تحقيق: راندا جرجس
الحمى إحدي الآليات الفسيولوجية المهمة التي تكافح العدوى التي تهاجم أجهزة الجسم، وعرض شائع كرد فعل ومؤشر على الإصابة بمرض ما، وفي أغلب الحالات يمكن السيطرة عليها بالراحة التامة وتناول السوائل والأدوية الموصوفة من الطبيب المختص. أما إذا تُركت بدون علاج، خاصة لدى الأطفال، تسبب النوبات وتلف الدماغ والعديد من المضاعفات الخطيرة، وتحتاج إلى الاهتمام الفوري والمراجعة السريرية العاجلة، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.
يقول د. نيتين فيرما استشاري طب الأطفال أن الإصابة بالحمى يرافقها العديد من المظاهر المرضية عند حديثي الرضاعة، أبرزها تغير المزاج والبكاء المستمر وسرعة الانفعال، رفض الطعام والشراب، عدم الاستيقاظ بسلاسة، صعوبة في التنفس، ازرقاق اللسان والشفاه، وتبدو البقعة اللينة الموجودة في رأسه منتفخة أو مرتخية، وتكون رقبته متيبسة.
ويتابع: يرافق الحمى في الحالات المزمنة طفح جلدي أو بقع أرجوانية تشبه كدمات على الجلد، ويعاني الطفل آلاماً في البطن وصداعاً شديد، ويفضل النوم المستمر والراحة بدلاً من الانخراط في الأنشطة المرحة.
ويذكر د.فيرما أن الحمى من المشكلات التي تظهر بشكل شائع بين حديثي الولادة والرضع، ما يؤثر في الرضاعة وتناول السوائل، وسد الشهية، والسلوك العام والقدرة على التفاعل بشكل طبيعي مع الأسرة، كما تستهدف الأطفال الذين يعانون أمراضاً مزمنة كامنة، وربما تؤدي إلى احتياطيات استقلابية محدودة، وأيضاً الذين يعانون اضطرابات التمثيل الغذائي. ويتابع: أثبتت الدراسات الحديثة أن الأدوية الخافضة للحرارة ليست فعالة في منع نوبات الحمى المتكررة، ولذلك تنصح مؤسسات الرعاية الصحية باتباع الاحتياطات واستخدام الإسعافات الأولية والتدابير الوقائية للأطفال الذين يعانون من التشنجات الحموية.
فئة مستهدفة
يوضح د. نبراس الدور أخصائي طب الأسرة أن الحمى تصيب منطقة «ما تحت المهاد» الموجودة في الدماغ، وهي المسئولة عن تغيير ضبط حرارة الجسم الطبيعية التي تختلف من شخص لآخر وتتراوح من 36.1 درجة مئوية إلى 37.2 درجة مئوية.
ويضيف: على الرغم من أن الحمى تستهدف عادة الأطفال بنسبة أكثر من البالغين، إلا أنها تعتبر بسيطة في أغلب الحالات بسيطة مثل الزكام ويكون قياس درجة الحرارة عن طريق الفم 40 مئوية، وتجدر الإشارة إلى أن العدوى الخطيرة لا تسبب الحمى أو تكون خفيفة فقط.
ويبين د.الدور أن الحمى تُعد عارضاً رئيسياً في بعض المشكلات المرضية، حيث إن الجهاز المناعي يشنّ حملة هجومية شرسة عند تعرض الجسم للعدوى، في محاولة لإزالة السبب، ويكون ارتفاع درجة الحرارة جزءاً طبيعياً من هذا التفاعل ثم تختفي عادة من تلقاء نفسها.
ويتابع: أما إذا ارتفعت الحمى بشكل كبير فتكون هناك ضرورة للتدخل الطبي الطارئ، وعمل الاختبارات اللازمة لمعرفة السبب، وإذا كانت ناتجة عن عدوى بكتيرية فيكون العلاج بالمضادات الحيوية.
ويضيف: في حالات العدوى الفيروسية يوصي الطبيب باستخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لتخفيف الأعراض، أما في حال كانت ناجمة عن الطقس الحار أو التمارين الشاقة المستمرة، فمن الضروري أن يقوم فريق الرعاية الطبية بتبريد المصاب وخفض درجة الحرارة.
مؤشرات رئيسية
تذكر د. ياسمين هشملة طبيبة الصحة العامة أن الحمى من أهم المؤشرات التي تدل على إصابة الجسم بعدوى فيروسية أو بكتيرية في الجهاز التنفسي أو الهضمي أو المسالك البولية أو الأمراض المناعية وأورام الجهاز اللمفاوي، أو أورام الدم.
وتضيف: تظهر الحمى كعرض للتطعيمات الإجبارية عند الأطفال، ويمكن أن تكون دلالة على وجود مرض خطير عندما يصاحبها خمول عصبي أو حدوث تغير في درجه الوعي والإدراك، أو العصبية الزائدة، أو القيء المستمر، ما يستوجب الحصول على الاستشارة الطبيبة في الحال.
وتشير د.هشملة إلى أن التشنجات والنوبات العصبية من المضاعفات الشائعة التي تحدث نتيجة الإصابة بالحمى عند الأطفال من حديثي الولادة وحتى 5 سنوات.
وتلفت إلى أن هناك تدابير وقائية يوصى خبراء الرعاية الصحية بالقيام بها عند الإصابة بالحمى، وأهمها وضع الكمادات الباردة بشكل مستمر، زيادة تناول السوائل، ارتداء الملابس الخفيفة، وإعطاء الجرعة المناسبة بحسب وزن الطفل من خافض الحرارة، وفي الحالات الشديدة والعدوى البكتيرية يتعين على الطبيب وصف المضادات الحيوية.