بعدما تداول نشطاء بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” شريطا من 13 ثانية، يوثّق لحظة تعرّض تلميذة للضرب على يد أستاذ لها بثانوية الإمام مالك الإعدادية في مدينة خريبكة، ودخول النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية على الخط لوضع الأستاذ رهن الحراسة النظرية، كشف أحد التلاميذ الذين عاينوا الواقعة أن الأمر يتعلق باستفزاز تلته مظاهر الضرب والسب ثم الصلح.
وعن تفاصيل الواقعة، قال تلميذ رفض الكشف عن هويته تفاديا لأي مشكل محتمل أن “الأستاذ كان يوم الأربعاء يشرح درسا في مادة الرياضيات، والحصة الدراسية تسير بشكل عادي، قبل أن تقوم تلميذة تجلس في طاولة عند نهاية الصف برمي السبورة بطبشورة صغيرة، في خطوة منها لاستفزاز الأستاذ”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الأستاذ لم يتمكن من معرفة التلميذ الذي رمى الطبشورة؛ وهو ما دفعه إلى توجيه كلمات السب والشتم إلى جميع التلاميذ والتلميذات، متوعدا في الوقت ذاته بتأديب كل من حاول استفزازه وإرباك السير العادي للحصة الدراسية”، مشيرا إلى أنه “في المرة الثانية لمح تلميذة وهي ترمي قطعة الطباشير، لكنه اكتفى بسبها وشتمها، وتحذيرها من إمكانية جعلها عبرة للجميع”.
وعندما تكرّر الفعل من جديد، يضيف المتحدث ذاته، “انفعل الأستاذ بدرجة أكبر من ذي قبل، وهرع نحو التلميذة لضربها، وهي اللحظة التي بدأ فيها أحد التلاميذ بتسجيل شريط بهاتفه النقال، موثّقا بذلك لحظات الضرب على الرأس والوجه، والشد والجذب من الشعر، والسب والشتم بالكلام القبيح، ووصف المعتدى عليها بالعاهرة”.
وعن لحظات ما بعد الثواني الموثقة بالصوت والصورة، وطبيعة ردود الأفعال التي بصم عليها باقي التلاميذ، أوضح المصدر ذاته أن “زميلات وزملاء المعتدى عليها لم يتدخلوا لمنع الأستاذ من ضربها، لكن بعد مرور لحظات قليلة عن الواقعة دقّ الجرس لإعلان انتهاء الحصة؛ وهو ما دفع التلميذة إلى مغادرة المؤسسة التعليمية، وإحضار والدها وأخيها إلى الإدارة”.
وأضاف التلميذ ذاته أن “الواقعة التي تعود إلى يوم الأربعاء انتهت أطوارها في اليوم ذاته، حيث أجري الصلح بين الأستاذ والتلميذة ووالدها وأخيها، وعادت الأمور إلى مجراها الطبيعي وكأن شيئا لم يكن، حيث استأنفت التلميذة دراستها بشكل عادي إلى جانب باقي تلاميذ السنة الثالثة إعدادي، إلى أن تسرّب الشريط ليلة السبت، وجرى تداوله بشر كبير وسريع، وصار حديث العام والخاص”.
وعن الأخبار المتداولة حول ضرب الأستاذ تلميذته وهو في حالة سكر، نفى التلميذ نفيا قاطعا أن يكون المتّهم في حالة غير طبيعية يوم الواقعة، مضيفا أن “الأستاذ معروف بالسب والشتم والتفوه بالكلام القبيح، كما يلجأ بين الفينة والأخرى إلى أنبوب مطاطي لتهديد التلاميذ وتأديبهم”.
من جانبه، قال مدير ثانوية الإمام مالك الإعدادية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن التحقيق الذي تجريه المصالح الأمنية، تحت إشراف النيابة العامة، يمنعه من الإدلاء بكل ما من شأنه التأثير سلبا أو إيجابيا عن سير القضية، ولا يمكنه تقديم أي معطيات حول الضرب والسب والصلح الذي جرى بين الأطراف المعنية بالموضوع، على الأقل في الوقت الراهن.
يشار إلى أنه مباشرة بعد تداول الشريط، ووضع الأستاذ رهن الحراسة النظرية، سارعت كل من المديرية العامة للأمن الوطني والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة بني ملال لإصدار بلاغ حول الواقعة وإطلاع الرأي العام الوطني بالمجريات الأولية للقضية التي أثارت من جديد ملف العنف داخل الوسط المدرسي.
وجاء في بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني أن مصلحة الأمن تفاعلت بسرعة مع الشريط المنشور، وتم تحديد المؤسسة التعليمية وتشخيص هوية الأستاذ البالغ من العمر 59 سنة، مضيفا أن “مصالح الأمن الوطني لم تتوصل بأي شكاية أو إشعار من الطرف المشتكي حول هذا الاعتداء”.
أما الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة بني ملال، فقد أوردت أنها “شكلت لجنة على وجه الاستعجال لتقصي الحقائق، واتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة في الموضوع”، مبدية في الوقت ذاته “رفضها كل أشكال العنف بالوسط المدرسي”، و”حرصها على التصدي، بكل حزم ويقظة، لكل ما يمكن أن يسيء إلى المؤسسات التعليمية وحرمتها، باعتبارها فضاءات للتربية والتكوين”.