شهدت البحوث الخاصة بإنتاج «بطاريات الجرافين» تطورات متلاحقة خلال الفترة الأخيرة، حيث تم الإعلان عن 25 مشروعاً بحثياً متنوعاً في هذا المجال، تستهدف جميعها الاستفادة من الخصائص الفريدة لمادة «الجرافين» في تطوير بطاريات للهواتف الذكية والأجهزة الأخرى القابلة للارتداء يمكن شحنها بالكامل خلال فترة تراوح بين سبع و12 ثانية فقط، فضلاً عن تمتّعها بالخفة الشديدة، والسعة التخزينية العالية، والقدرة على العمل في مختلف الظروف، بما فيها الحرارة العالية.
وظهرت التباشير الأولى لنتائج هذه البحوث مع نماذج أولية كشفت عنها شركات عدة، مثل «سامسونغ» التي أعلنت عن بطارية «جرافين» قابلة للشحن خلال 12 دقيقة بدلاً من ساعة، أي انها ترفع سرعة الشحن خمس مرات، إضافة إلى نموذج ثانٍ من شركة «هواوي» قادر على العمل تحت درجة حرارة تصل إلى 70 درجة مئوية.
«الجرافين»
الشحن خلال ثانية كشف فريق من جامعة «تشجيانغ» الصينية عن نتائج بحوث تستهدف إنتاج بطاريةجديدة من «الجرافين» يمكن شحنها خلال 1.1 ثانية فقط، بدلاً من ساعات. وصمم الفريق البحثي الذي رأسه الدكتور كاو تشاو، من قسم علوم وهندسةالبوليمير، هذا النوع من البطاريات باستخدام رقائق «الجرافين» كأقطابإيجابية والألمنيوم المعدني كأقطاب سلبية، لتكوين بطارية يمكن أن تعمل بشكلفعال بعد ربع مليون دورة ليتم شحنها خلال ثوانٍ.وأظهرت التجارب أنالبطارية الجديدة تُبقي على 91% من قدرتها التحميلية بعد 250 ألف عمليةشحن، ما يتجاوز قدرات جميع البطاريات السابقة من جهة طول عمر البطارية. • 25 مشروعاً لتطوير بطاريات «جرافين» صغيرة الحجم طويلة العمر. |
وكان المؤتمر والمعرض العالمي للهواتف المحمولة الذي عقد الشهر الماضي في مدينة برشلونة الإسبانية، شهد عرض 25 مشروعاً كبيراً تجري في مناطق مختلفة من العالم وعبر شركات ومراكز بحثية مرموقة وكبيرة، جميعها يركز على إنتاج بطاريات صغيرة الحجم طويلة العمر عالية السعة سريعة الشحن للأجيال الجديدة من الاجهزة الذكية والالكترونية، مثل أدوات إنترنت الاشياء، و«الروبوتات» المتطورة، والأجهزة القابلة للارتداء كالساعات الذكية والنظارات الذكية، وأجهزة متابعة اللياقة البدنية، وغيرها.
ويعرف «الجرافين» بأنه عبارة عن مادة تتكون من طبقة رقيقة من ذرات الكربون النقي المحشوة بإحكام في بنية أشبه بقرص عسل النحل، وهي مادة لا يتم تصنيعها أو تخليقها، لكن يتم استخراجها من مادة أخرى هي «الجرافيت»، عبر عمليات استخلاص معقدة، كان علماء أوروبيون وغربيون نجحوا في التوصل إليها عام 2004. ومن خلال عملية الاستخلاص تم التوصل الى مادة ثنائية الأبعاد تحتوي على عدد من السمات غير العادية والمرغوبة، بما في ذلك كونها رقيقة بشكل غير عادي وقوية ومرنة، فهي أقوى 200 مرة من الفولاذ وأخف وزناً من الورق، وأكثر ليونة ومرونة من البلاستيك.
ودفعت هذه النتائج المبهرة الاتحاد الأوروبي لتبني مبادرة كبرى في مجال «الجرافين»، أطلق عليها «برنامج الجرافين»، وخصص له مليار يورو كميزانية لمزيد من البحث والتطوير. وخلال مؤتمر برشلونة، شارك «برنامج الجرافين» بجناح كبير في المعرض، عرض من خلاله أكثر من 25 مشروعاً مماثلاً حول العالم، وهي جميعها مشروعات تسعى إلى تحقيق أفضل الطرق التي تسمح باستخدام «الجرافين» على نطاق تجاري عالمياً.
مسارات عدة
ووفقاً للمعلومات التي وفرها موقع المعرض والمؤتمر عن هذا الجناح، فإن بحوث بطاريات «الجرافين» تمضي عالمياً في مسارات عدة، تشمل الأجهزة اليدوية، وأجهزة ومعدات شبكات الاتصالات وبطاريات السيارات وغيرها.
وفي مجال الهواتف الذكية تحاول الأبحاث الوصول الى بطاريات «جرافين» سريعة الشحن، ومرنة بما يكفي لجعل الهاتف ككل مرناً وقابلاً للطي والانحناء، لأن «الجرافين» يسمح بأن تكون البطارية على شكل شاشة أو مسطحة قليلة السمك قابلة للطي.
كما أن هناك مساراً بحثياً آخر يحاول تضمين أو وضع مادة «الجرافين» نفسها في البطاريات الحالية، لرفع سعتها التخزينية بصورة هائلة فتعمل لفترات أطول، وتخفض زمن الشحن ليصبح ثواني بدلاً من عشرات الدقائق. وفي هذه الحالة تعمل مادة «الجرافين» كنوع من طرق الشحن فائقة السرعة، ما يسمح للطاقة بالمرور بسرعة كبيرة.
الأجهزة القابلة للارتداء
ولكون «الجرافين» خفيفاً، فإنه يستجيب بسرعة للضغط، ما يضمن مجالاً واسعاً للاستخدام في مجال الاجهزة القابلة للارتداء، لاسيما التي تتعامل مع القياسات الحيوية للجسم، كمعدل نبض القلب، وغيرها. وفي هذا السياق، قام باحثون من معهد العلوم الضوئية في إسبانيا بدمج «الجرافين» في بقع الأشعة فوق البنفسجية الملحقة بالجلد مثل أي تقنية قد تساعد في الإسعافات الأولية.
وفي مشروع آخر بجامعة كامبريدج البريطانية، يحاول الباحثون إضافة «الجرافين» إلى الأحذية الذكية للحصول على الفوائد، بما في ذلك الاستشعار والتبريد والقوة، ورصد توزيع الضغط لأدوية القدم والأداء الرياضي.
Shareطباعةفيسبوك تويتر لينكدين Pin InterestWhats App