من مدينة فاس، تلقى المغاربة أولى أخبار حكومتهم الجديدة، فبعد مسارات راجت فيها أسماء عديدة، انتهت اليوم النقاشات حول الاستوزار وتجميع القطاعات، لتفرز التشكيلة الحكومية التي تنتظرها تحديات عدة.
وشهدت تشكيلة الحكومة الجديدة تغيرات عديدة في قطاعات معينة بضم أسماء جديدة ووجوه نسائية وشابة؛ فضلا عن الاحتفاظ بـ”الحرس القديم” في وزارات السيادة، وأسماء أخرى كانت لها فرصة تحمل المسؤولية من جديد.
ويترقب المغاربة مرور الحكومة الحالية للعمل، بالعودة إلى حجم الوعود التي أعطيت على امتداد حملات الأحزاب الانتخابية، وكذا الأسماء الجديدة التي حملها عزيز أخنوش معه إلى لقاء الملك محمد السادس بمدينة فاس.
وترأس الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد، اليوم الخميس، بالقصر الملكي في مدينة فاس، مراسيم تعيين أعضاء الحكومة الجديدة، بقيادة عزيز أخنوش.
عموديات ووزارات
عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر أن الملاحظة الأولى تتجه إلى أمور تحسب للحكومة، والبداية من العدد القليل والتقائية القطاعات، فضلا عن حضور النساء داخل الهيكلة الحالية.
وأضاف العلام، في تصريح لهسبريس، أن أمورا أخرى جاءت بها التشكيلة تظل غريبة، ويتقدمها استوزار عمداء مدن كبيرة، في وقت نتحدث عن الجهوية واللامركزية، مقرا بصعوبة مهمة إدارة الدار البيضاء أمام نبيلة الرميلي، ومراكش أمام فاطمة الزهراء المنصوري.
وأشار الجامعي المغربي إلى أن هذين التعيينين يطرحان أسئلة غياب الكفاءات داخل الأحزاب، وزاد متسائلا: “ما الداعي مثلا إلى استوزار فاطمة الزهراء المنصوري في وزارة الإسكان، وهي لا تملك تجربة على الإطلاق في هذا المجال؟”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “منطق التدوير بين العمادة والوزارة سيكون صعبا”، متأسفا لطغيان الارتباطات السياسية والتنظيمية أكثر من الكفاءة في اختيار الأسماء؛ لكنه في المقابل ثمن استوزار عبد اللطيف ميراوي في وزارة التعليم العالي.
وبخصوص وزارة التعليم، يبدي العلام تحفظا على اختيار اسم ينتمي إلى عالم المال، موردا: “صحيح أن شكيب بنموسى تولى لجنة النموذج التنموي، لكنه بعيد عن قطاع التربية، وكان بالإمكان الاستعانة باسم لديه خبرة في المجال”.
وجوه جديدة
عمر الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، قال إن “البروفايلات جديدة”، وإن “الكثير من المغاربة لا يعرفون الوزراء الجدد”، مسجلا أن “هذه نقطة قوة وليست ضعفا على الإطلاق، خصوصا بعد استهلاك أسماء كثيرة”.
وثمن المتحدث لجريدة هسبريس حضور أسماء من لجنة النموذج التنموي، وأخرى راكمت خبرة في مجالاتها، مشيرا إلى أنه “عند المقارنة يتبين أن هؤلاء أفضل من سابقيهم، والمطلوب الآن هو الاشتغال وفق إستراتيجيات وبفرق عمل قوية”، وفق تعبيره.
وأردف الشرقاوي بأن القطاعات السيادية احتفظت بالوجوه نفسها، مبديا ارتياحه لاختيار مدراء دواوين وكتاب عامين للوزارات من أجل تولي المنصب، ومعتبرا أن الأمر سيكون مهما بحكم اطلاع المسؤولين على خبايا القطاعات.
حكومة سياسية
أمين السعيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد بنعبد الله بفاس، أكد أن ملامح النخبة الوزارية عدديا تبرز أهمية الحكومة الحالية، فهي الأقل عددا في تاريخ الحكومات المتعاقبة، مع حضور النساء بها.
وأضاف السعيد أن الحكومة سياسية بامتياز، إذ تضم 19 وزيرا منتميا إلى أحزاب، فضلا عن 3 زعماء، مؤكدا في السياق ذاته أن حضور التكنوقراط ظل قويا بحكم نجاحهم في تدبير عدة أوراش مهمة.
وعن القطاعات الاجتماعية، قال المصرح لهسبريس إنه “من الصعب التكهن بالنجاح، لكن عموما هناك انتظارات قوية، وتحديات كبيرة، خصوصا على المستوى المالي”، وزاد متسائلا: “هل للحكومة الحالية إمكانيات مالية للتجاوب مع الوعود؟”.