القاهرة ـ «القدس العربي» : في صحف أمس الخميس 10 يونيو/حزيران كان لدى القراء ما يدفعهم للغضب، وللكتّاب ما يحضهم على القلق، إذ الأزمة مع إثيوبيا تشتعل، وليس هناك من رد فعل من قبل الحكومة يتعامل مع مشاعر الغاضبين، ويتسق مع مخاوفهم ويترجم القرارات على أرض الواقع تذكّر العالم بأن القاهرة قوية، وبوسعها أن تدافع عن مصالحها.كما أن سؤال العدالة الاجتماعية فرض نفسه بقوة، ودفع عدداً من الكتاب لشد الخيط الرفيع الذي يربطهم بالحكومة، التي حرصت بدورها على تعضيد نفوذها في القارة السمراء، كي تعيد الجسور المتهالكة منذ زمن الرئيس الراحل مبارك. وفي هذا السياق أفاد تقرير بأن إجمالي المنح المصرية المخصصة لدول القارة الافريقية يبلغ 2083 منحة مقسمة إلى (1350منحة في المرحلة الجامعية و686 منحة لمرحلة الدراسات العليا و47 منحة لدراسة اللغة العربية)، وتتنوع هذه المنح في ما بينها، فهناك منح برامج التبادل الثقافي، ومنح وزارة التعليم العالي.ومن أبرز أخبار أمس الخميس التي يهتم بها القراء: نفى الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، ارتفاع أسعار اللحوم في منافذ التموين، مؤكدا أنها مستقرة عند 65 جنيها لكيلو اللحوم المجمدة و85 جنيها للحوم الطازجة، وفي ما يتعلق بالدواجن، شددّ على أن مصر لديها اكتفاء ذاتي من الدواجن بنسبة 97%. ومن أخبار السكة الحديد: خروج عربتين من قطار بضائع محمل بالمواد البترولية عن القضبان في محافظة أسوان.الملكية الخاصة
ينص دستورنا، كما قرأه زياد بهاء الدين في “المصري اليوم” على أن «الملكية الخاصة مصونة». تعبير قصير وبليغ ويلخص في ثلاث كلمات جوهر التنظيم الاقتصادي للمجتمع الحديث، حيث لا مساس بالملكية الخاصة، إلا في حالات محددة وفقا للقانون، وتحت رقابة القضاء. وبغير ذلك تضيع الحقوق وتضطرب المعاملات ويسود العنف والفوضى في المجتمع. لوهلة يبدو الموضوع بديهيا ولا يحتاج للتفكير، بما أن الملكية الخاصة محمية في الدستور، وفي القوانين المختلفة التي تمنع العدوان عليها. وهذا في ظاهره صحيح. ولكن غياب الاستيلاء المباشر، أو المصادرة الكاملة أو التأميم الصريح من النظام القانوني، لا يعني أن الملكية الخاصة «مصونة» على نحو ما قصده الدستور، بل يهدد حرمة هذه الملكية آليات مختلفة قد لا تكون في الوضوح والصراحة ذاتهما، ولكنها تؤدي إلى نتائج مشابهة. أول أشكال الاعتداء المستتر على الملكية، هو ما نبه إليه دستورنا (في المادة ذاتها 35) من أن فرض الحراسة على الملكية الخاصة محظور، إن لم يكن وفقا للقانون وبحكم قضائي، وإن نزع الملكية الخاصة غير جائز إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل. وبذلك فإن صور فرض الحراسة أو المنع من التصرف أو الاستيلاء أو نزع الملكية بالمخالفة للقانون، أو بعيدا عن رقابة القضاء، تنطوى على اعتداء على الملكية الخاصة. أما الشكل الثاني للعدوان غير الظاهر، فهو تحميل الملكية المستقرة بأعباء ورسوم ومصاريف غير مبررة إلى الحد، الذي يقترب من المصادرة، أو التأميم، لأن صاحب الملك يصبح واقعيا محروما من الاحتفاظ بملكيته والتمتع بها. وهذا لا ينطبق على فرض الضرائب المعتادة، سواء على الدخل أو الثروة أو العقار، وإنما المقصود به هو الأعباء المبالغ فيها، والرسوم والتكاليف الجزافية التي تستهدف فعليا نزع الملكية أو الحرمان من حق التمتع بها بشكل طبيعي.
من أين لك؟
الشكل الثالث من أشكال الاعتداء المستتر على الملكية كما قال زياد بهاء الدين، هو استمرار الاعتماد على القوانين التي عرفتها دول كثيرة في القرن الماضي – ومنها مصر – التي تعتبر أن الملكية جريمة أن لم يثبت صاحبها مصدر الحصول عليها. هذه القوانين – المعروفة باسم «من أين لك هذا» – تضع عبء إثبات صحة الملكية على المالك، وتلزمه بتبرير ما في حوزته ولو كان ميراثا عائدا إلى جدوده، أو منقولات يصعب الاحتفاظ بمستندات اقتنائها عشرات السنين. وهذه قوانين في جوهرها مخالفة للدستور من الشقين المدني والجنائي، الأول لأنه يهدر الحماية المدنية للملكية، ولو كانت بالحيازة، والثاني لأنه يهدر مبدأ أن الإنسان بريء ما لم تثبت إدانته. وأخيرا فإن الشكل الرابع قد لا يكون في الوضوح ذاته، ولكني أعتبره بقدر الضرر للغالبية العظمى من الناس. والذب أقصده هو حرمان المواطن من حقه في تسجيل ملكيته بشكل سهل وغير مكلف ونهائب. وهذا ينطبق أساسا على الملكيات العقارية، وإن كان يشمل أيضا الحصص المضطربة في شركات الأشخاص، والملكيات الشائعة غير المفرزة، والمواريث غير المقسمة لعشرات السنين، وكل أشكال الملكية التي تبقى عرفية وغير مقننة فتجعل أصحابها في حالة مستمرة من التوتر حول استقرار ملكيتهم والخوف من الاعتداء عليها، والعجز عن التصرف فيها بشكل سليم. وهذه قيود قد لا تصل لحد نزع الملكية، ولكنها تنتقص من مفهوم التمتع الهادئ المستقر وغير المهدد. احترام الملكية لا يتعارض مع العدالة الاجتماعية، بل إنهما مساران مختلفان، وإن كان ثمة تقاطع بينهما فهو تقاطع إيجابي بحيث يدعم الواحد منهما الآخر. ومن شاء عدالة اجتماعية فعليه النظر إلى تحسين برامج الحماية الاجتماعية، وتطوير الصحة والتعليم وتوفير فرص العمل الكريمة ومنع التمييز الطبقي والاجتماعي.
المقاومة باطشة
يتألق الحق ويسطع نجمه عندما تسنده قوة. ذلك ما تثبته الأحداث أمام أعيننا كل يوم، وآخرها كما أوضح الدكتور محمود خليل في “الوطن” القرار الإسرائيلي بإلغاء مسيرة الأعلام التي كان من المخطط أن تقودها مجموعة من المستوطنين الصهاينة، يصلون فيها إلى القدس ليمارسوا عملهم المعتاد في الاعتداء على المسجد الأقصى. نتنياهو «المسكين» كان أكبر داعم ومؤيد لهذه المسيرة، فهو يريد تفجير الموقف في أي صورة من الصور حتى يعطل تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة يائير لبيد، في المقابل أصر وزير الدفاع الإسرائيلي على رفض المسيرة، التي يمكن أن تتسبب في انفجار عسكري جديد بين المقاومة وإسرائيل. وزير الدفاع الإسرائيلي كان موضوعياً حين حذّر من المسيرة، خصوصاً بعد أن سمع مسؤولي المقاومة يؤكدون أن اقتراب المسيرة من القدس والأقصى سوف يؤدي إلى اندلاع مواجهة عسكرية جديدة، وقد دفعت إسرائيل بالفعل ثمناً باهظاً لمغامرتها العسكرية الأخيرة، التي بدأت بتحرش المستوطنين بحي الشيخ الجراح والعرب الذين يقطنون فيه. هكذا أملت المقاومة الفلسطينية إرادتها حين امتلكت أدوات قوة، أجادت استخدامها ضد عدوها التاريخي. في أي صراع.. لا يوجد طرف ضعيف وطرف قوي.. فأي طرف – مهما كانت درجة ضعفه – يستطيع أن ينال من خصمه إذا أجاد استخدام الأوراق المتوافرة في يده.
تعلمنا أخيراً
أكمل الدكتور محمود خليل رأيه: ذلك ما تعلمه الفلسطينيون بعد سنين طويلة جنحوا فيها إلى السلم، ووقعوا على اتفاقية أوسلو، وتعشموا أن يساعدهم العالم في إيجاد دولة حقيقية يعيشون فيها، فكانت النتيجة صفقة القرن التي وقف «نتنياهو – ترامب» يغردان بها فرحين في البيت الأبيض، وخرج بعدها بعض العرب، مؤكدين أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وأن على الفلسطينيين أن يقبلوا بمشروع «شبه الدولة» المقدم لهم، وأن أمريكا وإسرائيل ستفرضان إرادتهما على الجميع. يصح لنا في هذه اللحظة أن نسأل من كانوا يرددون هذا الكلام: أين ترامب الآن.. وأين نتنياهو.. وأين مشروعات المستوطنين في القدس؟ خرج ترامب من السلطة، ثم خرج تابعه نتنياهو، وبات المستوطنون على خط المواجهة مع أهالي القدس. لقد أدت المواجهة العسكرية الأخيرة بين المقاومة وإسرائيل إلى تغييرات عديدة في المشهد السياسي في المنطقة، أبرزها أن الفلسطينيين الآن يجلسون في موقع مريح على مائدة التفاوض مع الإسرائيلي، وهو أمر لم يتحقق وهم يتفاوضون تحت مظلة «أوسلو». فالحرب أحياناً ما تكون جزءاً من الدبلوماسية.. وما لا تأخذه في الحرب تستطيع أن تأخذه على مائدة المفاوضات.. وهناك أشياء لا تستطيع أن تحصل عليها وأنت تتفاوض، إذا لم تظهر العين الحمراء لخصمك. السلام هو الحالة الإنسانية المثالية، لكنك بحال لن تستطيع الوصول له، وخصمك يشعر بأنك ضعيف وعاجز عن النيل منه، وتتغاضى عن تحرشه الظاهر بك، في هذه الحالة تصبح «الحرب طريق السلام».. وإن لم تفعل فعليك أن تتقبل بما يلقيه خصمك لك -إن ألقى إليك شيئاً- وتسكت.
طرق مسدودة
نبقى مع القضية الأهم، إذ يرى عبد الله السناوي في “الشروق” أن المصالحة تضغط على الأعصاب والمشاعر بحثا عن نقطة انطلاق جديدة توحد القرار السياسي الفلسطيني، الذي تدهور بفداحة منذ الانقسام المروع عام (2007) بين الضفة الغربية وغزة، «فتح» و«حماس». على مدى أربعة عشر عاما، تناثرت في الفضاء العام الفلسطيني نداءات المصالحة، جرت مبادرات واجتماعات، بدون أن تفضى إلى شيء ملموس على الأرض، يخفض من الأثر السلبي اللامحدود للانقسام على القضية الفلسطينية ومستقبلها. عند كل منعطف تطرح قضية الوحدة الفلسطينية نفسها على جداول الأعمال، قبل أن تطوى ملفاتها في انتظار منعطف آخر يعيد طرحها من جديد. مرة بعد أخرى تتكرر الأفكار نفسها، العبارات في صياغتها نفسها، بدون جدية حقيقية في التوصل إلى صيغ ملزمة تجد طريقها إلى التنفيذ. فى أحاديث المصالحة تتردد دعوات إحياء منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة فلسطينية موحدة، وصياغة برنامج مرحلي توافقي بين الفصائل، يضبط حركتها وأولوياتها، بدون أن يكون الكلام جادا، أو مصدقا! إذا كان هناك جديد ــ هذه المرة في حوارات القاهرة ـ فإنه الجو العام عقب ما أبرزه الفلسطينيون من وحدة موقف ومصير في المواجهات الأخيرة شمل فلسطين التاريخية كلها، القدس والضفة الغربية وغزة وخلف الجدار الأخضر، كما في المخيمات والشتات. كان ذلك داعيا بتفاعلاته لإعادة فتح ملف «الوحدة السياسية» بإنهاء الانقسام، الذي أنهك القضية الفلسطينية ونال من عدالتها. هناك عامل آخر مستجد يستدعي كما أوضح الكاتب «الوحدة السياسية» حتى يكون الصوت الفلسطيني موحدا ومسموعا، فقد استدعت بسالة التصدي لآلة الاحتلال الإسرائيلي بالصدور العارية أمام المسجد الأقصى وفي حي الشيخ جراح، كما بصواريخ غزة، التي هزت بعمق ثقة إسرائيل في نظرية أمنها، رغم القوة غير المتماثلة، تعاطفا إنسانيا غير مسبوق مع الضحية الفلسطينية، التي تناهض التمييز العنصري. إعادة اكتشاف عدالة القضية الفلسطينية نقطة تحول جوهرية تتطلب تجاوز ألغام المصالحة، وإلا فإنه تفريط في المعاني التي تجلت والتضحيات التي بذلت.
فقد عقله
هذه الهستيريا، كما أطلق عليها مرسي عطا الله في “الأهرام”، التي يقودها نتنياهو والتى كانت ستبلغ ذروتها في مسيرة المستوطنين المتطرفين، التي حملت اسم مسيرة الأعلام، لولا قرار الشرطة الإسرائيلية بتعديل مسارها ومنع وصولها إلى القدس الشرقية وباحة المسجد الأقصى، تحسبا للمخاطر التي قد تنجم عنها، على ضوء تحذيرات معظم المحللين في الصحف الإسرائيلية من تجدد دورة العنف مرة أخرى. والحقيقة أن هذه الهستيريا ليست فقط مجرد رد فعل للانقلاب الناعم الذي أطاح بنتنياهو من سدة الحكم في الدولة العبرية، وخشيته من فتح باب الملاحقة القضائية له على مصراعيه، وإنما هي محاولة لكتم أصوات العقلاء، التي بدأت تظهر من جديد على المشهد السياسي في إسرائيل، بعد فشل الحرب على غزة! إنها هستيريا الخوف من انهيار كل ما بناه نتنياهو طوال 12 عاما قضاها في مقعد رئيس الحكومة، خصوصا ما كان يتباهى به علنا، وفي جلساته الخاصة، من أنه نجح في شطب بند مفاوضات السلام، وادعى مفاخرا أثناء هوجة التطبيع الأخيرة أن إسرائيل حققت ما تريد، بدون أن تدفع أي مقابل وأنهت من قاموسها كابوسا ثقيلا اسمه «الأرض مقابل السلام».
مصالح الدول الكبرى
لا شيء يقلق نتنياهو وحلفاءه من غلاة المستوطنين، كما يرى مرسي عطا الله، سوى عودة أصوات العقلاء للإطلال على المشهد الإسرائيلي من جديد بآراء وأفكار لن تنسف فقط اتفاقيات «إبراهام» التي ابتدعها ترامب وزوج ابنته لتصفية القضية الفلسطينية، وإنما لأن البعض بدأ يدق أجراس الإنذار حول ضرورة قراءة ما وقع في الحرب ضد غزة، وأدى إلى ردود فعل دولية وعربية غاضبة، لم تكن في حسبان الإسرائيليين. إن أصوات العقلاء في إسرائيل هذه الأيام باتت مثل رجع الصدى لما قاله إسحق رابين قبل اغتياله على أيدى المتطرفين عام 1995 من أن السلام مع العرب فرصة يجب اغتنامها، قبل أن تضيع ويضيع معها الحلم الصهيوني برمته. مرة أخرى أدرك الإسرائيليون مجددا أن بلدهم أشبه بجزيرة تتوسط بحرا عربيا واسعا، وأنها مجرد رقعة من الأرض محاصرة بعمق عربي يلتف حولها من الخليج إلى المحيط، والسلام هو المنفذ الوحيد لضمان البقاء الآمن والتعايش المتكافئ، خصوصا أن خلل التوازن السكاني سيظل في غير صالحها إلى الأبد.. ناهيك من أن حدة الغضب الدولي واتساع مساحة انتشاره رفضا للممارسات الوحشية الإسرائيلية، قد أوضح للإسرائيليين بجلاء أن المواقف الدولية ـ بما فيها أمريكا وأوروبا ـ ليست مضمونة إلى ما لا نهاية، لأنها مواقف متحركة باستمرار ومعرضة دوما لضغوط ومؤثرات ترتبط بالمصالح العليا للدول الكبرى. الهستيريا مهما تصاعدت لن توقف المسار الطبيعي لحركة التاريخ ولن تمد يوما واحدا في عمر نتنياهو السياسي على الأقل في المنظور القريب.
على ما هو عليه
انحصرت أزمة السد الإثيوبي خلال الأسابيع الماضية، كما أشار صالح الصالحي في “الأخبار” بين تصريحات إثيوبية مستفزة حول الملء الثاني وتصريحات لمسؤولين إثيوبيين حول رفع كفاءة الممر الأوسط، وإنهاء بعض الأعمال الهندسية في البوابات.. الأمر الذي أكد معه الفنيون بأنه يعني تعذر الملء الكامل لخزان السد لعيوب فنية. وبيانات رسمية لمصر والسودان تؤكد تمسكهما باتفاق ملزم قبل الملء. البعض يرى أن المناورات العسكرية المشتركة بين دولتي المصب، من الممكن أن تكون أحد عوامل التهدئة أو بمعنى آخر الردع.. والآخر يرى أن العيب الفني المانع للملء الكامل هو الأصل.. خاصة أن إثيوبيا لا تزال متعنتة وتتمسك بالملء الكامل متى اتيحت لها الفرصة، فرئيس الوزراء الإثيوبي اعتاد اطلاق تصريحات استفزازية حول رغبة وقدرة إثيوبيا في بناء ما وصفه «ببناء 100 سد وسد على النيل الأزرق» وتحويله إلى بحيرة، على الرغم من أنه مجرى دولي لا تملكه دولة بعينها.. الأمر الذي دفع الخارجية المصرية إلى الرد في بيان رسمي عبرت فيه عن استيائها لما وصفته بسوء النية لدى الجانب الإثيوبي في تعامله مع نهر النيل.
في علم الغيب
وأكد صالح الصالحي، أنه على الرغم من احتمالية عدم بلوغ إثيوبيا للملء الكامل هذا العام، إلا أن مصر والسودان تعتبر الأمر تعديا على المنسوب المائي لهما واعتداء على حقوق وسيادة البلدين، ما دعا إلى تمسكهما بضرورة الاتفاق.. ويرى بعض المراقبين أنه قد تكون هذه التصريحات مناورة أو جزءاً من المفاوضات.. الأمر في تصوري جعل الجانبين المصري والسوداني يتمسكان بموقف ثابت يتمحور حول اتفاق ملزم، خاصة أن ملامح فيضان هذا العام لم تتضح بعد. وفي الوقت الذي تصدر فيه إثيوبيا تصريحات تتحدث عن الحل العسكري لأزمة سد النهضة.. تارة بأنها ستتصدى لأي عمل عسكري يطال السد.. وأخرى بإنشاء قواعد عسكرية في البحر الأحمر.. فإن هذا الأمر من اتجاهها وحدها.. حتى أن المناورات العسكرية المصرية السودانية، تتم وفق اتفاق مشترك، ولم تعلن أي من الدولتين أنهما بصدد عمل عدائي.. بل تؤكد مصر عن طريق منابرها الرسمية كافة، تمسكها باتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، على الرغم من أن قضية المياه تمثل قضية وجود للجانب المصري. وأعلنت مصر أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة يأتي عبر التفاوض بين الدول الثلاث وصولا إلى اتفاق بينها.. لأن مصر لن تفرط في نقطة مياه واحدة من حقوقها التاريخية، ولن تقبل المساس بأمنها المائي. لذلك كل السيناريوهات مفتوحة أمام مصر.. لكنها ما زالت تتمسك بسيناريو التفاوض، ودور المجتمع الدولي في مواجهة إثيوبيا، وما تعمد إليه من المماطلة والاستفزاز.. وعلى الرغم من أن أياما تفصلنا عن الملء الثاني فلا يوجد في الأفق غير تمسك الجانب المصري بهذا السيناريو.
معاش أم ممات؟
أخيرا وبعد عامين من الصمت المؤلم، على حد وصف خالد حريب في “البوابة”، ناقشت لجنة القوى العاملة في مجلس النواب المشاكل التي نتجت عن قانون 148 الذي ينظم التأمينات والمعاشات، جاء ذلك بعد طلب إحاطة قدمه النائب عادل عامر، بشأن “تظلم العاملين المتضررين من قانون التأمينات الاجتماعية الجديد رقم (148) لسنة 2019” وتابع المناقشة عشرات الآلاف من الضحايا لحظة بلحظة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وقبل أن ندخل في تفاصيل الاجتماع نقول للقارئ الحكاية باختصار ليكون معنا في الصورة ويحكم بنفسه، ملخص الحكاية هو أن قطاعا واسعا من المصريين يقدرهم البعض بمئات الآلاف، إن لم يكن ملايين، لم يجدوا في بداية حياتهم قبل عشرين عاما من يحنو عليهم فوقعوا فريسة للقطاع الخاص، الذي أكل صحتهم وأعمارهم حتى كره الناس اليوم الذي ولدوا فيه، اشتركوا بالتأمينات الاجتماعية على اتفاق أن من حقهم التقاعد بعد عشرين عاما من الخدمة، وفجأة ضربت الحكومة ومجلس النواب ضربتهما القاتلة، فأصدرت قانونا يمنعهم من التقاعد وأخلت بالاتفاق ومن جانب واحد فرضت الدولة على المشترك نظاما جديدا للتقاعد، وكأن لسان حال هيئة التأمينات يقول للمواطن إنني سأمنحك حقك في المعاش عندما أرى قدمك اليمنى في القبر، لسان حال متخذ القرار يقول لن أمنحك المعاش إلا بعد أن أرى الذل في عينيك وأرى عفش بيتك وهو يباع لكي تشترى غذاءك ودواءك.
طابور الضحايا
أعترف خالد جريب في “البوابة” أن هذا القانون هو اكبر عملية قرصنة في سنواتنا الأخيرة، واكبر عملية استقواء تشريعي بمباركة تنفيذية في مواجهة ضحايا كل ذنبهم أنهم لم يكن لهم واسطة ليتمرغوا في تراب الميري فضاعت حياتهم بين تروس القطاع الخاص، وجاء البرلمان في المشهد الأخير ليكتب لهم شهادة الوفاة بإصداره هذا القانون المعيب. نعود للاجتماع وما خرجوا به لاحتواء غضب الغاضبين، حيث جاءت التوصية بالعمل على حل مشكلة العالقين، وفي تعريفهم لـ”العالقين” هم من خرجوا من الخدمة بالفعل من 1 يناير/كانون الثاني 2020 حتى الآن، وتحرر لهم استمارة 6، وبذلك يتمخض الاجتماع ويلد فأرا، وكأنهم لا يعرفون أن طابور الضحايا ممتد، وما زال القطاع الأكبر منه عالقا داخل مؤسساته كخدمة من صاحب المؤسسة، حتى لا ينغلق ملفه التأميني وحتى لا يترك في الشارع في فخ انتظار تعديل تشريعي منصف. يا حضرة المشرع حل مشكلة العالقين هو حل بالقطعة وليس حلا شاملا للحفاظ على استقرار الوطن، يا حضرة المشرع ويا قيادات التأمينات الاجتماعية، لستم أكثر حرصا على المال العام من عمال مصر ضحايا قانونكم المشبوه، لأننا لو تكلمنا عن المال العام سوف نسألكم جميعا عن أرصدتكم في البنوك، وإجمالي دخلكم وما تتحصلون عليه من مكافآت، لستم أكثر وطنية من عمال مصر ضحايا قانونكم، هؤلاء العمال هم من رصفوا لكم الطرق واستجابوا لدعوة 30 يونيو/حزيران لبناء مصر من جديد تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبصراحة كل من وقف ضد المؤمن عليهم وسرقة حقهم في التقاعد بعد عشرين عاما من الخدمة، هو يقف ضد إنجازات الدولة المصرية التي تتقدم في مختلف المجالات، بما يشبه المعجزة، بينما حضرات الأفاضل سواء في الحكومة أو البرلمان كلهم إصرار على إغراق المركب بضرب وقتل مئات الآلاف من الأسر المصرية.
المصرية تخسر
يسأل صبري غنيم في “المصري اليوم”: ماذا تنتظرون بعد تمرد الشغالة المصرية على البيت المصري، أكيد أن تشغل مكانها الشغالة الأجنبية، بدليل أننا أصبحنا نرى وجوها أشكالا وألوانا من القارة الآسيوية بصحبة العائلات المصرية، في الأندية والأسواق التجارية، دخلن مصر بتأشيرات سياحية، وبعد شهور تتحول تلقائيا إلى إقامة، وطبعا كل جنسية لها سعرها، فإذا كان استقدامها عن طريق الأسرة، فهي تتقاضى شهريا ما بين 300 و500 دولار، وإذا كانت عن طريق سمسار يصل راتبها إلى 700 دولار.. ومعظم العائلات تعاني من السماسرة، وإن كان من بينهم أشخاص يحترمون أنفسهم، تجدهم مسؤولين عن الشغالة التي يقدمونها، ولأصحاب البيت حق تغييرها خلال ثلاثة أشهر في حالة عدم التوافق، أو عدم القدرة على العمل، والتغيير عادة بلا مقابل، لكن هناك سماسرة يقومون بتشغيل الشغالة الأجنبية في أكثر من مكان خلال العام، يعني يتم سحبها وإلحاقها ببيت آخر مقابل عمولة جديدة.. وهذه هي المشاكل التي على السطح الآن. سوق العمل أصبحت مزدحمة بجنسيات متعددة بجانب الشغالة الآسيوية، وبالذات الشغالة الفلبينية، التي كانت تنفرد بمرتب أعلى فأصبحت الافريقيات ينافسن بنات القارة الآسيوية، حتى فقدت الشغالة الإندونيسية مكانتها أمام القادمات من جنوب السودان، صحيح هناك فرق في الأجر، على اعتبار أن اللاجئة من جنوب السودان مرتباتها بالجنيه المصري خمسة آلاف جنيه، مع إجازة أربعة أيام في الشهر، وهنا أستطيع أن أقول أن الإندونيسية اختفت تماما بعد أن صدرت تعليمات من حكومة بلدها بعدم سفر شغالات إلى الخارج.
مشغولة دايماً
الذي يؤسف له على حد رأي صبري غنيم، أنه ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة غير مقبولة في مجتمعنا، وهي ظاهرة خطف الشغالات، وقد بدأت بالأندية، الأسرة تصحب الشغالة معها وتتركها تنطلق مع أطفالها في حديقة الأطفال، فتجد الشغالة أكثر من عرض من أعضاء في النادي، وفجأة تعلن الأسرة عن هروب الشغالة، وتكتشف أنها تعاقدت مع عائلة أخرى تقابلت معها في حديقة الأطفال في النادي.. المشكلة الأخرى تضارب الأجور، فاذا تصادف أن جاءت لكم ضيفة ومعها شغالتها، وحدث لقاء مع شغالة البيت، وتسمع شغالتك أن شغالة الضيفة تتقاضى ضعف الراتب الذي تدفعه لشغالتك، فيحدث تحريض تلقائي وتطالب الشغالة بزيادة راتبها، وإلا تركتك. المشكلة أن البلد ليس فيه قانون يحميك من هروب الشغالة، وليس لدى وزارة العمل قاعدة بيانات عن الشغالات الأجنبيات في مصر، بدليل لو أن شغالة أجنبية هربت من بيتك، تستطيع أن تعمل في بيت آخر بضعف الراتب، ومش مهم الذي دفعته لها في تذكرة الطائرة، أو الذي دفعته للسمسار، الذي أتى لك بها من الخارج، وقد تعرضت مرات كثيرة لهروب الشغالات بسبب تطلعهن للأجور المرتفعة، التي تدفعها بعض البيوت، مع العلم التي تتقاضى راتبا أعلى في الأساس هربانة من بيت، وبالتالي الذين تعمل لديهم لم يتحملوا تذكرة طائرة ولا تأشيرة دخول البلد، اكتشفت أنني أبذل جهدا في الحصول على تأشيرات الدخول وأدفع للسمسار في القاهرة بالدولار، ويقوم السمسار نفسه بتحريض الشغالة على الهرب، لإلحاقها ببيت آخر يحصل على عمولة جديدة، وإذا أخطرت الجوازات يعلنون أنها مسؤولية وزارة العمل.
التواصل مفقود
بالتأكيد والكلام لفهمي عنبة في “الجمهورية” كان يمكن بالحوار والتفاهم والتواصل مع المواطنين.. أن نتجنب الأزمة التي حدثت في منطقة نادي الصيد في الأسكندرية.. وكان على المسؤولين في المحافظة ونواب البرلمان القيام بدور في شرح الحقائق وإقناع السكان وأصحاب المحلات وطمأنتهم بانه لن يُضار أي شخص، ولن تُشرد أي أُسرة، وإنما سيتم نقلهم إلى أماكن حضارية تجعلهم يعيشون حياة كريمة في بيئة آدمية.. بدلاً من تركهم ليكونوا ضحية للشائعات، أو يقعوا فريسة للمستفيدين من تهييج الجماهير وحثهم على التظاهر والفوضى. قامت الدولة ببناء مساكن جديدة للقضاء على المناطق العشوائية.. وصرفت المليارات لتحسين حياة سكانها ونقلهم إلى مناطق أفضل كاملة المرافق والخدمات.. وتقرر نقل أهالي “نادي الصيد” إلى “بشاير الخير”.. ولكن على ما يبدو لم يتم بذل الجهد الكافي للتمهيد لعملية إخلاء المنطقة بصورة تُقنع السكان.. ولم يتم توضيح الإجراءات وخطوات الانتقال بالتفصيل وكيفية تعويض مُلاك الشقق والمحلات والورش.. وما هو تخطيط المنطقة، وما سيحدث فيها بعد خروجهم وتطويرها.. وربما كان هذا الغموض هو الذي أدى لانتشار الشائعات، وهو وضع قد يكون طبيعياً في ظل غياب المعلومات وعدم وجود من يوضحون الحقائق للأهالي، وفي ظل وجود من يستفيد من الوضع القائم والأهم هو تربص من لا يريدون الخير لمصر وشعبها. للأسف الشديد جاء التحرك متأخراً بعد خروج مظاهرة احتجاجية من السكان وأوضح المسؤولون أن النقل إلى “بشاير الخير” يوفر حياة كريمة لهم، خاصة أنهم يعانون بشدة من الأمطار في موسم الشتاء.. وكان ذلك “وإن جاء متأخراً” سبباً في تهدئة وإقناع العديد من السكان وأصحاب الورش والمحلات.. ألم يكن من الأفضل أن يكون هذا التحرك من البداية.
كان يعرف
من المؤكد والكلام لعبد القادر شهيب في “فيتو” أن الرجل الذي صفع الرئيس الفرنسي ماكرون، في جنوب فرنسا كان يعرف أنه لن يفلت بفعلته، وأنه سيتم إلقاء القبض عليه من قبل الحرس الخاص بالرئيس ورجال الشرطة الفرنسية.. فلماذا أقدم على ذلك إذن؟ قد يرى البعض أن الرجل كان غاضبا لدرجة كبيرة من الرئيس ماكرون، ولم يستطع أن يكتم غضبه أو يسيطر عليه لذلك انتهز فرصة اقتراب الرئيس الفرنسى منه ليصفعه على وجهه بعد أن أمسك ذراعه بيده.. وقد يرى البعض أن الرجل كان يوجه رسالة للرئيس الفرنسي ماكرون مؤداها أن النيل منه واغتياله ليس صعبا، وفي متناول يد من يستهدفه، فإن الاعتداء على الرئيس ماكرون تم وحرسه الخاص حوله ويحيطون به. الأغلب أن صفعة ماكرون كان مقصودا بها أمراً آخر هو إهانته علنا وأمام كاميرات التلفزيون المختلفة.. فإن إهانة القادة والمسؤولين صار نهجا لمن يريد النيل منهم وإقصاءهم.. ولعلنا نتذكر أن مراكز ومعاهد التغيير التي أنشأتها أجهزة مخابرات عديدة للتحضير والتجهيز لتغيير سياسؤ في منطقتنا، كانت تدرس لشبابنا الذين التحقوا بها وحصلوا على دورات فيها على تدريبات على إهانة القادة والمسؤولين للحط من قدرهم بين الناس وافتقادهم الاحترام الشعبي.
نعمة الأمن
أنباء عن احتمالية تقدم مصر بطلب لتنظيم بطولة كأس العالم 2030، وتنظيم بطولة الأمم الافريقية المقبلة، حجزت مساحات كبيرة في الوسط الرياضي. ورغم أن البعض لم يؤكد هذه الأنباء، والبعض الآخر نفاها، ولم تصدر بيانات رسمية حتى كتابة هذه السطور عن هذا الأمر، إلا أن المهم في الأمر، كما أشار محمود عبد الراضي في “اليوم السابع” أن مصر قادرة على أي شيء، ومستعدة لأي حدث مهما كان قوته. مصر أبهرت العالم في تنظيم بطولة الأمم الافريقية الماضية، رغم ضيق الوقت بعد سحب الملف من الكاميرون وإسناده لمصر، رغم اشتراك 24 منتخبا لأول مرة في البطولة، إلا أنها كانت حاضرة وقوية، وعلى قدر المسؤولية. ولم يمر سوى وقت قصير، ونظمت مصر البطولة نفسها “تحت أقل من 23 سنة”، لتبهر العالم من جديد، خاصة بعدما حصدت البطولة، ثم تتوالى الأحداث الرياضية مثل تنظيم “كأس العالم لليد” وكأس العالم للجمباز وللخماسي الحديث. مصر “الآمنة المطمئنة” قادرة في أي وقت على التنظيم والإبهار من جديد، وتوجيه رسائل الأمن والسلام والمحبة لعواصم العالم. مصر الكبيرة التي جاءت ثم جاء التاريخ، هنا يمكنك أن تتنفس عبيرَ الحضارة، وتشم رائحة التاريخ، وتعيش تراث الأمم التي خلت، وترى تنوعها، وتفهم سر اختلافها، هنا الأهرام الشاهقة الصامدة في أرض الكنانة، يقرأ القارئ -كما الأمي- في واجهاتها صفحات التاريخ التي ترويها ناصعة في كتاب مكين، هنا تقرأ لنجيب محفوظ أجمل وأبرع ما جاد به القلم، وهنا تسمع من حنجرة كوكب الشرق أم كلثوم ومن العندليب الأسمر عبد الحليم ما جادا به من عذب الغناء، هنا نهر النيل العظيم، وما أدراك ما النيل؟