اتجهت شركات المقاولات المحلية لتعزيز أنشطتها وإضافة أنواع جديدة من الخبرات الإنشائية بهدف مواجهة الطفرة العمرانية فى مصر والتى تتسم منذ عدة سنوات بطرح أنواع مبتكرة وجديدة من المشروعات سواء القومية أو التابعة للقطاع الخاص، وهو ما ظهر فعليا فى إنشاء الأبراج شاهقة الارتفاع ومشروعات النقل.
«المال» تواصلت مع مجموعة من مسئولى شركات المقاولات للحديث عن القطاع فى ظل الطفرة التى تشهدها السوق مؤخرا، بعد إطلاق وتشييد مجتمعات ومدن جديدة، بالإضافة إلى الاستثمار فى البنية التحتية من طرق وكبارى وأنفاق؛ وتطورت أنماط أعمال المقاولات، لمواكبة الجديد فى القطاع العقارى، وتقديم التسهيلات وتذليل العقبات التى قد تواجه المطورين فى ضوء المستجدات والمتغيرات التى طرأت على السوق العقارية.
واتفق بعض المتخصصين والخبراء فى أعمال المقاولات والتشييد على تطور هذا القطاع من حيث استحداث وسائل ومعدات جديدة، وتطور أساليب الشركات من حيث الهيكل الفنى أو الإدارى، واستحداث آليات وطرق جديدة طبقا لمواصفات الجودة العالمية، مما انعكس على تصميمات المبانى وطرق تنفيذها.
وأكدوا أن التوسعات السابقة من الشركات المحلية كفيلة بتغطية الطفرة العمرانية فى مصر، كما عززت تنافسيتهم لاختراق أسواق خارجية وتنفيذ مشروعات فى بلدان إعادة الإعمار أو الخليج وأفريقيا.
بداية، قال شمس الدين يوسف عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، وعضو لجنة التعويضات،ورئيس مجلس إدارة شركة الشمس للمقاولات، إن قطاع المقاولات فى مصر شهد خلال السنوات الماضية تطورا كبيرا من حيث استحداث أساليب جديدة من قبل الشركات المنفذة للمشروعات القومية، وذلك التطور انعكس على الهيكل الإدارى والفنى لتتناسب مع حجم المشروعات الكبيرة التى تقوم بتنفيذها.
وأوضح أن هذا التطور فى القطاع وأنماط التنفيذ رغم التغير السريع فى أسعار الخامات وببروقراطية الأداء فى جهات الإسناد، انعكس بطريقة مباشرة على شركات المقاولات التى استفادت من ذلك، حيث التسهيلات المالية والفنية.
وأضاف أن عملية تطوير قطاع المقاولات جاءت مسايرة لمتطلبات المشروعات المتاحة، على سبيل المثال، مشروعات الطرق ومواصفات تنفيذها فرضت على شركات المقاولات تحديث المعدات وطرق الإدارة، ومشروعات البنية التحتية التى فرضت على الشركات تحديث المعدات المستخدمة.
وأشار إلى التطور اللافت فى سوق المقاولات لاسيما للشركات التى أسندت إليها أعمال التنفيذ لكبرى المشروعات القومية، والذى انعكس عليها من حيث حجم الأعمال أو الآلات والمعدات والطرق المستحدثة.
وأفاد بأن الدولة المصرية عانت لمدة 30 سنة من انهيار فى البنية التحتية، مما يجعل المقاولين حاليا لا يطمحون للمنافسة على قدر الاهتمام بمصلحة البلد أولا، لأن المردود الاقتصادى أكثر أهمية، لافتا إلى أن قطاع التشييد عموما له مردود قوى على الاقتصاد من حيث تشغيل مصانع مواد البناء وتشغيل قطاع كبير من العمالة مما يعمل على تقليل معدلات البطالة وخفض نسب الفقر.
اقرأ أيضا7 شركات عقارية تتنافس للحصول على قطعة أرض في حدائق أكتوبريوسف: الإسناد المباشر يؤكد قوة الكبار أصحاب السمعة والملاءة المالية الجيدة ولكنه يؤثر على الصغار
وتابع إن الأداء الضعيف لبعض الشركات الصغيرة يرجع إلى إجراءات طرح المشروعات بالطريقة النمطية، والتى تستغرق وقتاً طويلاً قد يفوق الوقت المستغرق لتنفيذ المشروع نفسه، ونظراً لتبنى الدولة النهج السريع فى اتباع آلية تنفيذ المشروعات، لجأت الجهات إلى تنفيذ المشروعات عن طريق الإسناد المباشر، فما على الجهة إلا اختيار الشركات ذات السمعة الطيبة والمقدرة المالية العالمية وسابقات الأعمال المميزة، وبالتالى هذه الآلية لا يقدر عليها سوى الشركات الكبرى ذات الملاءة المالية العالية، وهذا ما يفسر معاناة الشركات الصغيرة، وهذه تعد مشكلة تواجه الشركات الصغيرة فى هذا القطاع رغم قدم تاريخها فى المجال.
وعلى صعيد متصل، قال المهندس أيمن الخميسى، المدير التنفيذى لشركة راكمو للتشييد والبناء، إحدى شركات مجموعة سكاى هولدينج العاملة فى مجالات المقاولات والصناعة، إن سوق المقاولات فى مصر تطور تطورا ملحوظا على جميع الأصعدة وتصنيفات شركات المقاولات، لافتا إلى أن أكبر شركات القطاع الخاص أصبح لديها مصانعها الخاصة والأدوات والمعدات المتخصصة فى أعمال جديدة لم تكن متاحة من قبل مثل أعمال الأنفاق.
وأشار إلى أنه قديما كانت الشركات الحكومية فقط التى تمتلك هذه الأدوات، بينما حاليا نجد شركات قطاع خاص تقوم بأعمال التشييد والبناء لمشروعات كبرى كمشروع أنفاق الإسماعيلية، الذى أصبح مملوكا لشركات وجهات مصرية.
ولفت إلى الاستعانة بالخبراء الأجانب قديما والمعدات اللازمة للكثير من المشروعات، بينما أصبح ذلك لا يحدث فى مصر لاسيما أن شركات المقاولات الخمس الكبرى أصبحت تنافس كبرى الشركات العالمية، مما يؤكد على تطور قطاع المقاولات فى مصر خلال السبع سنوات الماضية.
وشدد على أهمية حرص أصحاب الشركات على تميز قوة العمل لديهم، وتدريبهم بصفة مستمرة لمواجهة التطور الحالى فى سوق المقاولات، فى ظل المنافسة الحالية بين الشركات، موضحا أهمية وضع نظام داخلى مميز للشركة من الناحيتين المالية والإدارية، بالإضافة إلى الحرص على شراء أحدث المعدات اللازمة لمواكبة التطور فى هذه السوق.
وأكد التنوع فى سوق المقاولات حاليا، وتنوع المشروعات والتى لم تعد تقتصر على المشروعات السكنية فقط، إنما أصبح هناك تنوع فى المشروعات لتشمل بجانب مشروعات الدولة العمرانية مشروعات الاستثمار فى البنية التحتية مثل الكبارى والأنفاق والطرق، بالإضافة إلى المولات التجارية الكبيرة.
الخميسى: الابتكار لم يعد مقصورا على نوعية الطروحات وامتد إلى أنماط التنفيذ
وأضاف «الخميسى» أن التنوع فى سوق المقاولات حاليا لم يقتصر فقط على نوعية المشروعات وإنما أيضا يشمل أنماط التنفيذ الجديدة والمختلفة، لافتا إلى مبادرة مشروع حياة كريمة وأعمال التشطبيات للمنازل، حيث الحرص على إنشاء منازل آدمية تصلح للعيش فيها.
اقرأ أيضا«العاصمة الإدارية» تنتهى من تنفيذ شبكات الفايبر وإتاحة خدمات الاتصالات بالحى الحكومىبعض الكيانات لجأت لإضافة أذرع صناعية لتوفير المواد الخام أو اختراق التطوير العقارى
وعلى مستوى مواكبة التطور فى التنوع الخاص بأنماط المقاولات، أشار إلى أن الاستحداث ظهر من خلال استخدام مواد ومعدات جديدة، مشيرا إلى بناء المستشفيات على سبيل المثال حاليا حسب الأكواد العالمية من حيث ألوان الدهانات والمواد المستخدمة فى الطلاء والتى أصبحت قابلة للتنظيف، ومقاومة للبكتيريا، وبالتالى أكد على ضرورة مواكبة الشركات لهذه المعدات والأدوات المستخدمة لمواكبة التطور ومن أجل البقاء والتنافسية فى السوق.
ويرى أن المطورين حاليا أصبحوا لا يسمحوا إلا بالتنفيذ من خلال المواصفات المصرية والعالمية، لافتا إلى أن ذلك كان لا يحدث إلا فى المشروعات الإستراتيجية خلال السنوات الماضية.
وأشارإلى طرق التنفيذ الآمنة، والتى أصبحت الشركات حاليا تحرص عليها للحفاظ على العاملين فى المجال، سواء من خلال ربط الأحزمة أثناء العمل، أو ارتداء ملابس مخصصة، وهذه أشياء كنا نفتقد إليها فى السنوات الماضية.
ولفت إلى التميز فى الوجهات والتصميمات للأبراج الموجودة فى العاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة، وبالتالى يرى «الخميسى» أن قطاع التشييد والمقاولات فى مصر يشهد حاليا طفرة جديدة، ذات تأثير إيجابى، من حيث إطلاق مدن جديدة وتغيير شكل الجمهورية، والاستثمار فى البنية التحتية، والمشروعات العمرانية المتعددة.
وأشار إلى تميز هذه الفترة بإعادة الإعمار فى منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا ضرورة الاستفادة من ذلك ورواج فكرة تصدير المقاولات خارج مصر، سواء على مستوى إعمار العراق أو ليبيا، وبالتالى أصبحت شركات المقاولات الخمس الكبرى تتميز فى الجودة والسعر، حتى أصبحت تنافس الشركات الأجنبية فى هذا القطاع.
واقترح آلية الشراكات من خلال مذكرات التفاهم، لزيادة جودة المنتجات برأس مال أكبر، وللاستفادة من تثبيت السعر خاصة فى ظل التغير المستمر للأسعار حاليا لاسيما فى ظل ارتفاع أسعار مواد البناء عالميا.
فيما قال جون سعد الخبير الاستثمارى إن السوق المصرية تشهد طفرة عمرانية لافتة فى السنوات الماضية، ويلاحظ فيها تنوع الأعمال المطروحة وإنشاء مشروعات قومية لأول مرة من نوعها فى مصر، وبالتالى اتجهت كل شركات المقاولات لتعزيز قدرتها لتتنفيذ تلك الأعمال بشكل مماثل لنظيرتها فى الأسواق العالمية والمجاورة.
وتابع: «هناك خطة من الدولة لإنشاء مدن عمرانية جديدة من الجيل الرابع بخلاف طرح أنماط جديدة من الأبراج شاهقة الارتفاع سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، بخلاف التصميمات الحديثة والمبتكرة فى تنفيذ المشروعات العمرانية المتكاملة، كل تلك العوامل دفعت شركات المقاولات المحلية لإضافة أنشطة جديدة تؤهلها للمنافسة على تلك المشروعات».
سعد: توجه لافت للدخول فى تحالفات عالمية لنقل الخبرات للسوق المحلية
وأفاد بأن الفترة الماضية شهدت دخول العديد من شركات المقاولات المحلية لعقد تحالفات أو شراكات مع شركات عالمية بهدف نقل الخبرات للعمال المحليين وخاصة المهندسين، بهدف مواكبة الأنماط المختلفة من الطفرة العمرانية، بما أدى لاحقاً لتعزيز تنافسية شركات المقاولات المصرية فى اختراق الأسواق الأفريقية والمجاورة.
اقرأ أيضاننشر قرار «الإسكان» بتخصيص أراض لشركة عقارية بالضبعةواستشهد بالارتفاع المستمر فى حجم أعمال شركات المقاولات المصرية منذ عدة سنوات وهو ما أدى فى ظل انتشار المشروعات القومية والبنية التحتية، علاوة على رغبة ملاك الشركات فى إضافة مزيد من الأنشطة ومنها التطوير العقارى.
وقال كريم مأمون رئيس قطاع تطوير الأعمال بشركة كونكورد للمقاولات إن الشركة تعكف حاليًا على تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية العملاقة، ومن ضمنها المرافق الخاصة بـ3 أحياء كاملة بالعاصمة الإدارية الجديدة والمنصورة الجديدة والعلمين الجديدة، كما دخلت الشركة مؤخرًا مجال المصانع وبالفعل حصلت على مشروع الأعمال الإنشائية لأحد المصانع الجديدة، كاشفًا عن أن الخطوة القادمة ستكون التوسع فى مجال الكهرباء والطاقة.
وكشف أنه من المتوقع أن تحقق «كونكورد» حجم أعمال 10 مليارات جنيه بنهاية 2022.
وفى سياق آخر قال إن «كونكورد» حرصت على أن تكون أحد مكونات التنمية الاقتصادية التى تشهدها مصر فى الوقت الحالى، وبذلك دخلت «كونكورد» مجال الاستثمار والتصنيع، ولعل أحد أوجه الاستثمار هو امتلاكها «مول كونكورد بلازا» بشارع التسعين، وكذلك “كومباوند كونكورد جاردنز كما تمتلك الشركة هناك مقرًا تجاريًا وإداريًا ومولًا جديدًا، وهو «رويال مول»، وجميع هذه المشروعات تقع بالقاهرة الجديدة.
ولفت إلى أن «كونكورد» أسست مصنع مواسير صلب بأقطار كبيرة، وبدأ بالفعل فى الإنتاج، مشيرا إلى أن الشركة عمدت لإنشاء مصنع آخر لتصنيع الفلنكات، والتى كان يتم استيرادها من الخارج، حيث تم التفكير فى تصنيع هذه الفلنكات بعد الفوز بمشروع القطار السريع، وهو المشروع الذى يحتاج إلى 3 ملايين فلنكة، وينتج هذا المصنع مليون فلنكة فى العام.
وأضاف أن الشركة تمتلك مصنع أسمنت فى أسيوط الذى ينتج 2 مليون طن فى العام، وكذلك مصنع طوب وإنترلوك متواجد فى العلمين الجديدة، مشيرًا إلى أن مجموعة المصانع هذه تجعل من «كونكورد» كيانا متكاملا فى قطاع المقاولات والبناء قادرًا على التحرك بمرونة للمساهمة فى تنفيذ مخططات الدولة التنموية.
وكشف عن امتلاك الشركة لخطة توسعية؛ لتصدير خدماتها للخارج، كاشفًا عن أن الشركة تمتلك فرعًا فى السوق السعودية، وتعكف على إنشاء فرع آخر بالعراق، كما تترقب السوق الليبية لإنشاء فرع هناك.
وأكد أن الشركة استطاعت مؤخرًا الحصول على عقد مشروع ضخم فى السعودية، وتخطط الشركة للمنافسة على عدد من المشروعات بدول أفريقيا، إضافة إلى السعودية والعراق وليبيا.
شريف عمر
إيمان ممدوح