«دماغ المدينة» يديرها بشكل رقمي.. «ينتشوان الصينية» تسارع الخطى لكي تصبح أكبر مدينة ذكية بالعالم

  • Time:May 08
  • Written : smartwearsonline
  • Category:Умни дрехи

مع تفشي وباء كورونا، اقتضت الإجراءات الاحترازية التباعد الاجتماعي والاعتماد أكثر على التكنولوجيا في إنهاء المعاملات بين البشر، ما جعل حكومات الدول تسرع من خطواتها الحثيثة نحو إنشاء مدن ذكية، تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الإدارة بما يقلل من الاختناقات المرورية ويحد من الجريمة ويقلل الحوادث فضلًا عن الفوائد الاقتصادية الجمة. ولعل ذلك ما انتبهت له مصر وهي تبني عاصمتها الإدارية الجديدة، التي تعتمد على التكنولوجيا في كل شيء تقريبًا.

في الصين، توقعت شركات استشارات عالمية أن يبلغ حجم الإنفاق على مبادرات المدن الذكية إلى 38.92 مليار دولار بحلول 2023، والمتضمنة مشروعات الطاقة والبنية التحتية المرنة والسلامة العامة القائمة على البيانات والنقل الذكي، كما تنبأت شركة "IDC" بأن يصل الاستثمار العالمي المتصل بتكنولوجيا المدن الذكية أيضاً إلى 189.46 مليار دولار أمريكي في العام نفسه. وتعلق الصين أهمية كبيرة على بناء المدن الذكية، وتبذل جهودا كبيرة لدعم تطوير انترنت الأشياء، والبيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي وغيرها ن التكنولوجيا الناشئة. ومنذ إنشاء الدفعة الأولى من المدن الذكية التجريبية مطلع عام 2013، أنشأت الصين ما مجموعه 500 مدينة ذكية.

في 19 أغسطس الجاري، عُقد المؤتمر الخامس لطريق الحرير عبر الإنترنت على هامش معرض الصين والدول العربية، بمدينة ينتشوان في منطقة نينغشيا شمالي غربي الصين، ودار بين الحضور تبادلات ومناقشات مشتركة حول موضوعات مثل تطوير الاقتصاد الرقمي، وهي المناقشات التي تدور في نسخ المعرض السابقة، والتي لعبت دورًا نشطًا في تعزيز التبادلات والتعاون بين الصين والبلدان والمناطق على طول «الحزام والطريق» في مجال الإنترنت وخاصة الدول العربية. وفي السنوات الأخيرة، ركزت مدينة ينتشوان على البيانات كعنصر أساسي، وروجت بقوة لبناء مدينة ذكية وتطوير الاقتصاد الرقمي، وأنشأت عددًا من المشاهد الرقمية والذكية مثل «دماغ المدينة» وهو مركز قيادة إدارة عمليات المدينة الذكية، وأيضًا بوابة المدينة الذكية وهي «أنا ينتشوان» والمجمعات الذكية. وبحلول نهاية عام 2020، شكل نطاق الاقتصاد الرقمي أكثر من 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

مدينة ينتشوان التي كانت متواضعة قبل سنوات، تتصدر حاليًا سباق استخدام التكنولوجيا لتحسين الحياة اليومية، وباتت على قمة المدن الذكية بالصين، فإذا قدر لك زيارة «دماغ المدينة» ستعرف أن كل شيء مبرمج حتى صناديق القمامة، مثلًا برنامج التعرف على الوجوه، يتيح إطلاق إنذار أمني في حالة التعرف على ملامح أحد المجرمين، وفي التجمعات السكنية الذكية تعمل صناديق القمامة بالطاقة الشمسية، وهي تفتح تلقائيًا ما أن تشعر بأحد يقترب منها، وتنبه شركة النظافة لإفراغها ما أن تبلغ قدرتها الاستيعابية طاقتها القصوى.

أيضًا الدراجات التشاركية تعمل بالتوافق مع إشارات المرور الذكية، بحيث تتوقف الدراجة وتغلق نفسها من نفسها إذا ما سارت في غير الطرق المخصصة لها أو تخطت الإشارة وهي حمراء، كما أن تلك الدراجات نفسها تعمل بالطاقة الكهربائية التي تتولد ذاتيًا بمجرد دوران عجلاتها.

«دماغ المدينة» يديرها بشكل رقمي.. «ينتشوان الصينية» تسارع الخطى لكي تصبح أكبر مدينة ذكية بالعالم

النواحي الصحية أيضًا يتم مراعاتها هناك، فمثلًا يستطيع ذوي الأمراض المزمنة متابعة حالتهم الصحية من ساعة ذكية مرتبطة بتطبيق على المحمول، تقوم بقياس 22 عامل صحي مختلف، بدءًا من درجة حرارة الجسم ونبض القلب إلى مستوى السكر في الدم وكثافة العظام، ومن خلال الهاتف الذكي ترسل النتائج لمركز متخصص حيث يتولى اختصاصيون مراقبة المعلومات.

وبخطى سريعة، تسير المدينة نحو مزيد من التطوير والرقمنة، فمثلًا هناك في مبنى المصالح الحكومية بالمدينة المكون من خمس أدوار، يستطيع المواطن بدءًا من عام 2015، إنجاز كل المعاملات الرسمية في وقت قياسي، ما يسهل مهمة قرابة 14 ألف مواطن يترددون على المبنى يوميًا لتجديد جوازات السفر أو بطاقات الهوية الشخصية، أو حتى استخراج رخصة لفتح صيدلية أو مطعم أو أي نشاط تجاري آخر، حيث تقدم 30 إدارة بالمبنى أكثر من 400 خدمة ومعاملة إدارية.

الحكومة المركزية في بكين وضعت ينتشوان على قمة المدن الذكية بالصين، فقد غيرت الابتكارات المتتالية من حياة السكان، فمثلًا تحسن سلوك سائقي السيارات وحافلات النقل العام بسبب الغرامات الموقعة عليهم إذا لم يلتزموا بقوانين المرور والتي تتضمن ارتداء الكمامة ووضع حزام الأمان وعدم السير في غير الحارات المخصصة

سياسة الصين تجاه تحويل مدنها إلى مدن ذكية، تسارعت بعد تفشي الوباء، فقد أجبر الإغلاق المفروض في بعض المدن الحكومة على الاعتماد على الحلول الذكية، وفتح الباب أمام شباب المبتكرين بتقديم أفكارًا غير تقليدية، بما يحولها إلى بلد ذكي، حتى إذا ضرب وباء جديد البلاد، تستمر الحياة عبر تطبيقات ذكية يمارس من خلالها السكان حياتهم العادية، وبهذا الحل يمكن أن تستمر عجلة الإنتاج في الدوران عبر تلك التطبيقات التي تعكف شركات على تصميمها الآن.

وبحسب الخطة التي نشرها موقع "صوت الصين"، تستعد شركات وطنية الآن لتطوير مجموعة من المنتجات والمنصات والخدمات ذات التكنولوجيا المتقدمة والأداء العالي والفعالية الأكيدة في مجال الوقاية من الأوبئة ومكافحتها ليس في المجال الطبي فحسب، لكن في جميع مجالات الحياة، وتهدف الخطة لرفع كفاءة الدولة وتعزيز الخدمات وتسهيلها، حيث ستتضمن الصين في المستقبل مكاتب ومدارس افتراضية، أي أنها ستشبه ما نراه في أفلام الخيال العلمي.

أبرز ملامح مخطط "الصين الذكية"، وسيكون لمدينة ينتشوان نصيب الأسد فيه، تتضمن الاعتماد على تقنيات ذكية لقياس حرارة الجسم، من خلال التصوير بالأشعة تحت الحمراء وتدعم تطبيقات إنترنت الأشياء والبيانات الكبيرة لضمان تسجيل المعلومات وتوفيرها للجهات المعنية بها، كما من المتوقع اعتماد تقنية المراجعة والاستشارة الطبية من خلال تطوير نظام "مساعد تشخيص" يمكنه تسجيل معلومات المريض وحالته الصحية عبر تقنية المساعد الصوتي، وسيكون لتطبيقات الذكاء الاصطناعي مهمة كبيرة لتحديد حالة المريض، ما يوفر تشخيصا أوليا للحالة وينبه الأطباء، بمعدل خطأ أقل من 5%، مع القدرة على تحسين دقة التشخيص من خلال تعلم الآلة.

حكومة منطقة نينغشيا، تعمل على تطوير منظومة "المكتب الرقمي" عبر تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجه وتحليل البيانات الكبيرة لتعزيز فعالية العمل الفردي والعمل الجماعي. وفي نفس السياق، سيتم الاستعانة بتقنية الواقع الافتراضي لعقد الاجتماعات وعرض خطوط الإنتاج والبيانات ذات الصلة، وتطوير نظام توقيع العقود عبر الإنترنت.

قطاع توصيل الطلبات السريعة، على موعد أن يشهد نقلة جديدة هو الآخر، وذلك بتطبيق نظام مركبات ذاتية القيادة، لحل مشكلة الاتصال المباشر بين البشر خلال فترة الوقاية من الأوبئة، ما يضمن مواصلة العمل والإنتاج وبالتالي تسهيل الحياة اليومية للمواطنين، كما تتضمن الخطة منظومة ذكية تعتمد على تطبيقات البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي لتسجيل بيانات المتواجدين في الأماكن العامة ذات كثافة الحركة العالية. أما المدارس فسوف يطغى عليها شبكة الجيل الخامس والحوسبة السحابية وتقنية التعرف على الوجه والبث المباشر، وذلك بهدف بناء منصة تعليمية عبر الإنترنت.

المؤتمر الخامس لطريق الحرير عبر الإنترنت بمدينة ينتشوانمخطط الصين الذكية