قالت دراسة رسمية إن المدارس الفرعية تعاني من اختلالات هيكلية، تتصل أساساً بالظروف الاجتماعية والاقتصادية غير المواتية بمعظم المناطق القروية.
وتشمل هذه الاختلالات، حسب “دراسة مقارنة للمدارس الجماعاتية والفرعية”، صادرة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، كون المدارس الفرعية تتواجد في مواقع غير ملائمة، وذلك بسبب الإكراهات المتعلقة بتوافر الأراضي وتضارب مصالح الدواوير المستفيدة.
وجاء في الدراسة أن هذه الإكراهات دفعت وزارة التربية الوطنية إلى إنشاء بعض المدارس الفرعية بعيداً عن دواوير السكان، وفي أماكن غالباً ما تكون غير مواتية، سواء على ضفاف الأنهار أو بمحاذاة المقابر، موردة أن عدداً من المدارس الفرعية تم بناؤها على طول بعض الطرق الكبيرة، بعيداً عن السكان المستهدفين، وذلك تسهيلاً لعملية بنائها فقط.
وأوردت دراسة المجلس المذكور أن مواد البناء المضرة بالصحة، التي يتم بها تشييد المدارس الفرعية، لا تفي بمعايير السلامة، ونبهت إلى أن البناء الجاهز و”الأسبستوس” الرخيص، والقابل للتركيب بسهولة، يشكل خطراً على صحة التلاميذ والأساتذة عندما تتحلل ألياف مواده وتنتشر في الهواء المحيط.
ورغم أن وزارة التربية الوطنية توقفت عن اللجوء إلى البنايات الجاهزة منذ سنة 1997 لتجنب الأخطار المذكورة، فإن “الأسبستوس” مازال موجوداً في المدارس الفرعية القديمة، ويبقي احتمال الخطر قائماً في تلك البنايات المتقادمة والمتردية.
وتعاني هذه المدارس الفرعية أيضاً من سكن وظيفي غير كاف، وضعف الإشراف التربوي والإداري عن قرب، ناهيك عن بنية بيداغوجية ومادية غير كافية، إضافة إلى انتقال ديموغرافي غير موات؛ إذ انخفض عدد معدلات المواليد نتيجة الهجرة القروية، ما يهدد بقاء تلك المدارس.
وتضطر ما يقارب 80 في المائة من المدارس الفرعية إلى اختيار التعليم في الأقسام متعددة المستويات، وهو ما من شأنه أن يقوض جودة التعلمات بالنسبة للتلاميذ.
وحسب المعطيات الرسمية فقد أسهمت المدارس الفرعية في الدواوير النائية في تطوير العرض المدرسي في المناطق القروية؛ ذلك أن عددها تضاعف ثلاث مرات، إذ انتقل من أقل من 4000 مدرسة سنة 1975 إلى 13401 مدرسة سنة 2010، وبعد هذه السنة بقي عدد تلك المدارس مستقراً، بل ويشهد تراجعاً طفيفاً من سنة إلى أخرى.
ويفسر التراجع في عدد المدارس الفرعية بدخول البرنامج الاستعجالي حيز التنفيذ، الذي دعا ضمن أمور أخرى إلى الإغلاق التدريجي للمدارس الفرعية وتعويضها بمدارس جماعاتية.
ويتجلى من المعطيات الرسمية التي وردت في التقرير أن التلاميذ الذين يدرسون في المدارس الفرعية يمثلون أكثر من نصف التلاميذ في الوسط القروي، لكن نسبتهم عرفت انخفاضاً مضطرداً خلال العقد الماضي، إذ انتقلت من 55 في المائة سنة 2010 إلى 50 في المائة سنة 2019.