من الحالات تحتاج إلى جبيرة. ويمكن أن تحتاج بعض الحالات إلى استخدام دبابيس أو شرائح أو مسامير، والتي تحافظ على الوضع الصحيح للعظام خلال التعافي، ومن الممكن أن تزال بعد التئام الكسر، لو سببت ألماً للمصاب أو كانت بارزة.ويحتاج المصاب بعد شفاء العظام إلى إرخاء العضلات التي تيبست في الكاحلين والقدمين، وكذلك الأربطة، وهو الأمر الذي يقوم به مختص العلاج الطبيعي؛ وذلك من خلال التمارين التي تحسن المرونة والقوة.