بينما يدكّ عباس منظمة التحرير الفلسطينية بالموالين له، الصراع على خلافته يلوح في الأفق

  • Time:Jun 15
  • Written : smartwearsonline
  • Category:Article

خلال اجتماع استمر يومين في وقت سابق من هذا الأسبوع، كان من المقرر أن يلقي رئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس خطابا متلفزا أمام هيئة كان الفلسطينيين يعتبرونها ذات يوم ممثلة لحركتهم الوطنية.

لمدة أربعين دقيقة، قام المسؤولون في اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية بقراءة الأسماء وإلقاء خطابات. لكن عندما حان الوقت لعباس ليخاطب الحشد، توقفت الكاميرات عن التصوير.

قد يكون ذلك ملائما للحدث. فبعد كل شيء، بدا اجتماع اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكأنه يدور حول تعزيز قوة الرئيس المسن في صفوف المنظمة وسياسات البلاط الباروكي لمن قد يخلفه يوما ما من وراء الكواليس، أكثر من كونه يتعلق بالتعبير عن رؤية الشعب للفلسطيني.

إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصريةآلتسجيل مجانا!

رُقي العدد من المقربين إلى مناصب رئيسية خلال المؤتمر، الذي عُقد على الرغم من مقاطعة عدد من الفصائل الفلسطينية له، من ضمنها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الفصيل المعارض الأبرز لحركة فتح التي يقودها عباس.

في تصريحات علنية وصف مسؤولون في فتح الاجتماع بأنه محاولة لصياغة رؤية وطنية جديدة في ظل الظروف السياسية العاصفة التي تضرب سلطة رام الله. لكن لم يبرز شيء جديد من المؤتمر – لا استراتيجية جديدة ولا حتى خطاب جديد. وكانت النتيجة الملموسة الوحيدة هي تعيين مستشارين موثوقين لعباس في مناصب عليا.

وتبقى مسألة من سيكون وريث عباس تلقي بثقلها على السياسة الفلسطينية. لم يختر عباس بعد بشكل قطعي أي منافس خليفة له، واختار بدلا من ذلك التلاعب بالعديد من المنافسين وجعلهم ينقلبون على بعضهم البعض.

مثلما تم اختيار الشيخ لمنصب أمير سير اللجنة التنفيذية يوم الأحد، تم تعيين المسؤول المخضرم في فتح، محمود العالول، نائبا لرئيس حركة فتح في عام 2018، وهو ما أثار موجة من التكهنات بأنه قد يكون اختيار عباس. في حين أنه لا يزال مرشحا محتملا، إلا أن العالول لا يزال اليوم واحدا من بين آخرين كثر.

على أي حال، من غير الواضح ما إذا كان معظم الفلسطينيين منحوا الكثير من الوقت والتفكير في اللعبة السياسية التي دارت في المؤتمر.

يقول ناصر القدوة، مسؤول فلسطيني كبير سابق والذي أصبح من منتقدي عباس: “يعتقد البعض أن الخلافة يمكن تحديدها في صفقات سرية يتم إجراؤها من قبل قلة من الأفراد، سواء في فتح أو في منظمة التحرير الفلسطينية. هذا كلام مجنون”.

مسؤولون فلسطينيون كبار يحضرون مؤتمرا نادرا لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في 6 فبراير 2022 (وفا)

لكن الانتخابات الوطنية الفلسطينية لم تجر منذ أكثر من 15 عاما. أجل عباس إلى أجل غير مسمى آخر عملية تصويت كان مقرر إجراؤها في أواخر أبريل العام الماضي، خوفا من تعرضه للهزيمة على يد خصومه داخل فتح وفي حركة حماس.

فشلت تظاهرة للاحتجاج على مؤتمر المنظمة الذي نظمه عباس في اجتذاب الجماهير. لكن يوم السبت، احتشد المئات من الفلسطينيين في وسط مدينة الخليل في تظاهرة أكبر للاحتجاج على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والغاز، واصفين القيادة بأنها “عصابة مجرمين”.

بينما يدكّ عباس منظمة التحرير الفلسطينية بالموالين له، الصراع على خلافته يلوح في الأفق

وقال مسؤول مخضرم في فتح، الذي أبدى استياء واضحا، “للتايمز أوف إسرائيل” الأسبوع الماضي: “الشعب الفلسطيني لا يهمه ما إذا كانت اللجنة التنفيذية تضم 15 عضوا أو 11 أو أيا كان. هناك مشاكل أخرى ينبغي حلها: القدس، المستوطنات، الأسرى، مواجهة الاحتلال”.

“صديقنا”

من المرجح أن يساعد المؤتمر على ترسيخ صعود الشيخ رسميا. الذي يُعتبر أحد أقوى الشخصيات وأكثرها إثارة للجدل في الضفة الغربية.

لطالما لعب الشيخ، الذي يُعد أحد أقرب مستشاري عباس، دورا رئيسيا في السياسة الفلسطينية. على الرغم من افتقاره إلى الدعم الشعبي، إلا أن تعيين الشيخ في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية – والذي من المتوقع على نطاق واسع أن يؤدي إلى توليه الدور الذي شغله صائب عريقات كمفاوض مع إسرائيل – قد يعزز ترشيحه في معركة خلافة الرئيس الثمانيني.

على مدى السنوات القليلة الماضية، صعد نجم الشيخ بشكل كبير. وقد يكون للسلطة الفلسطينية رسميا وزير خارجية ومسؤول من فتح مكلفين بمعالجة العلاقات الدولية. لكن من الناحية العملية، يبدو أن الشيخ قد تولى بعض هذه المهام، حيث التقى باستمرار مع دبلوماسيين أمريكيين وأوروبيين وسافر لحضور مؤتمرات القمة في القاهرة مع عباس.

مفوض الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ. (وفا)

الأهم من ذلك، يتمتع الشيخ بعلاقات وثيقة مع نظرائه الإسرائيليين، وحضر إلى جانب رئيس المخابرات ماجد فرج جميع الاجتماعات بين عباس وكبار المسؤولين الإسرائيليين خلال العام الماضي. قبل أسبوعين، التقى على انفراد مع وزير الخارجية يائير لابيد. وكلما قررت الحكومة الإسرائيلية الجديدة الموافقة على طلب فلسطيني، فإن الشيخ هو من يعلنه للجمهور الفلسطيني.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي كبير سابق، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: “كيف يُنظر إلى الشيخ من جانبنا؟ إنه ’صديقنا’”.

وأضاف: “هذا رجلنا، علاقتنا معه جيدة للغاية. هو يفعل الكثير لضمان الاستقرار على الأرض. لكن مكانته محليا إشكالية للغاية. إنه رمز لفساد السلطة الفلسطينية”.

الهيئة العامة للشؤون المدنية التي يترأسها الشيخ تسيطر على خط التنسيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. تشوب الهيئة منذ سنوات شائعات بوجود فساد ومحسوبية فيها، لا سيما بشأن التصاريح الثمينة للعمل في إسرائيل، والبناء في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للإدارة الإسرائيلية، والسفر دون متاعب عبر الحواجز الإسرائيلية.

وقال المسؤول السابق إن “الشيخ هو رجل لا يتمتع بالشرعية العامة. دون صلاته بإسرائيل وبدرجة أقل بالولايات المتحدة، لن يكون له مصدر قوة”.

وشبّه المسؤول السابق الشيخ ببشير الجميّل، الزعيم اللبناني الماروني الذي تعاونت معه إسرائيل حتى اغتياله عام 1982. آريئل شارون، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت، كان يأمل في أن يحول الجميّل لبنان المعادي إلى حليف مسيحي قوي لإسرائيل.

لكن المخطط الإسرائيلي انهار في كارثة حرب لبنان الأولى. وأثبت الجميّل أنه غير قادر على الوفاء بوعوده وجر إسرائيل إلى عمق الصراع. ولا يزال إرثه مثيرا للجدل في لبنان حتى اليوم.

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان عباس يعتزم تعيين الشيخ أو أي منافس آخر خليفة له. ولكن صعود الشيخ – مثل مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية المرافق – يحدث على مسافة بعيدة من الجمهور الفلسطيني.

وقال القدوة: “إن اجتماع اللجنة بكاملها هو استمرار لرؤية تفيد عددا قليلا من الأشخاص الذين يسعون إلى تولي الأمر برمته. ولكن في نهاية المطاف، لا توجد لذلك أي شرعية”.