كنوز لا تقدر بثمن..كشف ملابسات واحدة من أكبر سرقات المجوهرات في التاريخ

  • زمن:Feb 28
  • مكتوبة : smartwearsonline
  • فئة:شرط

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تطلّب الأمر 9 ضربات قاسية من فأس لتحطيم صندوق العرض الزجاجي في متحف القبو الأخضر التاريخي، الذي يقعبقلعة درسدن في مدينة درسدن بألمانيا.

وبمجرد تحطّم الزجاج، انتشل اللصان المقنعان 21 قطعة أثرية مرصعة بالماس لا تقدر بثمن، ولاذا بالفرار.

وكان ذلك بتاريخ 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وفي غضون بضع دقائق قصيرة، اختفت بعض المجوهرات التاريخية الأكثر قيمة في العالم.

وبدأت محاكمة الرجال الستة المتهمين بارتكاب واحدة من أكبر سرقات المجوهرات بالتاريخ في ألمانيا يوم الجمعة، 28 يناير/ كانون الثاني.

لكن لغز ما حدث للكنوز المزعومة سرقتها، لا يزال قائمًا.

وهذه هي قصة السرقة التي أذهلت العالم، وتروي كذلك عمل الشرطة الدقيق الذي أدى إلى القبض على ستة أفراد من العصابة المسؤولة عن السرقة.

وبحسب مكتب المدعي العام، بلغت قيمة الكنوز المسروقة من القبو الأخضر، المرصعة بأكثر من 4،300 ماسة، ما لا يقل عن 113 مليون يورو، أي ما يعادل 128 مليون دولار.

ومع ذلك، أكدت مديرة مجموعة الفنون الحكومية في دريسدن، ماريون أكرمان أن القيمة المادية للمسروقات لا تعكس حتى أهميتها التاريخية والثقافية "التي لا تُحصى".

وصُنعت جميع القطع الأثرية المسروقة تقريبًا خلال فترة حكم فريدريك أوغسطس الثالث، آخر ناخب لساكسونيا، والذي عُرف لاحقًا باسم فريدريك أوغسطس الأول، أول ملك لساكسونيا.

وشملت مشبك قبعة من الثمانينيات من القرن الثامن عشر مزينًا بـ 15 حجرًا كبيرًا وأكثر من 100 ماسة صغيرة، بالإضافة إلى سيف في غمده يحتويان معًا على أكثر من 800 ماسة.

لكن لم تكن القيمة الهائلة للسرقة هي التي استحوذت على اهتمام العالم فحسب، بل كانت الوقاحة التي زُعم أنها نفذت بها المداهمة.

وأوضح روي رام، المستشار الأمني والقائد السابق للعمليات المتخصصة في نيو سكوتلاند يارد في العاصمة البريطانية لندن، لـ CNN إن مثل هذه الجرائم تُعد نادرة بشكل متزايد.

وقال: "لقد تحسن الأمن الفني على مر السنوات من خلال أنظمة إنذار الدوائر التلفزيونية المغلقة، وجميع أنواع الحماية عالية التقنية، لذلك [هناك خطر كبير] من الاكتشاف المبكر وضبط اللصوص متلبسين بالجريمة..لذا يعرف هؤلاء أنهم يحتاجون إلى بعض المعلومات الداخلية وخطة مفصلة للغاية".

ووفقًا للمحققين، فإنه قبل أربعة أشهر من ارتكاب السرقة، ذهب أحد المشتبه بهم إلى مدينة ماغديبورغ، على بعد 180 ميلًا شمال غرب دريسدن، لإحضار سيارة من نوع "Audi S6" باللون الأزرق الداكن، أي سيارة للهروب فيها بعد العملية.

ولم تكتف العصابة بإلغاء تسجيل السيارة، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك في جهودها لإخفاء أصولها، وتغيير لونها إلى الفضي، وترك السقف معتمًا فقط، حسبما ذكرته الشرطة.

وأضاف رام: "يشير ذلك إلى أن هؤلاء الأشخاص خططوا بدقة؛ كانوا يفكرون كيف ستحدث السرقة، وكيف سيكون رد فعل الشرطة، والطرق لتعطيل نشاط الشرطة أو منح أنفسهم مزيدًا من الوقت".

وتابع: "إذا شاهد أحد المارة السيارة وهي تغادر موقع الحادث، وكان هذا الشخص قادرًا على إعطاء وصف للسيارة، فبمجرد أن تبدأ الشرطة في إجراء تحريات بشأن تلك السيارة، سيصبح الأمر أكثر تعقيدًا، وأكثر صعوبة، ويستغرق وقتًا أطول".

وقالت الشرطة إن استعدادات العصابة، لم تتوقف عند سيارة الهروب.

وقبل أيام قليلة من السرقة، قُطعت القضبان عبر النافذة، حيث دخل اللصوص إلى القبو، وفقًا للسلطات.

وأشارت الشرطة إلى أن إزالة الشبك المعدني بالكامل ربما أثار اشتباه المارة، لذلك غطى المشتبه بهم آثارهم عن طريق لصق القضبان مؤقتًا في مكانها بالغراء.

ومن جهتها، قالت وزارة الثقافة والسياحة بولاية سكسونيا الألمانية، إن النافذة كانت في بقعة عمياء، لذا لم تكن مرئية من قبل الكاميرات الأمنية، وكانت المنطقة بأكملها في "ظلام دامس".

ولم يعمل جهاز استشعار الحركة الذي كان يجب أن يطلق إنذارًا بالسرقة، وأوضحت الوزارة أن جهاز الإنذار انطلق في اليوم السابق للجريمة، وفشل حراس الأمن في إعادة تفعيله.

السرقة

وعند حوالي الساعة 4:50 من صباح يوم الإثنين 25 نوفمبر / تشرين الثاني 2019، تحركت العصابة، بحسب ما ذكرته الشرطة.

وقالت الشرطة إن اللصوص أو شركائهم أضرموا النار في صندوق توزيع الطاقة بالقرب من متحف القبو الأخضر، ما تسبب في انطفاء أضواء الشوارع المجاورة، وأدى إلى إغراق المنطقة بأكملها في ظلام ذامس.

كنوز لا تقدر بثمن..كشف ملابسات واحدة من أكبر سرقات المجوهرات في التاريخ

وبعد ذلك، عند الساعة 4:57، توجهوا إلى القبو.

وأوضحت الشرطة أن شريط فيديو بكاميرا أمنية، أظهر أن اللصوص يعرفون إلى أين كانوا يذهبون.

وبعد دخول المبنى من نافذة قاعة الكنوز ذات المرايا، تعتقد الشرطة أنهم سارعوا عبر غرفة "Heraldry" في القبو مباشرة إلى غرفة المجوهرات، حيث تُعرض القطع الأكثر قيمة في المتحف.

وتُظهر لقطات كاميرا الأمن أن اللصوص استغرقوا بضع دقائق للوصول إلى الداخل، وتحطيم زجاج صندوق العرض، والاستيلاء على الجواهر والمغادرة.

ولفتت أكرمان، مديرة مجموعة الفنون الحكومية بدريسدن، للإذاعة العامة الألمانية "ZDF" إلى أن اللصوص لم يتمكنوا من سرقة جميع القطع المعروضة، لأن بعضها قد ثُبتت في صناديق العرض.

لكن قبل أن يلوذوا بالفرار، قام اللصوص برش الغرفة بمطفأة حريق بودرة لتغطية آثارهم، على حد قول الشرطة.

وقال رام: "كثيرًا ما تستخدم آثار القدم لتحديد الأحذية التي يستخدمها المجرمون"، مضيفًا: "في كثير من الأحيان، سيتخلص اللصوص من القفازات وجميع أنواع الأدلة الأخرى، ولكنهم ينسون التخلص من أحذيتهم. لذا، فإن أي شيء يعطل مسار الطب الشرعي يُعد مفيدًا بالنسبة إليهم".

ولفتت الشرطة إلى أن اللصوص هربوا من مكان الحادث على متن سيارة "أودي"، وأنه بعد 13 دقيقة فقط من التقاط كاميرا المراقبة الصور الأولى لهم وهم يدخلون القبو، تخلت العصابة عن السيارة، وأضرمت النار فيها، في مرآب تحت الأرض على بعد حوالي ثلاثة أميال.

وربطت الشرطة السيارة بالسرقة على الفور تقريبًا.

وأوضح رام أنه "من الصعب للغاية استخدام سيارة وعدم ترك آثار الحمض النووي"، مشيرًا إلى أنه "كان هناك الكثير من حالات السرقة في جميع أنحاء العالم حيث تم العثور على كميات ضئيلة من الحمض النووي، وكان ذلك كافياً لربط علاقة شخص ما بسيارة".

وبدأت عملية الشرطة، التي أُطلق عليها اسم "Epaulette" على اسم إحدى القطع الأثرية التي سُرقت في ذلك اليوم، في اللحظة التي أجرى فيها طاقم أمن المتحف أول مكالمة طوارئ - بينما كان اللصوص لا يزالون داخل المبنى.

وشاهد حارسا الأمن في القبو عملية السطو عبر شاشات المراقبة الأمنية، لكنهما قرّرا عدم التدخل.

واستجوبت الشرطة في وقت لاحق هذا القرار، لكن أكرمان أوضحت أن عنصري الأمن اتبعا بروتوكولات السلامة.

واعتبر رام أن "الطريقة الوحيدة لحدوث مثل هذه السرقات هي أن يكون اللصوص قد حصلوا على معلومات داخلية دقيقة"، كعدم وجود أشعة ليزر في جميع أنحاء الغرفة على سبيل المثال، لافتًا إلى أنه من الخطر للغاية القيام بما فعلوه".

وقال مكتب المدعي العام بولاية ساكسونيا في مارس/ آذار 2020، إنه يحقق مع أربعة من أفراد الأمن من المتحف.

وخلال الأسبوع الماضي، قال مكتب المدعي العام لـCNN إن التحقيق لا يزال مستمراً.

وأوضح متحدث رسمي أن شكوى جنائية تم رفعها ضد اثنين من الحراس من قبل أحد الأشخاص، زاعمًا أنهما "لم يتصرفا بالشكل المناسب، ليمنعا السرقة"، ومشيرًا إلى أن اثنين آخرين من حراس الأمن خضعا للتحقيق، إذ تم الاشتباه في قيام أحدهما بتسليم وثائق حول المتحف، وأنظمته الأمنية إلى الجناة، وقُبض عليه بعد أربعة أيام من السرقة.

أما الحارس الآخر، فتم إطلاق سراحه بعد التحقيق.

وأضاف المتحدث أنه يجري التحقيق مع حارس رابع لوجود "دليل على إجراء يتعلق بجهاز الإنذار كان من الممكن أن يسهل عملية السرقة".

التحقيق

وبحلول سبتمبر / أيلول 2020، قالت الشرطة إنها تلقت مئات البلاغات وفتشت العديد من العقارات في العاصمة الألمانية برلين، التي يُعتقد أنها مرتبطة بالسرقة.

كما اكتشفوا المزيد عن سيارة الهروب - بما في ذلك المكان الذي تم فيه إعادة طلاء السيارة، ونشروا صورة مركّبة لأحد المشتبه بهم.

وفي تاريخ 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بعد عام تقريبًا من سرقة الكنوز الثمينة بمتحف القبو الأخضر، أطلقت الشرطة عملية أمنية ضخمة في برلين، حيث جلبت قوات خاصة و1،638 ضابطًا من جميع أنحاء ألمانيا.

وكانت الشرطة تستهدف خمسة أعضاء من عصابة رمّو، إحدى أقوى العائلات الإجرامية في ألمانيا، والتي تعمل غالبًا في برلين.

وأشار رام إلى أن نصف المهمة أنجزت فقط، لعدم استرداد المسروقات التي لا تُقدر بثمن.

ولكن، ماذا حدث لتلك المجوهرات الثمينة التي سُرقت من صندوق العرض في ذلك اليوم في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019.

ويعتقد رام وغيره من الخبراء أن السيناريو الأكثر احتمالًا هو السيناريو الذي يخشاه أمناء المتحف أكثر من غيره، وهو أن القطع المسروقة قد تحطيمها، وبيعت الأحجار، وصُهرت المعادن الثمينة.

وتم بالفعل الاستيلاء على محركات الأقراص الصلبة وأجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة أثناء تحقيق الشرطة الهائل، لكن الكنوز المسروقة نفسها اختفت دون أن تترك أثراً.

وظل متحف القبو الأخضر مغلقًا أمام الزوار لعدة أشهر، بسبب التحقيق ولاحقًا بسبب جائحة كورونا. وعندما أعيد افتتاحه في مايو/ أيار 2020، تم إصلاح الخزانة المكسورة، لكنها تُركت فارغة عمدًا.

ومن المقرّر، أن تستمر المحاكمة حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول على الأقل. وفي حالة إدانتهم، يواجه المشتبه بهم أحكامًا بالسجن لعدة سنوات.