القاهرة ـ «القدس العربي»: فيما يمضي معظم الكتّاب في طريقهم بحذر شديد، بسبب ضيق الهامش المتاح الذي يحول بينهم وبين ما يشتهون، من حق التعبير والنقد، وضع الكاتب البارز جمال محمد غطاس رئيس تحرير مجلة «لغة العصر» السابق يده على أصل الداء، الذي تسلل إلى بلاط «صاحبة الجلالة»، ومن ثم ألقى ظلاله على سائر مناحي الحياة: «نحن أمام شاة مذبوحة، كان اسمها الصحافة، روحها أزهقت وباتت عند بارئها، ولم يعد يضيرها أو يفيدها أن يتم سلخها وتقطيعها، أو ترميم وتغيير جلدها، أو حشوها بمواد سابقة التجهيز من طرف ما، لأنها بعد ذبحها خلفت وراءها مؤسسات إعلامية وصحافية، تعج بكل شيء وتتصايح وتبث كل شيء، إلا الإعلام والصحافة، ومن ثم فكل ما جرى ويجري وسيجري من تغييرات بين شاغلي مناصبها، لن يكون مؤثرا، لأنه تغيير لا علاقة له بالمهنة التي صعدت روحها إلى السماء، في تذكرة ذهاب، ليس من الواضح إن كان فيها عودة من عدمه».
ومن هموم الصحافة وأهلها لهموم مصر الكبرى، وفي القلب منها بالتأكيد العدوان الإثيوبي المرتقب على حقوقنا المائية، وهو ما أسفر عن مخاوف انتابت قطاعا كبيرا من الكتّاب. في ما احتفت الصحف بالتهديدات المباشرة التي أطلقها الرئيس السيسي للمخالفين في مجال بناء العقارات، حيث قال «هتدفعوا كويس علشان نقدر نصلح اللي عملتوه».واستحوذ افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسي لعدد من المشروعات القومية على عناوين الصحف الصادرة أمس الاثنين 13 يوليو/تموز.. ومن أبرز عناوينها المتشابهة بالتأكيد لحد التطابق: السيسي: دفعنا 50 مليارًا لتحسين الحياة في القاهرة.. والدولة لن تتهاون في عدم تنفيذ اشتراطات البناء. وأبرزت صحف «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية» تفقد الرئيس عبدالفتاح السيسي للمرحلة الثالثة من مشروع حي الأسمرات، الذي تم تدشينه سكنا بديلا للأهالي، الذين كانوا يقطنون العشوائيات، وكذلك تفقد إحدى الوحدات السكنية المجهزة بالكامل، وتفقد عددا من المشاريع الرياضية، والاستماع لشرح من وزير الرياضة عما تم إنجازه.فيما نفى الفنان تامر حسني إصابته بكورونا مؤكداً على أن «المرض ليس عارا»، ووجه لطفي لبيب رسالة لجمهوره قائلا: «أنا في حالة مرض، مقدرش أشتغل.. اعتبروه شبه اعتزال أو اعتزال.. وادعولي ربنا يشفيني». وتعهدت المطربة الشعبية الغائبة عن الإضواء فاطمة عيد بالعودة للغناء بعد رحيل «كورونا».
ذنب الثورة
أمس الاثنين واصل المسؤول «الغامض» إمداد عماد الدين حسين في «الشروق»، بما يراه أسباب تجرؤ إثيوبيا على مصر: «لولا ثورة يناير ما تجرأت إثيوبيا على بناء السد. وعليك أن تتذكر ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي: «إن مصر بعد هذا التاريخ، كشفت ظهرها وعرّت كتفها في 2011». ويضيف: الوفد الشعبي المصري الذي سافر لإثيوبيا بعد 25 يناير، ارتكب جريمة في حق مصر، هم لم يقرأوا كيف تفكر إثيوبيا جيدا، ولا موقفها من مصر طوال عقود، وربما قرون، وعليهم الآن أن يعتذروا للشعب، ويعترفوا بأنهم أخطأوا في حق أنفسهم وبلدهم. يواصل عماد الدين حسين، قلت له، ولكن أنا واثق أن غالبية من سافروا تصرفوا وفكروا بحسن نية، ورغبوا أن ينقلوا رسالة سلام ومحبة تقضي على شكوك الإثيوبيين وهواجسهم. قال لي، العلاقات والصراعات بين الدول لا تدار بهذه الطريقة، وهذا الوفد أعطى للإثيوبيين ذريعة بأن المسؤولين المصريين السابقين كانوا على خطأ، وهو أمر غير صحيح بالمرة. ويضيف: «هل أدركوا الآن أن إثيوبيا لم تجرؤ على اتخاذ أي خطوة تضر بالحقوق المصرية إلا بعد 25 يناير/كانون الثاني». فى تقدير هذا المسؤول والكلام للكاتب: أننا انكشفنا بعد يناير، والرسالة التي وصلت لإثيوبيا وقتها، أن «مصر لن تقوم لها قومة قبل 15 سنة، وبناء عليه أعلنت عن بدء بناء السد، ثم تجرأت أكثر، وزادت سعته من 14 مليار متر مكعب إلى 74 مليارا باعتبار أن مصر «دخلت كهفا عميقا» ولن تتحرك لمنعها. لكن هذا التفكير الإثيوبي لم يتخيل مطلقا أن هناك قوات مسلحة مصرية، ما تزال قوية، ولم تتوقع أديس أبابا أن الشعب سيتحرك في 30 يونيو/حزيران 2013 ويعيد الأمور لنصابها».
يحمي ولا يهدد
نفذت القوات المسلحة مؤخراً مناورة بكل عناصرها من قوات تحت قيادة مشتركة موحدة تمثل، كما يرى اللواء سمير فرج في «المصري اليوم» قدرة عالية من الكفاءة في إدارة العمليات، على هذا الاتجاه الاستراتيجي المهم، وهي الحدود المصرية الليبية، ولقد ظهر خلال هذه المناورة قيام وحدات مقاتلة بعمليات إبرار بحري على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وهي أيضاً تمثل رسالة واضحة وهذا الإبرار البحري، نفذ عملية رأس شاطئ يكون بداية لدفع قوات رئيسية في هذا الاتجاه. كانت القوات البحرية قد نفذت جزءا مهما، من خلال هذه المناورة بوجود الأسلحة والمعدات الجديدة، من حاملة المروحيات الميسترال والغواصات الألمانية الجديدة والفرقاطات والكاسحات، وعناصر القوات البحرية الأخرى، خاصة أن مصر أنشأت مؤخراً قوات الأسطول البحري الشمالي في البحر المتوسط لحماية وتأمين آبار الغاز الطبيعي والبترول في شرق المتوسط، ثم قيادة الأسطول البحري الجنوبي في البحر الأحمر لتأمين المجرى الملاحي لقناة السويس، خصوصاً بعد سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، الذي أصبح بالتالي تحت سيطرة الإيرانيين.. على أي حال فإن هذه المناورة أظهرت أيضاً قدرة ذراع مصر الطويلة، وأعني بها القوات الجوية المصرية، التي يمكنها أن تصل إلى أي مكان وأي مسافة بعد أن ظهر تدريبها في المناورة العسكرية، على إعادة التموين في الجو لهذه الطائرات الحديثة، وهكذا ظهرت الرسائل واضحة في هذه المناورة العسكرية حسم 2020، إلى من يهمه الأمر في المنطقة والإقليم، أن القوات المسلحة المصرية قادرة على تأمين حدودها داخل مصر وخارجها، وأن القوات العسكرية في المنطقة الغربية على أتم الاستعداد لتنفيذ أي مهام قتالية، كما عبّر عنها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع نسور مصر في قاعدة سيدي براني العسكرية، وجاءت الرسالة العسكرية لشعب مصر ليطمئن إلى أن قواته المسلحة قادرة على تأمين حدودها وأمنها القومي، لتترجم مقولة الرئيس السيسى «أن جيش مصر يحمي ولا يهدد».
هل ينجح «الشيوخ»؟
فترة وجيزة تفصلنا عن بدء انتخابات مجلس «الشيوخ» وهو ما دفع الدكتور حمدي السيد في «الوطن»، لأن يطالب الأحزاب بالاختيار الجيد لتحقيق أهداف مجلس الشورى، وهو مجلس الحكماء ذوي الخبرة السياسية والمهنية والعلمية، ليكون الجناح السياسي المكمل والداعم لنشاط مجلس الشعب صاحب السلطة التشريعية والرقابية لنظام الحكم. وقد بدأ مجلس النواب نشاطه ببطء أثار الكثير من التعليقات، ولكنه في الفترة الأخيرة شمّر عن ساعد الجد وحصل رئيسه على الخبرة القانونية والتشريعية، ما ساعد الحكومة على الانطلاق في جميع مناحي التنمية، وظهر في المجلس نجوم تحمل المسؤولية بكل الجهد والإخلاص وأنا على يقين أن مجلس الشورى لن يقل في أدائه عن المستوى الذي يتوقعه الوطن. وتقدم نقيب الأطباء الأسبق ببعض الملاحظات بناءً على خبرة طويلة في العمل التشريعي (عضو في مجلس الشعب بالانتخاب على مدى سبع دورات متتالية 31 عاماً) أصدر فيها مجلس الشورى عدة مجلدات عن نشاطه، مدى سنوات درس فيها العديد من المشاكل المتنوعة في مجال الخدمات والتنمية والرقابية. قال حمدي السيد: دعيت عدة مرات للحديث أمام مجلس الشورى لإبداء الرأي في بعض المشاكل الصحية والبيئية، ولي تجربة فريدة مع مجلس الشورى، عندما كان مجلس الشعب يناقش موضوع نقل الأعضاء من حديثي الوفاة إلى الأحياء، وكذلك نقل القرنية من المتوفى حديثاً، وهناك حاجة شديدة لهذه الجراحة لإعادة البصر للعديد من المكفوفين، أعرب الدكتور السيد عن أمله في أن اختيار الأعضاء المنتخبين من أصحاب الخبرة والتميز، مؤكداً على أنه على ثقة بأن قائمة المعينين تخضع لقواعد وطنية تحددها الجهات الرسمية المسؤولة عن الاختيار.
شارع محمد علي
حسين منصور في «الوفد يقول في مقاله: «شارع محمد علي أهم شوارع القاهرة الرابط بين جنوب القاهرة (المعادي والبساتين ودار السلام) إلى وسط المدينة في عابدين وباب اللوق، أي أنه يحمل حجمًا مروريًا متخمًا، والشريان المتدفق لأبناء الخليفة والدرب الأحمر إلى وسط البلد، على تلك الأهمية فى تسيير الحياة اليومية لأبناء القاهرة، إلا أنه لا يلقى سوى الإهمال والعصف والحفر، وعدم إعادة الشيء إلى أصله، في معاملة وحشية لأبناء الطبقات الشعبية، ليتقافزوا فوق الحفر وليختنقوا ازدحامًا واختناقًا في مخنقة باب الخلق يوميًا، في حصار مديرية الأمن المستمر منذ الضرب الآثم لها، لينفق المارون بالميدان قرابة نصف ساعة حتى يعبروا المخنقة. في إطار تجديد كابلات الكهرباء، ووضع كابل محترم، تم شق شارع محمد علي من بداية محطة البيباني في الحلمية الجديدة، بطول الشارع على أحد جانبية شقا كبيرا، وصولا إلى ميدان القلعة ثم بطول شارع صلاح الدين الغربي إلى ما قبل ميدان السيدة عائشة عند موقف الأتوبيسات وأيضًا وصولاً إلى سكة المحجر، ثم إلى شارع باب الوداع من بعد دار المحفوظات – هذا الحفر العظيم أثر تأثيرًا بالغًا في صعوبة الحركة والمرور ذهابًا وايابًا، بما يحمل من مخاطر حقيقية على سلامة الناس والسيارات المتحركة، وجعل الجميع في مضمار للتنافس على مهارة السير على الحبل والأفخاخ المفتوحة المحفورة في استهانة مريرة وقاسية بقيمة المواطن، واعتداء مشين على الكرامة الإنسانية وحق الحياة الآدمية. ولا من سميع أو مجيب على مدى شهرين سوف تمتد إلى ثلاثة أو ستة أشهر ببساطة. حجم الرتش والحفر وتكسير الشوارع مذهل، وهذا الإهمال ليس جديدا على الشوارع المذكورة، بل هو الأمر العادي والطبيعي، ولا أستطيع أن أتصور أن يكون شارع محمد علي بالغ الازدحام بالحركة المرورية، وسير المواطنين بهذه الحالة المتردية من أسفلت مردوم بالرمال والرتش وكأنه طريق ترابي في بلدة فى أقاصي الريف، فضلًا عن مخاطر الحفر الحقيقية، وفي هذا كله نحن لا نتناول اختفاء التنظيم وسيادة البلطجة واحتلال الأرصفة وتكسرها الدائم، في معاملة غير آدمية للسكان، ولا يخفى سيطرة بلطجة التكاتك، الطريقة الحكومية الماهرة ف إثارة حرب الجميع ضد الجميع، ولتبقى هي خالية البال.. فهل كل هذا البلاء ضريبة انهم ليسوا من أحياء الدرجة الأولى التي تحمل همها الحكومة فقط. لا نعلم لمن نتجه بصيحات الإنقاذ لهذا الكم من البشر المتضررين فعليا ومباشرة من كل هذا الإيذاء – لقرابة ربع سكان القاهرة المستخدمين لهذه المسارات بالغة الأهمية في الحركة المرورية.. فنحن نرفع أصوات المطالبة باحترام حقوق المواطن للسيد رئيس الوزراء، والسيد وزير الكهرباء ومحافظ القاهرة المهموم فقط بزيارة منطقة الإمام الليث، لإزالة بيوت الناس التي تعوق سير الكوبري الواصل للطريق الدائري، ألا ينظر نظرة واجب وحق نحو شارع محمد علي الواقع على بعد خطوات من مقر عمله».
المشكلة في البيت
اعترف فاروق جويدة في «الأهرام» بأن ظاهرة التحرش أصبحت حديث كل بيت، مؤكداً على أن الغموض الشديد مازال يحيط بأسبابها: «البعض يلقي المسؤولية على الأسرة الأب والأم والمواقع الاجتماعية، وهناك من يعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي هي التي فتحت المجال لكل هذه السلوكيات المريضة.. وإن كان البعض يرى أنها حالة انفلات أصابت الشارع المصري أمام خلل في السلوكيات وانحدار في الأخلاق.. يرى الكاتب أن السبب الأساسي هو غياب دور الأسرة، التي لم تعد تعرف عن الأبناء شيئا. صور الفتيات على مواقع التواصل الاجتماعي في معظم القضايا، تؤكد على أن الأسرة غائبة، وأن الأب والأم في واد، والأبناء في واد آخر، وهذا يعني أن الأب لا يحاول، وربما لا يستطيع أن يشاهد تليفون ابنته أو صورها وأحاديثها، وهي تجلس بالساعات أمام الشاشة.. وأن الأم لا تعرف شيئا عن ابنتها، رغم أن سر الابنة كان دائما مع أمها.. والشيء الغريب أن مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت مصادر للأموال، وقد شجع ذلك الفتيات لاستخدام هذه المواقع في أعمال مشبوهة منافية للآداب.. وأمام هذه الحالة من الانفلات السلوكي والأخلاقي، كنا نجد أسماء معروفة تظهر على الشاشات في الفضائيات في صور مخجلة، وكانت هناك أحاديث فجة وأصبح من السهل أن تجد أسماء على شاشة التلفزيون، ثم تجدها على مواقع مشبوهة، وقد فتح ذلك أبواباً كثيرة شجعت الفتيات على التقليد، وأن مثل هذه السلوكيات ليست شاذة أو غريبة، وقد اتسعت الظاهرة وأصبحت مصدراً للمال من خلال قنوات خاصة، أو أحاديث فجة، وأصبح شيئا عاديا أن نقرأ ونشاهد كل يوم عن قضية أخلاقية فيها عشرات الفتيات والشباب في قضايا تحرش وانحراف. وأكد الكاتب على أن غياب الأبوين وراء الظواهر الغريبة في حياة المصريين».
لهن التحية
وجهت نشوى الحوفي في «الوطن» التحية لكل فتاة وامرأة أدركت أن صمتها ليس عفة أو حياءً، يتوج خُلقها فقررت أن تفضح كل أفاك أثيم اعتاد ممارسة فعله بفجور، مستعيناً بخوف الضحية وجهل المجتمع وصمت المؤسسات. تابعت الكاتبة: التحية لمؤسسات الدولة التي لم تتعامل مع التهم على أنها قضية من الدرجة الثانية أو الثالثة في قائمة الضرورات، بدءاً من المجلس القومي للمرأة، مروراً بالنائب العام وبيانه المؤثر، انتهاء بقرار مجلس الوزراء الموافقة على مشروع قانون سرية بيانات المجني عليهن في جرائم التحرش والاعتداء الجنسي المقدم من وزارة العدل. نعم.. كان الجميع على قدر الحدث في وقت قصير ليكون السؤال: «ماذا بعد»؟ أهمية السؤال، كما اشارت نشوى، تكمن في الإجابة عن سؤال آخر مفاده: هل ما حدث موجة قوية أثارت الانتباه لقضية تتعلق بوضع المرأة، ونظرة المجتمع لها، سرعان ما ستزول بمرور الأيام؟ أم أنها وقفة جادة من جميع الأطراف، بمن فيهم المرأة ذاتها، لإعادة النظر لها كإنسان لا كنوع؟ نعم.. فعلى الرغم من عدد الضحايا في القضية، التي فجّرت تلك المشاعر في مصر وتفاصيل الواقعة وما حولها من معلومات عن المتهم وسطوته في السيطرة على الضحايا، وتكرار فعلته في أكثر من مكان، فإن القضية فتحت أبواب الحياة للكثير من علامات الاستفهام الصامتة منذ سنوات حول تفاصيل أخرى اعتاد المجتمع التعامل معها كمسلّمات.
قمامات وليست كمامات
مصائب قوم عند قوم فوائد، استدعى عباس الطرابيلي هذ المثل في سياق حديثه في «الوفد» عن ظاهرة مؤسفة: «إذا كنا عرفنا أثرياء الحرب، أي المنتفعين بالحرب، حتى بعد أن تنتهي، فإننا وسط وباء كورونا نجد أثرياء يجنون الثروات الهائلة من وراء التجارة، في ما نحتاجه من مواد أو منتجات تساعدنا على عبور أزمة هذا الوباء.. وما أكثر هذه المواد مثلاً: الكمامات، وبالذات بعد أن تشددت الدولة في منع دخول أي شخص إلى أي مبنى حكومي أو خدمي، إذا لم يكن مرتديًا هذه الكمامة.. والكمامة هناك ما هو سليم أو جيد.. وهناك ما تلقي به بعد الاستخدام لساعة واحدة لا أكثر.. وعلى قدر جودة المادة المصنوعة منها الكمامة يكون سعرها.. والجيد منها ثمنه أكثر من عشرة جنيهات، وهي ما تصلح للاستخدام متعدد المرات. ووجدنا كمامات ـ وربما قمامات ولاحظوا الفرق ـ لا تستمر صلاحيتها لأكثر من ساعة.. وهي من إنتاج ما شاع اسمه بتحت السلم، ويزداد الطلب عليها من سائقي التاكسي والميكروباص بعد تشدد الدولة في إلزام السائقين بضرورة لبسها للسائق ولكل الركاب.. وأيضًا ركاب القطارات والمترو ووسائل النقل الجماعي.. ومع التشدد في ارتدائها زاد الطلب على شرائها. الشيء الآخر هو عملية غسل اليدين عدة مرات كل يوم.. والحرص على استخدام أنواع معينة من الصابون، الذي يحوى مواد مطهرة ضرورية، إذ لا يكفي ـ كما يقولون ـ استخدام أي صابون، بل ما يدخل في صناعته بعض المواد المطهرة مثل الديتول.. حتى أصبحت الأيدي جافة تمامًا، وهنا يضطر البعض إلى استخدام مواد مرطبة للجلد حتى لا تتسبب عملية تعدد الغسيل على أي مضار صحية للأيدي».
أقرب من حبل الوريد
لم يعد الموت بعيدا، كما كنا نتوهم، وكما اكتشف عبد الله عبد السلام في «الأهرام»: «فقدنا تقريبا كل حيل الهروب منه والالتفاف حوله. نقف عاجزين خائفين يائسين، لكن بعضنا يتعامل بتحد وربما عنجهية، واثقين من النجاة والنصر المبين. الموت الجماعي نتيجة الحروب والأوبئة والكوارث، ليس غريبا على الإنسان، فقد عثر العلماء على بردية عمرها 3700 عام، تكشف عن انتشار أمراض الطاعون والسل والملاريا في مصر القديمة. الموت والدم ينتشران في كل مكان. هكذا كتب الفراعنة في البردية. أما محمد ابن أبي السرور البكري فيقول في كتابه «الكواكب السائرة في أخبار مصر والقاهرة»، عن الوباء الذي ضرب البلاد منتصف القرن 17: عم البلاء وفنت الأكباد.. ووقع الخوف في قلوب الكبار والصغار، وكل إنسان منتظر الموت آناء الليل والنهار. على مدى التاريخ، هناك من اعتبر الموت الجماعي إيجابيا، إذ إنه يعيد التوازن للطبيعة التي تخلص نفسها من العناصر الأضعف. علماء وسياسيون حاليون آمنوا بنظرية مناعة القطيع مع تفشي كورونا ، وتعني أن الفيروس سيصيب الغالبية، وسينجو من لديهم مناعة، بينما سيذهب الضعفاء أصحاب الأمراض المزمنة. في الماضي، كان البشر يسلمون أمرهم للخالق، غلبت القدرية وانتظار رحمة ربهم، على كتابات مؤرخيهم. لسان حالهم ما قاله نجيب محفوظ على لسان عبد ربه التائه، في أصداء السيرة الذاتية، ردا على سؤال: كيف تنتهي المحنة؟ إن خرجنا سالمين فهي الرحمة، وإن خرجنا هالكين فهو العدل. الآن، تبدو علامات الثقة الزائفة على البعض، معتقدين أنهم سيخرقون الأرض ويبلغون الجبال طولا. دائما، كانت المآسي الكبرى، تزيد البشر تراحما وتضامنا وتعاطفا، لم يعد ذلك ممكنا، حلت الأنانية ورغبة الخلاص الفردي».
الفرصة متاحة
من بين المؤيدين للرئيس السيسي والمشروعات التي يوليها أهمية وجدي زين الدين في «الوفد»: «عندما أعلن الرئيس، أن بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة، لم يأت هذا من فراغ، وإنما يتم هذا البناء على رؤية شاملة ومتكاملة عقلياً وبدنياً وثقافياً. وهذا لن يتأتى إلا بتطوير التعليم على اعتبار، أنه ركيزة منظومة بناء الإنسان، وكان لا بد أن تكون هناك رؤية في المشروع الوطني المصري لتطوير التعليم، والحقيقة أن منظومة التعليم الجديدة، التي أكدتها وزارة التربية والتعليم، تنفذ فلسفة جديدة تقوم على التعامل مع العملية التعليمية كمنظومة شاملة في جميع جوانبها العلمية والتربوية والثقافية، والعمل على الوصول إلى مرحلة الفهم والابتكار وتنمية الإبداع. ولا يخفى على أحد الحمل الثقيل الملقى على عاتق الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وأمام ضرورة تنفيذه رؤية المشروع الوطني للتعليم الموضوع بعد ثورة 30 يونيو/حزيران، فإن الأرض لم تكن ممهدة أو سهلة في تنفيذ هذه الرؤية الجديدة للتعليم في مصر، ولذلك أستغرب من الذين يصرون على إعلان الحرب على كل تطوير أو تحديث أو نهوض بالعملية التعليمية. وكأن أحوال التعليم كانت من قبل على ما يرام، ونسي هؤلاء أن حالة التعليم في حاجة شديدة جداً إلى التطوير والتحديث، وهذا ما تضمنه المشروع الوطني، ويقوم على تنفيذ هذه الاستراتيجية الجديدة، الدكتور طارق شوقي الذي لم يبخل حتى كتابة هذه السطور بالعمل الجاد والدؤوب من أجل انتشال التعليم من حالته المتردية التي استمرت عدة عقود زمنية لم يشملها أي تجديد أو تطوير».
بلا عشوائيات
مع نهاية عام 2020 والكلام للمتفائل على طول الخط وليد عبد العزيز في «الأخبار»، ستصبح مصر دولة بلا عشوائيات ولا مناطق خطرة.. عندما تتحول الأحلام إلى واقع ملموس، فيجب علينا أن نتوقف لنرصد المشهد من البداية للنهاية، ونرسخ قواعد جديدة عنوانها الإرادة والصدق في الوعود.. بعض المشاهد التي لا يمكن أن تضيع من الذاكرة، شاهدتها عندما تولى الرئيس السيسي مقاليد حكم البلاد منذ 6 سنوات وتحدث عن العشوائيات ومستوى معيشة المواطنين المصريين، الذين يعيشون في هذه المناطق، التي وصفت بالخطرة وغير الآدمية.. وقتها قال الرئيس، لا يصح ولا نقبل أن يعيش أهالينا في مثل هذه الظروف، وعلينا أن نبدأ فورا للعمل على تغيير مستوى معيشة هؤلاء الناس.. وبالفعل انطلقت أكبر ملحمة في تاريخ مصر للقضاء على العشوائيات، وبدأنا نشاهد سكان الأسمرات، وغيط العنب، ومناطق كثيرة في جميع المحافظات تحولت من عشش صفيح ومساكن متهالكة، تماما إلى كمبوندات آدمية، لا تقل جودة عن التجمعات السكنية في المدن الجديدة.. ما أتحدث عنه هو واقع جديد يعيشه المجتمع المصري، لدرجة أن وجود منطقة عشوائية واحدة أصبح أمرا مستغربا بعد أن كانت السمة الرسمية أننا نشاهد العشوائيات، وسط الكتل السكنية، بدون أن نفكر ولو للحظة في كيفية التخلص منها، وإنقاذ أهلها من المصير المجهول.. الحلم تحول إلى حقيقة، وتم بناء مئات الآلاف من الشقق استوعبت ملايين المصريين ليعيشوا حياه جديدة آدمية.. القضاء على العشوائيات كان من خطط الرئيس السيسي لاعادة مصر إلى وضعها الطبيعي.. واليوم مصر تنتقل إلى مرحلة جديدة لمحاربة العشوائيات، وتتمثل في استرداد حقوق الدولة، التي سرقتها قلة من الخارجين عن القانون مستغلين بعض الظروف التي كانت تمر بها البلاد.
الفيصل في العمل الإعلامي
من بديهيات العمل الإعلامي وفق رؤية محمد أمين في «المصري اليوم»: «أن يكون المذيع أو الصحافي موثوقاً فيه حتى تصدقه في ما يقول أو يناقش من موضوعات.. فهل العلاقة بين الرسالة والمرسل هي الفيصل في تقبل الناس لها أم لا؟ طبعاً بالتأكيد العلاقة بين الرسالة والإعلامي علاقة طردية، إما أن يتقبلها الرأي العام أو لا.. فمثلاً إذا كانت معلوماتك عن مذيع أنه متحرش، ثم رأيت أنه يدعو إلى تبني حملة لوقف التحرش، أو التوعية بخطورة التحرش هل تصدقه في هذه الحالة؟ وهل تصدق مذيعاً يتحدث عن الفقراء وهو يسهر هنا وهناك ويسافر إلى كل بلاد العالم، ويرتدي الساعات الفاخرة ويتقاضى مرتباً بمئات الآلاف؟ أيضاً علاقة الجمال بالرسالة والمرسل مهمة.. يعنى ممثلة جميلة مثل يسرا حين تدعو إلى عدم التحرش تصدقها، ولكن مذيعة أخرى أو كاتبة صحافية ليست جميلة لا تصدقها.. معناه هناك علاقة بين طبيعة الرسالة وطبيعة المرسل.. وهي ألف باء في قسم الإذاعة في كلية الإعلام جامعة القاهرة.. فمذيع البرامج الحوارية غير مذيع النشرة.. ومذيع الفن غير مذيع الاقتصاد.. قد لا تصدق الأول حين يتحدث عن الاقتصاد أو الأخلاق، أو مذيع مشهور بالابتزاز حين يتحدث عن الفضيلة. العلاقة قائمة طول الوقت بين الرسالة والإعلامي. فأنت تصدق واحداً ولا تصدق الآخر.. وحين تحدثت سمية الخشاب عن التحرش مؤخرا، وقالت إنها تعرضت للتحرش تصدقها، ولكن تأخذ عليها أنها لا تعطى الفن حقه، وتعرض نفسها للتحرش المعنوي والتحرش اللفظي أيضا.. وتحزن أن أخبار سمية في صفحات الحوادث، أكثر من صفحات الفن.. وهي تشغلنا بين حين وآخر بمشاكل الزواج والطلاق والنفقة والمتعة وغير ذلك من محاضر الشرطة، وجلسات التقاضي.. مع أنها كانت مشروع ممثلة رائعة منذ ظهرت زمان في مسلسل «الضوء الشارد».
أخطر رجل ضعيف
على التوالي صدر كتابان لجون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق وماري ترامب ابنة شقيق الرئيس الأمريكي، يدخلان كما أشار عبد الله السناوي في «الشروق»، بطبيعة مادتيهما في أجواء الانتخابات الرئاسية الأمريكية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل: «لا يخفى الطابع الانتقامي في كلا الكتابين، بولتون على خلفية طرده من موقعه، الذي طالما تطلع إليه.. وماري على خلفية ما جرى لوالدها من تحطيم مقصود، أفضى إلى وفاته مبكرا، وحرمانها مع شقيقها من ميراث جدهما. الأول، حاول أن يرسم صورة مقربة لـ«أقوى رجل في العالم» بأنه أهوج وجاهل لا يعرف معلومات أساسية في السياسة الدولية، تحكمه مصالحه الشخصية قبل مصالح بلاده، ومستعد أن يفعل أي شيء مقابل تجديد ولايته الرئاسية. والثانية، حاولت أن ترسم صورة مقربة أخرى لـ«أخطر رجل في العالم»، مشاحنات وتناقضات عائلته، سماته وخصاله وعقده النفسية، التي تتجلى في التنمر والتكبر والنرجسية المفرطة، شككت في أهليته للرئاسة ونقلت عن إحدى شقيقاته نعته بـ«الأحمق»، كما وصمته بالاحتيال منذ بداياته الأولى عندما استأجر طالبا متفوقا لكي يؤدي بالنيابة عنه الامتحانات التأهيلية لجامعة «بنسلفانيا». قبل صدور الكتابين تسابقت الصحف والمواقع الدولية في استعراض أهم ما فيهما من أسرار وخفايا، وأفلتت أعصاب البيت الأبيض خشية أن تؤدي مادتاهما إلى هزّ صورة الرئيس قبل موعد الاستحقاق الانتخابي على نحو يصعب ترميمه».
بيت من ورق
في الكتابين اللذين طالعهما السناوي في «الشروق»، بدا البيت الأبيض هشا يضرب التحلل السياسي والأخلاقي بنيته على نحو يشبه المسلسل الأمريكي «بيت من ورق»، الذي أنتج في ستة أجزاء. لم يكن المسلسل متجنيا سياسيا وأخلاقيا على ساكني البيت الأبيض، إذا ما قورن محتواه الدرامي مع ما جرى نشره في الكتابين المثيرين. في المسلسل تبدت صراعات ومؤامرات في ردهات البيت الأبيض، استبيحت كل الوسائل عنفا ورشى، جرت صدامات لوبيات وشركات كبرى في إدارة العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية، مع الدول الكبرى، أو عند تمرير تشريعات، أو قبل اختيار الرئاسات نفسها. كان صعود الرئيس الافتراضى فرانك أندروود للرئاسة تجسيدا للانتهازية السياسية، فكل شىء مباح بلا أدنى محرمات سياسية، أو أخلاقية، داس في طريقه كل الذين وثقوا فيه، وأطاح متآمرا بالرئيس الذي عينه نائبا، حتى يحل مكانه سيدا أول في البيت الأبيض. بدت شخصية أندروود مزيجا من الرؤساء الأمريكيين السابقين ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش والحالي دونالد ترامب. فيه من نيكسون قوة شخصيته وقدرته على السيطرة ووسائله، كالتجسس على خصومه السياسيين، وفيه من «كلينتون» شراكة الحكم والنفوذ مع زوجته هيلاري، وقد كانت علاقة معقدة لم تخف الزوجة في أي وقت طموحها إلى أن تجلس على مقعد زوجها. وفيه من بوش إثارة الخوف والفزع ودخول الحروب لتأكيد مركزه وإضفاء القوة عليه، وشيء مما جرى في الانتخابات التي أدت إلى صعوده على حساب المرشح الديمقراطي آل غور، وفيه من ترامب بعض أسراره العائلية، التي تسربت قبل فترة من ابنة شقيقه نفسها إلى الـ«نيويورك تايمز».