الهجمات السيبرانية جزء غير مرئي من ترسانة حروب المستقبلالطفرات المعلوماتية تعيد صياغة المواجهات بين الدولتداخل التكنولوجيا في الأمور الحياتية تفتح منافذ غير مؤمنة
اتفاقية بين ماستر كارد وكوين بيز لتسهيل شراء الرموز غير القابلة للاستبدالمحمود محمد19 يناير 2022تباين بين البنوك الإماراتية في تحديد آلية دوام «الجمعة»جورج إبراهيم ـ دبي11 يناير 2022فرضت الهجمات السيبرانية نفسها على الدول كافة، نتيجة اعتماد الأنظمة العالمية على التكنولوجيا والإنترنت داخل البنية التحتية في المجالات الحيوية، حتى أصبح تطوير بنية تحتية تجابه المخاطر المحتملة للهجمات فرض عين ليس على الدول فحسب، بل امتدت لتشمل المنظمات والأفراد، لا سيما أن الأنظمة المتطورة لم تسلم من نقاط ضعف تُمكن تلك الأطراف من اختراقها واستخدامها لأغراض تضر الأمن القومي.وأتاحت المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة حق الدفاع عن النفس، غير أن عدم وجود مفهوم واضح للهجمات السيبرانية وتصنيف شدتها وبيان الحالات التي تستدعي الدفاع عن النفس، والخلاف حول تصنيف نوعية الحروب السيبرانية وأساليب الرد عليها، أدى إلى اتساع التحدي أمام الدول لإيجاد أرضية مشتركة يستخدمها المجتمع الدولي مرجعية لصد تلك الهجمات، ونتيجة تعدد نوعية الهجمات السيبرانية، التي أصبحت تتخطى الحكومات، وتغيير الفكرة التقليدية للهجمات، يرى خبراء ضرورة الاستثمار في الأبحاث بما يضمن تطوير أسلحة سيبرانية تستطيع مجابهة أخطار الهجمات المعادية.حروب المستقبلوقال عميد ركن بحري سعودي متقاعد، عمرو العامري، إن تداول مفردات الحروب الناعمة والقتل الرحيم منذ سنوات لم يتجاوز عمليات التشويش والتضليل الإلكترونية، بالإضافة إلي عمليات تجسس معلوماتي، موضحاً أنها ظلت في حوزة الدول المتقدمة جداً، غير أن التسارع الكبير في التقنيات الرقمية وما بعد الرقمية وتقنيات الذكاء الصناعي، جعلت من الحروب السيبرانية حروب المستقبل، متوقعاً أن تمتد لتشمل أفراداً وجماعات مارقة.وأضاف أن العالم يشهد كل يوم حروباً في معظمها غامضة وغير مرئية، معتبراً أن الهجمات السيبرانية جزء غير مرئي من ترسانة حروب المستقبل، وأحد عوامل تفوق الحروب النظيفة، منوهاً بأن آخرها ما تعرضت لها جمهورية أوكرانيا من هجمات أدت إلى تعطيل الكثير من الوزارات والمواقع الحكومية، مشدداً على أن الأمر الذي يدعو للقلق في الحروب السيبرانية هو إمكانية ارتكابها من قبل هواة وجماعات من الصعب تتبعهم، بما يخلف نتائج مخيفة ومدمرة، تشل في بعض الأحيان شبكات الكهرباء وأنظمة البنوك وتوجيه الطائرات وفتح السدود، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى كوارث يصعب تصورها، لافتاً إلى صعوبة السيطرة على مثل هذه الهجمات أو تحديد مواثيق تنظمها، الأمر الذي فرض على الجميع الانخراط في حروب وحروب مضادة يصعب التنبؤ بنتائجها.وأشار إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ما زالت محاطة بالتشويش، مؤكداً أن الدول المتفوقة معلوماتياً في مقدمتها الولايات المتحدة والصين وإسرائيل هي من ستكسب الرهان، لا سيما أن الطفرات المعلوماتية، إن صحت التسمية، من الممكن أن تعيد تقنيات ومبادئ الحروب وصياغة كل شيء، مشيراً إلى أن العالم بدأ في صياغة عقائد وأساليب عسكرية جديدة، ألغت الحواجز وثقافة الخنادق والتمويه والسواتر الطبيعية، وأعادت العالم نحو ثقافة وفنون حروب جديدة، منوهاً بأن تلك الحروب قد لا تفتك بالأفراد إلا أنها تظل مدمرة.معارك سيبرانيةومن جانبه أشار رئيس مركز سيريس للدراسات الاستراتيجية في باريس، عمر الزبيدي، إلى أن المعارك السيبرانية تعد إحدى الأذرع المهمة، إلا أنها لا ترتقي إلى مستوى يخول لها حسم المعارك على الأرض، لا سيما أن الطائرة والأقمار الاصطناعية فاعلة في الحروب، غير أن من يحسم المعركة على الأرض هو الجندي، وتابع: «الهجمات السيبرانية تسهم في ضعف العدو وإنهاكه، وتحطيم قدراته التقنية بما يعود به إلى القرون الوسطى، أو تعطل برامج نووية وعسكرية والتجسس عليها، إلا أنه بدون عمل عسكري لن تستطيع إضعاف الخصم».واستبعد الزبيدي أن تتحول الهجمات السيبرانية إلى معارك المستقبل خلال الوقت الراهن، مدللاً على ذلك باستمرار الميزانية العسكرية الضخمة التي ما زالت تعتمد على الأسلحة المعروفة مثل الدبابة، والطائرات، وقوات الدفاع الجوي وغيرها من منظومات صاروخية وعسكرية، لافتاً إلى أن المعارك تستمر بصورتها المعروفة، إلا أن أحد عناصر القوة الداعمة لأي عمل عسكري سيكون من خلال المعارك السيبرانية والأمن السيبراني، مشدداً على أن التركيز الحالي للدول أصبح يصب في تطوير الأمن السيبراني، لذا بدأ سباق تسلح سيبراني بين الدول في سبيل تحقيق قدرات سيبرانية تصل إلى المستوى العسكري والاستخباراتي.خصوم اليوموشدد على أن الخصوم اليوم لم تعد تقتصر على الدول فحسب، بل أصبحت تشمل منظمات وجماعات وأفراداً يعملون على سرقة المعلومات، الأمر الذي برز خلال تسريبات «ويكيليكس» للمعلومات الخاصة بوزارة الدفاع الأمريكية، منوهاً بأن تلك الهجمات تؤدي إلى تعطيل منظمات أو بنوك، غير أن الخطر الحقيقي حال استخدامها في تعطيل أو إضعاف منظومة الحماية في المفاعلات النووية، ما يسبب كوارث في المستقبل.ولفت إلى أن الأمن السيبراني شأنه شأن أي تقنية جديدة ترفع أسهم السباق بين الدول، وخلال هذا السباق تتقدم بعض الدول على بعض، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية شرعت على سبيل المثال في تدريب 30 ألف عنصر سعودي على أدوات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، والبرمجة وغيرها، لافتاً إلى أن لغات البرمجة وصولاً إلى استخدام الأقمار الصناعية والقدرة على تصنيعها لا بد أن يكون هدفاً مهماً للدول كافة، باعتبارها مسألة حاسمة في أمن واستقرار الدول خلال الـ10 سنوات المقبلة.حلول مقترحةوبدوره أشار خبير تكنولوجيا المعلومات، مهندس مصطفى أبوجمرة، إلى أن الحرب السيبرانية تعتمد على عناصر عدة، أهمها عدم وعي المواطن، لا سيما أن المواطن يستطيع تلبية احتياجاته في العالم الواقعي بأمان، عكس الخدمات التي تتم من خلال الإنترنت والأجهزة الإلكترونية، مشدداً على صعوبة إثبات الجهة المنفذة للهجمات.وأضاف أن الجانب التشريعي حول الهجمات السيبرانية ما زال ضعيفاً، ويعتمد المهاجمون على صعوبة تتبعهم، مشدداً على تداخل التكنولوجيا في الأمور الحياتية كافة، الأمر الذي ساهم في وجود منافذ غير مؤمنة يمكن تخللها، منوهاً بأن العالم العربي مستهدف بشكل عنيف وشبه يومي، وأن ما يزيد خطورة الأمر أن الهجمات السيبرانية تعد هجوم «الرجل الفقير» الذي لا يمتلك ربما أسلحة متطورة من دبابات وطائرات وخلافه.وحول الحلول المقترحة لصد تلك الهجمات شدد أبوجمرة، على ضرورة إزاحة كافة الشبكات والمنصات التي يتخفى داخلها «الهاكرز»، منوهاً بأن سبل التأمين في العالم الافتراضي، تتطلب إعادة هندسة الشبكة العالمية للإنترنت، بحيث لا تسمح بوجود خوادم يستطيع الهاكرز اختراقها، مشدداً على ضرورة استحداث قوانين دولية ومحلية صارمة، مثل تلك التي تحكم القنابل النووية والمواد المشعة، وتابع: «السايبر نت وورك أخطر من القنبلة النووية، خاصة أن صاحبها يعمل براحة تامة داخل غرفة المعيشة».