تعد عظمة الترقوة إحدى عظمتين طويلتين ورقيقتين، وهما يربطان عظمة الصدر بعظمتين من لوح الكتف بارزتين، وتوجد في قاعدة الرقبة.
وتقوم هذه العظمة بوظيفة أساسية تتمثل في حمل الذراعين وتثبيتهما ودعمهما بعيداً عن الجذع، ولأن الترقوة تقع تحت الجلد بشكل مباشر، فإنها تكون عرضة للكسر بشكل كبير.
يعتبر هذا الكسر، والذي يعرف بكسر الترقوة أو الترقوة المكسورة، منتشراً بشكل كبير بين الأطفال والشباب، ومن يمارسون رياضات التحامية ومنها كرة القدم، وكذلك الرياضات التصادمية كسباق السيارات، ومن الممكن أن يتعرض الرضع لهذا الكسر أثناء عملية الولادة.
ونتناول في هذا الموضوع، مشكلة كسر الترقوة بكل جوانبها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تظهر وتميزها عن غيرها من الحالات، ونقدم طرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
السقوط والصدمات
ترجع الإصابة بكسر الترقوة إلى التعرض للسقوط وكذلك الإصابات الرياضية، والصدمات التي يكون سببها التعرض لأحد حوادث الاصطدام بالسيارات أو الدراجات البخارية.
ويعاني المصاب ألماً، وبخاصة عند التلامس، كما أن المنطقة المصابة تتورم، ويفقد المصاب مقدرته على أن يحرك ذراعه، ويجب سرعة تشخيص الحالة والحصول على علاج، حتى نتجنب أي مضاعفات تترتب على هذا الكسر.
ويعتمد العلاج على تثبيت العظام المكسورة، وذلك من خلال ارتداء حمالة كتف، وربما احتاجت بعض الحالات إلى تدخل جراحي، كأن يحدث للعظام إزاحة من مكانها، وذلك حتى تعاد العظام المكسورة، مع زرع شرائح ومسامير وقضبان لتثبيت العظم.
ألم وتورم
يعاني المصاب بكسر الترقوة، عدداً من الأعراض، وتبدأ بإحساسه بالألم، والذي يزيد إذا حاول تحريك كتفه، كما أن منطقة الكسر تظهر آثار كدمات فيها، وربما حدث تورم فيها أو بالكتف أو قريباً منه.
ويمكن أن يكون الألم شديداً في بعض الحالات، وبخاصة عند لمسه، كما يعاني المصاب أحياناً من ضيق في التنفس، ويسمع عند محاولة تحريك الكتف والضغط عليه صوت كالقرقعة أو التطاحن، أو الصرير.
ويترتب على كسر الترقوة في بعض الحالات عدم مقدرة المصاب على أن يحرك كتفه، وهو ما يعرف بالتصلب أو التيبس، ولو أصيب الأطفال حديثي الأطفال بكسر الترقوة بسبب الولادة، ففي الأغلب لا يقدرون على تحريك الذراع أياماً عدة.
ويجب عند ملاحظة أي من الأعراض السابقة، وبخاصة بالنسبة للأطفال حديثي الولادة، كألم شديد يمنع تحريك الكتف، التوجه للطبيب، لأن تأخير التشخيص والعلاج يترتب عليه ضعف التئام العظام.
الأوعية الدموية
يترتب على كسر الترقوة في بعض الأحيان عدد من المضاعفات، وذلك على الرغم من أن كثيراً من الإصابات تشفى دون أي مشاكل.
وتشمل هذه المضاعفات إصابة الأوعية الدموية، أو الأعصاب بسبب الأطراف الخشنة للترقوة المكسورة، ولذلك يجب الحصول على مساعدة طبية فورية في الحالات التي يشعر المصاب عقب الكسر بخدر أو برودة في الذراع أو اليد. ويمكن أن تحتاج الحالات الشديدة إلى وقت أطول حتى تتعافى بشكل تام، وربما لا تشفى بشكل كامل، كما أن العظام أحياناً تلتئم بشكل غير صحيح، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تقصير العظمة.
الفصال العظمي
ينتج عن التحام العظام تكون كتلة عظمية، وتعد جزءاً من الشفاء، وممكن مشاهدة هذه الكتلة بيسر لأنها قريبة من الجلد، وفي الأغلب فإنها تختفي مع الوقت، إلا أن بعض المصابين تظل لديهم بشكل دائم.
ويعد من مضاعفات هذا الكسر زيادة خطر الإصابة بالتهاب المفاصل، أو الفصال العظمي، حيث يشمل هذا الكسر المفاصل التي تربط الترقوة ولوح الكتف أو عظمة الصدر.
ويزيد خطر الإصابة بالعدوى، وذلك لو برز جزء من العظم المكسور عبر الجلد؛ حيث يتعرض بصورة أكبر للجراثيم، وبالتالي فإن العلاج الفوري يعد مهماً للغاية.
حوادث الاصطدام
يعد السقوط من أبرز أسباب الإصابة بكسر الترقوة، وبخاصة لو كان على الكتف أو اليد وهي ممتدة، كما أن في كثير من الحالات يكون نتيجة ممارسة إحدى الرياضات؛ حيث يتعرض إلى تلقي ضربة مباشرة في الكتف.
ويمكن أن يكون الكسر نتيجة عن أحد حوادث الاصطدام، كحادث سيارة أو دراجة بخارية أو هوائية، وفي بعض الحالات فإن هذا الكسر يحدث خلال عملية الولادة.
ويعد أكثر المعرضين للإصابة بهذا النوع من الكسور الأطفال والمراهقين، لأن الترقوة لا تصبح صلبة بشكل تام قبل عمر 20 سنة، وبالتالي يقل الخطر بعد هذا العمر، ويزداد خطر الإصابة بكسر الترقوة لدى كبار السن، لأن قوة العظم لديهم تكون أقل.
إجراءات منزلية
يعتمد تشخيص كسر الترقوة على الفحص البدني الذي يجريه الطبيب للمنطقة التي يشعر بها المصاب بألم، أو التي تكون متورمة أو بها جرح مفتوح. ويتم تحديد حجم كسر الترقوة باستخدام الأشعة السينية، كما أنها تحدد موقعها، وهل توجد إصابة بالمفاصل أم لا؟ ومن الممكن أن يوصي الطبيب بإجراء أشعة مقطعية حتى يحصل على صورة مفصلة أكثر.
وينصح باتباع بعض الإجراءات المنزلية، والتي ربما ساعدت في السيطرة على الألم والورم، كأن يضع المصاب الثلج على المنطقة المصابة، من 20 دقيقة إلى نصف ساعة، وذلك عقب حدوث الكسر، ولمدة يومين أو 3 أيام.
حمالة ذراع
يبدأ علاج هذا الكسر بتقييد حركة أي عظام مكسورة، لأن هذا الأمر مهم حتى تلتئم، ويمكن أن يلجأ الطبيب لجعل المصاب يرتدي حمالة ذراع، وذلك حتى يتم تثبيت الترقوة المكسورة.
ويستغرق في الأغلب التئام هذا الكسر لدى الأطفال فترة تتراوح من 3 إلى 6 أسابيع، وفي البالغين فإنه يتراوح من 6 إلى 12 أسبوعاً.
ويلتئم العظم من غير أي علاج محدد، لو كان المصاب طفلاً عريضاً تعرض لهذا الكسر أثناء عملية الولادة، إلا أن المطلوب في هذه الحالة أن يسيطر على الألم، ويكون التعامل مع الرضيع بصورة حذرة. ويمكن أن يوصي الطبيب بتناول مسكنات الألم التي تصرف دون روشتة، وذلك حتى يقلل من الألم والالتهاب، وفي الحالات التي تشكو من ألم شديد، فربما وصف الطبيب لها دواء يحتوي على مادة مخدرة يتناوله أياماً عدة.
التدخل الجراحي
يجب بعد وقت قصير من العلاج الأولي، أن يبدأ المصاب في علاج تأهيلي، وذلك بهدف تجنب إصابة الكتف بالتيبس، ويكون هذا وهو مرتدي الحمالة. ويمكن أن يوصي الطبيب عقب خلع الحمالة ببعض التمارين الإضافية، والتي تعمل على أن يستعيد المصاب قوة العضلات وحركة المفاصل ومرونتها.
وتحتاج بعض الإصابات الشديدة إلى تدخل جراحي، وذلك لو اخترق العظم الجلد، وكذلك عند انحرافه عن موضعه بصورة شديدة، وأيضاً إذا انكسر لأجزاء عدة.
وتشمل هذه الجراحة وضع أجهزة تثبيت، كالشرائح والمسامير والقضبان، والتي تحافظ على وضع العظام بصورة صحيحة خلال التئامها، وتعد مضاعفات التدخل الجراحي قليلة للغاية، وتشمل حدوث عدوى أو عدم التئام العظام.
المسامير والدبابيس
يرد الجراح الأطراف المكسورة للعظام إلى الوضع الطبيعي لها، ومن ثم يثبتها مستخدماً المسامير والشرائح المعدنية، وفي الأغلب فإنها تترك في العظام، ولا تزال إلا بعد اكتمال شفاء الكسر، وتسببها بأي تهيج أو التهاب.
ويمكن كذلك تركيب الدبابيس لتثبيت الكسر، وتحتاج شقاً أصغر حجماً في الجلد، إلا أنها في الأغلب تؤدي إلى تهيج الجلد في المواضع التي تدخل بها الدبابيس، وتزال بمجرد التئام الكسر.
ويعاني البعض مضاعفات خلال الجراحة وبعدها، وبشكل خاص المصابون بداء السكري وكبار السن والمدخنون، والتي تشمل إضافة إلى صعوبة التئام العظام، إصابة الرئة وتهيجها نتيجة الأجهزة.
التسمير المرن
يشير الباحثون إلى وجود طريقة تعتبر أحدث وأقل في التدخل الجراحي، كما أنها لا تسبب مضاعفات كثيرة، ولا آثار جانبية لها مثل الجراحة، وتعرف بتسمير الترقوة المرن داخل النقي.
وتعد هذه الطريقة آمنة في تثبيت الكسور النازحة عند المراهقين والرياضيين؛ لأنها تسرع الشفاء، وبالتالي، فإن الرياضي يعود سريعاً إلى ممارسة رياضته.
ويكون تنفيذ هذا الإجراء باستخدام منظار فلوروسكوبيك، وفيه يقوم الجراح بشق صغير في الجلد طوله حوالي 1 سنتيمتر، وذلك قريباً من المفصل القصي الترقوي.
ويحفر ثقباً في القشرة الأمامية، ومن ثم يقوم بتركيب مسمار مرن في القناة النخاعية للترقوة، ويمرر المسمار ليصل إلى مكان الكسر، وخلال 3 أشهر يخضع المصاب لعملية أخرى لإزالة المسمار.