جدل واسع أثاره إعلان الممثل المغربي هاشم البسطاوي اعتزاله التمثيل بشكل نهائي، والتبرأ من أعماله الفنية، وطلبه من الجمهور حذف صوره..
القرار ذاته اتخذه الرابور المغربي “Nizzy-bee”، داعيا جمهوره من الشباب إلى عدم استغلال قرار توبته، والعودة إلى سماع أغانيه و صوره، وقال: “أنا بريء منهم، بيني وبينهم الله”.
وفتح هذا الإعلان نقاشا جادا على مواقع التواصل الاجتماعي حول اعتزال الفنانين في أوج عطائهم الفني والابتعاد عن أضواء الشهرة، وإعلانهم “التوبة”، سيرا على درب كل من عبد الهادي بلخياط ومحمد رزقي والمختار جدوان وآخرين.
التوبة من الفسق
وأيد عدد من المتابعين قرار اعتزال هاشم البسطاوي التمثيل، إذ كتب أحد المعلقين: “شخصيا، أؤيده على اعتزاله ما يسمى الفن الذي لا يراعي شرع الله في شيء”.
وعلق آخر: “هذا حقك، وخير لك أن سلكت هذا الطريق، وكل شخص حر في قرارته، هو حرم الفن لما يدور في الكواليس، وما يجلبه الفن من فسق ودمار للشخص والمجتمع”.
وتساءل معلق ثالث “لماذا يحز في نفس البعض أن يعتزل ممثل أو مطرب، ويقرر التوبة إلى الله”، مضيفا أن “التوبة عمل قلبي يجب أن يتحلى به المرء سواء كان فنانا أو غيره في كل حين ووقت”.
الفن رسالة إنسانية
أما الناقد الفني مصطفى الطالب، فقد اعتبر أن “قرار الاعتزال حرية شخصية لا يمكن لأي أحد التدخل فيها؛ لكن مماذا سيتوب الفنان؟ فالفن أسمى من ذلك، لأن الفنان يؤدي رسالة إنسانية”.
وأضاف الناقد ذاته في حديثه لهسبريس: “لست متفقا مع الفنانين الذين يعلنون التوبة والاعتزال، على العكس تماما الفنان يؤدي دورا مهما في المجتمع، ويمكنه إنقاذ أسرة كاملة”
واستحضر الطالب قصة زوجين كانا في الطريق إلى المحكمة من أجل إبرام الطلاق.. حينها، تناهت إلى أسماعهما أغنية للفنان عبد الهادي بلخياط ذكرتهما بأيام الخطوبة واسترجاع الذكريات الجميلة، فعدلا عن قرار الطلاق”.
“قرار الاعتزال يضر بالفن المغربي، ويفسح المجال أمام الدخلاء عن المهنة”، يشدد الطالب الذي تابع: “صحيح أحيانا نعيش لحظات نفسية وروحانية تدفعنا إلى الوقوف مع ذواتنا.. وتجاوز هذه المحنة لا يتحقق بقرار الاعتزال، بل بتحقيق التوازن على مستوى الإبداع وفي حياتنا الخاصة”.
صراعات نفسية
من جهته، فسر الأخصائي النفسي عبد المنعم التاليدي إعلان الفنانين الاعتزال بحالة الصراع الداخلي التي يعيشها الفنان.
وقال التاليدي: “الشخصية العامة دائما تسلط عليها الأضواء وتجد نفسها أمام طريقين لا ثالث لهما، مواصلة المسيرة الفنية أو اتخاذ قرار الاعتزال والتوبة والابتعاد نهائيا عن الوسط الفني”.
وعن التراجع عن قرار الاعتزال، يوضح الأخصائي أن “ثمة فنانات يخترن الإعلان عن قرارات مفاجئة لتسليط الضوء عليهن.. وبما أنهن لا يتحملن فكرة البقاء في الظل يتجهن إلى القنوات الدينية لتقديم برامج دعوية، أو يعدن إلى الأضواء؛ وهذا أمر طبيعي”.
ربط الاعتزال بالتوبة
ومن جهته علق محمد عبد الوهاب رفيقي، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على “فيسبوك”، على قرار الاعتزال بالقول: “أنك تعتزل المجال الفني هذا قرار شخصي وحرية فردية، ولا حق لأحد بالتدخل فيه؛ ولكن المزعج في الموضوع، كما وقع سابقا في مصر مع عدد من الفنانات، هو ربط الموضوع بالتوبة إلى الله، والبراءة من كل الأعمال السابقة”.
وأضاف الباحث في الشأن الديني أن “هذا الربط الفاسد يزرع في وعي الناس أن الفن رذيلة وخطيئة، وأن الفنان كان يرتكب عملا محرما.. وبالتالي ننقل الفن من رسالة نبيلة وشريفة ومن أداة مهمة لتأطير المجتمع وتوجيه سلوكياته وإثارة قضاياه والتحسيس بها إلى كونه ذنبا وخطيئة جريمة، نصفق لمن تركها”، لافتا إلى “أن هذا الربط نرسل به رسالة أن المشتغلين بالفن ليسوا بشرفاء، ويقومون بعمل مشين في انتظار ذهابهم إلى الحج للتكفير والاستغفار”.
وشدد رفيقي في التدوينة ذاتها على أن “الفن فضيلة وليس بخطيئة، الفن نبل وليس بعار، واعتباره رذيلة هو مما زرعه المال الوهابي الذي كان يغري الفنانين مقابل إعلان اعتزالهم” وفق تعبيره.
وختم تعليقه بالقول: “في الأخير، عندي سؤال فقهي صغير جدا لكل هؤلاء المعتزلين بداعي التوبة: ما حكم الأموال التي اكتسبوها من خلال الفن؟ وماذا سيفعلون بها بعد التوبة المزعومة؟”.