دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تكافح المستشفيات للتمسّك بالجسم التمريضي وسواهم من المهنيين، الذين يعانون من صدمات نفسية، ومن تدفق المرضى بشكل كبير، وفق ما قال الأطباء.
ويتوقّع الأطباء، مع دخول جائحة كوفيد-19 عامها الثالث وفي رصيدها 800 ألف شخص فارقوا الحياة في الولايات المتحدة وحدها، أن تلحق الضرر بالصناعة الصحية على مدى السنوات اللاحقة.
وقال الدكتور جون هيك، طبيب الطوارئ في عيادات هينيبين للرعاية الصحية في ولاية مينيسوتا الأمريكية، للصحفيين الثلاثاء: "تشعر وكأنك تشرب من خرطوم إطفاء حريق وليس لديك قدرة للسيطرة على هذا التدفق".
وأضاف هيك: "أعمل في قسم الطوارئ منذ 25 عامًا، ومع ذلك كل مناوبة أعمل خلالها هذه الأيام هي أشبه بأسوأ مناوبة شهدتها في مسيرتي المهنية".
قد يهمك أيضاًضغط على المستشفيات و"كورونا خرج عن السيطرة".. ماذا يعني إعلان "حادث كبير" في لندن؟
ومن جانبها، قالت الدكتور جيسي غولد، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي بجامعة واشنطن في سانت لويس الأمريكية، إن العديد من المرضى عدائيين، ما يزيد الأمور سوءًا.
لقد أصبح الأمر سيئًا للغاية لدرجة أن رؤساء المستشفيات في ولاية مينيسوتا نشروا إعلانًا على صفحة كاملة في إحدى الصحف هذا الأسبوع، تضمّن ما يلي "نحن محطمون ومرهقون، أقسام الطوارئ لدينا ممتلئة، ولدينا مريض على كل سرير في مستشفياتنا".
وأشار الدكتور راهول كوران، رئيس جمعية مستشفيات مينيسوتا ومديرها التنفيذي، إلى أن الجائحة تزامنت مع واقع كانت المستشفيات فيه وإدارات الصحة العامة ضعيفة في الأساس".
وأوضح كوران لـ CNN: "لقد كنا نعاني من نقص بآلاف العاملين في الرعاية الصحية قبل ظهور أول حالة إصابة بكوفيد-19، وأصبح عمال الرعاية الصحية الآن منهكين، إنهم يتقاعدون ويقدمون استقالاتهم".
وتابع: "إنهم يتجهون إلى صناعات أخرى. وذا الواقع يحد من قدرتنا على الرعاية، لذا فإننا نخبر مجتمعنا في هذه المرحلة، إذا تعرضت لحادث سيارة أو تعرضت لنوبة قلبية، فإن قدرتنا على الرعاية محدودة، إنها حقًا أزمة".
أزمة في الرعاية
وأظهر تحليل CNN لبيانات جامعة جونز هوبكنز أن واحدًا من كل خمس مرضى في وحدات العناية المركزة في جميع أنحاء البلاد يتلقى العلاج من كوفيد-19.
ويعاني نحو 67 ألف مريض في المستشفيات من كوفيد-19، وتظهر بيانات وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية زيادة الاستشفاء بنسبة 42% خلال الشهر الماضي.
قد يهمك أيضاًحالات كورونا بمستشفيات أمريكا تصل إلى رقم قياسي لليوم السابع على التوالي
وأشار كوران إلى أن الأسرّة ممتلئة، وكذلك أقسام الطوارئ، وأروقة المستشفى تستقبل مرضى، بعضهم يحتاج إلى أجهزة التنفس، وفي هذه المرحلة، وصلت قدرة رعايتها إلى حدّها الأقصى".
وأضاف: "نريد أن تعرف مجتمعاتنا مدى مأساوية الوضع الذي نحن فيه الآن".
وقال هيك: "الفريق الطبي يغادر".
وتحدث هيك بصراحة خلال مؤتمر صحفي نظمته SciLine، وهي خدمة صحافة علمية ترعاها الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم: "لا يمكننا الحصول على أي مساعدة. وهذا خلاصة أكبر المشاكل صدقًا، لأننا ليس لدينا موظفين، وموارد الموظفين على وجه الخصوص".
وأضاف: "تسبّب ذلك حقًا بإرهاق كبير... لكن لكن القلق والتعب والإجهاد المستمر، بالإضافة إلى التعب الجسدي لرعاية هؤلاء المرضى، والتكيف مع تحديات العمل من ارتداء معدات الوقاية الشخصية، إلى أن تكون الرابط الوحيد أحيانًا بين المريض وعائلته، كل ذلك كان صعبًا للغاية".
العداء وعدم التصديق
وغالبًا ما يكون المرضى وعائلاتهم غير ممتنين، وبعبارة أخرى عدائيين.
ولفت هيك إلى أن "النقص في القوى العاملة شديد"، مضيفًا: "أعتقد أنه كان من الصعب للغاية على القوى العاملة الانتقال من كونهم أبطالً، إلى دائرة الاستجواب، وعدم الثقة فيهم، إلى شعورهم حقًا بأنهم ليس تحت تهديد السلاح فحسب، بل يتعرضون أيضًا للاعتداء من قِبل المرضى، في بعض الأحيان".
وتراقب المستشفيات والأطباء والممرضات وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية الوضع الآن لمعرفة ما يفعله متحور "أوميكرون".
قد يهمك أيضاًاليونيسيف تحذر: اضطراب الرعاية الصحية بسبب كورونا يهدد حياة 51 ألف طفل في الشرق الأوسط
وتشير الدراسات من جنوب إفريقيا إلى أن المتحور الجديد يتهرّب بشكل كبير من الحماية التي توفرها اللقاحات، لكن ليس بشكل كلي، وينتهي الأمر بعدد قليل من الأشخاص في المستشفيات هناك.
لكن من الواضح أيضًا أنه أكثر قابلية للانتقال من متحور دلتا، وهو يمثل بالفعل نسبة 3% من الحالات في الولايات المتحدة.
وهذا يؤشر إلى أن المستشفيات ستشهد ارتفاعًا بعدد المرضى، بسبب الأعداد الهائلة من الإصابات الجديدة.
وزادت الرحلات خلال عطلة عيد الشكر عدد الإصابات، التي سترتفع أكثر جراء الاختلاط خلال العطل المقبلة حتى نهاية العام الجاري، ورحلات السفر.
وقال هيك: "لذلك نتوقع أن تستمر المستشفيات في استيعاب أعداد تفوق طاقتها خلال الفصل الأول من العام المقبل".
مهنة تكافح وسط الصدمات
وأشارت غولد، المتخصصة في علاج اختصاصيي الرعاية الصحية، إلى أن العاملين في مجال الرعاية الصحية غالبًا ما يعانون من ضعف في الصحة النفسية مقارنةً بالعامة، في الولايات المتحدة.
وقالت: "لم يتمتع العاملون في مجال الرعاية الصحية بصحة نفسية جيدة قبل كوفيد-19، الأمر ليس كما لو أن كوفيد-19 ظهر ثم أصبحنا نواجه هذه المشاكل فجأة، لقد كانت لدينا مشاكل طويلة الأمد".
ولفتت غولد إلى أن طلاب كلية الطب يعانون من معدلات اكتئاب عالية.
وأوضحت: "عندما نتناول موضوع الإرهاق، فهو مرتبط بمكان العمل وله علاقة بالإرهاق العاطفي، والانفصال عن الشخصية، الذي نصادفه لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية، إذ نلحظ أنّ لديهم نقص في التعاطف، وأنهم يتعاملون مع المرضى كأشياء، ولديهم شعور متدني بالإنجاز الشخصي"
قد يهمك أيضاًهل سيغير متحوّر "أوميكرون" جميع خططك لعطل الأعياد المقبلة؟
ولفت هيك إلى أن الأطباء والممرضات وغيرهم من المهنيين الصحيين يرون أن الجائحة جعلتهم يشعرون بأن الكثير من الأمور خرجت عن سيطرتهم.
وأضاف: "أعتقد أن أحد أكبر المساهمين في أعراض الإرهاق واضطراب ما بعد الصدمة هو العجز. وأعتقد أن هذا ما يعاني منه الكثير من مقدمي الخدمة لدينا الآن. وكما ذكرت جيسي، لا توجد طريقة لإصلاح ذلك الآن. أعني، يجب أن يساهم الجميع في ذلك".
ولا تعتقد غولد أن المشاكل قد تنتهي في وقت قريب، لافتة إلى أن "الأمر ليس وكأن كوفيد-19 سيتوقف وفجأة سنصبح أفضل".
وتابعت: "أعتقد أننا سنشهد زيادة أكبر في نتائج الصحة النفسية لجميع السكان ولكن بشكل خاص لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية، والدراسات التي أجريناها حول مقارنات مع أوبئة أخرى تشير إلى أننا سنشهد ذلك لعامين على الأقل".