نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على الوسيلة الجديدة التي يعتمدها الاحتلال الإسرائيلي لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "واشنطن بوست" الأمريكية كشفت عن وجود قاعدة بيانات تغذيها الصور التي يلتقطها الجنود الإسرائيليون للفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو ما أثار موجة غضب عارمة في الجانب الفلسطيني.عند التجول في شوارع البلدة القديمة بالخليل في الضفة الغربية المحتلة، قد يتقدم إليك جندي ويطلب منك التقاط صورة دون أن يترك لك خيار الرفض. بمجرد التقاط الصورة، هناك احتمالان: إما أنك غير مسجل في قاعدة بياناته، وفي هذه الحالة يتم إضافتك؛ أو أنك موجود، فيقدم هاتفه الذكي إشارة باللون الأخضر، أي أنه يمكنك مواصلة طريقك.أما إذا ظهر اللون الأصفر، فإنه يتم إحالتك على التحقيق، وإذا ظهر اللون الأحمر، يتم إلقاء القبض عليك.هذه ليست حلقة من مسلسل "بلاك ميرور"، بل النظام الجديد المخصص لمراقبة وتعقب الفلسطينيين، والذي كشفت عنه صحيفة واشنطن بوست.طريقة تعسفية لجمع الصورتم اعتماد هذا البرنامج الذي يُطلق عليه اسم "الذئب الأزرق"، على مدار السنتين الماضيتين في الأراضي الفلسطينية، وتحديدا في الأماكن التي تزداد فيها حدة التوتر، خاصة مدينة الخليل.
اقرأ أيضا: الاحتلال يوقع أمرا عسكريا لملاحقة 6 مؤسسات حقوقية بالضفةيُستخدم هذا التطبيق على الهواتف الذكية، وهو مرتبط بقاعدة بيانات تحتوي على ملفات شخصية لآلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية مع عدد كبير من المعلومات: تاريخ العائلة، والمؤهل التعليمي، والصور، ورمز الأمان المرتبط بهوية الشخص.في هذا السياق، نشرت منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية التي أسسها جنود سابقون في الجيش الإسرائيلي، شهادتي جنديين استخدما هذا البرنامج. يقول أحدهما: "يمكنني إجراء مسح لوجه الشخص أو الرمز الشريطي الموجود على بطاقته باستخدام شريحة مدمجة. من هذه القاعدة، يمكنني استرجاع المعلومات بطريقة بسيطة للغاية. في السابق، كانت إجراءات التحقق تستغرق عشرين دقيقة على الأقل. لكن باستخدام تقنية الذئب الأزرق يمكنني بسهولة أن أعرف إذا كانت هناك أي قيود وتصاريح".ويتذرع الجيش الإسرائيلي بأن هذا التطبيق يسهل الحياة اليومية للفلسطينيين، لأنه يجعل العلاقات مع الجنود أكثر سلاسة.لكن على أرض الواقع، يتم التقاط الصور بشكل تعسفي -كما تقول الصحيفة-، إذ يكفي أن تلتقي وجها لوجه مع جندي إسرائيلي، حتى تدخل صورتك قاعدة البيانات، والأخطر من ذلك هو المنافسة بين الجنود لالتقاط أكبر عدد من الصور للفلسطينيين.قاعدة بيانات دون أي إطار قانونيتضيف الصحيفة أن قاعدة البيانات محفوظة لدى جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، والذي يتخذ قرارات الاعتقال لأسباب متعددة. إذا تحول الضوء إلى اللون الأحمر، يقوم الجندي الإسرائيلي باعتقال الفلسطيني دون أن يكون لديه أدنى فكرة عن السبب.ويقول أوري جفعاتي من منظمة "كسر الصمت" في هذا السياق: "في بعض الأحيان قد تكون الدوافع مشروعة، لكننا لا نستطيع التأكد من ذلك! هذا جزء من المشكلة لأن المعلومات سرية".من جانبها، تقول المحامية روني بيلي رئيسة جمعية حقوق المواطن في إسرائيل: "لا يوجد تنظيم ولا إطار قانوني ولا مراقبة لاستخدام هذه التقنيات. لقد علمنا بوجود هذا الجهاز من خلال الصحف الأجنبية، لأن الحكومة ترفض الإدلاء بأي معلومة".وتؤكد الصحيفة أنه يوجد تطبيق آخر يُشبه "الذئب الأزرق"، وهو تطبيق "الذئب الأبيض"، ويستخدمه المستوطنون، وبشكل خاص منسقو أمن المستوطنات، ويمكّنهم من التحقق من هوية الفلسطينيين قبل دخول أي مستوطنة إسرائيلية. ويؤكد جفعاتي أن "هذه التقنية تمنح المدنيين الإسرائيليين القدرة على مراقبة الفلسطينيين والسيطرة عليهم".كاميرات فائقة التطورأشارت الصحيفة إلى أن "الذئب الأزرق" ليس النظام الوحيد عالي التقنية المستخدم لمراقبة الفلسطينيين. في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" اليومية أنه تم تركيب شبكة تتكون من مئات الكاميرات فائقة التطور، يُطلق عليها اسم "مدينة الخليل الذكية".
اقرأ أيضا: الاحتلال: مخيمات الضفة "حمم بركانية" قد تنفجر في أي لحظةتلتقط هذه الكاميرات لقطات في الوقت الفعلي، وهي قادرة على تحديد أي سلوك غير عادي، وتُوصف بأنها خطوة إلى الأمام في الحرب ضد الإرهاب.ويعلّق جفعاتي قائلا: "هذان الجهازان ينتميان إلى نفس استراتيجية المراقبة والسيطرة على الفلسطينيين، مع عدم احترام خصوصيتهم". من جانبه، يقول الناشط الفلسطيني عيسى عمرو، المؤسس المشارك لجمعية "شباب ضد المستوطنات"، التي توثق انتهاكات الجيش الإسرائيلي في الخليل، لصحيفة "ليبراسيون": "لم تسجل الكاميرات أبدا عنف المستوطنين أو الجنود ضد الفلسطينيين. إنها تُستخدم فقط لمراقبة الفلسطينيين. نحن لا نشعر بالأمان على الإطلاق".