يقال في الأوقات الحالكة “أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام”، ومن هذا المنطلق، لم يكتف بعض العاملين بالمجمع الشريف للفوسفاط بإشعال فتيل شمعة ينيرون بها طريق السائرين في ظلام الظرفية الراهنة المرتبطة بانتشار فيروس كورونا، بل تجندوا لصناعة جهازين من شأنهما المساهمة في إنقاذ أرواح من يحاول كوفيد 19 كتم أنفاسهم، من جهة، والمساهمة في حماية من يعملون في الصفوف الأمامية لواجهة الوباء.
أدمغة شابة وضعت إمكانياتها المعرفية واللوجيستيكية على الطاولة، وفكرت في كيفية استغلال ما توفر لديها من مؤهلات وتجهيزات لتعزيز وتقوية عمل الأجهزة الطبية بالمركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الثاني بخريبكة، فكانت النتيجة صناعة جهاز صغير قادر على تقوية التنفس الاصطناعي الذي يتم اللجوء إليه في بعض الحالات المتقدمة من الإصابة بفيروس كورونا، وصناعة جهاز آخر ذي أهداف وقائية.
وتكمن أهمية الجهاز الأول، الذي يتم صنعه بطابعة ثلاثية الأبعاد، في تمكين مريضيْن، في اللحظة ذاتها، من الاستفادة من خدمات جهاز واحد لضخ الأوكسجين في الجهاز التنفسي، وهو ما سيسمح للأطر الطبية العاملة بالوحدات المتخصصة في معالجة المصابين بفيروس كورونا بتوفير التنفس الاصطناعي لأكبر عدد منهم، عوض تخصيص جهاز لكل مريض.
أما الجهاز الثاني فيأتي على شكل قناع شفاف يضعه العاملون بالمراكز الاستشفائية على وجوههم، من أجل حماية أنفسهم من انتقال العدوى المحتملة خلال أداء مهامهم اليومية المرتبطة باستقبال وعلاج المصابين بفيروس كورونا؛ مع توفّره على خاصيات تميّزه عن باقي الأقنعة المشابهة.
ياسين اندعلي، متطوع في Act4community التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط، قال إنه “في إطار مبادرة A4C، تم إنشاء منصة لتبادل الأفكار والتجارب للمساهمة في مواجهة وباء كوفيد 19، وتداول مجموعة من الأفكار على مستوى مختلف المواقع الإنتاجية للمجمع الشريف للفوسفاط، خاصة ما يتعلق بكيفية مساعدة الأطر الطبية على أداء مهامها في ظروف جيّدة”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “بعد جرد مختلف الأفكار والاقتراحات على الصعيد الوطني، تم الانتقال إلى مرحلة التفعيل، من خلال التعاون بين جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، ومركز الكفاءات الصناعية للمكتب الشريف للفوسفاط بموقع خريبكة”.
واستطرد اندعلي: “من بين الإنجازات التي نجحنا في إخراجها إلى حيز الوجود صمّام صغير يخوّل لجهاز واحد للتنفس الاصطناعي إمداد مريضين بالأوكسجين عوض مريض واحد”، موضحا أن “التجربة الأولى أجريت بالمركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الثاني بخريبكة، بحضور أطقم طبية متخصصة، وكانت النتيجة إيجابية وتسمح بانطلاق عملية الإنتاج”.
وفي حديثه عن القناع الواقي، أوضح ياسين اندعلي: “خلال زيارتنا إلى المركز الاستشفائي بخريبكة، تلقينا اقتراحا حول إمكانية صناعة أقنعة واقية وقابلة للتعقيم وإعادة الاستعمال عدة مرات، وهو ما نجح الواقفون وراء المبادرة في إنجازه بمعايير ومقاييس مضبوطة، باستعمال مواد صحية وقابلة للتعقيم، عكس باقي الأقنعة ذات الاستعمال الوحيد”.
أما محمد حوسى، مسؤول مركز الكفاءات الصناعية للمكتب الشريف للفوسفاط بموقع خريبكة، فأوضح أن “المؤسسة تمثل أحد المراكز التي شيّدها المجمع بمواقعه الصناعية، من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها دعم مبادرات الابتكار في التنمية الصناعية، ودعم تكوين شركاء النظم الإيكولوجية في المحيط الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق تكوين مستمر يستجيب لمعايير الجودة والمقاييس الدولية في هذا المجال، ومواكبة الإستراتيجية الصناعية للمجمع الشريف للفوسفاط”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “صناعة جهاز تقوية التنفس الاصطناعي والقناع الواقي تتمّ داخل مركز الكفاءات الصناعية للمكتب الشريف للفوسفاط بموقع خريبكة، وتحديدا في ورشة FabLab التي تواكب المجهود المهمّ الذي يقوم به المجمع الشريف للفوسفاط، من أجل المساهمة في الحد من انتشار وباء كوفيد 19”.