دق خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، ناقوس الخطر بخصوص الوضعية الوبائية في المغرب، في ظل الانتشار المتزايد لمتحور “أوميكرون”.
وأكد آيت الطالب، في الجزء الثاني من حواره مع هسبريس، أن الوضعية الوبائية جد مقلقة بسبب الغموض الذي يسود متحور “أوميكرون” سريع الانتشار.
وأشار وزير الصحة والحماية الاجتماعية إلى أن “المعطيات المتوفرة حاليا حول “أوميكرون” غير كافية، ولم نتمكن بعد من معرفة ما إذا كان يسبب مضاعفات على المديين المتوسط والطويل”.
وتوقع آيت الطالب أن تعرف الأيام المقبلة ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد؛ الشيء الذي يهدد المنظومة الصحية، التي تعرضت للإنهاك طيلة مواجهتها للفيروس.
كما شدد المسؤول الحكومي على دعوة المواطنين إلى الإقبال على مراكز التلقيح من أجل الحصول على الجرعة الثالثة من اللقاح، وقدم تفسيرا لتقليص المدة الفاصلة بين الجرعتين الثانية والثالثة إلى أربعة أشهر بدل ستة.
كيف هي الوضعية الوبائية في المغرب اليوم؟
اليوم الوضعية الوبائية جد مقلقة، نظرا أولا للغموض الذي يسود حول متحور “أوميكرون”، ونحن نعرف أنه سرعة انتشاره تفوق متحور “دلتا” بخمس مرات، رغم ما يقال أنه قليل الفتك؛ لكن هذه تبقى مجرد ملاحظات ولا نتوفر إلى حد الآن على معطيات علمية دقيقة بسبب ضيق الوقت؛ وهو ما يعني أننا لم نتمكن بعد من استخلاص الاستنتاجات والقول بأن “أوميكرون” لن يتسبب في مضاعفات على المديين المتوسط والطويل.. ولكن ما يمكنني قوله إنه سريع الانتشار.
وحينما يكون الفيروس سريع الانتشار سيتكاثر عدد المصابين، وفي حالة التكاثر بسرعة ستصبح المنظومة الصحية مهددة، كما أنه كلما اتسعت رقعة الإصابات كلما كان من بين المصابين أشخاص معرضون للخطر والإماتة؛ وهو ما يستدعي مزيدا من الحيطة والحذر ودرجة عالية من اليقظة.
كما لا نعرف اليوم متى سنصل إلى مرحلة الذروة؛ ولكن يمكنني القول إنه كلما التزمنا بالإجراءات الاحترازية كلما كنا قادرين على تكسير موجة الوباء.
ولهذا، ندعو إلى التقليل من التجمعات واحترام ارتداء الكمامة بالطريقة الصحيحة، والمسارعة إلى مراكز التلقيح من أجل الحصول على الجرعة الثالثة؛ لأن هذه الجرعة ضرورية لتعزيز المناعة عموما، ولكبار السن خصوصا، إذ تحميهم من الخطورة والفتك في حالة الإصابة.
والملاحظ اليوم أن الأشخاص المصابين الذين يرقدون في أقسام الإنعاش هم الأشخاص الذين تجاوزت مدة حصولهم على اللقاح ستة أشهر، وهناك أشخاص مسنون، كما أن 50 في المائة من المتواجدين بأقسام الإنعاش غير ملقحين.
نحن اليوم أمام موجة جديدة من الوباء، وستعرف أعداد الإصابات ارتفاعا يوما بعد يوم، فهذه الموجة في بدايتها، وأنتم ترون الأرقام اليوم كيف تتطور، حيث انتقلنا من حوالي 400 إصابة إلى أزيد من 2000 في ظرف ثلاثة أيام؛ ما يعني أننا في غضون الأسبوع المقبل سنتجاوز 5 آلاف و6 آلاف إصابة يوميا، علما أن العالم كله يعرف هذا الانتشار، إذ هناك دول تسجل 200 ألف إصابة يوميا.
لماذا اعتبرتم أن متحور “أوميكرون” قاطن بالمغرب وليس وافدا؟
سأشرح هذه القضية التي أثارت بعض البلبلة، ففي علم الوباء حينما ترصد متحورا عبر المراقبة الجينومية في ظل إغلاق الأجواء وعدم مخالطة الشخص المصاب لأجانب نكتفي بداية بتحديد مكان رصده.
وكما تعرف، فإن الفيروس لا جنسية له، ولا يحتاج إلى تأشيرة مرور؛ بل يتنقل من بلد إلى آخر، ويمكنه أن ينتشر عن طريق الإنسان وعن طريق السلع وغير ذلك.
وبالعودة إلى ظهور متحور أوميكرون في الدار البيضاء، فقد ظهرت أول إصابة في بن مسيك ثم ظهرت بؤرة ثانية في أنفا، وآنذاك قلت بما أن هناك بؤرة ثانية دون أن تكون لها علاقة مع البؤرة الأولى فإن الفيروس متواجد في مدينة الدار البيضاء.
يجب عدم الاقتصار على جنسية الفيروس، ففي كل الحالات هناك فيروس انتشر؛ مما يستدعي الحفاظ على صحة الناس، هذه هي المعادلة.
لماذا قلصتم المدة الفاصلة بين الحصول على الجرعتين الثانية والثالثة إلى أربعة أشهر؟
الجرعة الثالثة هي جرعة معززة، وأغلب المتواجدين اليوم في الإنعاش مرت أزيد من 6 أشهر على تلقيهم الجرعة الثانية؛ ما يعني أنهم أصبحوا معرضين للخطورة بعدما اندثرت الحماية. وقد ثبت علميا أن الحماية التي تمنحها الجرعتان الأولى والثانية تبدأ في التقلص بعد مرور ثلاثة أشهر؛ ما يعني الحاجة إلى جرعة ثالثة لتعزيز المناعة، وقد تأكد أن هذه الجرعة تعيد 75 في المائة من المناعة ضد الفيروس.
وإذا ما استرجعنا 75 في المائة من المناعة فسنكون قادرين على حماية أنفسنا من “أوميكرون”؛ لأن الأمر يتعلق كذلك بتعزيز مناعة الخلايا وليس الأجسام المضادة فقط، فالخلايا أيضا لها ذاكرة.
وقد اقتصرنا على أربعة أشهر فقط، بينما بدأت بعض الدول في تقليص هذه المدة إلى ثلاثة أشهر؛ لأنهم لاحظوا أنه بعد مرور ثلاثة أشهر تتراجع المناعة بحوالي النصف. ونحن يجب أن نحمي الفئات الهشة من المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة.
ما حجم الإقبال على التلقيح حاليا؟
الذي وقع أنه حينما كان المغرب في وضعية وبائية جد مطمئنة ومستقر، اعتقد الناس أننا خرجنا من الوباء ووقع نوع من التراخي، وبدأ الناس ينسون حالة الطوارئ الصحية، وأًصبحوا يعيشون حياتهم العادية، وحقيقة “الناس عياو الله يحسن عوان الجميع”، كما أنهك العاملون بقطاع الصحة، وأنا أريد من هذا المنبر أن أشكرهم على ما يقومون به، رغم قلتهم ورغم النواقص، فقد أبلوا البلاء الحسن.
وبالتالي، إذا تعرضنا لانتكاسة كبيرة “راه الجهد مبقاش”، يجب أن يعرف الناس أننا يجب أن نتعاون كي نخرج من هذه الأزمة. ولهذا نعتبر أن الالتزام بالإجراءات الاحترازية سيقلل من عدد المصابين ويساهم في تكسير هذه الموجة الوبائية، حتى لا يكون هناك توافد كثير على المستشفيات.
هناك من يتحدث عن إمكانية المرور إلى جرعة رابعة.. ما صحة ذلك؟
من أراد أن يتحدث فهو حر، ولكن يجب أن تخرج اللجنة العلمية بتوصية في هذا الشأن، وما دامت اللجنة العلمية لم تتحدث في هذا الأمر، فنحن اليوم ما زلنا ندعو المواطنين إلى المسارعة بالحصول على الجرعة الثالثة، لأن وتيرتها ضعيفة اليوم.
وإلى حدود اليوم، هناك 12 مليون مغربي يجب أن يتوجهوا إلى مراكز التلقيح من أجل الحصول على الجرعة الثالثة، وعليهم أن يبادروا بسرعة، لأنهم إذا أصيبوا سيتحملون مسؤوليتهم.
وحينما ننتهي من الجرعة الثالثة، آنذاك يمكننا الحديث عن جرعة رابعة، علما أن بعض البلدان لم يحصل مواطنوها بعد على الجرعة الأولى؛ بينما نحن بفضل الرؤية الملكية، تمكنا من تحقيق مكتسبات، وجلبنا التلقيح للمغرب.. إذن، ما نحتاجه هو العمل الجدي والانخراط والالتزام، وربي سيحفظنا.
كلمة أخيرة للمواطنين؟
أقول لهم سنة سعيدة، وأتمنى أن يرفع عنا الله هذا الوباء، وأقول لهم إن “سيدنا نصره الله” يضع صحة المواطن قبل كل شيء؛ لأن صحة المواطن هي كل شيء.
ومرة أخرى، سنة سعيدة، انخرطوا في اللقاح، واحترموا ارتداء الكمامة وابتعدوا عن التجمعات، وبذلك سنحمي بلدنا وصحتنا.