القاهرة ـ «القدس العربي» : هذه المرة ليست ككل مرة.. كان على السماء أن تمنح الغزاويين، الذين لا يملكون وجبة غذاء، لكنهم يستحوذون على احتياطي الكرامة في منطقتنا البائسة، الأمل. والعزة تلك الكلمة التي لا تستعمل منذ عقود في بلادنا العربية، أثبت المقاومون من الفصائل، أنها ما زالت صالحة للتداول هناك. وفي الوقت الذي سارعت فيه مصانع السلاح الأمريكية، لتمد الكيان الصهيوني على وجه السرعة بصفقة صواريخ أمريكية دقيقة التوجيه، بقيمة 735 مليون دولار، كان رجال المقاومة، الذين غسلوا عن العرب عارهم، ووضعوا المطبعين في كفة الخونة، لا يملكون سوى أدوات قتال من صنع الهواة، الذين صنعوها تحت جنح الظلام، ووعد من الله بالنصر أو الشهادة.
وفي صحف الجمعة 21 مايو/أيار كان أنصار الرئيس السيسي في الصحف كافة هم الأسعد حظاً على إثر نجاح المساعي المصرية في التوصل لهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي هذا السياق تصدرت عناوين الصحف تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي قال فيها: «تلقيت بسعادة بالغة المكالمة الهاتفية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تبادلنا خلالها الرؤى حول التوصل لصيغة تهدئة للصراع الجاري بين إسرائيل وقطاع غزة.. وكانت الرؤى بيننا متوافقة حول ضرورة إدارة الصراع بين الأطراف كافة بالطرق الدبلوماسية، وهو الأمر الذي يؤكد عمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة». وتابع الرئيس السيسي: «وإنني إذ أتطلع لتعزيز العلاقات بين بلدينا، وتحقيق المزيد من المصالح والمساحات المُشتركة، فإنني أتوجه بالتحية والتقدير للرئيس الأمريكي بايدن لدوره في إنجاح المبادرة المصرية، لوقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة، متمنياً استمرار التعاون في ما بيننا لتحقيق المزيد من النجاحات المُشتركة، التي من شأنها إرساء السلام العادل والشامل في المنطقة».
وحملت صحف “الجمعة العديد من الأخبار السارة من الحكومة للمواطنين أبرزها: رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في الدولة إلى 2400 جنيه. ومنح الموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية علاوة دورية بنسبة 7% من الأجر الوظيفي بحد أدنى 75 جنيها شهريا، وبدون حد أقصى، ومنح العاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، علاوة خاصة بنسبة 13% من المرتب الأساسي بحد أدنى 75 جنيها شهريا، وبدون حد أقصى. وكذلك تحسين دخول أصحاب المعاشات بزيادة 13%. وزيادة بدل المعلم، وحافز الأداء، ومكافآة امتحانات النقل، مع تقرير حافز للإدارة المدرسية، وزيادة المعاشات ومنح علاوة دورية لمخاطبي قانون الخدمة المدنية، وغير المخاطبين، وذلك حال موافقة مجلس النواب على مشروع موازنة العام المالي المقبل.
هزيمة موثقة
يرى عمار علي حسن في “المصري اليوم: “أن العرب ارتكبوا أربعة أخطاء استراتيجية، إذ قاطعوا فلسطينيى 48 بدعوى أنه تطبيع، ولم يتواصلوا مع يهود رافضين دولة إسرائيل لأسباب دينية أو أخلاقية، أو مصالح، ونسوا أن مَن أقاموا إسرائيل مجموعة من يهود ملاحدة، ونسبوا هذا لوعد توراتي، ولم يتعاملوا مع الأراضي الفلسطينية على أساس نظام الفصل العنصري. فلسطينيو 48، الذين اتهمهم الجهلاء ببيع أراضيهم، هم مَن تمسكوا بأماكنهم، وكانوا يملكون 82% من الأرض التي أعلنت عليها إسرائيل دولتها، ففُرض عليهم حكم عسكري بين 48 و66 ترتب عليه طردهم عنوة من أرضهم وبيوتهم، وأُجبر بعضهم على التنازل عنها، فلم يبقَ لهم سوى 3% فقط. انتفضوا اليوم ضد ظلم طويل. لأن نتنياهو رجل متعصب فاسد يؤمن بنفسه فقط، فهو لا يدرك أن جيشه لا يضرب غزة، إنما يضرب إسرائيل. كيف؟ كانت إسرائيل قد اقتربت من تسويق نفسها لأغلب العرب، بأن التعايش ممكن، وحل الدولتين هو الطريق. اليوم يستيقظ الفلسطينيون، ويدركون أنهم أمام احتلال وفصل عنصري، ويلتف كل الأحرار حول قضيتهم. هل تخفي إسرائيل خسائرها؟ ربما لا تعلن تل أبيب كل خسائرها البشرية والمادية، بسبب صواريخ وقذائف هاون تُطلق من غزة، فما يقوله مراسلون من محيط غزة يؤكد هذا، حيث القصف متواصل للمعسكرات وتجمعات الجند، ومصانع ومستوطنات، وهناك قتلى وجرحى وتخريب منشآت، حسب التقارير. ماذا تعنى صفقة صواريخ أمريكية دقيقة التوجيه لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار، بينما عجلة الحرب تدور؟ الإجابة: صواريخ إسرائيل الموجهة من طائراتها المتقدمة – ورغم وحشية الضربات وتواليها ليل نهار- لم تتمكن إلى الآن من «توجيه ضربات دقيقة حاسمة» إلى تحصينات الفصائل الفلسطينية.. تحليل بسيط. في عام 1982 اجتاحت إسرائيل أرض لبنان، فخرج الجزائريون متظاهرين اعتراضًا على تواطؤ النمسا وألمانيا في كأس العالم، بما أخرج فريقهم من البطولة، وسيذكر التاريخ أنه بينما كانت مصر مُهدَّدة وجوديا بفعل سد إثيوبيا، وكانت غزة تُقصف بوحشية، كان هناك مُغيَّبون لا يزالون يتشاجرون حول «نادي القرن» في افريقيا.
كاذب من يومه
(من يريد الحياة سوف يحيا رغم كل الظروف المعاندة.. ومن يريد غيرها فليس عليه سوى أن ينام حتى تطرق رأسه الكارثة في لحظة). تابع الدكتور محمود خليل في “الوطن”: خرج نتنياهو يوم الأربعاء الماضي يقول إن إسرائيل حاربت غزة عام 2014، وتمكنت من القضاء على قدرات فصائل المقاومة، الأمر الذي أدى إلى تأمين المواطن الإسرائيلي من الهجمات الصاروخية لمدة 7 سنوات (أي حتى عام 2021)، وإن الهدف من الحرب على غزة خلال الأيام الماضية، تحدد في تحجيم قدرات المقاومة. نتنياهو نموذج للقيادة التي تعرف كيف تكذب على نفسها، حتى تصدق الكذبة، ثم تصدرها بعد ذلك إلى شعبها يتغافل نتنياهو عن حقيقة أن خطوته نحو تمكين المستوطنين الصهاينة من حي الشيخ جراح، كانت السبب المباشر في ما يحدث، الشرارة اندلعت في القدس، ومنها امتدت نيران الغضب إلى كل مكان في الأرض المحتلة، فخرج الجميع يبحثون عن الحياة بالمقاومة التي لا تعرف خوفاً ولا استسلاماً. يتغافل نتنياهو أيضاً عن أن المقاومة تمكنت على مدار 7 سنوات – تفصل ما بين عدوان 2014 وعدوان 2021- من تنمية قدراتها وتطوير أسلحتها، فأصبحت صواريخ الفصائل قادرة على الإصابة المباشرة، وظهرت الطائرات المسيرة، بل الغواصات التي حاولت التعامل مع البوارج الإسرائيلية. اعترف نتنياهو بأن المقاومة تمكنت من بناء مدينة كاملة تحت الأرض، تتحرك منها بأريحية كاملة لتضرب وتصيب وتدمي قلب إسرائيل.
انتهت بالفشل
واصل الدكتور محمود خليل رصد علامات جنون وغطرسة قادة تل أبيب: نتنياهو وقوات الاحتلال قصفوا المنازل وهدموا الأبراج، وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ. في كل مرة كان مسؤولو الاحتلال يصرحون قائلين إنهم دمروا العديد من قدرات المقاومة، ولا يعيش التصريح سوى دقائق معدودات، تدوي بعدها صافرات الإنذار في أنحاء أسدود وعسقلان وتل أبيب. كل قصف إسرائيلي قابله وابل من الصواريخ التي دوت في أنحاء الأرض المحتلة، لتثبت من جديد عجز إسرائيل عن صد الأذى عنها ما دامت تؤذي الآخرين. كانت خسارة نتنياهو مخبوءة في قلب ما ظن أنه مكسب.. لقد أراد أن يخطو خطوة نحو الأمام، بتمكين المستوطنين الصهاينة من حي الشيخ جراح، عشماً في تصحيح وضعه السياسي المتهاوي، لكنه فشل فشلاً مريعاً ذريعاً، وعليه أن يجلس الآن مع قيادات الاحتلال ليحسبوا معاً فاتورة الخسائر. بدا نتنياهو في قمة الضعف أمام السفراء الأجانب، وهو يلمح إلى الدور الذي تلعبه إسرائيل في الدفاع عن الغرب وعن ديمقراطية الغرب في المنطقة، وكأنه أراد الاستنجاد بالكفيل الغربي في مواجهة الموقف المرهق الذي يعيشه مع شعبه. في سياق الأخبار التي كانت تتحدث عن جهود العديد من الأطراف لوقف إطلاق النار، تردد أن كل ما تريده إسرائيل هو مشهد ختامي، تقوم فيه قوات الاحتلال بقصف غزة، بدون أن ترد عليها فصائل المقاومة بصواريخ. نتنياهو يبحث عن مشهد ختامي يحفظ به ماء وجهه، لكن الفصائل تأبى، وتواصل القصف، وسوف يتكرر الرد مرات ومرات ما دامت إسرائيل تهدم البيوت وتقتل المدنيين. المقاومة عرفت كيف تعيش وتواصل رغم الظروف المعاندة.. أما إسرائيل فقوة أصابها الغرور.. حاولت اختبار نفسها في غزة وفشلت.
هنيئاً للمقاومة
كل المؤشرات وفق ما أكد أشرف البربري في “الشروق” تقول، إن طرفين هما المقاومة الفلسطينية والدولة المصرية حققا مكاسب لم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتوقعها. فالمقاومة استطاعت تغيير قواعد الاشتباك التي فرضتها إسرائيل على العرب طوال العقود السبعة الماضية، وهي أن تكون الحرب دائما في أرض العرب وأن يكون المدنيون العرب في مرمى النيران الإسرائيلية، بدءا من سكان قرية دير ياسين الفلسطينية عام 1948 وصولا إلى سكان غزة عام 2021 مرورا بتلاميذ مدرسة بحر البقر، وعمال مصانع أبو زعبل في مصر. لأول مرة تقريبا يعيش الإسرائيليون أياما ممتدة داخل الملاجئ، خوفا من صواريخ المقاومة الفلسطينية، التي وصلت إلى تل أبيب وطالت المنشآت الحيوية الإسرائيلية من موانئ إلى محطات الغاز، وبالطبع إلى جانب الأهداف العسكرية. والمتابع للإعلام الإسرائيلي، ورغم خضوعه بالطبع لقواعد الرقابة العسكرية، سيدرك إلى أي مدى نجحت المقاومة الفلسطينية في تغيير المعادلة، وسيرصد تصاعد الدعوات الرامية إلى إنهاء العمليات العسكرية، التي فقدت جدواها بالنسبة لإسرائيل، ولم تعد قادرة على تغيير حقيقة أن إسرائيل خسرت هذه الجولة لصالح المقاومة. في الوقت نفسه فإن المقاومة أعادت تعريف الأجيال الشابة على مستوى العالم، وعلى الخصوص في العالم العربي، بالقضية الفلسطينية وشرح ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم لا مثيل له، وهو ما ظهر جليا في المظاهرات التي شهدتها غالبية دول العالم لرفض العدوان الإسرائيلي ودعم الحق الفلسطيني.
رابحون بسببهم
أما الرابح الثاني من وجهة نظر أشرف البربري، في هذه المواجهة فهي الدولة المصرية التي عادت بقوة إلى الساحة الإقليمية كقوة قادرة على التحرك، وأخذ زمام المبادرة، سواء من خلال جهود إنهاء المواجهات المسلحة وحماية الشعب الفلسطيني، أو في الدفاع عن الحقوق المشروعة لهذا الشعب الذي يعاني ظلم الاحتلال منذ أكثر من سبعة عقود. والحقيقة أن تحرك الدولة المصرية منذ بدايات الأزمة الحالية، عندما قررت إسرائيل تهجير سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة لصالح المستوطنين، وحتى إعلان القاهرة عن مبادرة لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، يمثل تطورا إيجابيا للغاية في التعامل مع متطلبات الأمن القومي لمصر، ويعكس نضجا واضحا في التعامل مع هذه الملفات الحيوية. فقد اتخذت مصر موقفا قويا ضد عمليات التجهير العرقي الإسرائيلية للفلسطينيين في حي الشيخ جراح، وأكدت رفضها لهذه الممارسات التي تنتهك قواعد القانون الدولي، وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. وعندما رد الفلسطينيون على عمليات التطهير العرقي في حي الشيخ جراح وانطلقت المواجهة المسلحة مع إسرائيل، استمر الموقف المصري القوي المنحاز للحق الفلسطيني، فتم فتح معبر رفح، وتجهيز مستشفيات شمال سيناء لعلاج المصابين الفلسطينيين. ثم جاء الإعلان عن مبادرة بقيمة 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، بالتزامن مع جهود تحقيق التهدئة، لكي تأخذ مصر زمام المبادرة على صعيد دعم الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، ولتقطع الطريق على السيناريوهات التي تكررت في السابق، عندما تقفز دول أخرى على عمليات إعادة الإعمار والمتاجرة بها، بل واستغلال ذلك للقفز على الدور الإقليمي لمصر. بالطبع المعركة لم تنته ولن تنتهي قريبا، لكن ما حققته المقاومة الفلسطينية وما حققته الدولة المصرية يمكن البناء عليه لاستعادة المزيد من الحقوق والأدوار في المستقبل.
مصر تستطيع
تكشف وتيرة الأحداث المتسارعة كما أخبرنا علي الفاتح في “البوابة نيوز”
في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أن ثمة قواعد جديدة للعبة فرضتها الدولة المصرية على جميع الأطراف. اتصال الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس عبدالفتاح السيسي، وتثمينه الجهود المصرية لوقف إطلاق النار، وتأكيده على تطلع بلاده لتعزيز العلاقات الثنائية لمواجهة التحديات المشتركة في المنطقة؛ أحد الشواهد على تلك القواعد التي مكنت مصر من الحصول على دعم الأطراف الدولية كافة، لمبادرتها بشأن التهدئة والوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. فمنذ اللحظة الأولى لتصاعد أعمال العنف، التي بدأت في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في مدينة القدس، تحركت الوفود الأمنية المصرية نحو غزة وإسرائيل، وصاغت مسودة لاتفاق هدنة حازت دعما أوروبيا وأمريكيا، وعندما فشل مجلس الأمن عبر أربع جلسات متتالية خلال ثمانية أيام فقط في إصدار بيان يطالب تل أبيب بوقف العدوان، اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، ب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، واتفقوا جميعا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإنهاء كل أنواع العنف والتوجه إلى مجلس الأمن ليتحمل مسؤوليته إزاء الصراع المتفجر، وليبدأ عملية تفاوض جديدة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لحل الصراع وفقا للقرارات الأممية ذات الصلة. وبحسب بيان الرئاسة الفرنسية تقدمت فرنسا إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يطالب إسرائيل بوقف عدوانها تمت صياغته بالتنسيق مع كل من مصر والأردن؛ وهو المشروع، الذي جاء مفاجئا للإدارة الأمريكية، وفق تقارير صحافية خاصة أن الأخيرة كانت وراء إفشال أربع محاولات متتالية لمجلس الأمن. ويمكن القول إن هذه التحركات شكلت عامل ضغط مهما على إدارة الرئيس جو بايدن، ما دفع الأخير إلى التحدث بلهجة شديدة النبرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وطالبه بإنهاء العملية العسكرية، معتبرا أنها قد حققت أهدافها لردع الفصائل الفلسطينية، مؤكدا أنه لن يستطيع صد المواقف المعارضة للتصعيد العسكري الإسرائيلي سواء داخل الكونغرس أو المجتمع الدولي.
مجرد تعاطف
أكد أكرم القصاص في “اليوم السابع” أن ما يجري من قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، تكرار لسلوك عدواني متكرر، لكنها المرة الأولى التي تبدو فيها الوقائع بهذا الوضوح والتداخل، لأنها تأتي وسط اتساع السوشيال ميديا، وقنوات ومنصات النشر، التي تصنع حالة من السيولة والكثافة المعلوماتية، ومعها خليط من الحيرة، ففي حين ترتفع حالات التضامن في أوروبا وأمريكا، فهي أيضا تواجه دعاية إسرائيلية واضحة، ومن المفارقات أن دولة الاحتلال التي تمتلك القوة والسلاح، وتقصف أبراج وبيوت وشوارع غزة، فهي تقدم نفسها على أنها المعتدى عليه، في المقابل فإن صواريخ تطلقها المقاومة تصورها إسرائيل على أنها تهديد للمدنيين. وتكفي نظرة على أرقام الخسائر، 231 شهيدا، منهم 65 طفلا و39 امرأة و1710 مصابين فلسطينيين، ودمار هائل في المباني والمساجد والكنائس، بينما الفصائل تعلن إطلاق 3500 صاروخ على تل أبيب، الاحتلال يقدم الأمر على أنه يتعرض لوابل من الصواريخ، فيبالغ في رد الفعل، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعلن أنه انتصر وأنهى تهديدات الصواريخ، وقضى على البنية الأساسية للمقاومة، بينما حماس ترد بأنها ما زالت قادرة على إطلاق الصواريخ. ووسط اتساع دوائر النشر والتواصل الاجتماعي، تختفي الأطراف التقليدية التي اعتادت المزايدة في القضية الفلسطينية، أو الأطراف التي تريد الدعاية لنفسها، بينما بقيت ردود الأفعال مكررة، لا تتجاوز إعلان التعاطف والتأييد، من دون جديد يمكن أن يصب في صالح الحقوق الفلسطينية. وأكد الكاتب وجود أطراف قليلة تعمل بجد ومن دون حسابات، أو رغبة في استغلال الصراع لأهداف سياسية، أو دعائية، ومنذ اللحظة الأولى تواصل مصر جهودها للتهدئة، لوقف إطلاق النار على غزة، وتخصص 500 مليون دولار لإعادة الإعمار.
هذا قدرها
لم يكن الدعم المصري السريع والقوي للشعب الفلسطيني مفاجئا لمن يعرفون مدى ارتباط قيادة وشعب مصر بالقضية الفلسطينية، تلك العلاقات التي وصفها علاء ثابت في “الأهرام” بأنها عميقة الجذور، وضاربة في عمق التاريخ، خاصة غزة التي كانت لفترات طويلة جزءا من مصر، وظلت تحت الإدارة المصرية منذ حرب 1948، وانصهر الشعبان، وسالت دماء المصريين في حروب لم تكن دفاعا عن فلسطين فحسب، بل عن الأمن القومي المصري، الذي تعد فلسطين أهم بواباته، التي تربطه بالشام وكل المشرق العربي. كان قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بفتح معبر رفح لاستقبال الجرحى من الأشقاء الفلسطينيين في غزة، ينبع من مسؤولية مصر ومكانتها وعلاقتها العميقة بفلسطين وشعبها، ليس هذا وحسب، بل أعلن الرئيس السيسي تقديم دعم بلغ 500 مليون دولار، إضافة إلى فتح حساب في كل البنوك للتبرع لصندوق تحيا مصر التابع للرئاسة المصرية، لإعادة إعمار المنازل والبنية التحتية التي دمرتها الطائرات والقوارب الحربية الإسرائيلية، بالتزامن مع جهود مصرية مكثفة على عدة محاور لإيقاف الحرب على غزة، من اتصالات ولقاءات مع القادة العرب والدول الإسلامية والأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لإصدار قرار سريع بوقف القتال، وإيجاد حل عادل وشامل يقوم على إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة في عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الموقف الذي لم يتغير، وبذلت فيه مصر جهدا كبيرا، الجزء الأكبر منه غير معلن، أو لم يحظ باهتمام إعلامي كبير. وكان موقف مصر يشمل عدة محاور، أولها وأهمها توحيد الفصائل الفلسطينية، لتشكل قوة موحدة قادرة على اكتساب الشرعية الشعبية والدولية في الأراضي الفلسطينية وباقي العالم.
البطيخ بخير
نتوجه نحو “الوطن”، حيث فند محمود البرغوثي ما يتردد من مزاعم بشأن تسمم بعض الفواكه وعلى رأسها البطيخ: ما أشيع كذباً وافتراء وجهلاً حول الخوخ والبطيخ المصريين، أجمل فاكهة الصيف، وأسرعها فساداً في الحرارة الشديدة، خاصة مع سوء تداولها بعد الحصاد، حيث عظّم بعض المغرضين حالات سلبية لا تبرح أصابع الكف الواحدة، ليصورها ويذيعها على أنها ظاهرة عامة، وأنها المسؤولة عن حالات مغص معوي ملأت مستشفيات مصر، وهو محض كذب وافتراء. ومع توافر صفحات التواصل الاجتماعي، وسهولة إنشائها، ورخص تكاليفها، تحول المتسببون من مجرد «صبيان» لحلقات «كركرة الجوزة البلدي» إلى «نقباء» زراعة، وفلاحة، وإنتاج زراعي، ومزارعين، وصيد، وصيادين، وغيرها من المسميات التي تتشكل حسب الإتاحة، ويزعم أصحابها أنهم متحدثون رسميون عن أبناء طبقة منتجي الغذاء في مصر، الذين وصفتهم معظم الأعراف الدولية بأنهم «صناع الحياة» الحقيقيون. وحدث خلال الأيام القليلة الماضية أن خرج أحد المتسببين على الناس من خلال صفحة متلونة بكل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي، وأصدر بياناً باسم «نقيب الفلاحين»، يحذر المصريين من تناول الخوخ والبطيخ، بمبرر أنهما ملوثان بمتبقيات مبيدات، وأنهما تسببا في انتشار حالات تسمم للأطفال، وحتى الكبار. الثابت أن مصر لا يوجد فيها «نقيب للفلاحين»، كما أن النقابة العامة للفلاحين منحلة منذ أكثر من خمسة أعوام، بسبب مخالفات مالية وإدارية، وقانون النقابة العامة الموحدة للفلاحين لا يزال في أدراج لجان البرلمان، طوال دورته الماضية، وحتى خلال الدورة الحالية. وما يقال في شأن الخوخ والبطيخ المصريين ليس جديداً، خاصة في مثل هذا التوقيت سنوياً، أي صيفاً، وعند دخول موسم حصاد الفاكهة المصرية، وبدء موسم البيع والرواج والتصدير، بهدف إفساد فرحة المزارعين، بضربة قاصمة لظهورهم، وبالتالي تدمير جزء مهم من الاقتصاد المصري، المرتبط بالزراعة، ومؤكد أنهم يعرفون أن إنتاج مصر من البطيخ يبلغ هذا العام نحو مليون طن، أي أكثر من 125 مليون بطيخة، رغم التغيرات المناخية التي قضت على نصف المحصول.
نصابون في الصيف
الاستثناء فيمن يشاركون في هذا البيزنس الذي يحدثنا عنه أحمد عبدالتواب في “الأهرام” هم الملتزمون بالقانون، الذين يوفون بتعهداتهم في إعلاناتهم التي يعدون فيها بالقضاء على حشرات الصيف والفئران في المنازل، أو في أماكن العمل، ويقومون بعملهم بكفاءة، وبدون منازعات، ووفق القيمة المالية المتفق عليها، وهناك آخرون متمرسون بعمليات النصب الموسمية كل صيف، يجيدون استدراج ضحاياهم بإعلانات كاذبة، ويتعمدون فيها عدم الدقة، ويتحدثون بطريقة ناعمة مهذبة، لتهيئة الزبون للقبول بعملية يكتشف بعد أن يتورط فيها، أنها لم تكن بالوضوح الذي بدا له، بعد أن صدق إغراءات الإعلانات، مع الطريقة الجذابة التي بدأ بها التعامل، حيث يزعم أصحاب المشروع أن لهم خبرة عريضة وعاملين أكفاء، ومواد مستوردة من دول متقدمة، ثم، وهو الأهم، الوعد بأن المهمة تنتهي من رشة واحدة، وأن التكلفة زهيدة، ثم سرعان ما يكتشف الضحية أن المبلغ المعلن عنه، هو على بند الانتقال والمعاينة فقط، وهو ما لم يذكر قط، وأن المواد المستخدمة مرتفعة الثمن، بما لم يكن الضحية يوافق عليها، إذا كان الإعلان عنها واضحاً، ثم يتضح الوجه الحقيقي الشرس في المشاحنات حول المقابل المالي، التي يتعمد فيها أصحاب المشروع إثارة الجلبة أمام الجيران، وهو ما لا يستحسنه كثير من الزبائن، فيدفعون المطلوب حتى يعفوا أنفسهم من الحرج ثم تكون الصدمة بعد هذا، بأن الرش ليس له أي تأثير، وأن الحشرات ترتع في منتهى الاطمئنان، وأنها لا تزال تهدد الأطفال الرضع كما كان قبل الرش الوهمي. لقد انتشر هذا النوع من النصب بكثرة، بما يطرح أسئلة عن دور رقابة أجهزة الدولة، وكيف يُسمَح لأحد بأن يستغل الصحف أو الإنترنت في إعلانات كاذبة، تبغي الإيقاع بضحايا والنصب عليهم بأن يدفعوا أموالاً غير مُعلَن عنها؟ بدون أن يتحصلوا على الخدمة المُعلَن عنها. أليس من المنطقي أن تقوم أجهزة الدولة بحماية المواطنين من النصب؟
وهم اللقاح
اهتمت كريمة كمال في “المصري اليوم” بالشكوك حول جدوى اللقاح الصيني: الدكتور محمد أبوالغار حصل على التطعيم بالجرعتين من اللقاح الصيني «سينوفارم»، وكان مفهوما أن أي لقاح لا يمنع الإصابة تماما، لكنه إذا ما حدثت إصابة، فهي تأتى خفيفة ولا تستدعي الدخول إلى المستشفى، لكن الدكتور أبوالغار دخل المستشفى، بما يعني أن اللقاح لم يكن مؤثرا على الإطلاق.عندما حصلنا على التطعيم بالجرعتين من السينوفارم شعرنا بقدر من الأمان، وبأننا إلى حد ما بمأمن من الإصابة بالفيروس اللعين، وبأننا نجونا من أن نفقد حياتنا بسبب الفيروس.. لم نوقف ارتداء الكمامة ولم نوقف الإجراءات الاحترازية، وبقينا محبوسين في منازلنا، واعتذرنا عن أي تجمع، بقينا كما نحن قبل أن نحصل على اللقاح، لكننا بدأنا نشعر بقدر من الأمان، بقدر من الحماية.. الآن لم نعد نشعر بهذا الأمان وهذه الحماية، وكأننا لم نحصل على اللقاح. هل معنى ما جرى للدكتور أبوالغار، أن اللقاح غير مؤثر؟ كتب أحد الأشخاص، وهو اقتصادب ورجل أعمال، على الفيسبوك أنه حصل على الجرعتين من اللقاح الصينب سينوفارم، ثم أجرى بعد عدة أسابيع تحليلا للكشف عن الأجسام المضادة، فلم يجد أي أجسام مضادة، وتساءل: هل معنى هذا أننب قد حقنت بمياه؟ هذا الشك لا يصيب الناس بصدمة فقط، بل إنه يضرب حملة التطعيم في مقتل، خاصة أننا حتى الآن لم نقم بتطعيم عدد من الناس يمكن أن يكون مؤثرا في انتشار الفيروس، فطبقا لآخر ما أعلن عنه المتحدث باسم وزارة الصحة، فقد جرى تطعيم مليون وثلاثمئة شخص فقط حتى الآن، أي أننا بهذا المعدل نحتاج إلى سنوات للوصول إلى معدل مؤثر.. من هنا فيجب على وزارة الصحة أن تعلن كل المعلومات المطلوبة، ومنها كيف يصاب من تلقى جرعتي اللقاح بالفيروس فالشك يصيب الجميع.
كلاب الأثرياء
ما زالت مشكلة الكلاب الضالة تشكل ظاهرة غاية في السوء في شوارع المدن في ربوع مصر. مشكلة الكلاب الضالة كما يراها عمرو هاشم ربيع في “الشروق”، ليست بعيدة عن مشكلة وجود الكلاب عامة، سواء الضالة أو غير الضالة في شوارع مصر وبيوتها. بالنسبة للكلاب غير الضالة يبدو أن أمرها أخف وطأة من الظاهرة الكبرى المتعلقة بالكلاب الضالة. فالكلاب غير الضالة يحتاج أمرها لبعض التنظيم المتعلق بالكمامات، وضوابط السير في الشوارع، ومسألة تركها في البالكونات أو فوق السطوح تنبح وتسبب إزعاجا للجيران. والأكبر والأكثر إيلاما هو تركها تعقر المارة في الشوارع عن قصد أو عدم قصد، أو تلوث الأماكن بمخلفاتها، خاصة مع قيام أصحابها باصطحابها في الشوارع والأماكن العامة، بغرض قيامها بعملية الإخراج. في هذا الشأن ربما يحتاج الأمر إلى تشريع يجبر أصحاب تلك الكلاب على ضرورة ترخيصها، وإجبارهم على وضع تلك الرخص في أطواق حول رقبتها، وإقرار أصحابها إبان الترخيص على المسؤولية الكاملة عن تصرفاتها إزاء الغير.
قاوموا الكلاب
نعود بصحبة عمرو هاشم ربيع، للمشكلة الأهم وهي الكلاب الضالة التي كثرت في السنوات القليلة الماضية، وأصبح التخلص منها عن طريق القتل يعرض القائم بذلك للوضع تحت طالة القانون، خاصة بعد أن كثرت الجمعيات التي تحمي الحيوانات، وكل ذلك لدواعي الرفق بالحيوان، حتى لو كان ذلك يتم أحيانا على حساب حقوق الإنسان المنتهكة أصلا في أكثر من جانب وناحية. منذ سنوات، ونحن نسمع عن السعي لوضع استراتيجية للقضاء على مرض السعار في 2030، وهي استراتيجية في صميم عملها القضاء على تلك الظاهرة المسيئة بجميع الوسائل القانونية. هذه الاستراتيجية لم يعلن عنها حتى اليوم، ويتم الحديث عنها تارة، أنها موجودة وتارة بصيغة المجهول، وكأنها في طور الإعداد. لكل ما تقدم تصبح المسؤولية الكاملة للقضاء على الكلاب الضالة، تقع على عاتق مديريات الطب البيطري، والمحافظات، والتنمية المحلية، ومراكز البحوث، ولجنة الزراعة والري في مجلس النواب. وتلك الأخيرة تحديدا سبق لها أن ناقشت الموضوع عام 2019، ثم ما لبث أن عاد للأدراج المغلقة بحلول برلمان 2020. إن وجود الكلاب بكم كبير في الشوارع، والمظهر غير الحضاري وغير اللائق الذي تخلفه، وترويع الآمنين خلال السير، خاصة السيدات والأطفال، لاسيما وقت المساء عن طريق العقر أو النباح وخلافه، والمخلفات التي تتركها في الطرق، وغيرها من مشكلات هي أهم ما يمكن أن يقال عن تداعيات تلك الظاهرة السيئة. قديما قالوا هناك فرق بين الكلب والخروف، الأول يلد 6 ــ 10 من الجراء، والثاني يلد 1 ــ 2 من الحملان، لكن البركة مطروحة في الثاني، لذلك تجد الأخير أكثر عددا، كونه مفيدا للإنسان من جميع الجوانب. اليوم انقلبت الآية، أصبحت الكلاب تفوق عدد الخراف مرات ومرات، والسبب طبعا ليس فقط في غياب البركة التي اندثرت في تلك الأيام، قدر ما هو أيضا غياب المقاومة التي كادت تقضي على الكلاب، أو تعدد الأسباب التي تجعل منها ظاهرة مستشرية بكثافة.
نصيحة للفنان
يبدو أنك لا تُقدر النعمة، هذا ما قالته صفية مصطفى أمين في “الأخبار” للفنان الشاب، عندما اشتكى من كثرة مكالمات التهنئة التي تلقاها بمناسبة عيد الفطر، وعدم استطاعته الرد عليها. وواصل قائلًا: كيف أجد الوقت الكافي، فأنا مشغول معظم الوقت، وأنتهز عطلة العيد لأستريح من عناء العمل ومسؤولياته على مدى العام، فسألته: وهل أسماء أصحاب المكالمات مُسجلة على «موبايلك»؟ أجاب: نعم، أعرف معظمهم. قلت: إذن تربطك بهم علاقة، ومن حقهم عليك أن ترد على مكالماتهم. وليس شرطًا أن تردها في التو واللحظة، ولكن من المؤكد أنك يمكن أن تجد وقتًا يناسبك، تخصصه لرد التهنئة واحترام ود الناس. جهاز«الموبايل» يتيح لك أن ترسل رسالة اعتذار من كلمتين، لو كانت ظروفك لا تسمح بالاتصال الفوري. قال معترضا: الكثيرون منهم أصحاب مصلحة، ولذلك لا يتوقعون منى ردا. سألته بحدة: ألم تكن أنت يوما صاحب مصلحة، وكنت تطارد الكبار لتحقيقها؟ وهل لو اتصل بك مديرك أو رئيسك في العمل، أو أي شخص مهم تحتاجه، ألن تسارع بالرد عليه وتهتم بمكالمته؟ الالتزام باحترام الآخرين يُقربك منهم، ويدفعهم إلى مبادلتك التقدير والاحترام نفسه.. ولكن الإهمال أو اللامبالاة بمشاعر الناس يبعدانك عنهم مهما صغر شأنهم. احترام الناس هو سلوك راقٍ تغرسه الأسرة في الأبناء منذ الصغر، سواء عن طريق القدوة أو النصح المباشر. الدنيا لن تدوم لك، فلو دامت لغيرك، لما وصلت إليك، فمَن لا تحتاجه اليوم قد تحتاجه غدًا. والشخص الذي يتمتع بذكاء اجتماعي هو الذي يعرف قدر الناس مهما صغر شأنهم، يُقدرهم ويتعامل معهم باحترام، حتى ولو كان يرى أنهم لا يستحقون، فأسلوبه الراقي المهذب يعود عليه بالفائدة لأنه يدفع الآخر إلى أن يبادله الاحترام نفسه.