مستشفيات لبنان غارقة في طوفان كوفيد

  • زمن:Jul 05
  • مكتوبة : smartwearsonline
  • فئة:شرط

مستشفى رفيق الحريري في بيروت.

مستشفيات لبنان غارقة في طوفان كوفيد

كلوي كورنيش من بيروت

في الأسبوع الماضي وصلت أخيرا اللحظة التي كان يخشاها جورج جوفيليكيان مدير العناية المركزة. نفدت أجهزة دعم التنفس في المستشفى التي يعمل فيه وتسمى BiPaps. ووقع الأمر على عاتق زميله من أجل اختيار أي مريضين يعالجان بجهاز واحد متاح.
بصفته رئيس لجنة الأخلاقيات في مستشفى سان جورج، وضع الدكتور جوفيليكيان بروتوكولا منذ ثمانية أشهر حول كيفية تخصيص الموارد النادرة. في ذلك الوقت، تم احتواء تفشي فيروس كورونا في لبنان، وتوقع أن الغبار سيعلو هذه السياسة وتبقى دون استخدام. لكن الآن، وللمرة الأولى، لم يكن لدى أحد أكبر ثلاث مستشفيات جامعية في لبنان المعدات التي يحتاج إليها للمساعدة على إبقاء شخص ما على قيد الحياة.
مع ندرة كل شيء من المعدات إلى الأدوية، يقول المسعفون اللبنانيون: إنهم على حافة سيناريو إيطاليا، بمعنى أن عليهم اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة أو الموت بشأن من ينبغي أن يتلقى الموارد الطبية النادرة مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا بعد عطلة عيد الميلاد.
توفي أكثر من ألف شخص بسبب كوفيد - 19 في لبنان في كانون الثاني (يناير). فقد ما مجموعه 2477 شخصا في لبنان حياتهم بسبب الفيروس منذ بدء الوباء. بدأت الحكومة حظر تجول لمدة 24 ساعة. مع استثناءات قليلة، يتعين على الناس عدم مغادرة منازلهم، والاعتماد على خدمة التوصيل من "السوبر ماركت". قال الدكتور جوفيليكيان: "نحن الآن بلد منخفض الموارد. النظام برمته على وشك الانهيار".
في حين عانى كثير من الدول نقصا في أسرة المستشفيات واضطرت إلى تخصيص أولويات الرعاية، تعثرت استجابة لبنان بسبب الأزمة المالية المستمرة منذ أكثر من عام والانفجار في ميناء بيروت الذي دمر المدينة، ودمر جزئيا أربع مستشفيات، بما في ذلك مستشفى سان جورج.
لا يزال لبنان في أيدي إدارة تصريف الأعمال حيث فشل قادته السياسيون في تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة الحكومة السابقة بعد انفجار الرابع من آب (أغسطس).
الجمود السياسي وتقاعس الحكومة جعلا البنك الدولي الذي خصص الأسبوع الماضي أول قرض له لشراء لقاحات للبنان، يطلق تحذيرا صريحا بشكل غير معهود. قال ساروج كومار جها، المدير الإقليمي: "إحساسنا هو أن البلد ينهار". ووصف الأزمة الاقتصادية، المتجذرة في أعوام من سوء إدارة الدولة وادعاءات الفساد السياسي بأنها من صنع أيديهم.
بعد أسبوعين من الإغلاق الصارم، المطبق بشكل غير متناسق، أصبحت وحدات العناية المركزة في لبنان ممتلئة بنسبة 94 في المائة، وفقا لفراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، أكبر مستشفى عام في لبنان. البلد بأكمله متضرر. قال الدكتور وائل حرب، نائب المدير الطبي لوحدة كوفيد - 19 التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود في سهل البقاع، على بعد ساعة من بيروت، إنه كان يتلقى مكالمات من العاصمة من أجل الحصول على أسرة العناية المركزة، التي ليست لدينا.
مع وجود عدد كبير من المرضى، لم يبق لدى المختصين في العناية المركزة في سان جورج الأسبوع الماضي منافذ تزويد الأوكسجين واضطروا إلى اللجوء إلى الأسطوانات. يتذكر الدكتور جوفيليكيان في مكتبه: كنا نربط الناس بالأوكسجين في سياراتهم. هذا هو مدى سوء الأمر. كان لدينا مرضى في حالة حرجة يجلسون على الكراسي.
قال مازن السيد، مدير العمليات السريرية في قسم الطوارئ في المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت، إن عائلات ضحايا كوفيد - 19 تبحث بشكل يائس عن مساحات في المستشفى يتصلون بعدة أشخاص لمعرفة (...) ما إذا كان المستشفى سيقبلهم.
أضاف الدكتور السيد: "كان علينا علاج المرضى في الممرات ومدخل قسم الطوارئ"، في المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت. وهو يعيد تدريب الموظفين لتعزيز فريق العناية المركزة. "لكن بصراحة (...) هذا لا يكفي".
كثير من الناس يتولون رعاية أقاربهم في المنزل، ما يؤجج السوق السوداء لأجهزة التنفس، حيث يصل سعر الجهاز المستعمل إلى 7500 دولار عبر الإنترنت، ومعدات أخرى.
قال توفيق شعبان، اختصاصي أمراض الرئة والعناية المركزة: إن المرضى الذين يتم إدخالهم إلى أقسام الطوارئ المزدحمة وحدهم يواجهون احتمال الموت بعيدا عن أسرهم. ويحمل أجهزة أيباد ويضعها أمام الأشخاص الذين يحتضرون حتى يتمكنوا من رؤية عائلاتهم مرة أخيرة. قال: "هذا أفضل من لا شيء".
في غضون ذلك، يقول الدكتور جوفيليكيان: إنه يعاني نقصا في الأدوية، وهو أحد الآثار الجانبية للأزمة المالية. فقدت الليرة اللبنانية 80 في المائة من قيمتها مقابل سعر الصرف الرسمي، كما أن الواردات الصيدلانية التي كانت متوافرة أصبحت باهظة الثمن بشكل مذهل. البنك المركزي يحرق احتياطياته من العملات الصعبة لدعم الإمدادات الطبية، لكن النقص منتشر.
كشف الانفجار وفيروس كورونا عن نقاط ضعف في التركيبة غير المنظمة لأجهزة تقديم الرعاية الصحية في لبنان. يتم تخفيض رواتب كثير من الطاقم الطبي أو تأخيرها. تكافح المستشفيات لاستبقاء الأطباء، هاجر المئات.
المتطوعون يعملون على سد الفجوات. أكثر من 80 في المائة من المستشفيات في لبنان مستشفيات خاصة، لكن 80 في المائة من خدمات إسعاف الطوارئ يتم توفيرها من قبل متطوعين من الصليب الأحمر اللبناني، كما قال جورج كتانة الأمين العام.
وهؤلاء هم خط المواجهة للوباء: في أول 20 يوما من كانون الثاني (يناير) 2021 وحده، نقلت سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر نحو 3200 مريض بفيروس كوفيد - 19، أي ما يعادل تقريبا عددهم خلال الفترة من شباط (فبراير) إلى آب (أغسطس) 2020.
حتى في الوقت الذي كانت فيه وحدات العناية المركزة مكتظة بمرضى كوفيد - 19، اشتبك المتظاهرون في طرابلس ثاني أكبر مدينة في لبنان مع قوات الأمن بسبب الإغلاق لليلة الثالثة على التوالي.
قالت وسائل إعلام حكومية، أفادت بمقتل رجل: إن 226 مدنيا وعسكريا أصيبوا عندما انحدرت الاشتباكات إلى أعمال شغب. يشار إلى أن لبنان واقع في مظاهرات حاشدة منذ أن اكتسبت حركة احتجاجية زخما في أواخر عام 2019 لكن الوفيات نادرة.
استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، في حين قال متظاهرون لوسائل إعلام محلية: إن عناصر مكافحة الشغب أطلقوا الرصاص الحي خلال إحدى المشاجرات. لم تعلق قوى الأمن الداخلي اللبناني على استخدام الذخيرة الحية، لكنها قالت إنها تعرضت لهجوم بالحجارة والقنابل اليدوية بينما حاول المتظاهرون اقتحام مبنى حكومي واحد على الأقل.
الآلام الاقتصادية -تقلص النمو بنسبة 19 في المائة العام الماضي- جعلت من الصعب فرض عمليات الإغلاق وأذكت الغضب بشأن حظر التجول لمدة 24 ساعة المطبق في منتصف كانون الثاني (يناير). نحو نصف السكان سقطوا تحت خط الفقر.
الضغوط الاقتصادية تعني أن الحكومة المؤقتة أزالت معظم القيود عندما وصل المغتربون المسلحون بالعملة الصعبة في عيد الميلاد. قال كتانة: إن الناس كانوا يذهبون إلى المناسبات وحفلات العشاء (...) كما لو أننا في الحياة العادية، مضيفا أن الزيادة في إصابات الفيروس الحالية هو خطأهم.
مع ذلك يوم الإثنين من الأسبوع الماضي اندفع سكان بيروت إلى الشوارع المحيطة بسان جورج في شمس كانون الثاني (يناير)، واصطفوا أمام المخابز. خلال عطلة نهاية الأسبوع، ثبت أن الثلج على أشجار الأرز اللبنانية الشهيرة لا يقاوم، تم الإبلاغ عن حركة مرور على الطرق المؤدية إلى المنتجعات الجبلية.
قال الدكتور جوفيليكيان، الذي لا يتذكر آخر مرة حصل فيها على يوم عطلة: إن هذه الأخبار "تجعل دمي يغلي". وناشد الناس بالبقاء في المنزل: "لا يمكنني الاستمرار في فعل هذا (...) نحن منهكون".

إنشرها

أضف تعليق