انقضى أسبوع منذ أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء ما وصفهبــ "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا، أسفرت عن خسائر في الأرواحفي صفوف الروس والأوكرانيين، إلى جانب نزوح على نطاق واسع من مدن أوكرانيا.
ومن التطورات المثيرة في تلك الفترة إصدار بوتين أمراً للجيش بوضع القوات النووية الاستراتيجية في حالة تأهب خاصة.
وضع بالغ الخطورة
بدوره أكد ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي(ناتو) أن الحلف لن يغير من وضع قواته النووية رداً علىقرار بوتين. كما أكد أن الحلف مسؤول عن عدم خروج الوضع عن السيطرة.
وحول مدى احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية تقول الدكتورة باتريشيا لويس مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) إن بوتين صور قراره بشأن القوات النووية على أنه رد فعل دفاعي على فرض العقوبات الاقتصادية على بلاده، ولكن في خارج روسيا ينظر إلى القرار بشكل عام على أنه طريق أمام روسيا لاستخدام أسلحتها النووية في هجوم مفاجىء.
وترى لويس أن هذا وضع بالغ الخطورة ينطوي على رسائل مختلطة مع إمكانية أن يؤدي احتمال سوء تفسيره إلى اتخاذ قرارات على أساس افتراضاتزائفة.
تكنيك الهجوم النووي
وتقول الخبيرة في مجال الحد من التسلح في تحليل نشره معهد تشاتام هاوس إنه من المفترض إذا ما قررت روسيا استخدام الأسلحة النووية أن تفعل ذلك في هجومها على أوكرانيا، وليس مهاجمة أي دولة عضو في الناتو يؤدي إلى رد واسع النطاق من جانب الناتو. وفي مثل هذا الهجوم من المرجح استخدام أسلحة نووية قصيرة المدى يعتقد أنه يوجد منها أكثر من ألف قطعة، حيث سيتم نقلها من المخزون وتوصيلها بالصواريخ أو وضعها في قاذفات قنابل، وكقذائف مدفعية.
وقد شاهد بوتين مؤخراً تدريباً ركز على استعداد القيادة والتحكم، والأطقم القتالية، والسفن الحربية، وحاملات الصواريخ الاستراتيجية، وكذلك فعالية الأسلحة الاستراتيجية النووية وغير النووية.
النووي الروسي تحت الرصد
وأوضحت لويس أن أي تحرك لتجهيز ونشر الأسلحة النووية الروسية سوف يكون مرصوداً ومراقباً من جانب الأقمار الاصطناعية للولايات المتحدة وغيرها التي يمكنها الرصد في كل الأجواء رغم وجود سحب أو ظلام دامس. واعتماداً على المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الأخرى - وفي ظل فشل كل المحاولات الدبلوماسية لإقناع روسيا بالعدول عنتصرفها - قد تقرر دول الناتو التدخل لمنع إطلاق تلك الأسلحة بمختلف الوسائل.
وتوضح لويس أن هناك مخاطر هائلة مرتبطة بهذا القرار، إذ إن أي هجوم قد يعجل بهجوم أسوأ للغاية من جانب روسيا ومن الممكن تصنيفه على أنه عدوان من الناتو وليس دفاعا وقائياً. ومع ذلك، فإن عدم القيام بذلك سوف يترك أوكرانيا وغيرها من الدول عرضة لتفحيرات الأسلحة مع إمكانية مقتل مئات الآلاف، حسب الهدف.
استراتيجية رد الفعل و"نهاية روسيا"
وتضيف لويس إنه إذا ما قررت روسيا مهاجمة أوكرانيا بأسلحة نووية،فمن المرجح أن ترد دول الناتوعلى أساس أن تأثير الأسلحة النووية سوف يعبر الحدود ويؤثر على الدول المحيطة بأوكرانيا.
ويمكن أن يرد الناتو باستخدام الأسلحة التقليدية ضد المواقع الاستراتيجية الروسية، أو بالمثلباستخدام الأسلحة النووية حيث هناك عدة خيارات متاحة له. فالولايات المتحدة لديها حوالي 150 قنبلة جاذبية نووية B61 - موجودة في خمس من دول الناتو، هي بلجيكا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا، وتركيا. كما أن لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا إمكانيات طويلة المدى بالنسبة للهجمات النووية تحت رعاية الناتو.
وقالت لويس في ختام تقريرها إن كل تلك السيناريوهات تعني الانجرار إلى حرب كبرى مع روسيا ، لذلك فإن ميزة اتخاذ قرار بالعدول عن الانتقام بالأسلحة النووية - وتوضيح هذه الرسالة الآن - هي أن بوتين لا يستطيع تصوير الناتو على أنه يهدد روسيا بالأسلحة النووية.
ورأت أنه من الممكن دائماً - رغم أنه أمر يفترض أنه غير محتمل بدرجة كبيرة - أن يقرر بوتين شن هجوم بصاروخ باليستي طويل المدى ضد الولايات المتحدة، لكنه يعرف - كما يعرف كل مسؤوليه- أن ذلك سيحتم الرد الأمريكي المدمر لا محالة.
ع.ح./ع.ج.م. (د ب أ)