بغداد ـ «القدس العربي»: يستمر اضطراب الأوضاع الأمنية في محافظة ديالى العراقية، وتحديداً في قضاء المقدادية، منذ نهاية الشهر الماضي، وفيما عقد قادة أمنيون اجتماعاً رفيعاً في المدينة، الإثنين، لتدارك الأزمة، التي تُنّذر بعودة التوتر الطائفي، اتهم مرصد حقوقي، فصائل شيعية مسلحة منضوية في «الحشد الشعبي» بارتكاب أعمال «قتل وتهجير» لأبناء السنّة في المنطقة، كما اتهم، الحكومة بالخضوع لنفوذ ما وصفها بـ«المليشيات المدعومة من إيران».
إجراءات جديدة
واتخذت القوات الأمنية في محافظة ديالى، إجراءات أمنية جديدة مشددة، لفرض الأمن في قضاء المقدادية في المحافظة.مصادر أمنية، أفادت أن، «على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدها قضاء المقدادية، تم اتخاذ عدة إجراءات أمنية للسيطرة على الأوضاع فيه».وأكدت أن «الإجراءات تمثلت في إخراج أفواج شرطة الطوارئ، واستبدالها بقوات الجيش في المقدادية، ونشر نقاط أمنية عددها 6 في المناطق التي تعرضت للهجمات، فضلا عن تحصين المناطق التي شهدت خروقات في عموم المقدادية، وشق طرق في البساتين للسيطرة عليها».كما تضمنت الإجراءات، «نشر قوات أمنية داخل القرى التي شهدت أوضاع وتوترات وهي نهر الإمام والميثاق، ونصب 3 كاميرات حرارية في المنطقة المنكوبة» حسب مواقع إخبارية محلّية.في الأثناء، تفقد رئيس أركان الجيش، الفريق الأول الركن عبد الأمير يار الله، يرافقه الفريق الأول الركن، عبد الأمير الشمري، نائب قائد العمليات المشتركة، ومعاون رئيس أركان الجيش للعمليات، وقائد القوات البرية، ومدير الاستخبارات العسكرية، الإثنين، قيادة عمليات ديالى، وكان باستقبالهم قائد عمليات ديالى، وقائد فرقة المشاة الأولى، ومدير شرطة محافظة ديالى، وقائد محور ديالى لـ«الحشد الشعبي».وذكر بيان لخلية الإعلام الأمني الحكومية، أن، «فور وصول الوفد تم عقد مؤتمر أمني مع جميع القيادات والوكالات الأمنية لمناقشة آخر التطورات والحوادث إثر الحادث الإرهابي الذي وقع في قرية الرشاد، والذي راح ضحيته عدد من الشهداء والجرحى، وكذلك تداعيات هذا الحادث». وأضاف: «تم خلال المؤتمر التأكيد على القيادات الأمنية بالحفاظ على اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي وعدم السماح بأي تجاوزات على أمن المواطن لكونها مسؤولية الأجهزة الأمنية، كما جرى مناقشة الخطط الخاصة بقاطع المسؤولية».
إيقاف «الإبادة الجماعية»
في المقابل، دعا «الميثاق الوطني العراقي» وهو تجمّع للقوى والأحزاب والتجمعات والشخصيات المستقلة، المجتمع الدولي ومجلس الأمن، لإيقاف «الإبادة الجماعية» التي تحصل في المقدادية في محافظة ديالى، حسب وصفه، معتبرا أن القضاء يتعرض ـ»للتهجير القسري والتطهير الطائفي».وقال في بيان، «منذ عدة أيام وأهالي قرى المقدادية في محافظة ديالى يتعرضون إلى تهجير قسري ممنهج بدوافع طائفية مقيتة».ولفت إلى أن، «بدأت عمليات التهجير بقرية (نهر الإمام) يوم (26/10/2021) بعد أن تعرضت إلى إبادة جماعية وتطهير طائفي إرهابي ميليشياوي بقتل الأطفال والنساء والشيوخ وهروب أهلها، بعد أن أُحرقت بساتينهم وبيوتهم والمراكز الخدمية والتعليمية والدينية والاستيلاء على ممتلكاتهم من المواشي والسيارات وغيرها».واتهم، القوات الحكومية الرسمية «من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب وقوى الأمن الداخلي» بالوقوف «متفرجة أمام هذه الجرائم البشعة».وحسب البيان، فإن «أهل القرية يؤكدون أن القوات الحكومية ساهمت بتهجير الناس وتسليم القرية إلى الميليشيات الولائية بعد أن أبلغوا الأهالي بعدم القدرة على حمايتهم وضرورة رحيلهم من منازلهم ومنطقتهم».واستنكر الميثاق، «حملات التهجير القسري والإبادة الجماعية الرامية إلى تغيير التركيبة السكانية في المقدادية» مؤكدا أن «من يقوم بهذه الجرائم يحاول تمرير مخططات الاحتلال الإيراني ومشروعه الخطير على حساب أرواح العراقيين».
ودعا المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، ودول جوار العراق، إلى «كسر صمتهم المخزي وإيقاف الإبادة الجماعية في قرى المقدادية في محافظة ديالى» مجددا دعوته «الإعلام العراقي والعربي والغربي ـ مؤسسات وأفرادًا ـ لتحمل مسؤوليته الأخلاقية والمهنية بكشف هذا المخطط الرهيب».كذلك حمّل «مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان» وهو مرصد حقوقي، مما وصفهم بـ «ميليشيات الحكومة الايرانية» مسؤولية، الأحداث التي شهدتها منطقة المقدادية في ديالى، «بمباركة الدولة العراقية ،تعتيم إعلامي» فيما طالب، الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بالتدخل العاجل.وذكر في بيان صحافي، «ساهم تنامي قوة ميليشيات الحشد الشعبي في تدهور الوضع الأمني في عموم العراق».وفي 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، أقر مجلس النواب العراقي (البرلمان) قانون هيئة «الحشد الشعبي» وسط مقاطعة النواب السنّة.
«ارتكاب جرائم»
وأضاف البيان، أن «الميليشيات الحكومية الإيرانية تواصل ارتكاب جرائم القتل والخطف والاختفاء القسري والتهجير الطائفي والاستيلاء على ممتلكات السكان المحليين. وحتى يومنا هذا، لم تمح هذه الجرائم من ذاكرة المواطن العراقي والمجتمع الدولي» مؤكدا أن «جميع المنظمات الدولية المكلفة برصد الأوضاع في العراق والساحة السياسية، ارتكاب مليشيات الحشد الشعبي وقوات الأمن الحكومية جرائم ترقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية».وأوضح، أن «ما نراه من صمت الحكومة والتعتيم الإعلامي وضعف القوات الأمنية، في حماية المدنيين العراقيين، في كل جريمة ترتكب بحقهم يعطينا مؤشرات على أن ما يحدث في المقدادية، هو بمباركة الحكومة العراقية والتواطؤ مع الميليشيات» مبينا أنها «قصفت القرى بقذائف الهاون، وهاجمت منازل المدنيين، وقتلت الأطفال والنساء وكبار السن، واستولت على ممتلكاتهم وبساتينهم، وأحرقت مواشيهم ومنازلهم لمواصلة دوامة العنف الطائفي الخطيرة التي تمزق البلاد، بسبب تصاعد نفوذ الميليشيات في العراق».وأشار إلى أن «قائمة مليشيات الحشد الشعبي المسؤولة عن سلسلة عمليات القتل والخطف وإطلاق الصواريخ على قرى ناحية المقدادية والتهديد بإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، تضمنت ميليشيات عصائب أهل الحق، وفيلق بدر، وكتائب حزب الله، وجيش المهدي (سرايا السلام)». على حدّ البيان.وبين، أن «القوات الأمنية والميليشيات المتعاونة معها بدأت في مضايقة السكان المحليين في القرى المحيطة في المقدادية الواقعة على بعد 80 كيلومترا شمال شرقي بغداد، وتأتي الهجمات الأخيرة على قرية الرشاد في المقدادية ضمن حملة تشنها مليشيات الحشد الشعبي لتهجير أهالي قرية نهر الإمام وريم الشوك والإمام وس و 10 قرى أخرى تابعة لناحية المقدادية».ونقل المرصد، عن مصدر لم يسمّه، قوله: أن «مسلحين وآخرين بملابس مدنية تابعون للشرطة المحلية هاجموا أهالي القرى المحيطة في المقدادية بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ثم قصفوا القرى بقذائف الهاون» لافتا إلى أن «ميليشيات الحشد الشعبي بكافة انتماءاتها تهيمن على معظم القرارات الأمنية والسياسية والاقتصادية وتفرض نفوذها على جميع المنافذ الحدودية في المحافظة».وتابع البيان: «كانت جريمتا مسجد مصعب بن عمير ومسجد السارية، اللذان ارتكبتهما ميليشيا عصائب أهل الحق في عامي 2013 و 2014 من أشد حوادث العنف الطائفي في محافظة ديالى، وما زالت جرائم العنف الطائفي مستمرة حتى الآن بذريعة أن الأحزاب والشخصيات السياسية الحكومية أذاعت أن السكان السنة في المحافظة هم حاضنة للإرهاب ويجب تهجيرهم من مناطقهم ومصادرة ممتلكاتهم وخطف رجالهم وتنفيذ إعدامات ميدانية بحقهم خارج إطار السلطة القضائية، متناسين تضحيات الحشد العشائري السني في هذه المناطق والذي شارك أيضا في عمليات تحرير المحافظات الغربية والشمالية من تنظيم داعش الإرهابي».ولفت إلى أن، «يعد هذا الانتهاك الصارخ، دليلا جديدا على خضوع الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية والقضاء العراقي لنفوذ مليشيات الدولة، وتأكيدا على النهج الطائفي للقوى السياسية في التعامل مع مكونات الشعب العراقي، وبما أن الحكومة العراقية لم تتخذ إجراءات صارمة ضد المهاجمين من الميليشيات الانتقامية، فقد أدى ذلك إلى تفاقم الوضع وزيادة عدد العائلات النازحة قسراً، بل اكتفت بتقديم المساعدة لهم في التهجير القسري، مما جعلهم عرضة لمصير مجهول» وفقاً للبيان.وأوضح أن، «لا يزال مصير العديد من المدنيين الذين اختطفتهم مليشيات الحشد الشعبي منذ 2013 وحتى الآن مجهولا، واستمرت عمليات القتل والتصفية خارج إطار النظام القضائي ولم تتوقف، ليضيف إلى هذه الأعداد عددا جديدا من المدنيين. عشرات الرجال من قرى المقدادية ومحيطها ما زالوا في عداد المفقودين، ويخشى أن يتم تصفيتهم وقتلهم وإخفائهم قسريا».وجدد البيان، التأكيد على أن «السلطات العراقية فشلت في حماية المدنيين السنة في قضاء المقدادية من موجة الهجمات الانتقامية التي نفذتها قوات الحشد الشعبي» مستذكرا «سلوك التقاعس واللامبالاة من قبل حكومة الكاظمي تجاه جريمة قرى المقدادية، ويحمل جميع القيادات السياسية والأمنية المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عما يجري بحق سكان المقدادية القرى أمام المجتمع الدولي». ودعا المركز، «مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى التدخل الفوري، وحث السلطات العراقية على إجراء تحقيق في الهجوم والقبض على المسؤولين عنه، مدنيون عراقيون» حسب البيان.