"سنواصل النضال معا من أجل تغيير القواعد التي تحكم الثياب، بحيث يتمكن اللاعبون من ممارسة الرياضة مرتدين الملابس التي تشعرهم بالراحة".
هذا جزء من البيان الصادر عن الاتحاد النرويجي لكرة اليد (NHF)، بعد تغريم فريق السيدات الوطني لكرة اليد الشاطئية بما يعادل 1,764 دولارا أمريكيا. فما جريمة الفريق؟
رفضت اللاعبات ارتداء سراويل (البكيني) القصيرة أثناء التنافس في البطولات الأوروبية وقررن ارتداء شورت أطول.
وقبل ذلك الحدث بيوم واحد فقط، قيل لإحدى المتسابقات في البطولة البارالمبية (لذوي الإعاقة) إن السروال الذي ارتدته كان "قصيرا وكاشفا للغاية".
وللأسف، فإن مراقبة ثياب النساء وتحديد قواعد لما يجب أن ترتديه اللاعبات (والنساء عموما) ليس بالأمر الجديد.
تخطى مواضيع قد تهمك وواصل القراءةمواضيع قد تهمكمواضيع قد تهمك نهاية
لذا نلقي هنا نظرة على عدد من الحوادث الشهيرة وما تلاها من عواقب.
تغريم فريق كرة اليد الشاطئية لعدم ارتداء اللاعبات البكيني
اشتكت لاعبات فريق كرة اليد الشاطئية النرويجي من أن السراويل التي طُلب منهن ارتداءها في منافساتهن الأخيرة كانت مقيدة جدا للحركة، وأضفت طابعا جنسيا عليهنّ، كما أنها كانت غير مريحة.
لذلك اخترن ارتداء الشورتات عندما واجهن فريق إسبانيا من أجل الحصول على ميدالية برونزية.
وقبل انطلاق البطولة، اتصلت النرويج بالاتحاد الدولي لكرة اليد وطلبت الإذن للاعبات لارتداء الشورتات.
لم يرفض الطلب فحسب، بل تم تذكير الفريق بأن انتهاك القواعد أمر يتوجب العقاب، وبالفعل عندما اختار الفريق ارتداء الشورتات غرمت كل لاعبة بما يعادل 177 دولارا.
وفرض الاتحاد الأوروبي لكرة اليد هذه الغرامة بسبب ارتداء "ملابس غير لائقة"، وذكر أن فريق النرويج لعب بسراويل "لا تتوافق مع لوائح الزي الرياضي المحددة في قواعد كرة اليد الشاطئية التي وضعها الاتحاد الدولي لكرة اليد".
رد فعل عنيف
تخطى البودكاست وواصل القراءةالبودكاستمراهقتي (Morahakaty)تابوهات المراهقة، من تقديم كريمة كواح و إعداد ميس باقي.
الحلقات
البودكاست نهاية
لكن تلك الغرامة أثارت رد فعل عنيف؛ إذ تساءل كثيرون لماذا بإمكان لاعبي كرة اليد الشاطئية الذكور ارتداء قمصان رياضية طويلة وفضفاضة مع سراويل تغطي جزءا كبيرا من عضلات الفخذ، في حين لا تستطيع النساء ارتداء زيا مشابها.
وبرأي رئيس الاتحاد النرويجي لكرة اليد، كيه ري جير ليو، أن "أهم شيء هو أن يكون لديك معدات يشعر الرياضيون بالراحة فيها"، وعبر عن دعمه للرياضيات ووافق على دفع الغرامة.
وقال رئيس الاتحاد النرويجي للكرة الطائرة إيريك سوردال: "لا ينبغي أن يتسبب مثل هذا الأمر بمشكلة ونحن في عام 2021".
كما كتب وزير الثقافة والرياضة، أبيد راجا، على تويتر: "إنه لأمر سخيف للغاية - لا بد من تغيير السلوك المتبع في عالم الرياضة الدولي الذكوري والمحافظ".
حتى أن المغنية الأمريكية، بنك (Pink)، عرضت دفع الغرامة.
ولسنوات عديدة، اشتكت اللاعبات من هذا الاختلاف في المعاملة في الرياضات الشاطئية، وقلن إنهن يجدن البيكيني مهينا وغير عملي.
تقول الصحفية الرياضية، ريناتا ميندونكا، لبي بي سي: "كل رياضة تحتاج إلى قواعد. ولكن عندما يكون لدينا مجموعة من القواعد خاصة بالنساء فقط، عندها تكون لدينا مشكلة".
كما تقول صانعة المحتوى الرقمي والمحامية السابقة، توفا لاي لبي بي سي: "هذا هو التحيز الجنسي (ضد المرأة) في أوضح أشكاله. ولسوء الحظ فإن التمييز الجنسي في الرياضة كثيرا ما يحدث كما أن له دورا هائلا في انسحاب عديد من الرياضات اللامعات من مجالهن".
"القضية ليست قضية شورت أو بكيني. القضية هي أنه في عام 2021 لا يزال يقال للنساء ما الذي يمكنهن ارتداءه وما لا يمكنهنّ ارتداءه لأنه لا يزال ينظر لأجساد النساء على أنها أشياء وللرجل الحق في التعليق عليها ووضع مطالبه بخصوصها وإبداء رأي عنها".
وتضيف المحامية السابقة التي غالبا ما تكتب وتعلق على السوشيال ميديا حول التدقيق والتمحيص بأجساد النساء بشكل يومي: "لا تؤخذ النساء في الرياضة على محمل الجد، ويتم التعامل معهن كصور جذابة لا على أنهنّ رياضيات محترفات".
تتفق معها ميندونكا في ذلك: "لا يوجد تبرير معقول لارتداء البكيني. لن تتغير الرياضة أبدا إذا سُمح للنساء باللعب مرتديات الشورتات. على العكس سيشعرهن ذلك براحة أكبر".
شاركت ميندونكا في تأسيس منصة رقمية اسمها (Dibradoras)، وتهدف لزيادة إظهار النساء في الرياضة، وتسليط الضوء عليهنّ، كما تقول، لأنه غالبا لا يحصلن على هذا في الشبكات الرئيسية.
وتقول "صممت المسابقات الرياضية للرجال، كما يتبين لنا عند حدوث مثل هذا النوع من المواقف. نحن في عام 2021، ولا يزال الأشخاص الذين يديرون المنظمات الرياضية، وهم عادة رجال بيض البشرة، ينظرون إلى اللاعبات على أنهن زينة، وأن دورهن إرضاء الرجال. يجب أن يكون الأمر متروكا للنساء لتقرير أفضل لباس لهن. ولكن نظرا لوجود عدد قليل من النساء المسؤولات في المنظمات الرياضية، وفي الأغلب لا توجد أية امرأة في مناصب كهذه، لا يتم سماع أصوات اللاعبات".
"كيف لا تؤخذ أصوات اللاعبات في الحسبان؟ ولماذا لا تزال أجساد النساء وملابسهن تخضع لرقابة السلطات الحاكمة ولمن حولهن؟"
سروال رياضية بارالمبية "قصير للغاية وكاشف''
لم تكن لاعبات الفريق النرويجي أول من يواجه هذه المشكلة و -أغلب الظن- أنهن لن يكن الأخيرات.
"قصير وفاضح": هكذا وصف مسؤول سروال بطلة العالم، فماذا كان ردها؟
البطلة التي تجاوزت عدم ثقتها بنفسها لتقترب من الذهب الأولمبي
في الواقع، قبل يوم على تلك الغرامة، حدث أمر ترك أوليفيا برين، من الفريق البريطاني البارالمبي وبطلة العالم مرتين، "عاجزة عن الكلام" عندما طُلب منها ارتداء سراويل "أكثر ملاءمة" أثناء التنافس في البطولات الإنجليزية.
جاء التعليق من مسؤول قال إن سروالها "قصير للغاية وكاشف".
وتقول العداءة وبطلة الوثب الطويل، التي من المقرر أن تنافس في دورة الألعاب البارالمبية في طوكيو الشهر المقبل، إنها أرادت الحديث علنا عن الأمر لمنع تكرار الموقف ذاته مع أخريات.
وتصف برين ملابسها الرياضية بأنها "سروال بيكيني عالي الخصر".
وقالت لبي بي سي: "أثناء المنافسة نود أن نكون خفيفات قدر الإمكان، وألا نشعر بالثقل، نريد أن نشعر بالراحة. ارتديت مثل هذا السروال لمدة تسع سنوات، ولم أواجه أية مشكلة".
"قد يبدو هذان المثالان متناقضين، لكنهما ببساطة وجهان لعملة واحدة" ، كما تقول المحامية السابقة لاي: "يتم التعامل مع أجساد النساء والنظر إليها على أنها مشكلة".
اللعب بارتداء الحجاب
ظهرت هذه المشكلة عام 2016 عندما انتشرت على نحو واسع صورة من أولمبياد ريو تظهر لاعبتي كرة طائرة على الشاطئ - إحداهما مصرية والثانية ألمانيّة. تسببت الصورة بكثير من الكلام والتعليقات ليس بسبب مهاراتهما الرياضية ولكن بسبب "أزيائهما المتناقضة" كما بدت، حتى أن بعض الصحف علّقت بأن الصورة تمثل "صراعا ثقافيا".
دحض ذاك التعليق بشدة وقال كثيرون إن الصورة أظهرت في الواقع "القوة الموحدة للرياضة".
كانت المصريّة دعاء الغباشي (التي ظهرت في الصورة) أول لاعبة كرة طائرة شاطئية أولمبية ترتدي الحجاب.
وعلقت ببساطة حينها قائلة "ارتديت الحجاب لمدة 10 سنوات. ولم يبعدني عن الأشياء التي أحب القيام بها، وكرة الطائرة الشاطئية واحدة من الأشياء التي أحبها".
لكن تلك الفورة التي تسببت بها صورة واحدة سلطت الضوء على مشكلة أكبر بالنسبة لكثيرين. وكتبت الصحفية البريطانية، هانا سميث، في ذلك الوقت: "بغض النظر عن الثقافة التي جئت منها، لا يزال يُنظر إلى أجساد النساء وطريقة ارتداء الملابس على أنها ملكية عامة - أو بشكل أكثر دقة لا تزال تعتبر من ملكية للنظام الأبوي".
"بغض النظر عما ترتديه المرأة عند ممارسة الرياضة، فسيحكم عليها دائما من قبل الرجال الذين يشاهدونها".
عندما عادت لاعبة التنس الأمريكية سيرينا ويليامز إلى العمل بعد إجازة الأمومة، اعتبرت أن الزي الذي ارتدته عام 2018 في بطولة فرنسا المفتوحة كان إهداء "لجميع الأمهات اللائي مررن بفترة حمل صعبة".
وقالت البطلة الحائزة على 23 لقبا في بطولات الغراند سلام إن البدلة التي ارتدتهاجعلتها تشعر وكأنها "ملكة من واكاندا" في إشارة إلى فيلم النمر الأسود.
ولكن قيل لها إنه لن يسمح لها ارتداء ذاك الزي مرة أخرى، حيث قال رئيس الاتحاد الفرنسي للتنس، برنارد جوديتشيلي، لمجلة التنس: "أعتقد أننا بالغنا كثيرا في بعض الأحيان. علينا احترام اللعبة والمكان".
وقالت ويليامز إن البدلة ساعدتها في التغلب على مشكلة جلطات الدم، والتي قالت إنها كادت أن تكلفها حياتها أثناء الولادة.
لكنها تقول إنها تحدثت إلى جوديتشيلي حينها، وأصرت أن ذلك القرار "لم يكن مشكلة كبيرة" و "إن علموا أن بعض الأشياء نقوم بها لأسباب صحية، فحتما سيوافقون عليها".
إذن، مع تزايد عدد الرياضيات التي يتخذن موقفا ويحدثن علنا - هل بدأت الأمور تتغير؟
لاعبات الجمباز يرتدين بدلات مغطية لكامل الجسم
ارتدت لاعبات الجمباز الألمانيات بدلات مغطية لكامل الجسم في التصفيات المؤهلة في الألعاب الأولمبية، مصرّات على موقفهن الرافض لإضفاء طابع جنسي على رياضتهن.
وكان عدد منهنّ قد ارتدى ملابس مماثلة في بطولة أوروبا في وقت سابق من هذا العام، وقالت سارة فوس إنها وزميلاتها يردن جعل الفتيات الأصغر سنا يشعرن بالأمان عند ممارسة هذه الرياضة.
تتحدى هذه البدلات التقاليد المتبعة، حيث تختار معظم لاعبات الجمباز ثوبا راقصا وهناك من تختار تغطية الساقين في المنافسة الدولية لأسباب دينية.
وكان الفريق الألماني قد ارتدى زيا مماثلا خلال تدريبات الأسبوع الماضي، وقالت البطلة الأولمبية لثلاث مرات إن سبب ذلك هو "الشعور بالراحة"، مضيفة: "أردنا أن نظهر أن كل امرأة، وكل شخص، يجب أن يقرر ما يود ارتداءه".
قبعات السباحة
قد يعاد النظر في قرار عدم السماح بارتداء قبعات السباحة المصممة للشعر الأفرو في المسابقات الدولية بعد ردة فعل عنيفة على قرار المنع.
وكانت الهيئة الحاكمة للرياضات المائية، قد قالت إن تلك القبعات غير مناسبة لأنها لا تتناسب مع "الشكل الطبيعي للرأس".
لكن تلك التعليقات أثارت انتقادات كثير من السباحين حيث قال البعض إن القرار سوف يثني السود عن ال في الرياضة.
ونتيجة لذلك يتم الآن "مراجعة الوضع".
ومن غير المرجح أن تختفي قصص انتقاد ثياب اللاعبات من عناوين الأخبار في المستقبل، لكن المحامية السابقة لاي تقول إن هناك ما يمكننا فعله جميعا للمساعدة وهو الحديث عن هذا الموضوع كلما مر أمامنا.
"لماذا؟ لأنه علينا أن نظهر للفتيات، منذ صغرهنّ، أنه من الطبيعي وجود المرأة في عالم الرياضة".