على مر الزمن، كانت الوظيفة الأساسية للمنزل هي السلامة، فكان في البداية مكانا للاختباء من سوء الأحوال الجوية والحيوانات المفترسة، ثم بنيت قلاع حجرية طويلة لمنع العدو من الدخول، ثم كان الطاعون سببا في فتح مساحات عامة أكبر وأقل ازدحاما، كما كانت الحمى الصفراء سببا في ابتكار أنظمة للصرف الصحي.
واليوم مع فيروس كورونا يحتاج الناس إلى منزل يعزلهم عن البشر والفيروسات، وهو ما يخطط له المهندسون المعماريون لتكون عليه منازلنا في المستقبل، وإليك بعض التغييرات التي يعملون عليها:
1- ربما سينتهي تصميم المباني الشاهقة لإسكان أكبر عدد ممكن من الأشخاص في مجموعة شقق يتشاركون جميعا مرافقها الداخلية كالصرف والدرج والمصعد ومداخل المباني، وسنعود إلى البيت المكون من دور أو اثنين.
فبعد العزلة القسرية المفروضة في شقق من دون شرفة كبيرة، نريد جميعا الحصول على منزل به فناء صغير لتناول القهوة في الصباح. ويكفينا فقط تخيل المصعد وأزراره ومقابض الأبواب والأسطح وكل شيء في مبنى ضخم، وكم أصبح هذا التصميم يشكل مصدرا كبيرا لنقل العدوى لعشرات الأشخاص.
2- توقع المصممون تبني مفهوم "البناء الصحي" من خلال استخدام الضوء الطبيعي، وتحسين التهوية، وعدد أقل من مكونات البناء والديكور السامة، ودمج النباتات والمواد الطبيعية الأخرى.
ربما أهم تغير في حالة "البناء الصحي" هو التهوية؛ وتشمل تقنية طرد الهواء الموجود، ودخول الهواء الجديد لإزالة الملوثات؛ بدل إعادة تدوير الهواء الموجود؛ مما يحول دون انتشار مسببات الأمراض إلى بقية المبنى، وهي التقنية التي من المرجح أن يتم تفعيلها في المستشفيات بعد الوباء.
3- هناك اتجاه معماري بالفعل للمباني المحصنة، بالنظر إلى تجربتنا الحقيقية في العزلة التي أثارت بعض الأفكار عن نهاية العالم. ومن اقتراحات هذا الاتجاه أن يحتوي البيت على مخزن خارجي مجاور لكراج السيارة، لتخزين الطعام والمنظفات. وستكون تلك المباني ذاتية الطاقة ومستقلة بإمدادات المياه والتدفئة الخاصة بها من أجل الاستقلال عن العالم الخارجي إذا ساء الأمر.
4- ستنتهي أيضا المخططات التي تفتح المدخل على غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة الطعام، وما نعرفه بالمطبخ الأميركي. وسيتم فصل مدخل المنزل؛ حيث نتمكن من ترك أحذيتنا وملابسنا وممتلكاتنا، بدل حمل الأوساخ إلى غرفة المعيشة.
5- سنرى بالتأكيد عودة مساحات العمل المخصصة في المنزل، ومكاتب حقيقية، أكثر من مجرد زوايا مؤقتة في الغرفة؛ فعندما تقضي الكثير من الوقت في العمل من المنزل، أنت بحاجة إلى مساحة منفصلة فعليا عن بقية المنزل، لتكون أكثر إنتاجية، ويكون لديك فصل واضح بين ساعات العمل والاسترخاء.
تحتاج أيضا لمكتب منظم مع خلفية لائقة لحضور اجتماعاتك "أونلاين"، وفتح الكاميرا من دون قلق مما يظهر حولك، ويمكن تخصيص مساحة للتمرين والتأمل أو زاوية للقراءة إلى جانب المكاتب المنزلية.
6- فكر البعض في تصميم مساحات بالمباني السكنية للاستجمام، والسماح للجيران بلقاء بعضهم وهم ملتزمون بالتباعد الاجتماعي لتناول القهوة، الأمر الذي قد ينتقل إلى داخل المنازل بشرفات واسعة بها منضدة وماكينة قهوة كمحطة صباحية قبل ذهابك للعمل بغرفتك.
7- يتجه المصممون لتطبيق إستراتيجيات مقاومة للجراثيم، مثل أسطح البوليمر المضادة للميكروبات وفائقة الالتصاق، وأسطح النحاس التي تقتل الجراثيم والفيروسات بشكل تلقائي، بدل اعتمادنا عقودا طويلة على البلاستيك و"الإستانلس" المثاليين لنمو البكتيريا.
ويمكن أن تكون المصابيح فوق البنفسجية أيضا تقنية جديدة يتم دمجها في المنزل، من أجل القضاء على البكتيريا والفيروسات.
8- يسعى المصممون لتنفيذ تصميمات داخلية للمنازل بهدف توفير الراحة النفسية والجسدية أكثر من أي وقت مضى. وسيحتاج المصممون إلى التفكير في كيفية مساعدتنا في الحفاظ على صحتنا العقلية من خلال البيئات الداخلية، باستخدام الإضاءة والألوان وترتيب الأثاث، وتصميم مكتبات صغيرة للموسيقى، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي بين أفراد المنزل.
9- يمكن أن تجلب هذه الأزمة طلبا متزايدا على المراحيض الذكية، وهي أمر شائع جدا في الوقت الحالي فقط في بعض البلدان مثل اليابان، وكذلك حنفيات التنظيف التلقائي والصنبور عالي الحساسية الذي نراه الآن فقط في بعض الحمامات العامة.
10- ستعود هواياتنا المتعلقة بالبستنة بقوة، جنبا إلى جنب مع طرق جديدة لدمج المساحات الخضراء داخل المنازل. فسوف تشهد الحدائق العمودية والبستنة الداخلية طفرة، كطريقة مثبتة لتقليل إجهادنا وتحسين جودة الهواء داخل منازلنا.
ويمكن أن تصبح زراعة ما تأكله خيارا يمكن استكشافه مع مساحات داخلية صغيرة مجهزة بالضوء الاصطناعي والهواء والماء.