"الرمدان" جنوب سوريا.. مخيم منسي و"لا تنقطع فيه الكهرباء"!
محمد صفية - (خاص) قدس برس | الأربعاء 29 ديسمبر 2021 - 13:43 مقرب بلدة الضمير جنوبي سوريا، وعند نهايات طريق دمشق بغداد الدولي، يقيم قرابة 2500 لاجئ فلسطيني في مخيم "الرمدان"، الذي يبعد عن مركز العاصمة دمشق 60 كم من الناحية الجنوبية الشرقية.يكاد لا يعرف أحد بوجود المخيم، إلا أهله وبعض المهتمين بشؤون اللاجئين والمخيمات الفلسطينية، بل إن كثيراً من الفلسطينيين في سوريا وخارجها لم يسمعوا به من قبل.يقول أحد اللاجئين الفلسطينيين في المخيم (فضّل عدم ذكر اسمه): إن غياب التغطية الإعلامية عن المخيم الصغير، ساهمت في عدم سماع الناس به، فضلاً عن موقعه البعيد نسبياً عن العاصمة".وأضاف لـ"قدس برس": حتى خلال سنوات الحرب والمعارك التي دارت في ضواحي العاصمة وبلداتها، بقي المخيم آمناً ولم ينخرط في الصراع، فلم يتردد اسمه في نشرات الأخبار.وأشار إلى أن مخيم "الرمدان" ربما هو المنطقة السكنية الوحيدة في سوريا التي لا تنقطع فيها الكهرباء أبداً، بحكم موقع المخيم المحاط بعدة مواقع عسكرية، ومرور الخط الكهربائي العسكري في المنطقة.منوّهاً إلى أن هذه الميزة أتاحت لهم استخدام المدافئ الكهربائية في الشتاء في ظل شح وغلاء المحروقات في البلاد.ويتابع اللاجئ الفلسطيني في "الرمدان": لا تصل إلى المخيم وسائل النقل العامة، ما يشكل أزمة كبيرة بالنسبة للأهالي، الذين يعتمدون على سيارات أقاربهم أو جيرانهم. فاستئجار سيارة، يكلف 30 ألف ليرة سورية لأقرب نقطة، وهي بلدة "الضمير" التي تبعد مسافة 9 كم فقط"."إنترنت السطوح"!كلما كان سطح منزلك أو موقعه أعلى، كانت حظوظك بالاتصال والتواصل مع من هم خارج المخيم أفضل، وكثيراً ما نشاهد الناس على سطوح منازلهم يرفعون جوالاتهم عالياً بحثاً عن التغطية، خاصة بعد الساعة 12 ليلاً.ويقول اللاجئ الفلسطيني لوكالتنا: رغم ذلك، فإن حالفك الحظ، فلن تتمكن إلا إرسال الرسائل واستقبالها وببطء شديد، أما إرسال الصور والمقاطع الصوتية والفيديوهات فهي من المستحيلات.وأضاف: قدمنا طلبات من أكثر من سنة لشركتي سيريتل وMTN من أجل تركيب برج في المخيم، وإلى الآن لم يتحقق ذلك رغم الوعود.كما لا يتوفر في المخيم خط أرضي للهاتف، وأوضح أن أقرب منطقة تتوفر فيها شبكة اتصالات، تصل إلى كم تقريباً.لا مياه شرب تصل إلى المنازلوأشار إلى وجود ثلاث آبار في المخيم، إحدى هذه الآبار تم حفرها عام 1997، وما زالت قائمة إلى الآن، وهي البئر الوحيدة التي تصلح مياهها للشرب، لكن لا تصل للمنازل، لذلك يضطر الأهالي إلى تعبئة مياه الشرب يومياً بالجالونات، من مناهل موجودة على رؤوس الحارات موصولة بالبئر.أما البئران الأخريين، فمياههما كبريتية لا تصلح إلا للغسيل والتنظيف، وهما البئران اللتان تصل مياههما للمنازل.التعليم الأساسي سيئوتوجد في المخيم مدرستان؛ ابتدائية وإعدادية فقط، ويقول "اللاجئ الفلسطيني" إن التعليم كان جيداً قبل الأحداث، حيث كان يتم تعيين أساتذة جامعيين في كافة المواد، إلا أنه وبسبب الحرب، عُمد إلى تعيين المتعلمين من حاملي شهادة "البكالوريا" من أبناء المخيم في التدريس رغم كونهم غير مؤهلين بشكل جيد.كما توجد في المخيم روضة أطفال أنشأت عام 2009 تابعة الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، وفيها أربع آنسات لا تخصص لهن الدولة راتباً شهرياً، وإنما يحصلن رواتبهن من أقساط الأطفال الشهرية، ورغم جودة التعليم في الروضة، إلا أنها تفتقر للرعاية والدعم، فلا توجد فيها ألعاب للأطفال أو أدوات تعليم جديدة مساعدة للأطفال.الأوضاع المعيشية والصحيةويعمل نحو 80 في المئة من سكان المخيم في الزراعة، بينما يعمل 20 في المئة موظفين أو عمالاً في منطقة "عدرا" الصناعية، برواتب لا تتجاوز 30 دولاراً شهرياً، بينا يعتمد الأهالي على تحويلات أبنائهم المغتربين في أوروبا.وقال اللاجئ الفلسطيني: إن "الأونروا لا تقوم بواجبها تجاه المخيم كما يجب، وفي كل مرة يأتي موظفو الأونروا مع متبرعين للمخيم، إلا أننا لا نرى أثراً لهذه الزيارات في الواقع الخدماتي والإنساني".وأوضح أن واقع المخيم على حاله منذ تأسيسه. وأن دور "الأونروا" يقتصر على الطبابة من خلال مركز طبي متواضع يفتقر للأدوية، ولا يوجد أي مركز طبي آخر أو صيدلية في المخيم، أما أقرب مشفى فيبعد عن المخيم 45 كم.وفي سياق آخر، يتولى جرار تابع لهيئة اللاجئين الفلسطينيين مهمة جمع القمامة مرة واحدة أسبوعياً، ما يؤدي إلى تراكم النفايات، ما يشكل خطراً على صحة الأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة. ورغم شكاوى الأهالي المتواصلة ومطالباتهم بزيادة أيام العمل بالنسبة للجرار، لكن دون تجاوب من المعنيين.كما يعاني أهالي حارة المساكن في المخيم، من مشكلة طوفان المنازل بمياه الصرف الصحي منذ العام 2010، بسبب ارتفاع تمديدات الصرف الصحي عن مستوى المنازل في حارة المساكن، مما اضطر الكثير من الأهالي إلى حفر "جور فنية" قرب منازلها.وتبلغ مساحة مخيم "الرمدان" 2500 دونم، ولا تعترف به وكالة الغوث الدولية "الأونروا"، رغم تقديمها بعض الخدمات له، ومساهمتها في تأسيسه عام 1954. وسُمِّي المخيم بهذا الاسم، نسبة إلى منطقة "الرمدان" الواقع على أراضيها.