يستعد المغرب لدخول عالم التصنيع العسكري في السنوات المقبلة، سعيا منه إلى تحقيق اكتفائه الذاتي في مجال الصناعات الدفاعية، عوض الارتهان بالاستيراد الخارجي، وهو ما سيجعله قوة حربية صاعدة في المنطقة الإقليمية.
وتعول الرباط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من أجل تعزيز المنظومة العسكرية الداخلية، بناء على التعاون الثنائي الذي لم يعد مقتصرا على إبرام الصفقات الحربية، وإنما امتد إلى إحداث منشآت لتصنيع الأسلحة.
ووقعت الرباط وواشنطن على اتفاق عسكري ممتد عشر سنوات (2020-2030) بغية تدعيم الشراكة الدفاعية الإستراتيجية بين البلدين، لاسيما في ظل التعاون العسكري المثمر خلال العقود الماضية، بعدما تحول المغرب إلى زبون دائم لأمريكا في ما يتعلق بالتزود بالأسلحة.
وتحدثت تقارير إسرائيلية عن اتجاه تل أبيب صوب تقاسم بعض تقنياتها العسكرية مع الرباط، وذلك بإنشاء مصنع حربي لتصنيع طائرات “كاميكاز” الشهيرة على الأراضي المغربية، تبعا للاتفاقيات الأمنية الموقعة بين البلدين بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية.
وفي هذا الصدد، قال عبد الحميد حارفي، الباحث في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، إن “المغرب أرسى البنيات التحتية المتعلقة بالصناعة العسكرية ابتداء من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي”، لافتا إلى أنه “صنّع طائرة محلية متقدمة للتدريب جرى عرضها في معرض لوبورجيه للطيران الجوي آنئذ”.
وأضاف حارفي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب كان يطمح إلى تصنيع 20 طائرة حسب احتياجات القوات المسلحة الجوية، والاتجاه بعدها نحو التصدير للخارج، لكن المشروع لم يكتمل لأسباب مالية وتقنية”.
وفي سرده مسار التصنيع الحربي بالمملكة المغربية، أوضح الخبير عينه أن “المغرب يحكمه هاجس التصنيع الذاتي على الدوام، خاصة على مستوى المناولة والصيانة والتطوير”، ثم زاد أن “كافة فروع القوات المسلحة الملكية تتوفر على طاقم للصيانة والتطوير مزود بأحدث الوسائل والتقنيات المحلية الصنع”.
وأكد الباحث في الشأن العسكري والإستراتيجي أن “المملكة انتقلت إلى مرحلة أخرى تتعلق بتطوير وعصرنة العتاد العسكري، من خلال ابتكار حلول ذاتية في كل ما يتعلق بالمشاكل التقنية والمعلوماتية، وهو ما جعل البلد لا يرتهن بالخارج في هذا المجال”.
واستطرد المتحدث ذاته بأن “المغرب طوّر العديد من التقنيات العسكرية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الكاميرات الحرارية العسكرية والمدافع الحربية”، مشيرا إلى أن البلد “استنبط الاتجاهات العسكرية الجديدة من النموذج التركي الذي طور بنيته التحتية الصناعية المدنية في البداية، ثم جلب الخبرة التقنية لاحقا”.
وانطلاقا من ذلك، فكرت تركيا في إرساء معالم صناعة عسكرية وطنية، وفق حارفي، الذي شدد على أن “التصنيع التركي بدأ بشراكات ثنائية متعددة الأطراف، قبل أن تفلح في تصنيع المعدات المحلية”، معتبرا أن “هذا المسار يستغرق مدة طويلة، وهو ما يأخذه المغرب بعين الاعتبار لتحقيق مراميه”.
وخلص الخبير العسكري إلى أن “المملكة تتبنى مقاربة تدريجية في الصناعة الحربية، ابتدأت بإرساء الترسانة القانونية والمعلوماتية، وتواصلت بالبحث عن شراكات ثنائية، ضمنها الشراكة الإسرائيلية التي يتم التباحث معها بخصوص المسيّرات الانتحارية، إلى جانب الطرف الأمريكي الذي نتدارس معه نقل التكنولوجيات، خاصة طائرات إف-16 التي نرغب في تطويرها محليا”.