بالصور: ماذا تعرف عن بوابات مسقط؟

  • زمن:Nov 30
  • مكتوبة : smartwearsonline
  • فئة:شرط

أثير- تاريخ عمان

إعداد: د. محمد بن حمد العريمي

يعود تاريخ تأسيس مدينة مسقط إلى فترة ما قبل ظهور الإسلام وذلك أثناء تدفق الهجرات العربية من جنوب الجزيرة، ويذكر نور الدين السالمي أن مسقط عمّرها بعض عرب عمان وهم يمن الأنساب، فغرسوا فيها نخيلًا وأشجارًا. وفي هذا دلالة واضحة على قدم المدينة.

واكتسبت مسقط بحكم موقعها الجغرافي وموقعها المطل على بحر عمان ميزةً تجارية، حيث كانت محطةً مهمة لتجميع البضائع وإعادة تصديرها، فكان لهذا النشاط أثر كبير في ازدهار المدينة، ولذلك ذكرها العديد من الرحّالة والجغرافيين العرب والمسلمين كالمسعودي، والبكري، والاصطخري، والإدريسي وغيرهم.

كما ذكرت مسقط في كتابات الرحّالة الغربيين والعرب الذين زاروها في القرون الحديثة، ووصفوا سكانها وأحوالهم المعيشية، وأوضاعها السياسية والاقتصادية، وجوانب من أنشطتها الاجتماعية، وملامح أخرى عديدة.

وتتكون مدينة مسقط من قسمين: قسم داخلي يحيط به السور ويعرف بـ (الرقعة)، ويشمل قصر السلطان، وبيوت الأسرة الحاكمة، والأسر الكبيرة القريبة من السلطة، وبعض الأسر الهندية والبريطانية، ومبنى القنصلية البريطانية، وبعض المؤسسات كالجمارك، والبريد، والمحكمة الشرعية، وهي تطل على الخور، وبها كذلك بعض الاستحكامات الحربية والمباني الأثرية كقلعة الجلالي، وقلعة الميراني، وبيت العلم، وبيت السيد نادر، وبيت جريزا، وبيت فرنسا أو بيت السيدة غالية، وبيت السيد شهاب، وبيت السفارة البريطانية ومن أبرز أحيائها: حي البوسعيد، العور، مغب، البحارنة، البانيان، ولجات.

أما القسم الخارجي فيضم عددًا من الأحياء من بينها: حي المدبغة الذي يمتد من قلعة الميراني حتى حي كلبوه، والجفينة الذي يمتد في ممر ضيق تحت معبر ريام، والبصرة وهو حي صغير يقع بين حي الجفينة والباب الكبير، وحي الدلاليل الذي يقع جنوب حي الجفينة وكان به مستشفى الإرسالية الأمريكية، وحي الصبارة الذي يقع خلف حي الدلاليل، وحي خلالوه الذي يقع أمام قلعة الراوية، وحي لوغان الكائن خلف قلعة الراوية، وحي الشيخ الذي يعد أبعد حي في مسقط ويوجد فيه قبر السيد حمد بن سعيد، وحي الطويان الذي كانت توجد به حوالي (12) بئرًا تغذي مسقط، وحي الحوش جنب الطويان، وحي الزدجال ، وحي الزبادية، والخطمة، والنساسيل الذي استقى اسمه من النساجين الذين كانوا يقطنونه، وحي البحارنة الواقع خلف مسجد علي موسى، وحي الحنّة، وحي ميابين، وحي التكية وهو أقصى حي في الجهة الجنوبية من مسقط في آخر الطريق المؤدي لسداب.، وحي العجم الواقع بين حي ولجات وحي التكية.

كما حوت مسقط العديد من المساجد من بينها: الخور، الوكيل، الزواوي، مسجد نصيب، مسجد علي موسى، مسجد السيد حمد بن محمد، مسجد المدرسة، مسجد باب مثاعيب، مسجد سوق البز، مسجد مغب، مسجد وادي العور، مسجد البحارنة.

كان يحيط بمسقط من الناحيتين الجنوبية والغربية سور مبني من الحجارة والطوب والجص، وذلك بدءًا من جبل المكلا إلى جبل السعالي، على هيئة أضلع ثلاثة متصلة، تتخللها ثمانية أبراج تتكون من طابقين: الأول مستوٍ للوقوف، والثاني به غرف ودهاليز لإقامة العسكر، كما توجد في تلك الأبراج فتحات لرمي السهام والبنادق.

ويمتد الضلع الغربي من السور من باب المثاعيب حتى الباب الكبير، ويبلغ طوله حوالي 600 م، ويمتد الضلع الثاني من الباب الكبير بطول 200 م ويصل إلى برج كبريتا، ويمتد الضلع الثالث من برج كبريتا باتجاه الشرق بطول حوالي 300 م، وكان للسور خندق يمتد في مسارٍ موازِ له من الخارج.

وقد أجمعت المصادر على أن البرتغاليين هم من قام ببناء سور مسقط بعد احتلالهم لها في القرن 16 م، وتحديدًا عام 1625، وأنه كان يمتد لمسافة 705 أمتار، علمًا بأن الرحالة (انجلبرت كامبفر) الذي زار مسقط عام 1688 أشار في تقاريره عن المدينة إلى وجود سور ترابي كان موجودًا قبل مجيئ البرتغاليين، وأنهم بنوا سورهم على أنقاضه.

وقد ظل السور محافظًا على طابعه المعماري، وقد تم تعديله عدة مرات من بينها عام 1932 مع بداية حكم السلطان سعيد بن تيمور عندما تم توسيع الباب الكبير المؤدي إلى مطرح كي يستوعب مرور السيارات، وفي حقبة السبعينات والثمانينات تم ترميم السور والأبواب دون المساس بالشكل الأصلي والتاريخي للبناء.

أبواب مسقط

يتخلل سور مسقط ثلاثة أبواب رئيسة للدخول والخروج، وهي: الباب الكبير، والباب الصغير، وباب المثاعيب، ومنهم من يضيف بوابة ولجات كباب رابع، لكن كان استخدام هذا الباب قليلًا، وكان يفتح في ظروف معينة، كما كان يستخدمه موظفي القنصلية البريطانية لأنها تؤدي إلى نادي مقبول.

وكان لهذه البوابات حرس يدفع لهم أربعة روبيات في الشهر، يقومون بحراسة مداخل المدينة، وتنظيم عملية الدخول والخروج إليها عبر البوابات، وكانت جميعها تغلق كل ليلة بعد ثلاث ساعات من غروب الشمس، عادةً بعد صلاة العشاء، وتطلق ثلاث طلقات من المدافع لفتح الأبواب للسيارات الخاصة بالسلطان، وبعد إغلاق البوابة الرئيسة يمكن للمشاة دخول المدينة من خلال بابٍ صغير في إحدى البوابات الكبيرة لكن بتصريح، ولابد من حمل مصباح أو قنديل لمن يدخل المدينة بعد ضرب المدفعية التي تسمى النوبة.

بالصور: ماذا تعرف عن بوابات مسقط؟

وعلى جانب أبواب السور وبالأخص الباب الكبير توضع الملصقات الحكومية، والقرارات والتعاميم التي تصدرها الحكومة من وقتٍ لآخر، وفي مدخل كل باب توجد مقاعد إسمنتية يجلس عليها حراس الأمن بأسلحتهم التقليدية على مدار الساعة، كما يوجد للحرس مساكن بجوار الباب.

الباب الكبير:

يعرف هذا الباب حتى عام 1932 باسم (باب الطويان) نسبة إلى حارة الطويان القريبة من الباب، والذي بحكم موقعه يؤدي إلى معظم الطرق التي توصل إلى ضواحي مدينة مسقط والمخرج إلى ولاية مطرح.

تم ترميم الباب وتوسيعه في عام 1932 في عهد السلطان سعيد بن تيمور، وهناك رواية أخرى تشير إلى أن الترميم حدث عام 1936، وفي عام 1979 تم إزالة الباب القديم، وأعيد بناؤه من جديد، طبقًا لتصميمٍ حديث وذلك لاستيعاب مرور السيارات منه باتجاهين، كما تم في الوقت نفسه إعادة بناء باب المثاعيب.

وكانت تعلق على هذا الباب الإعلانات الرسمية بعد دهنها بالطحين ولصقها كي يعرف سكان مسقط القرارات التي كانت تصدر من قبل القصر.

وتم تزيين الباب الكبير بمناسبة وصول السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه إلى مسقط بعد قيام النهضة المباركة عام 1970.

الباب الصغير

يقع عند الضلع الجنوبي للسور وهو مدخل رئيس مماثل للباب الكبير لكنه أصغر منه في الحجم. يقع الباب الصغير مقابل السوق ومقابل نادي مقبول عند المدرسة السعيدية.

باب المثاعيب

يقع في الجهة الغربية من أسفل قلعة الميراني، وبالقرب منه كانت هناك وما زالت مقبرة يمر بجانبها شارع عتيق يسمى ” شارع الشهداء”.

والمثاعيب هي كلمة رديفة للمرازيب جمع مرزاب وهو أشبه بإناء مستطيل الشكل مفتوح من الأعلى ينفذ من أعالي أسطح البيوت القديمة لتصريف مياه الأمطار.

يوجد بين باب المثاعيب ومسجد الخور مجرى وادٍ كانت الأودية تنساب عليه متجهةً نحو السد الصغير والسد الكبير في منطقة الطويان وتنتهي في وادي العور الذي تعود تسميته بهذا الاسم لأن السيد محمد بن هلال البوسعيدي جمع كفيفي البصر في هذا المكان وكان يرعاهم وينفق عليهم.

أما بالنسبة لبوابة المثاعيب الحديثة فقد شيدت في عهد النهضة المباركة لتكون بدلًا من البوابة السابقة، وقد تم افتتاحها خلال احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الرابع عام 1974. ويؤدي باب المثاعيب للفرضة وجمارك الركاب، والمخازن والتموين.

أبواب مسقط في كتب التاريخ

تمت الإشارة إلى أبواب مسقط في عدد من كتب التاريخ وكتب الرحالة والجغرافيين العرب والأجانب،فقد ذكر ابن رزيق في (الفتح المبين) في معرض حديثه عن سيرة السيد سلطان بن أحمد:” فلما كالوا واستراحوا قليلًا أمر سلطان عليهم بالركضة على باب الكبير”،” فلما لاح الفجر الصادق أتى علي بن عبد الله شيخ بني وهيب إلى سلطان بن أحمد وكان هو القابض يومئذٍ بالباب الصغير”،” فمضى سلطان ومن معه من القوم، فسلك بهم عقبة ميابين، وانحدر بهم من أسفل عقبة سداب، وسلك بهم الطريق المفضي إلى الباب الصغير”.

كما أشار العالم العراقي هبة الله الشهرستاني أثناء وصفه لزيارته إلى مسقط في يناير من عام 1912 إلى أهم ملامح المدينة من حيث سورها وكيفية الدخول من بواباته وبعض القوانين المرتبطة بذلك:” لبلدة مسقط سور وله ثلاثة أبواب يجلس فيها عساكر السيد مع أسلحتهم، ومن قوانين الباب أن راكب الحمار لابد وأن ينزل احترامًا للحرس حتى يمر عنهم فيركب ومن كان عباؤه على رأسه ينزلها على كتفه، ومن كان على وجهها برقع ترفع البرقع عن وجهها”.

كما تحدث عبد الله وليمسون أثناء زيارته إلى عمان عام 1925 ضمن وفدٍ جيولوجي، عن الاستحكامات الحربية المحيطة بمدينة مسقط ووسائل الدفاع عنها بقوله: ” ومسقط مدينة مسوّرة لها بوابتان كبيرتان وخندق على اليابسة، أما من ناحية البحر فإن الميناء يدافع عنه بحصنين كبيرين وعدد من الأبراج الصغيرة أنشئت في نقاطٍ مختلفة، وعندما ضعفت سلطنة مسقط تدريجيًا في السنوات الأخيرة أهملت تلك الأبراج فتهدمت بالتدريج”.

المراجع

  1. ابن رزيق، حميد بن محمد. الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين، وزارة التراث والثقافة، ط6، مسقط، سلطنة عمان، 2016.
  2. البلوشي، صالح. مسقط في الأربعينيات من القرن العشرين، روز ورد بوكس، نيودلهي، الهند، 2013
  3. الشهرستاني، هية الدين. رحلة السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني إلى الهند، تحقيق جواد كاظم البيضاني، ط1، دار مدارك للنشر، بيروت، لبنان، 2012.
  4. صادق، محمود محمد. أسوار مسقط بُنيت قبل قدوم البرتغاليين والسور الحالي بُني بأيد عُمانية خالصة، موقع أثير الالكتروني، الأحد 24 فبراير 2019.
  5. الصقري، ناصر بن عبد الله. التعليم في مدينتي مسقط ومطرح بين عامي 1888-1970، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب والعلوم الإجتماعية، جامعة السلطان قابوس، مسقط، 2017
  6. الصوافي، ناصر بن سالم. الحياة الإجتماعية في مسقط 1950 – 1975، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة مؤته، الكرك، الأردن، 2010.
  7. متحف بوابة مسقط ذاكرة التاريخ. ديوان البلاط السلطاني، مسقط، 2001.
  8. الموسوعة العمانية. المجلد الأول، حرف الألف، وزارة التراث والثقافة، 2013.
  9. الهنائي، سليّم بن محمد. ولاية مسقط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وزارة التراث والثقافة، مسقط، 2016
  10. وليمسن، عبد الله. رحلة إلى الخليج العربي، ترجمة سليم أحمد خالد، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 2005.

اقرأ أيضا