ما بين الحديث عن "نظام عالمي جديد" وتوريط روسيا في أوكرانيا.. تحذير من مهمة قذرة لتركيا بسوريا

  • Time:Dec 20
  • Written : smartwearsonline
  • Category:Article

على الرغم من الضغوط والعقوبات الغربية، لا تزال روسيا تواصل تحركها العسكري في أوكرانيا وتقترب شيئاً فشيئاً من العاصمة كييف.

وتجددت الغارات الروسية، صباح الخميس، على العاصمة الأوكرانية كييف، حيث دوت صفارات الإنذار، بعد ليلة وصفت بالأعنف، بحسب ما أكد مسؤولون محليون.

أما جنوب شرق البلاد، فقد أعلن ممثل قوات دونيتسك "الانفصالية" محاصرة مدينة ماريوبول، جنوب شرق البلاد، على بحر آزوف.

ولكن التطور الميداني الأبرز، تمثل خلال الساعات القليلة الماضية بسقوط خيرسون، المدينة الكبيرة في الجنوب الأوكراني، فقد أكّد مسؤولون أوكرانيون ليل الأربعاء - الخميس، أنّ الجيش الروسي سيطر على خيرسون.

وهذا يعني أن القوات الروسية بات بإمكانها الآن عبور نهر دنيبر، الذي يقسم أوكرانيا إلى قسمين، والاتجاه غرباً وشمالاً لمهاجمة كييف من الاتجاه الثاني.

ودعت الخارجية الأميركية إلى وقف ما وصفته بـ "حمام الدم".

كما حثت في بيان، يوم الخميس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والحكومة الروسية على "وقف إراقة الدماء فوراً" والانسحاب من الأراضي الأوكرانية.

حرب بين الشرق والغرب

وتنقسم أوكرانيا بين شرق يتحدث بغالبيته اللغة الروسية وبين غرب يتحدث الأوكرانية. وتعد ثاني أكبر دولة أوروبية من حيث المساحة بعد روسيا.

ويلعب موقعها الجغرافي دوراً كبيراً في عبور إمدادات الغاز الروسية إلى دول غرب أوروبا، وهذا ما يعزز الصراع على هذا البلد.

وتحد أوكرانيا من الشمال الشرقي روسيا ومن الغرب دول الاتحاد الأوروبي بولندا وسلوفاكيا وهنغاريا، ما جعل هذا البلد كخط تماس بين توجهين سياسيين مختلفين.

وفي هذا السياق، تحدث الكاتب والمحلل السياسي، سركيس أبو زيد، عن خلفية الصراع، قائلاً: "الحرب في أوكرانيا هي حرب بين الشرق والغرب، لا نستطيع أن ننظر إلى هذه الحرب من زاوية روسية فقط أو من زاوية أوكرانية فقط، هي نتيجة ما وصلت إليه العلاقات الدولية ونتيجة الأزمة العالمية التي يعاني منها نظام عالمي يتفكك".

وأوضح أن "هذه الحرب هي تلخيص أو بداية نهاية لمرحلة النظام العالمي القديم وربما تكون بداية لولادة عالم جديد، لذلك ما نشهده هو نوع من حرب عالمية ثالثة ولكن بأساليب مختلفة، لذلك علينا أن ندرس بعمق ما هي الأهداف الروسية والأميركية والأوروبية وغيرها، لذلك أعتقد بأن الولايات المتحدة الأميركية أوجدت مجموعة من الإشكاليات للوصول إلى هذا الوضع؛ لأن الهدف الأساسي من هذه الحرب هو خلق شرخ بين أوروبا وأسيا حتى لا يولد ما كان يخطط له ما يسمى بأوراسيا".

وأضاف: "لذلك هذه الحرب لها أبعاد متعددة، كل فريق له حسابات ذاتية وحسابات عامة. لا شك أن لروسيا أهداف استراتيجية واقتصادية وللولايات المتحدة الأميركية لها أهداف وأوروبا تريد أن تتخلص من هذا الكابوس أو تسعى إلى إيجاد حلول لمشاكلها الاقتصادية والمالية، الكل متورط في هذه الحرب ونتائج هذه الحرب ستحدد معالم العالم الآتي. لذلك هذا الموضوع مازال مرهوناً بتطور الأحداث الميدانية التي ستفرز نتائج وتحولات وأبعاد مستقبلية لا أحد يستطيع أن يتحكم بها من الآن".

المفاوضات مرتبطة بالميدان

وعلى الرغم من أن كييف وموسكو بدأتا مفاوضات سلام، إلا أن العديد من المراقبين غير متفائلين بالحصول على أي نتائج سريعة.

ويرجع هؤلاء عدم تفاؤلهم إلى أن أي حل سيعني أنه يجب على الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن يخسر أمام روسيا.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" إن المحادثات الأوكرانية الروسية تدور حول هدفين، تسعى موسكو إلى تحقيقهما: الحيادية الأوكرانية والأراضي الأوكرانية.

وتشير الصحيفة إلى أن روسيا قد تعمد إلى الحصول على موافقة أوكرانيا على وضع يشبه ما فعلته عام 2014 بضم إقليم القرم، وقد تسعى إلى الاستيلاء على المناطق شرق نهر دنيبرو.

وفي هذا السياق، قال سركيس أبو زيد: "المفاوضات لن تأتي بنتيجة قبل معرفة الميدان، هناك علاقة جدلية ما بين حركة الميدان العسكرية وتطور المواجهات في الزمان والمكان ومن جهة أخرى هناك مفاوضات شاقة لا أحد يستطيع أن يعرف نتائجها؛ لأن المواجهة الفعلية ما بين روسيا وأوكرانيا هي ما بين روسيا والغرب، لذلك الحرب والتسوية تحدد مسار العلاقة ما بين الشرق والغرب، لذلك الكل متورط والكل ينتظر النتائج ويسعى إلى تحسين شروطه في العالم الجديد القادم".

ويقول معظم المحللين إن الجيش الأوكراني سينهار عاجلاً أم آجلاً، فهو يقاتل بكل ما لديه من قوة بلا راحة، بينما يمكن لروسيا أن تعزز خطوطها الأمامية بقوات جديدة.

ويسود الافتراض أن موسكو ستسعى إلى تنصيب حكومة مؤيدة في كييف، وتركها لتدير غرب البلاد، مع ضم جزء كبير من البلاد شرق نهر دنيبرو.

وأحد الاحتمالات التي تطرحها صحيفة "وول ستريت جورنال" بعد ذلك يشير إلى أن الجيش الأوكراني الرسمي سوف يتلاشى وتبدأ حركات تمرد بالظهور. ومن المتوقع أن تدعم الدول الغربية مثل هذا التمرد، مثلما دعمت الولايات المتحدة التمرد ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان في الثمانينيات.

وفي هاذ السياق قال أبو زيد: "حتى التقدم الروسي ليس معروفاً وليس له آفق؛ لأن البعض يتكلم عن سيناريوهات تقسيم أوكرانيا أو توريط روسيا في حرب طويلة الأمد أو الدخول في نفق مظلم، لذلك كل هذه الأمور مرهونة بنتائج المعارك وبالتسوية القادمة، هل هناك إمكانية لإنتاج تسوية جديدة ما بين الشرق والغرب بهذه السهولة؟ هل تستطيع روسيا حسم المعركة عسكرياً؟ هل تستطيع أوروبا وأميركا توريط روسيا بحرب طويلة الأمد من أجل استنزافها؟ كلها أسئلة يحسمها الميدان ونتائج المعارك الجارية".

هل ينزلق العالم إلى حرب عالمية؟

ما بين الحديث عن

وترسل دول كثيرة – أغلبها من دول حلف الناتو – مساعدات عسكرية من ضمنها أسلحة حديثة لأوكرانيا، لمساعدتها في التصدي للتحرك العسكري الروسي.

وأرسلت هولندا قاذفات صواريخ للدفاع الجوي، بحسب تصريحات رسمية، فيما أرسلت إستونيا صواريخ مضادة للدبابات من طراز "جافلين"، وقدمت بولندا ولاتفيا صواريخ أرض جو من طراز ستينغر وأرسلت التشيك رشاشات، وبنادق قنص، ومسدسات وذخائر.

وحتى البلدان المحايدة سابقاً مثل السويد وفنلندا وألمانيا، أرسلت شحنات من صواريخ ستينغر، بالإضافة إلى صواريخ أخرى تطلق من الكتف.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن نحو 20 بلداً - معظمها أعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي- تقوم بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا لمحاربة القوات الروسية وتسليح التمرد المستقبلي، في حال وصلت الحرب إلى سيطرة القوات الروسية على أوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، ينقل حلف شمال الأطلسي معدات عسكرية وما يصل إلى 22,000 جندي إضافي إلى الدول الأعضاء المتاخمة لروسيا وبيلاروسيا، لطمأنتهم وتعزيز الردع.

وتثير هذه الجهود الكثيفة، التي تعتبرها موسكو عدائية، بالإضافة إلى قلق دول حلف الناتو كبولندا التي تقترب منها القوات الروسية، مخاوف المحللين من تطور الصراع إلى مواجهة مباشرة بين الناتو وبين روسيا.

سركيس أبو زيد، تحدث حول ذلك، قائلاً: "هناك مواجهات غير مباشرة ما بين روسيا والغرب؛ لأن هناك خوف من أن تتطور المعارك إلى حرب عالمية أو نووية الكل يحسب لها الحساب ويتوقعها ويخشاها، لذلك هل سيكون هناك رؤية عالمية جديدة تستطيع أن تنتج تسوية يرضى عنها الجميع قبل أن تنفجر الأمور وتذهب إلى مواجهة أو حرب عالمية كلاسيكية أم سيتوافق الجميع على ولادة عالم جديد؟ كل هذه الاسئلة مرهونة بالنتائج التي ترتسم وتحددها وترسمها المعارك".

موقف خطير من تركيا

أنظار معظم المتابعين تتجه إلى الموقف التركي حيث أثار حديث المسؤولين الأوكرانيين عن اعتمادهم على المسيّرات التركية في مواجهة القوات الروسية تساؤلات عن وقع هذه الأخبار على العلاقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، بحسب وكالة الأنباء الروسية، إن طائرات تركية جديدة مسيّرة وصلت إلى أوكرانيا. ونشر ريزنيكوف على صفحته الخاصة على فيسبوك، منشوراً جاء فيه "وصلت بالفعل إلى أوكرانيا طائرات مسيّرة من نوع بيرقدار، وهي مسيّرات قتالية".

وكان أردوغان قد سعى خلال بداية الحرب في أوكرانيا لإظهار رغبته في أداء دور الوسيط بزعم أن الطرفين صديقان لبلاده، لكن كشف كييف عن حصولها على مسيّرات تركية جديدة زمن الحرب سيجعل من هذه الوساطة مجرد فرقعة إعلامية.

وسعى أردوغان لمواصلة اللعب على التناقضات الروسية – الأميركية كما حصل في سوريا وليبيا وغيرها.

ويرى مراقبون أن تركيا باتت أمام خيار صعب، فإما أن تكون مع أميركا وحلفائها في الناتو وإما أن تكون مع روسيا.

وقال أردوغان إن تركيا لن تتخلى عن علاقاتها مع روسيا أو أوكرانيا، لكن "مصممون على استخدام صلاحيتنا بموجب اتفاقية مونترو فيما يتعلق بحركة السفن في المضائق بشكل يمنع من تصعيد الأزمة".

وكان أردوغان يتحدث عقب اجتماع مجلس الوزراء في أنقرة، فقال إن تركيا تحترم سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها السياسية، وأضاف أنه يعتبر "هجوم روسيا على أوكرانيا غير مقبول".

الكاتب والمحلل السياسي وعضو الحزب الجمهوري الأميركي، بشار جرار، تحدث عن ذلك، قائلاً: "مهما تلوّن أردوغان لن تتغير طبيعته ولا طبائعه. لن يخرج دوره أبداً عن طموحه القاتل بتحقيق أكبر قدر من المكاسب وبأي ثمن لبقائه وبقاء نظامه في الحكم والتوسع ما أمكن".

وأضاف: "موقفه إزاء الأزمة الراهنة هو الأكثر خطورة وقد يعجل في نهايته، على مدى عقد كامل، أدى أردوغان دور العراب والمقاول لمشروع إدارة أوباما الأولى والثانية في تسليم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية الحكم في الشرق الأوسط، فكانت تلك محاولة الناتو التوسع جنوباً وبدون كلفة ملزمة. أما الآن، فالمطلوب أطلسياً وأميركياً من أردوغان هو أداء المطلوب منه للتوسع شرقاً بمعنى معاداة روسيا بما هو أبعد من مجرد دعم أوكرانيا بالبيرقدار! المطلوب من أردوغان، لن يقف عند إغلاق المضائق".

وتابع جرار: "من سمات الانتهازية، الاقتناص، سيماطل أردوغان ما استطاع إلى ذلك سبيلاً حتى يرى اتجاه الرياح فيميل معها، لكن الخطورة هي بالباطنية وتلك سمة أخرى متجذرة في عقلية الإخوان المسلمين والإسلاميين المتطرفين عموماً، فقد يظهر وقوفه مع طرف ويبطن الدعم لطرف آخر. لعبة قام بها بصفقة صواريخ إس 400، لكنه لن يكون قادراً على إعادتها أو محاكاتها لانهيار سمعته ومكانته لدى الرئيسين الروسي والأميركي على حد سواء".

وأشار جرار إلى أن "نقل الإرهابيين من إدلب إلى أوكرانيا عبر الناقل الرسمي الوحيد والمعتمد أطلسياً، تركيا أردوغان سيكون كارثياً على الجميع. لا يعقل تكرار كارثتي أفغانستان وسوريا، فأي جنون هذا الذي يستجلب (المجاهدين) إلى أوروبا فيما يتم إرسال صواريخ ستينغر (أرض جو) وجافلين (قذائف صاروخية مضادة للدروع) إلى أوكرانيا. هذا انتحار جماعي".

مهمة قذرة لتركيا

ومن المتوقع أن يحاول أروغان استثمار هذا الصراع لاحتلال مناطق سورية جديدة، فإما أن يقايض روسيا وأميركا أو أن يستغل انشغالهم في أوكرانيا ليشن هجمات احتلالية جديدة.

وحول ذلك، قال بشار جرار: "لن يجرؤ أردوغان على الإتيان بأي تحرك يبدو منه انتهاز فرصة انشغال العالم بحرب أوكرانيا، لكن الخطر الحقيقي يبقى قائماً لجهة تكليفه بالقيام بمهمة قذرة لغاية إزعاج أو استنزاف الطرف الآخر (الروسي أو الأميركي). هنا تكمن الحاجة إلى جهوزية دبلوماسية وقتالية من قبل سورية عموماً وشمال شرق سوريا تحديداً؛ لإرسال رسالة لا تحتمل اللبس بأن الانتهازية الأردوغانية لا مكان لها بين الحلفاء الحقيقيين في معركة محاربة الإرهاب. فإما أن تكون روسيا أو أميركا مع هذا الحلف أو لا، حتى لا تصل الأمور إلى ما قام به رئيس وزراء باكستان قبل أيام عندما أعلن ندم بلاده على التحالف مع أميركا ضد الإرهاب!!!".

سيناريوهات متعددة

الكاتب والمحلل السياسي، سركيس أبو زيد، حاول استقراء مسار التطورات، قائلاً: "لهذه الحرب ونتائجها سيناريوهات متعددة منها التسوية ومنها تغيير النظام في أوكرانيا ومنها تقسيم أوكرانيا ومنها هزيمة روسيا وانسحابها من أوكرانيا وربما هناك سيناريوهات أخرى ولكن ما نشهده هو مواجهة حقيقية بين الشرق والغرب".

وأضاف: "هي مواجهة سينتج عنها بناء نظام عالمي جديد لا أحد يعرف معالمه؛ لأن هناك أزمة اقتصادية تعاني منها كل هذه الأطراف وهناك أزمة وأفق مسدود لكل المؤسسات الأممية التي لم تتمكن من إنتاج نظام عالمي عادل ومتساوٍ وقادر على حل المشاكل، لذلك إما أن ينتج تسوية عالمية جديدة تنقذ العالم من حرب مدمرة أو ستذهب الأمور إلى دمار قاتل وخانق للبشرية ككل".

(ح)

ANHA