ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 12 تموز 2021، على استمرار الازمة الحكومية وتراشق الاتهامات في ظل الحديث عن اسبوع الحسم لهذا الملف اما تشكيلا او اعتذاراً… اما قضائيا فركزت الصحف على اللائحة الجديدة من الاسماء التي سيدعي عليها المحقق العدلي طارق البيطار.
الاخبار
الحصار الاقتصادي يكتمل: المرفأ إلى «التقاعد»
مرفأ بيروت ينهار. لم يعُد الأمر مجرّد توقعات بعدما باتت كلّ الرافعات الجسرية العاملة في محطة الحاويات على وشك التوقّف عن العمل كُلّياً لتعذّر صيانتها. إدارة المرفأ تعزو سبب هذا الانهيار إلى حجز المحكمة على إيراداتها بالدولار النقدي نتيجة دعوى قضائية، في حين يشكّك المحامون بحجة الإدارة ويحتفظون بحقّ تقاضي التعويضات لعائلات شهداء الانفجار. وإلى أن يتم حسم هذا الملف القضائي، يؤثر بطء محطة الحاويات وشللها على عمل البواخر الكبيرة ويهدّد بتصنيف شركات الملاحة لمرفأ بيروت من ضمن المرافئ غير الصالحة لاستقبال السفن الضخمة، ويكمل الحصار على البلد. أسطورة «لبنان همزة الوصل» بين الشرق والغرب على وشك أن تصبح ذكرى من الماضي
قبل نحو شهر، كانت 6 رافعات من أصل 16 رافعة جسرية لا تزال تعمل في محطة الحاويات في مرفأ بيروت. يومها حذّرت غرفة الملاحة الدولية من أن المحطّة شبه المشلولة قد تتوقّف عن العمل. صعوبة إصلاح الرافعات وصيانتها وتأمين قطع غيار لها بسبب عدم توفر الدولارات النقدية، أدّى إلى تعطّل رافعة إضافية، ليقتصر عدد الرافعات العاملة اليوم على 5 فقط (واحدة منها تعمل بـ 20% فقط من قدرتها التشغيلية). لم يحدث ذلك فجأة، بل سلك مساراً انحدارياً منذ انفجار المرفأ. تدرّج الوضع من 12 رافعة بحالة جيدة إلى خمس لا تعمل بكل طاقتها ومهدّدة بالتوقف في أي لحظة، ما سيعطّل محطة الحاويات تماماً ويتسبّب بشلّ حركة المرفأ كُلّياً.
ماذا يعني ذلك؟ بحسب المدير العام للجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت، عمر عيتاني، «ما يحصل يضع الأمن الغذائي والاجتماعي في خطر، بمعنى أن استيراد المواد الغذائية والحليب والأدوية والمعدات الطبية وغيرها من المواد الأساسية سيتوقف مع توقف المرفأ عن العمل»، لافتاً إلى أن «70% من حركة الاستيراد و90% من حركة التصدير تتم عبر البور». المتسبّب في ذلك كلّه قراران قضائيان بالحجز الاحتياطي على إيرادات المرفأ المُحصّلة بالدولار من الوكالات البحرية، قيمة كل منهما مليونا دولار، نتيجة دعاوى تقدّم بها نقيب المحامين ملحم خلف و23 محامياً بالنيابة عن عائلات شهداء انفجار مرفأ بيروت. الحجز، وفق عيتاني، طال نحو 85 شركة كبرى كان من المفترض أن تستخدم دولاراتها لدفع متوجبات إدارة المرفأ لشركة BCTC المُشغّلة لمحطة الحاويات والتي تتولّى صيانة الرافعات وضمان حُسن عملها». والشركة التي دُمّر مستودع قطع الغيار الخاص بها في العنبر 16 جرّاء الانفجار، لم تتمكّن منذ ذلك الوقت من معالجة الخلل الذي أصاب آلاتها. لذلك ساء حال الرافعات بسبب استهلاكها بشكل مُكثّف، وتعطل نصفها. ما تبقى اليوم هو «أربع رافعات تعمل على رصيف واحد ورافعة تكاد لا تعمل على رصيف آخر»، بحسب عيتاني، و«قد جرت العادة أن تنقل هذه الرافعات بين 30 و40 مستوعباً في الساعة الواحدة، فيما تقتصر قدرتها الحالية على مستوعبَين فقط، لأن بعض الرافعات التي تعمل ازدواجياً (حمل مستوعبين في الوقت نفسه)، لم تعُد قادرة على ذلك بسبب تردّي حال الكابلات وحرصاً على سلامة الموظفين». أثّر ذلك على حركة البواخر. فالباخرة التي كانت تفرغ حمولتها خلال 14 ساعة كحدّ أقصى، تحتاج اليوم إلى أن تبيت أربعة أيام على الرصيف على الأقل. وهذا يعني رسوماً وأكلافاً إضافية على صاحب السفينة، ما دفع ببعض أصحاب السفن إلى التهديد بإيقاف رحلاتهم إلى مرفأ بيروت. ويحذّر عيتاني من أنه «إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، أتوقع حذف لبنان من لائحة المرافئ العالمية السبعة الأولى لا سيما أن إيرادات المرفأ باتت تقتصر على 12 مليار ليرة شهرياً بعد أن كانت 50 ملياراً في زمن الـ1500 ليرة للدولار. اليوم لا تدخل إلى المرفأ إلا البضائع الضرورية وجزء كبير منها صار يذهب إلى مرفأ طرابلس».
توقّف المرفأ عن العمل يهدّد بوقف استيراد المواد الغذائية والحليب والأدوية ويعرّض الأمن الغذائي للخطر
المرفأ يحتضرمرفأ بيروت ينهار. الخسائر المادّية التي يتكبدّها اليوم تفوق ما تسبب به انفجار نيترات الأمونيوم. صحيح أن الإهمال وسوء الإدارة والفساد أدّت إلى كارثة الرابع من آب، إلّا أن هناك مخاوف جدّية من أنه قد يكون هناك من يتعمّد إفلاس «البور»، ضمن مخطّط قديم – جديد لبيع أصول الدولة، وأولها المرفأ أحد أكثر المرافق العامة ربحية. فبعد فشل خطة المصارف لبيع المرفأ وتقسيم أرباحه عليها عبر وضعها في صندوق «سيادي»، يجري تعطيله عبر حجب الإيرادات عنه وتحويله إلى مجرّد صندوق تعويضات. والصفحة لم تُفتَح بدعوى نقيب المحامين، إنما بقرار المحقق العدلي السابق في جريمة المرفأ، القاضي فادي صوان، بالادّعاء على إدارة واستثمار مرفأ بيروت وتحميلها – كشخص معنويّ – مسؤولية جزائية عن أعمال مديريها وأعضاء إدارتها وممثليها وعمّالها إضافة إلى المسؤولية عن الإلزامات المدنية.
يؤكد وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، الذي عقد مؤتمراً تحت عنوان «أنقذوا مرفأ بيروت» الأسبوع الماضي، أن القرار غير قانوني، والقاضية نجاح عيتاني اتّخذت «قراراً شعبوياً» بالحجز على أمواله. وشدّد على أن المرفأ مؤسّسة عامة لا يمكن الحجز على أموالها، بدليل أن لوزارة الأشغال سلطة إشراف عليه، وأن تعيين رئيس مجلس إدارته يتمّ عبر قرار من الحكومة وأيّ قرار بصرف الأموال يحتاج إلى موافقة كلٍّ من وزيرَي الأشغال والمال. لذلك «هذه المؤسسة ملك الدولة اللبنانية»، مشيراً إلى أنه وجّه رسالة إلى رؤساء الجمهورية ومجلسَي الوزراء والنواب للتدخّل من دون أن يلقى أي ردّ.
الإدارة تتعمّد عدم الصيانة؟للمحامين المتطوعين المتوكلين عن بعض عائلات شهداء انفجار المرفأ وجهة نظر أخرى. يتوجس شكري حداد، أحد هؤلاء، من أن يكون ما يجري ذريعة لعدم القيام بأعمال الصيانة المطلوبة، ومن أن يكون الأمر «مقدمة لمزراب هدر جديد». فـ «لو جرت صيانة المرفأ بشكل مهني لما حصل ما حصل». بحسب حداد، كل ما حُجز من أموال حتى اليوم يقارب 2.5 مليون دولار، ويستحيل أن تكون هذه مجموع إيرادات المرفأ خلال أشهر بعد أن كانت عائداته السنوية تصل إلى 170 مليون دولار. يحتاج الأمر إلى مقارنة بسيطة لأرقام مداخيل المرفأ خلال السنة الماضية لمعرفة أن ثمة خطباً ما في ادعاء إدارة المرفأ بإفلاسه». لذلك، «يصعب التصديق أن الحجز الاحتياطي هو الذي أوقف عمل المرفأ وأثّر على حركته. فعدد الشركات العاملة في المرفأ يفوق الـ 1000بينما ما تم حجزه يعود لنحو 60 شركة فقط». ويلفت حداد إلى أن «هناك ما يسمى بحق التقاضي، وعلى المسؤولين عن الكارثة أن يفهموا أن للناس حقاً بالتعويض».
لكن لماذا طُلبت التعويضات بالدولار وليس بالعملة الوطنية، ولماذا حُدّد مبلغ مليوني دولار؟ يجيب حداد بأن الرقم «حُدّد بعد موافقة القاضية. نحن علينا أن نطلب ويعود لها حق التقدير وقد وافقت على طلبنا». مشكلة المرفأ اليوم مزدوجة: يفتقد للدولارات الطازجة من جهة، وأمواله محتجزة في مصرف لبنان من جهة أخرى. يؤكد عيتاني أن «طريقة الحجز أثّرت علينا وأوجعتنا لأن 90% من الأموال التي نعوّل عليها ونتقاضاها بالدولار نُحصّلها من الشركات التي تمّ الحجز عليها وإجبارها على الدفع للمحكمة. هذه الشركات كانت قد أعربت لنا عن عدم ممانعتها الدفع بالدولار وقد جرى الاتفاق معها على ذلك، إلا أن قرار الحجز تزامن مع الاتفاق مباشرة. أما الجزء الثاني من الأموال فنتقاضاها بالليرة اللبنانية ونسدد بها مصاريف تشغيلية ورواتب الموظفين، بينما العقد مع الشركة المشغلة لمحطة الحاويات بالدولار». لا يريد عيتاني التدخل في عمل القضاء، لأن «يمكن يطلع معن حق. ونحن أيضاً لدينا 4 شهداء في الانفجار وجرحى»، لكنه يطلب حلاً، إما بتغيير صيغة الحجز القضائي لتتمكن الإدارة من دفع المترتبات لشركة BCTC أو فتح اعتمادات في مصرف لبنان. وإلا «قد يتوقف عمل المرفأ غداً بما يعنيه ذلك من تأثير على حياة المواطنين والمرضى والأطفال، علماً أن خدمة البريد الإلكتروني وحماية المعلومات توقفت ولم نتمكّن من تجديدها».
التصنيف «غير صالح»؟يؤكد مصدر مطلع على عمل المرفأ أن تراجع الحركة بدأ منذ 17 تشرين الأول 2019، واشتدت نتيجة أزمة كورونا العالمية، وتضاعفت مع الحجز على الإيرادات. فبعدما كان يدخل إلى مرفأ بيروت ما لا يقل عن مليون ومئتي ألف مستوعب سنوياً، تراجع العدد حالياً إلى النصف. واليوم، ثمة بواخر تفضل أن تغير وجهتها بعد أن بدأ المرفأ يفتقد للمعايير العالمية النموذجية، ما سيحوّله سريعاً إلى مرفأ مماثل للمرافئ الصغيرة التي لا تدخلها سوى سفن محددة. فللبواخر الكبيرة جداول إبحار يشبه جدول إقلاع الطائرات وهبوطها، لأن الباخرة وحدة استثمارية بحدّ ذاتها ويفترض أن تكون منتجة دائماً خلال وجودها في عرض البحر. التأخير الحاصل في المرفأ، يضاعف رسومها ويؤخر عملها. الخطر اليوم إذا ما استمرت الأزمة، أن تصنّف شركات الملاحة المرفأ على أنه غير صالح للرسو فيه، فيخسر كل خطوطه المباشرة التي كان يتميز بها إلى أوروبا والشرق الأقصى وأفريقيا.
عودة إلى العمل «يدوياً»
تعاني شركة BCTC من ثلاث مشكلات:
1- اقتراب توقف الأنظمة الإلكترونية والتشغيلية terminal operating system التي تساعد في تحديد موقع المستوعبات المفترض تفريغها وتلك التي تُحمّل إلى وجهة أخرى، ذلك لأن البرنامج يحتاج إلى دفع ثمن تجديده بالدولار. توقف البرنامج يعني العودة إلى العمل يدوياً.
2- يمكن للباخرة أو المنشأة المرفئية أن تتعرض لحادثة ولا بدّ من التأمين البحري العالمي عليها. إلا أن التأمين متوقّف لأن الشركة تطالب بمستحقاتها 3- يعمل في محطة الحاويات أكثر من 600 موظف يطالبون كلهم بتقاضي رواتب بالدولار. وقد بدأ البعض يعتصم ويمتنع من مزاولة عمله، خصوصاً من يسكن في الجنوب والشمال ويتوجه يوميا إلى بيروت للعمل.
المرفأ بلا كهرباء ولا مولّدات
أزمة البنزين انعكست أيضاً على مرفأ بيروت، وبسبب النقص في تأمين هذه المادة تعذّر على الحرس القيام بدوريات على السفن لمراقبة أوقات وصولها ومغادرتها واحتساب الرسوم المترتبة عليها. لذلك بات العاملون يقدّرون ساعات العمل. كذلك يعاني المرفأ من أزمة الكهرباء التي باتت تنقطع لساعات طويلة، ما يعرّض المواد الغذائية والطبية الموجودة داخل البرادات لخطر التلف. فيما لا مازوت يكفي لتشغيل المولدات الأربعة التي يعاني بعضها من أعطال. والمشكلة الأكبر أن تلك المولدات لا يمكنها تشغيل أكثر من رافعتين ما يعني مزيداً من التأخير والخسائر.
بيطار يوسّع دائرة المدّعى عليهم… ضباطاً وموظّفين وقضاة
انتهى الأسبوع الماضي على مشهد أكثر غموضاً في ما يتعلق بالتحقيقات في جريمة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي. وكان الأبرز رفض وزير الداخلية محمد فهمي طلب المحقّق العدلي طارق بيطار إعطاء الإذن لاستجواب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وطلب مجلس النواب «مستندات إضافية من القاضي» قبل البتّ بمسألة رفع الحصانة عن بعض النواب. لكنّ الجديد تمثّل في طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب استشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، لإبداء الرأي في طلب الإذن بملاحقة رئيس أمن الدولة اللواء طوني صليبا كمدّعى عليه، إذ إن في رئاسة الحكومة من يعتبر أن «إعطاء الإذن باستجواب صليبا هو من صلاحيات المجلس الأعلى للدفاع لا مجلس الوزراء»، وذلك بحسب إحدى فقرات إنشاء المجلس التي تنصّ على أنه «تنشأ لدى المجلس الأعلى للدفاع مديرية عامة تُسمى المديرية العامة لأمن الدولة خاضعة لسلطة المجلس وتابعة لرئيسه ونائب رئيسه»، ما يعني أن «المسؤول عن إعطاء الإذن باستجواب صليبا هو المجلس الأعلى وليس رئاسة الحكومة». وهو ما قاله صليبا في تصريحات صحافية قبلَ أيام، لافتاً إلى أن «مسؤولية إعطاء الإذن من عدمه منوطة بالمجلس الأعلى للدفاع لا برئاسة الحكومة»، مرجحاً بأن «لا يعطي دياب الإذن بالملاحقة».
وتقول مصادر معنية إن «دياب يريد أن يرفَع عنه المسؤولية وقد لجأ إلى رأي الهيئة لتعزيز موقفه»، إلا أن «تثبيت صلاحية المجلس الأعلى للدفاع سيفتح ربما جبهة ثالثة في ملف الاستدعاءات»، في إشارة إلى أن «الحكم بأن إعطاء الإذن هو من مسؤولية المجلس الأعلى للدفاع، يعني أن على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يوافق على ذلك لا دياب». وفي السياق، علمت «الأخبار» أن بيطار استاء من التسريب الإعلامي للتقرير الفرنسي حول أسباب الانفجار، واستبعاده نظرية «العمل الأمني»، وهو كانَ ينوي التحقيق في الأمر، في وقت تخوّفت جهات من الاستناد إلى التسريب للضغط على شركات التأمين لدفع التعويضات للمتضررين.
في غضون ذلك، يتحضّر المحقق العدلي هذا الأسبوع لإطلاق لائحة جديدة من المدّعى عليهم، تتضمّن أسماء كلّ من «الرئيس السابق تمام سلام ومدير المخابرات السابق العميد المتقاعد إدمون فاضل»، وهناك حديث عن الادّعاء على وزيرَيْ عدل، وعلى القاضي المتقاعد مروان كركبي الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، وعلى الرئيسة الحالية للهيئة هيلانة اسكندر وآخرين.
٢٠٠ مليون دولار يصرّ مصرف لبنان على دفعها بالليرة: البطاقة التمويلية عالقة بين الحكومة وسلامة
لا أفق لكلّ الأزمات التي يعيشها البلد. وفي ظل الغياب التام للسلطة، و«تمسحة» المسؤولين، وتلهّيهم بصراعات دونكيشوتية، لم يعد من شك، أنه رغم أن الانهيار بلغ مدى غير مسبوق، فإن الأسوأ لم يأت بعد. أما مشروع البطاقة التمويلية الذي يفترض أن تحلّ جزءاً من معاناة الناس، فيبدو أنها لا تزال عالقة، بسبب رفض حاكم مصرف لبنان تمويل جزء منها، وبسبب تلكّؤ الحكومة في تحديد آلية الاستفادة منها
وحده الأمن لا يزال مستتبّاً… إلى حين. عدا ذلك، تعيش السلطة انحلالاً كاملاً يعززه الانهيار المستمر في سعر صرف الدولار، آخذاً في طريقه أي أمل بمستقبل أفضل. لا مبادرات ولا خطط ولا أفكار لمواجهة الانفجار الاجتماعي المحتمل، والناتج عن فقدان السيطرة على الأسعار، حتى صار كثر غير قادرين على تأمين الأساسيات المعيشية لأسرهم. يترافق ذلك مع استمرار العتمة، التي صارت على خطين، دولة واشتراك. أما البنزين، فبدأت السوق السوداء تنظم نفسها، على وقع أخبار عن انفراج قريب، بسبب دخول ١٥٠ مليون ليتر إلى السوق. لكن، بالنسبة إلى المعنيين، صار واضحاً أن لا أفق لأزمة المحروقات، طالما أن الترقيع والقرارات العشوائية مستمران. في مناطق عديدة، لم يعد غريباً مشهد تولّي موزعي البنزين مهمة البيع للمستهلكين مباشرة، وبأسعار تفوق السعر الرسمي بكثير، بدلاً من التفريغ في المحطات. يدفع الموزع لصاحب المحطة ضعف الربح الذي يفترض أن يحققه، ثم يقوم ببيع الصفيحة بالسعر الذي يريده. أين وزارة الاقتصاد؟ الجواب نفسه يتكرر، لا قدرة للوزارة، بعديدها المحدود على مراقبة كل البلد.
أمام كل ذلك، وبغضّ النظر عن قدرة رفع الدعم على إنهاء الأزمة، لكن المشروع لا يزال عالقاً بانتظار البدء بتنفيذ قانون البطاقة التمويلية، الذي ينتظر بدوره أن تقر اللجنة الوزارية التي يرأسها الرئيس حسان دياب وتضمّ وزراء المالية والاقتصاد والشؤون الاجتماعية، آلية تحديد المستفيدين منها. وبحسب، المعلومات فإن اللجنة التي أعطيت في القانون ١٥ يوماً لإنهاء عملها، لم تعقد سوى اجتماع وحيد، على أن تعقد الثاني هذا الأسبوع، ويفترض أن يقدم وزيرا الشؤون الاجتماعية والاقتصاد فيه، خلاصة ما سبق أن درسوه في ما يتعلق بالفئة المستفيدة. لكنّ المشكلة الأكبر التي لا تزال تعيق السير بالمشروع، هي عدم حسم مسألة التمويل بالكامل. وبالعودة إلى المفاوضات التي سبقت إقرار المجلس النيابي للبطاقة، كان قد اتفق على أن تستهدف ٥٠٠ ألف مستفيد يضافون إلى نحو ٢٠٠ ألف سيستفيدون من برنامج البنك الدولي لتمويل شبكات الأمان الاجتماعي. ورغم ما قيل عن تمويل هذه الأسر من خلال تحويل وجهة استعمال قروض مجمّدة من البنك الدولي، فإن المعلومات تشير إلى أن المضمون حالياً هو تحويل القرض الخاص بالنقل الحضري، والذي تبلغ قيمته ٣٠٠ مليون دولار، نحو دعم ٣٠٠ ألف أسرة. لكن هذا المبلغ لن يُخصص لدعم تمويل البطاقة، كما تردّد سابقاً، بل سيُخصص لضم هذه الأسر إلى مشروع شبكات الأمان الاجتماعي. يبقى ٢٠٠ ألف أسرة. حتى اليوم، تؤكد مصادر مطلعة أن التمويل لم يتأمّن لها. ففيما تصر الحكومة على أن يتحمل مصرف لبنان مسؤولية تحويل الاعتماد المخصص للبطاقة إلى الدولار، على أن يحصل المستفيدون على أموالهم بالدولار أيضاً، لا يزال المصرف يرفض ذلك، مصراً على أنه مستعدّ لتأمين المبلغ بالليرة.
كارتيل الأفران يهدّد: اصمتوا إذا رفعنا سعر الخبز!
وإلى أن تحل هذه المعضلة، يبدو أن مشروع البطاقة التمويلية لن يبصر النور قريباً، بما يعني عملياً استمرار حالة التشظّي المجتمعي، واستمرار هدر الأموال على ما بقي من دعم لا يستفيد منه سوى التجار والمهربين. المشكلة الأكبر التي تتكرر عند كل مطبّ أن القابعين في سدة المسؤولية، ولا سيما منهم وزير الاقتصاد راوول نعمة، يفتقرون إلى أي حس اجتماعي، هم الذين يزنون الملفات بالأرقام. انطلاقاً من ذلك، لم يستوعب نعمة أن ربطة الخبز ليست رقماً. هي خط الدفاع الأخير عن الأسر الفقيرة والمعدمة. لذلك، فإن تحول الخبز إلى سلعة تسعّر حسب سعر الدولار، لا يتناسب مع الحد الأدنى مع مسؤولية الدولة. ومع إدراك الجميع أن الحكومة من رئيسها إلى وزرائها قد تخلوا عن مسؤولياتهم، لكن كان يفترض، على الأقل، على قاعدة حماية الناس من الجوع، أن يحموا ربطة الخبز. إلا أن الواقع أن هذه الربطة، بالرغم من استمرار دعم استيراد القمح على سعر ١٥٠٠ ليرة للدولار، ارتفع سعرها من ١٥٠٠ ليرة مع بداية الأزمة إلى ٤ آلاف حالياً. لكن حتى ذلك لم يعد يرضي كارتيل الأفران، ومن خلفه حارس مصالحهم راوول نعمة. فقد شدد اتحاد نقابات المخابز والأفران، في بيان أمس، على أن سعر صرف الدولار وأسعار كل المواد التي تدخل في صناعة الخبز تتأثر بارتفاع سعر الدولار إلى عتبة العشرين ألفاً، فضلاً عن كلفة اليد العاملة التي تضاعفت والصيانة التي تُدفع بالدولار نقداً على أساس سعر السوق السوداء. ولم يفت الاتحاد الإشارة إلى ما قام به نعمة للحفاظ على «سلامة الوضع التمويني من خلال دعم مادة الطحين وتأمين القمح المدعوم واستمرار الأفران بالعمل لتأمين الرغيف للمواطن». كذلك، لم يتردد الاتحاد في التحذير من مغبّة انتقاد جشعه، فدعا «كل من يتناول القطاع بسوء إلى عدم التطاول عليه في ظل الأزمات المتراكمة!». البيان لا يفهم منه عملياً سوى أن الاتحاد، بالتضامن مع نعمة، سيرفع سعر الربطة مجدداً، متناسين أنهم على افتراض أن كلفة ربطة الخبز الأبيض قد ارتفعت، فإن التعويض يتم من خلال سرقة الطحين المدعوم واستعماله لإنتاج أصناف غير مدعومة، وتباع بأسعار «حرّة». أمام هذا المشهد السوداوي، لم يجد رئيس الحكومة المكلّف ما يدفعه نحو تسريع الحسم، تشكيلاً أو اعتذاراً. لا يزال يراوغ ويهدر الوقت، محملاً كل البلد تبعات خياراته. ولذلك، بالرغم من أن الأسبوع الماضي كان يفترض أن يحمل معه بعض الأجوبة كما أشيع، لا تزال الحكومة تترنّح بين «أيام حاسمة» و«اعتذار وشيك» و«تشكيلة خلال أيام». لكن، طالما أن احتمال التشكيل لم يكن واقعياً طيلة الفترة الماضية، بسبب حسابات خارجية للحريري وحسابات داخلية له ولخصومه، فإن لا شيء يوحي بأن ثمة بديلاً عن الاعتذار. بل على العكس، تشير مصادر مطّلعة إلى أن الرئيس سعد الحريري لا يزال مقتنعاً بضرورة الاعتذار، ولذلك يريد أن يسوق اعتذاره أمام المصريين، الذين يتحفّظون على هذه الخطوة، أسوة بالروس. أما داخلياً، فلم تتأخر الهدنة الإعلامية بين تيارَي المستقبل والوطني الحر. إذ فتح تصريح النائب جبران باسيل أول من أمس الباب أمام سلسلة من الردود بين التيارين. باسيل قال: «إذا أردنا أن ننتظر هوى الرئيس المكلف نكون نتفرّج على النحر اليومي للبنان أكان في موضوع الأدوية أو المحروقات أو غيرها ونحن نناشده منذ أن كُلّف بأن يؤلّف واليوم عناصر التأليف باتت متوافرة ونحن ذلّلنا كل عقبات التشكيل الداخلية وعلى حسابنا». أما «المستقبل»، فاعتبر في ردّه أن «باسيل يتحدّث عن النحر اليومي للبنان وتغيب عن عبقريته السياسية أن المسلخ الوطني مقره الرئيسي في بعبدا، وأن رئيس البلاد هو مؤسس التيار الوطني الحر المعنيّ الأول بمآسي اللبنانيين، وأن ملائكة جبران في الحكومة يصولون ويجولون في كلّ الوزارات، وأن وزارة المحروقات أحرقت سنسفيل البلاد منذ تربّعه هو شخصياً على عرشها…».
لماذا تخشى «إسرائيل» حرباً جديدة مع لبنان؟
ابراهيم الأمين
تلهّي سياسيين أو ناشطين في مناقشة الخلافات الداخلية على طريقتهم، أمر تعوّده الناس منذ قيام هذا البلد المسخ. لكن الأمر لا يستقيم عندما يتصدّى هؤلاء، بالتعاون مع ماكينة إعلامية تحتاج إلى «مطابقة للمواصفات المهنية»، للتعامل مع التدخلات الخارجية كأنها جزء من منازعات قوى السلطة داخل الحكم وخارجه. وحتى الذين يريدون تحديد المسؤوليات عن الأزمة، يسارعون الى رمي كرة النار في حضن اللبنانيين حصراً، بطريقة تبرّر الدور السلبي للحراك الإقليمي والدولي الذي يتحمّل مسؤولية كبيرة، وكبيرة جداً، عن الأزمة وعن تفاقمها في الآونة الأخيرة.
« في سلوكيات الدول، إقليمياً وعالمياً، ما يكفي للجزم بأن هذا الخارج لم يكن يوماً يريد لبنان إلا وفق ما يناسب استراتيّجيته. وما نعرفه، بعد كل أنواع التجارب، هو أن ما ينفع إسرائيل يتقدم على كل أمر آخر. وهذا ما يستدعي مراقبة ما يقوله وما يفكر به العدو حيال الأزمة اللبنانية.
تبدو «إسرائيل»، هذه الأيام، منشغلة بالأزمة التي تواجه لبنان، وبتأثير تفاقمها على أمنها «القومي». وتنقل وسائل إعلام العدو تصريحات وتحليلات وتسريبات، عن مسؤولين في قادة الحكومة والجيش والأمن، بأن لبنان دخل مرحلة الانهيار الشامل، وأن هناك «خشية» من أن يتحوّل الانهيار الى «ورقة قوة في يد حزب الله». ومع كل قراءة، يجري الحديث عن التشاور الدائم بين «إسرائيل» وأميركا وأوروبا ودول عربية حول ما يجب القيام به، ليس لمنع الانهيار، بل لـ«منع وقوع لبنان في يد حزب الله».
ما الذي تخشاه «إسرائيل»؟
أولاً، تبدي تحفّظاً عن العلاج السياسي الذي يتطلّب تغطية حزب الله أو موافقته، وتحاول دفع القوى الخارجية المؤثّرة الى خوض معركة إبعاد أي حكومة جديدة عن الحزب ومنع مشاركته فيها. وهي تعتقد بأن مجرد وجود الحزب داخل الحكومة سيقيّدها ويمنعها من القيام بخطوات تناسب متطلبات الغرب. وحصة «إسرائيل» من سلطة المطالب الغربية تركّز على فكرة إمساك الدولة بسلاح المقاومة أو تقييده، وعلى فرض آليات تعاون أمني مع لبنان يوفر الأمن لحدود إسرائيل ويمنع أيّ دعم، ولو سياسي، لقوى المقاومة في فلسطين.
ثانياً، تبدي «إسرائيل» رفضاً دائماً لتسليح الجيش اللبناني بما قد يسمح له بعرقلة نشاطها في الجو أو البحر، أو حتى في البر. لكنها، اليوم، تريد من العالم التدخل لمنع انهيار الجيش، لكن شرط ربط مساعدته بآلية تسمح للغرب بالإشراف المباشر على عمله. وهي تعتبر أن كل فراغ أمني يحصل بسبب تراجع الجيش أو القوى الأمنية سيملأه حزب الله الذي سيتصرف براحة أكبر في حال تفكّك القوى الأمنية والعسكرية.
ثالثاً، تريد «إسرائيل» تعزيز الضغط الاقتصادي والمعيشي على الدولة وعلى الناس لدفعهم إلى انتفاضة في وجه حزب الله. لكنها تخشى أن يعمد الحزب الى استغلال نفوذه الميداني الكبير براً وبحراً، والى استغلال علاقاته وقدراته لتوفير ما يعطّل مفعول الحصار على لبنان. ولذلك، تحاول الضغط كي يلجأ الغرب، بالتعاون مع «عربه»، إلى وضع آليات للإشراف على المساعدات المقترحة للبنان، منها نشر قوات أجنبية ولو على شكل «قوى إسناد» لعملية توزيع المساعدات كما يروّج المغفّلون.
ويعتبر العدو أن مزيداً من التورّط الغربي في لبنان سيسمح ليس فقط بممارسة الضغط المباشر على الحكومة، وبالتالي على حزب الله، بل ربما يوفر أيضاً عناصر حماية لقوى ومجموعات لبنانية تخشى المواجهة المباشرة والكاملة مع الحزب.
وينبغي لفت الانتباه الى أن جانباً من الضغوط الإسرائيلية الكبيرة على واشنطن لعدم العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، يرتبط بتقدير العدو أن رفع العقوبات سيسمح بضخ مليارات الدولارات في الخزينة الإيرانية، وسيجد جزء من هذه الأموال طريقه إلى حزب الله، كما أنه لا يوجد ما يمنع إيران من استغلال جزء من أرباح النفط لزيادة نفوذها في بيروت.
رابعاً، تشهد «إسرائيل» نقاشاً حول طريقة التعامل مع لبنان، وما إذا كان ينبغي الاستمرار بشعار أن كل لبنان رهينة للحزب ويجب أن يدفع الجميع ثمن ذلك، أو العودة الى سياسات الثمانينيات حول وجود إمكانية للتعاون مع قوى في لبنان، أو استغلال الظروف الحالية لخلق بيئة معارضة لحزب الله والعودة الى العمل داخلياً.
قلق العدو من كونه مكبّل اليدين إزاء أي عمل عسكري مكشوف مستمر. لذلك، يبدو منطقياً أن يفكر بعض قادته بأن الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية في لبنان قد تسمح بمزيد من الأعمال الأمنية ــــ العسكرية ضد حزب الله، ربطاً بما لا ينفكّ الإسرائيليون عن ترديده من أن حزب الله، رغم الأزمة الحالية وتعقيداتها، «مستمر في برنامج دقة الصواريخ والتزود بمنظومات دفاع جوي تهدد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سماء لبنان».
وإلى ذلك، كان لافتاً ما نقل أمس عن مصدر أمني إسرائيلي من أن «الوضع القابل للانفجار في لبنان، يقرّب إسرائيل من المواجهة… وحرب لبنان الثالثة مسألة وقت».
ما الذي يعنيه ذلك، ولماذا يفكّر العدو بأن الأمور قد تتطوّر الى حدود نشوب حرب جديدة، وهل يتم الأمر على شكل ما فعله في كل حروبه السابقة، أم أن لديه خططاً تفترض ردوداً قاسية من المقاومة تقود الأمور الى المواجهة… أم أنه يخشى أن يبادر حزب الله نفسه الى شنّ الحرب… وخصوصاً بعدما علّمتنا غزّة أن زمن ابتداء الحروب من جانبنا بات متاحاً؟
اللواء
التشكيلة «فلتة شوط» والاعتذار لم يسقط!
اللقاء الديمقراطي مع رفع الحصانة.. وامتحانات البكالوريا إلى الشارع بعد إصرار المجذوب
أسبوع ما قبل عيد الأضحى المبارك، هل هو أسبوع التضحية السياسية لمصلحة البلد، أم أن حسابات فريق بعبدا، هو المضي بالخيار الخاطئ وهو التضحية بلبنان لمصلحة وهم الحقوق، أو عبارات الميثاق ووحدة المعايير؟
بعد حفلة عاصفة من السجال القاسي بين التيار البرتقالي، أي التيار الوطني الحر والازرق أي تيّار «المستقبل»، على خلفية نحر البلد، وذبحه وسائر المفردات ذات الصلة بالقلوب المليانة بين الطرفين، جنحت الأمور إلى التهدئة، وتقدم الكلام مجدداً عن مسار التأليف، وسط انفراجات جزئية، بعضها يتعلق باستئناف محطات المحروقات عملها، وبعضها الآخر يتعلق برهان على وعود مؤسسة كهرباء لبنان بزيادة طفيفة على ساعات التغذية، مع صعود خيالي لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، قرابة العشرين ألف ليرة لبنانية لكل دولار.
فرصة أخيرة أو ما قبلها؟
وعليه، لا تخفي مصادر معنية انتظار ما سيتمخض عنه هذا الأسبوع، ضمن حسم 3 نقاط في مسار الرئيس المكلف:
1 – تشكيلة جديدة، ينجم عنها زيارة إلى بعبدا، للإتفاق على مرسوم صدورها والانتهاء من المشكلة.
2 – زيارة مصر للاجتماع إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في إطار لقاءات تتعلق بمستقبل الوضع السياسي، في حال اتخذ قرار الاعتذار.
3 – كيف سيتم الإعتذار وما يكون مضمونه.
وأكدت مصادر تيار المستقبل ان الرئيس الحريري تلقى نصائح من دول صديقة بتقديم تشكيلة حكومية الى الرئيس عون، لذلك كان تركيز الثنائي الاميركي الفرنسي على اولوية تشكيل الحكومة وهو ما بدا واضحاً في ما صدر من بيانات من الطرفين حول تشكيل الحكومة بغض النظر عن جانب الدعم الإنساني. ما يعني ان نتائج الحراك الاميركي الفرنسي والروسي قد تظهر لاحقاً وربما في مواقف الحريري خلال المقابلة التلفزيونية المرتقبة له هذا الاسبوع والتي يتحدد موعدها تبعاً للظروف (الارجح ان تتم الخميس)، سواء لجهة تقديم صيغة حكومية جديدة تُمهّد للإعتذار اذا رفضها عون، او مزيد من التريث.
وأكّدت مصادر على صلة لـ«اللواء» يبقى قرار إعتذار الحريري عن التكليف، هو الخيار المتقدم حاليا على سائر الخيارات والتوجهات الاخرى.اما موعد الاعلان عنه فينتظر مواقف محلية واقليمية.
على ان العقبة، ما تزال هي العقبة: وتتعلق بما تسميه أوساط التيار البرتقالي بوحدة المعايير واحترام الميثاق، وكأن الرئيس المكلف يؤلف خارج هذه المعايير… أم ان لغة العراقيل تبقى هي الطاغية..
ولاحظت المصادر المتابعة لملف تشكيل الحكومة دخول لافت للديبلوماسية الروسية على المساعي والجهود المبذولة لحل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، بعد الاندفاعة الاميركية والفرنسية مع المملكة العربية السعودية، لتنسيق المواقف من هذا الملف والتفاهم على آلية التعاطي معه ولاسيما ما يتعلق بتقديم المساعدات الانسانية وغيرها. واعتبرت المصادر ان البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية، حدد بوضوح الموقف الروسي من التطورات اللبنانية الداخلية، وتكرار تأييد موسكو لتشكيل حكومة مهمة برئاسة سعد الحريري، الذي يتمتع بعلاقات ثقة مع الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات المالية الدولية، المهتمة بدعم ومساعدة الحكومة الجديدة لكي تتمكن من حل الأزمة التي يواجهها لبنان حاليا. واشارت المصادر إلى ان التحرك الروسي لمساعدة لبنان على تاليف الحكومة الجديدة، لا يقتصر على الاتصالات المتتالية مع السياسيين اللبنانيين الذين تحرص موسكو على التواصل والالتقاء معهم للاطلاع على وجهات نظرهم والتشاور فقط،و تحثهم باستمرار على التفاهم فيما بينهم والالتقاء على القواسم المشتركة التي تجمعهم لحل الازمة التي باتت تهدد بلدهم، بل تشمل كذلك استعمال نفوذ روسيا بالمنطقة والاتصال مع الجانب الايراني على أعلى المستويات أيضا، وهذا ما حصل اكثر من مرة وذلك في سبيل المساعدة مع الاطراف التي تؤثر عليها بالداخل اللبناني وتحديدا حزب الله، لتسهيل عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
من جهة ثانية، كشفت المصادر المذكورة نفسها ان الاتصالات غير المعلنة خلال الأيام الماضية، لم تؤد إلى حلحلة او تبريد حدة الاجواء التشاؤمية التي خيمت على عملية تشكيل الحكومة ،بل زادت حدة التشنج وتبادل التراشق السياسي، ما يعني ضمنا ان كل ابواب التشكيل مغلقة والجميع اصبح في طريق مسدود.
وذكرت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن ما يحكى عن زيارة سيقوم بها الرئيس الحريري إلى قصر بعبدا ليس بالأمر الجديد لكن ما هو مؤكد أن بعبدا تنتظر خطوة الرئيس المكلف وما إذا كان سيقدم تشكيلة وزارية وفق مبادرة رئيس مجلس النواب ام لا. وأوضحت المصادر أن السؤال المطروح هو أنه كيف يمكن أن تقدم تشكيلة بعض تفاصيلها لم تحل ولذلك لفتت هذه المصادر إلى أن هذه الزيارة قد لا تخرج بتأليف للحكومة وقد يكون المقصود تهيئة الجو أمام الخيار الذي درسه والقول أن المحاولات استنفدت.
ورأت المصادر إن هناك احتمالا آخر أي ان يعاد البحث في ما بقي من تعقيدات الملف الحكومي مشيرة إلى أنه في كل الأحوال لم يتظهر السيناريو أو المخرج المعد لولادة الحكومة وبالتالي الخشية تتكرر من تداعيات المراوحة أو الاعتذار وبقاء البلد من دون حكومة جديدة.
ولاحظ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة برس الراعي ان عبارة الاتفاق مع رئيس الحكومة، لا تعي تعطيل التشكيك ولا التكليف يعني تكليفاً ابدياً، من دون تأليف حكومة، فمصلحة الشعب تعلو كل التفسيرات الدستورية.
أبو صعب: الملف الحكومي باتجاه الحسم
واعتبر النائب الياس بوصعب أنّ «المملكة العربية السعودية لا تعرقل تشكيل الحكومة»، مشيراً إلى أن «الأسبوع المقبل يجب أن يكون حاسماً بشأن الملف الحكومي»، وقال: «الأمور لا يمكن أن تبقى كما هي».
وكشف بوصعب أنه «حصل نوع من تكليف له وللوزير غطاس خوري، لتكون العلاقة بين الوطني الحر والمستقبل عبرهما»، وقال: «في الحقيقة، لم يبدأ دورنا حتى ينتهي اذ ان الرئيس المكلف سعد الحريري كان يفضل ان تبقى العلاقة مباشرة بينه والوزير السابق جبران باسيل».
وأردف: «بحثت مع الرئيس عون في اللقاء الاخير المعطيات التي كانت متوفرة لدي من الجهات الخارجية التي كانت تجتمع في روما والتي كانت تشير الى الدفع باتجاه تشكيل حكومة تجري اصلاحات تنقذ البلاد وتحضر للانتخابات».
وفي ملف انفجار مرفأ بيروت، قال بوصعب: «إن طلبني المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فطبعاً سأمثل أمامه، وسبق وأعلنت انني لا اقبل ان يكون لدي حصانة ان كنت اتعاطى الشأن العام ولا اريد ان تكون الحصانة عائقا امام اي دعوى تتعلق بعملي كوزير».
وتابع: «لم تصل إليّ في فترة وجودي في وزارة الدفاع اي مراسلة تتعلق بنيترات الامونيوم، وأنا ضد التدخل بعمل القاضي بيطار وليكمل مهامه إلى النهاية، وأتمنى ان يذهب كل من يطلبه القاضي للمثول امامه ويضع كل المعطيات امام القضاء».
وفي ملف ترسيم الحدود البحريّة، رأى بوصعب أن «هناك مصلحة للبنان ان يرسم حدوده البرية والبحرية وهنا مصلحة اقتصادية مهمة في الحدود البحرية ولبنان اليوم بحاجة لذلك».
المجذوب: الامتحانات في موعدها
في الشؤون الحياتية، أكد وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب ان القرار هو اجراء الامتحانات، وكشف انه اتخذت الإجراءات لمراعاة الظروف، وقلصت المواد من 11 إلى 6 مواد، وان المركز التربوي يُركز على الكفايات الأساسية، مع التركيز على الحد الأدنى من المعلومات، وان الامتحانات تقتصر على ثلاثة أيام.. والشهادة هي جواز سفر في لبنان وفي الخارج..
ودعت روابط وتنظيمات طلابية إلى تحركات طلابية اليوم لإلغاء الامتحانات الرسمية في ما خص البكالوريا القسم الثاني بفروعها على اختلافها.. من خلال اعتصام امام وزارة التربية والتعليم العالي، مع التهديد بقطع الطرقات..
المحروقات: إنفراج!
على صعيد المحروقات، من المتوقع أن تعاود محطات الوقود تسليم المواطنين المحروقات، بطريقة أقل صعوبة، ومن الملفت للانتباه ان محطات الأمان والأيتام والوقود أبلغت الزبائن عن إعادة العمل بدءاً من اليوم، ومن الثامنة إلى الخامسة بعد الظهر من كل يوم.
لكن مدير محطات الأيتام جمال مكة، تحدث عن ان المحطات ستفتح أبوابها، بحسب الكميات المتوافرة والتي ستتسلمها من الشركات لتبيعها مباشرة للزبائن حتى نفاد الكمية.
التغذية: تحسن أم ذر الرماد في العيون
وعلى صعيد الكهرباء، يفترض في ضوء إعادة الإنتاج إلى معمل الزهراني، ان ترتفع التغذية بالتيار من ساعتين إلى أربع ساعات، ولكن الأساس في الموضوع، هو زيادة المخزون من المازوت، لتجنب الوقوع في مشكلة نفاد هذه المادة الحيوية، في وقت كشف فيه النقاب على ان سعر 5 Ampere كهرباء بات بحدود المليون ليرة لبنانية شهرياً.
ويتضح مصير رفع الدعم عن السلع الأساسية بدءاً، من منتصف الأسبوع، بعد اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، لينظر في مصير الدعم ككل أم يبقيه فقط على الأدوية الخاصة بالأمراض المستعصية، وذلك بعد غد الأربعاء.
تحقيقات المرفأ
وعلى صعيد التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، يمثل مدير المخابرات الأسبق العميد كميل ضاهر اليوم امام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار كما يمثل العميد جودت عويدات امامه غداً.
وأعلن النائب هادي أبو حسن عن رفع الحصانة عن الجميع، من رأس الهرم نزولاً إلى أي عنصر، مشددا باسم اللقاء الديمقراطي على سقوط كل الحصانات.
وكان أهالي شهداء مرفأ بيروت اجتمعوا مع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، وعلت الهتافات التي تطالبه بالنزول من منزله وبمواجهة أهالي الشهداء، وسط حالة من الغضب الشديد، وتوتر مع عناصر من قوى الأمن.
وتوجّه المتحدث بإسم أهالي شهداء المرفأ إبراهيم حطيط إلى الوزير فهمي، بالقول: «نطالبك بأن تقابلنا والا سنضطر الى المواجهة مع اخوتنا في القوى الأمنية». ووصلت تعزيزات أمنية إضافية إلى أمام منزل الوزير فهمي.
كما نفذ الأهالي، مسيرة انطلاقا من ساحة الشهداء، وصولا إلى أمام مجلس النواب ثم وزارة الداخلية.
ولفت المتحدث باسم أهالي الضحايا ابراهيم حطيط، إلى أنهم حضروا أنفسهم «لمعركة مع الهيئة العامة، وقلنا لهم بالأمس من لا يصوت معنا سنعتبره عدواً لقضيتنا وشريكاً في الجريمة». وتابع، «هم بالأمس كذبوا علينا. رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر مستشاره، كذب علينا، وما حدث معيب جدا». وأكد أنهم لن يجلسوا في بيوتهم بعد اليوم، «ولا يمكننا الصبر بعد، وسنكون موجودين في الشارع بأي مكان وبأي زمان».
541556 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة حالتي وفاة و314 اصابة جديدة بفايروس كورونا، ليرتفع العدد التراكمي إلى 541556 اصابة مثبتة مخبرياً، بدءاً من 21 شباط 2020..
البناء
عودة السجال السياسيّ حول المسار الحكوميّ… وسط تفاقم الوضع المعيشيّ وتحرّك السفراء
«القوميّ» يحيي ذكرى استشهاد مؤسسه بافتتاح دار سعاده… وحردان يندّد بالتدخلات الخارجيّة
حكومة وفق مبادرة برّي حالة طوارئ اقتصاديّة قانون انتخاب لاطائفيّ مجلس مشرقيّ
كتب المحرّر السياسيّوسط تقديرات واستنتاجات عن إقدام الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري على تقديم تشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية تستند الى صيغة الـ 24 وزيراً قبل نهاية الأسبوع، تمهّد لاعتذاره، عاد السجال السياسي حول المسار الحكوميّ بين ثلاثي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحركة أمل، في ظل تراجع الوساطات والمساعي، مع تفاقم الأوضاع المعيشيّة وانهيار متزايد في سعر صرف الليرة، وتراجع تغذية الكهرباء، واستمرار طوابير الانتظار الطويلة أمام محطات البنزين، من دون وجود آفاق لحلحلة مقبلة، بينما يواصل سفراء الدول الأجنبية، وخصوصاً الثلاثي الأميركي والفرنسي والسعودي الحراك تحت عنوان البحث عن مخارج أو تخفيف وطاة الأزمة على الجيش والمؤسسات الأمنية.
على خلفية هذا المشهد القاتم أقام الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفال إحياء ذكرى استشهاد مؤسسه أنطون سعاده، مفتتحاً داراً ثقافيّة اجتماعيّة تحمل اسمه في ضهور الشوير، وقد تحدّث في الاحتفال رئيس المجلس الأعلى للحزب النائب أسعد حردان، عارضاً للأوضاع السياسية المحلية والإقليمية، ولرؤية الحزب للحلول، مندداً بالتدخلات الخارجية التي تستند الى عدم قيام المسؤولين اللبنانيين بما ينبغي القيام به لتشكيل الحكومة بعيداً عن الحسابات الطائفية، فيأتي الخارج بعرض ما يخدم مصالحه، معتبراً أن المطلوب في مواجهة تفاقم الأزمة هو حكومة لا تزال مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري تشكل اساساً صالحاً للحوار حولها، مشيراً إلى خطورة دعوات الفدرلة، والخطاب المتشنّج والعنصري الذي يمهد للحرب الأهلية، مؤكداً أن الحل يكمن في قانون انتخاب لاطائفي يفتح طريق بناء الدولة العصرية التي لا تميّز بين مواطنيها، وتقيم حكم المؤسسات والقانون، وفي الشأن المعيشيّ دعا حردان الى حالة طوارئ اقتصاديّة تستنهض مؤسسات الدولة وتحمي المواطنين من طوابير الذل ومن جشع الاحتكار المتوحش، تتكامل مع فتح الحدود وتنسيق العلاقات مع سورية مذكراً بدعوة الحزب الى إقامة مجلس للتعاون المشرقي.
دعا رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان إلى «تشكيل حكومة تحت سقف الدستور، قائلاً نرى في مبادرة الرئيس نبيه بري مرتكزاً لحوار بنّاء يفضي إلى تشكيل الحكومة بعيداً عن أية حسابات طائفية وجهوية، وبما يجنب لبنان تدخلات خارجية لا تنظر إليه إلا بعين مصالحها. لذلك نشدد على ضرورة أن يتفق المسؤولون على تشكيل حكومة جديدة، بما يضع حداً للتدخلات الخارجية النافرة.
كلام حردان جاء خلال إحياء الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى استشهاد انطون سعاده في الثامن من تموز، وافتتاح «دار سعاده الثقافية والاجتماعية» وجناحاً خاصاً يحمل اسم الأمينة الأولى جولييت المير سعاده، في احتفال حاشد في ضهور الشوير، حضره رئيس الحزب وائل الحسنية وعدد كبير من أعضاء قيادة الحزب والمسؤولين.
ورأى أن طريق الخروج من المآزق والأزمات لا يكون بالكلام، وأن محاربة الفساد لا تكون بالشعارات، بل بإعلان حالة طوارئ اقتصادية وخطة متكاملة، تشترك فيها كل وزارات الدولة ومؤسساتها، كي لا تبقى هذه الوزارات والمؤسسات مستقيلة من مهامها، تاركة المواطنين فريسة لأصحاب الشركات الاحتكارية المتوحشة الذين يتسببون بالأزمات، وبإذلال الناس في طوابير البنزين والمازوت والخبز والدواء وحليب الأطفال وغيره. إن هؤلاء المحتكرين، هم جزء من منظومة مشبوهة هدفها حرف بوصلة الناس عن واجباتها الوطنية، وإشغالها بحاجاتها الغذائية والدوائية، ودفعها إلى اليأس والهجرة، على نسق وظائف الثورات الملوّنة التي تنشر ثقافة التوهين والتفكيك وتدعو إلى الانفكاك عن القيم المجتمعية المثلى».
ودعا «السلطة الرسمية في لبنان إلى تحمّل مسؤولياتها، وأن لا تبرر تقصيرها بما يدور من كلام عن حكومة اختصاصيين تارة وحكومة مستقلين تارة أخرى. السلطة السياسية هي المسؤولة وهي صاحبة الاختصاص الأول والأخير في معالجة شؤون المواطنين وتلبية حاجاتهم، وإننا نطالبها بأن تذهب إلى أي مكان، شرقاً وغرباً، ما عدا كيان الاحتلال الصهيوني، المهم أن تأتي بما يحتاجه المواطن للعيش الكريم».
وقال: «ما نسمعه هذه الأيام، من دعوات إلى الفدرلة وخطابات تغذّي النعرات الطائفية والمذهبية، هو بمثابة قرع أجراس العودة إلى الحرب الأهلية التي دمرت البلد وهجرت أهله وأرهقت ماليته واقتصاده، لذلك نقول، فليسقط كل دعاة الحرب والمنادين بها، ونؤكد أننا لن نتزحزح عن قناعاتنا وخياراتنا بالدفاع عن وحدة لبنان وسلمه الأهلي بمواجهة كل محاولات الشرذمة».
وأشار الى ان ألف باء الإصلاح، قانون انتخابي يوحد اللبنانيين على قاعدة المساواة، ويخرجهم من حظائر الطوائف والقبائل والملل، ونقول عيب على الذين رفضوا البحث في قانون انتخابي جديد. هؤلاء سيحملهم التاريخ مسؤولية الانخراط في مشروع الفدرلة والتقسيم. نحن لنا رؤية واضحة لمواجهة ما يتهدد لبنان، وقد دعونا النخب إلى الاشتراك في إقامة تيار وطني لا طائفي، يطلق صرخة قوية مؤثرة من أجل الإصلاح السياسي في لبنان، ونحن نجدد هذه الدعوة لكي نضغط معاً من أجل الإصلاح».
وأضاف: «أطلقنا مبادرة لقيام مجلس تعاون مشرقي لتحقيق التكامل الاقتصادي، وليكون لبنان أول المستفيدين من محيطه القومي. وعليه، فإننا نطالب المؤسسات الرسمية في لبنان، أن تتخذ قراراً حاسماً وسريعاً بإعادة العلاقات الطبيعية مع سورية والتنسيق مع الحكومة السورية لفتح الحدود وتعبيد خط الترانزيت، الذي هو ممر إجباري لتصدير المنتوجات اللبنانية إلى الكيانات والدول العربية وهو يشكل شرياناً حيوياً لاقتصاد لبنان. إن القيام بهذه الخطوة واجب الوجوب، وهناك ضرورة للتعاون مع سورية لحل العديد من المشاكل التي ترهق لبنان. ونحن على ثقة بأن سورية منفتحة ومستعدة لتقديم المساعدة».
وعلى خط الحراك الخارجي المتصل بالأزمة اللبنانية، يعقد اليوم اجتماع في السفارة السعودية في اليرزة يضم السفير السعودي وليد بخاري والسفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو لمتابعة وتقويم اجتماعات الرياض للسفيرتين الفرنسية والأميركية.
إلى ذلك، يتجه الرئيس المكلف سعد الحريري في الأيام المقبلة إلى مصارحة اللبنانيين بحقائق الأمور ووفق المعلومات التي تنقلها مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» فإن الحريري فور عودته من مصر حيث سيلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فإنه سيحدد خياره خاصة أن الأمور تكون قد تبلورت في الداخل على صعيد الاتصالات، مشيرة الى ان الحريري لا يزال يحظى بدعم من روسيا ومصر لتأليف الحكومة فضلاً عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ابلغ الحريري أنه قد يقبل اعتذاره عن التأليف فى حال ذهب الأخير إلى تزكية شخصية سنية غيره ودعمها في عملية التشكيل، ولفتت المصادر إلى أن خيار اعتذار الحريري لا يزال مطروحاً بقوة علماً أن رؤساء الحكومات السابقين أسوة بالرئيس بري وحتى حزب الله يفضلون عدم اعتذاره. واعتبرت المصادر أن الحريري قد يُقدم في الأيام المقبلة على تقديم تشكيلة حكومية من 24 وزيراً إلى رئيس الجمهورية وعندها يكون قد وضع الطابة في مرمى بعبدا التي في حال رفضتها تكون مصرّة على سياسة التعطيل، وعندها لكل حادث حديث.
في المقابل تعتبر مصادر تكتل لبنان القوي لـ»البناء» أن ما يحصل من اتصالات خارجية وزيارات الى السعودية يؤكد المؤكد أن الرئيس المكلف ينتظر الضوء الأخضر السعودي لتأليف الحكومة، وبالتالي ثبت للجميع ان ما يحكى عن عرقلة عونيّة تعطل التشكيل ليس الا اتهام سياسيّ، معتبرة ان المشكلة هي في العامل الخارجي وليست في العوامل الداخلية التي يتم التذرع بها، مشيرة في موازاة ذلك الى ان هجوم حركة امل عبر وسائلها الإعلامية على العهد هو في اطار الخلاف السياسي الكبير في النظرة الى الاصلاح ومحاربة الفساد بيننا وبين الرئيس نبيه بري، قائلة هناك من يلقي الاتهامات جزافاً على وزراء التيار الوطني الحر في حين أنهم ويا للأسف يعلمون أين يكمن أصل المشكلة، مضيفة نحن أيضاً نستطيع نبش القبور، معتبرة أن إصرارنا على رفع الحصانات في قضية انفجار مرفأ بيروت أمر طبيعي ومنطقي ووطني وإنساني وبالتالي يفترض بالجميع تبني الموقف نفسه احتراماً لضحايا انفجار 4 آب، والاستجابة لطلب القاضي طارق البيطار.
وكانت محطة nbnشنت هجوماً عنيفاً على العهد في مقدمتها الاخبارية حيث أشارت كفاكم لفًا ودروانًا ونظرياتٍ، فأنتم في نظر مَن يريد دولة القانون منافقون وفق ما ثبت بالممارسة وبالوجه الشرعيّ.
وكما في ملف انفجار المرفأ الذي علمتم بوجود مسبّباته قبل أكثر من 15 يومًا من حصوله، كذلك في كل ملفات فسادكم التي دفعت الوطن والشعب من رأس جبلكم إلى أسفل وادي جهنم.
إلى الشعبويين الفاسدين اسمعوا جيداً نبيه بري أكد اليوم كما منذ أول يوم أنه لن يتهاون مع ملف انفجار المرفأ، لأن من حق أهالي الشهداء وكل اللبنانيين الوصول الى الحقيقة وعدم التغطية عليها، وقد أعلن أن مجلس النواب لن يسكت عن أي مرتكب أو مقصّر حيال هذا الملف من وزراء وغيرهم.
أما أنتم يا مدّعي العدالة فحاشيتكم العائلية فاسدة وبحكم مبرم منذ تلك الصفقات في الكهرباء وبواخرها، منذ السدود القاحلة كوجوهكم الكالحة مع تخطي دفاتر شروط المناقصات العمومية.
وفي خضم حرب التصريحات الإعلامية والاتهامات المتبادلة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الدعوة الى تنازل الفريقين من أجل تشكيل حكومة توقف الانهيار الحاصل والكارثة التي وصلنا اليها. وشدّد جنبلاط خلال جولة له على بلدتي بريح والفوارة الشوف على ضرورة عدم نبش الماضي والنظر الى المستقبل من خلال التعاون والتعاضد من دون تمييز بين تيار سياسي وآخر.
وأكد البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن «مطلوباً من الدولة اللبنانية وبإلحاح ملاقاة المجتمع الدولي من خلال تأليف حكومة تتمتع بالمواصفات الإصلاحيّة والحيادية. إن العالم يكرّر نداءاته، فيما المعنيون بتشكيل الحكومة يمتنعون عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية حتى شكلياً. فرغم الانهيار الشامل لا يزالون يتبادلون الشروط المفتعلة قصداً لتأخير تأليف الحكومة. فلا عبارة الاتفاق مع الرئيس المكلف تعني تعطيل التشكيلات المقدّمة، ولا التكليف يعني تكليفاً أبدياً من دون تأليف حكومة. إن مصلحة الشعب تعلو على كل التفسيرات والاجتهادات الدستوريّة والحساسيّات الطائفيّة. لن نسمح، مع ذوي الإرادة الحسنة، بسقوط البلاد بين أطراف لا تريد حكومة وأطراف أخرى لا تريد دولة».
وقال: «إن الصداقات مع الدول شيء، والانحياز الاستراتيجيّ إلى محاور عربيّة وإقليميّة ودوليّة شيء آخر. لذلك، إن الحياد هو حل خلاصيّ للبنان، خصوصاً أنه لا يحول دون تعزيز العلاقات مع أي دولة وتقوية الصداقة معها لمصلحة لبنان، باستثناء تلك التي لا تكفّ عن استعدائنا».
أضاف: «نطالب الجماعة السياسيّة تسهيل عمل القضاء لأن الشعب لا يغفر لمن يعرقل مسار التحقيق أو لمن يسيّسه أو لمن يغطي أي شخص تثبت التهمة عليه. فلتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة. فلماذا تخافون إذا كنتم أبرياء؟ يجب التمييز بين الأذونات الإدارية لرفع الحصانة، والبحث القضائي عن الأدلة».
قضائياً، يمثل مدير المخابرات الأسبق العميد كميل ضاهر اليوم الإثنين أمام المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، كما يمثل العميد الركن جودت عويدات والعميد الركن غسان غرز الدين أمام القاضي البيطار غداً الثلاثاء.
المصدر:صحف