الصحافة اليوم 10-11-2021 – موقع قناة المنار – لبنان

  • زمن:Apr 20
  • مكتوبة : smartwearsonline
  • فئة:شرط

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاءعلى التطورات التي حصلت في العدلية فيما خص تحقيقات مرفأ بيروت، والتصعيد السعودي المستمر ضد لبنان، وزيارة وزير الخارجية الاماراتي الى دمشق…

الاخبار

ابن زايد يفتح طريق العرب: موسم العودة إلى سوريا دمشق | في أرفع زيارة لمسؤول عربي ــــ من معسكر مقاطعة سوريا ــــ إلى دمشق منذ اندلاع الأزمة عام 2011، حطّ عبدالله بن زايد في سوريا، «حاملاً معه دعوة رسمية من رئيس بلاده للرئيس بشار الأسد لزيارة أبو ظبي» بحسب مصادر «الأخبار»، في ما سيُمثّل، إن حدث، أوّل زيارة للأسد إلى دولة عربية منذ بدء الحرب. وإذا كانت خطوة ابن زايد غير مفاجئة، بالنظر إلى أن مسار التطبيع العربي مع الدولة السورية بدأ منذ فترة غير قصيرة من بوّابة الاقتصاد، فإن السؤال يُطرح اليوم حول الخطوة التالية، مع أنه باتت شبه أكيدة عودة سوريا إلى «جامعة الدول العربية» في موعد قريب، ربّما يسبق تاريخ الانعقاد المقبل المرتقب في الجزائر في آذار 2022. إزاء ذلك، تُبدي دمشق تفاؤلاً بالحراك العربي تجاهها، والذي تعتقد أنه «سيتّسع تدريجياً مع ازدياد دخول المستثمرين إلى الساحة الاستثمارية السورية، ونموّ حركة التجارة الخارجية في ضوء التفاهمات والتسهيلات التي يتمّ الاتفاق عليها»، وفق ما يؤكّد وزير الاقتصاد السوري لـ«الأخبار». وعلى رغم أن المسألة الاقتصادية لا تزال هي العنوان الأبرز لذلك الحراك، إلّا أن سوريا لا تمانع أن يكون الاقتصاد مدخلاً للولوج إلى تسويات سياسية، ستكون الأنظار متركّزة في الفترة المقبلة على ما سيبرز على طريقها، خصوصاً لناحية الموقف السعودي الذي لا يزال متشنّجاً نسبياً

وصل وزير خارجية دولة الإمارات عبدالله بن زايد، إلى دمشق، بعد ما يقارب عامين من إعادة افتتاح سفارة بلاده في العاصمة السورية، في أوّل زيارة عربية بهذا المستوى منذ عام 2011، تؤكد مصادر «الأخبار» أنها «لن تكون الأخيرة بهذا الثقل السياسي»، في ظلّ استمرار تحوّل الموقف العربي تجاه سوريا منذ مدّة ليست بالقصيرة. وتأتي هذه الزيارة بعد سلسلة من اللقاءات والاتصالات التي جمعت مسؤولي البلدين، وكان من أهمّها لقاء وزير الطاقة والبنى التحتية الإماراتي سهيل المزروعي، مع وزير النفط السوري بسام طعمة، في العاصمة الروسية موسكو، على هامش انعقاد «المنتدى الدولي لأسبوع الطاقة الروسي» الشهر الماضي، واللقاء الذي جمع وزير الاقتصاد السوري سامر خليل، بنظيره الإماراتي عبدالله بن طوق المري، خلال فعاليات معرض «إكسبو دبي»، وقبلهما الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس السوري بشار الأسد، بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، في العشرين من تشرين الأوّل الفائت.

ومع الإعلان أخيراً عن إعادة تفعيل «مجلس رجال الأعمال السوري الإماراتي»، كانت دمشق تنتظر تسمية أبو ظبي لممثّليها فيه لإطلاق أعماله، بعدما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي 2.6 مليار درهم، بحسب ما ذكرته وزارة الاقتصاد الإماراتية في بيان، أعلنت فيه التوصّل إلى اتفاقيات مشتركة بين الوزيرَين المري وخليل. وكثّفت الإمارات، منذ ما يقارب العامين، مساعيها إلى إيجاد موطئ قدم اقتصادية في الساحل الشرقي للمتوسّط، وتحديداً في سوريا. وفي هذا السبيل، جاءت أولى الزيارات ذات الطابع الاقتصادي في كانون الأول 2019، عندما تَوجّه وفد من رجال الأعمال السوريين إلى الإمارات، ثمّ وصل إلى الأراضي السورية وفد مثّل غرف التجارة الإماراتية لل في أعمال «معرض دمشق الدولي»، صيف العام نفسه. تُعدّ الزيارة كسراً إماراتياً للعزلة العربية المفروضة على دمشق ومقدّمة لعودتها إلى «الجامعة العربية»

بحسب مصادر متعدّدة، فإن الزيارة تُعدّ «كسراً إماراتياً للعزلة العربية المفروضة على دمشق، ومقدّمة لعودتها إلى جامعة الدول العربية، وقد تحمل في كواليسها مجموعة من الرسائل»، ربّما يكون أهمّها من الولايات المتحدة التي قال رئيسها جو بايدن إنه «لن يعاقب المطبّعين مع دمشق وفقاً لقانون قيصر»، ما يعني أن ابن زايد جاء حاملاً معه، على الأرجح، استثناء بلاده من العقوبات المفروضة على سوريا، وتحديداً «قانون قيصر» الذي فرضته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، على دمشق. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن الإماراتيين يبحثون عن الاستثمار في السوق السورية في قطاعات البنى التحتية والتطوير العقاري والنقل، إذ كانت شركة «موانئ دبي العالمية» قد عرضت رسمياً قبل نحو عام من الآن رغبتها في استثمار «ميناء اللاذقية». كما تفيد المعلومات برغبة «طيران الإمارات» في العودة إلى المطارات السورية، فيما يُعدّ الاستثمار النفطي في آخر قائمة الأعمال الممكن التشارك فيها بين البلدين، بالنظر إلى أن الإمارات تسعى إلى تنويع اقتصادها، والتخلّص من الاتّكال الكلّي على النفط.

اللافت أن الإماراتيين لم يربطوا مسألة انفتاحهم على سوريا بملفّات سياسية أخرى، إذ لم يسبق أن طرحت أبو ظبي شرط قطع العلاقة بين دمشق وطهران، على سبيل المثال، في أيّ مناسبة سابقة، على النقيض من السعودية. وفي هذا الإطار، تعتقد مصادر في دمشق أن الزيارة «ستكون خطوة أولى في اتّجاه زيارات عربية قادمة، قد تكون المصرية من أهمّها، فيما لن تتأخّر بقيّة المجموعة العربية في الإعلان عن نوايا التقارب مع دمشق، لكن سيبقى الموقف السعودي متشنّجاً نسبياً حتى إشعار أميركي آخر، فيما يرتبط موقف قطر جذرياً بموقف حليفتها تركيا». على أيّ حال، يبدو من مجمل سياق الانفتاح العربي، بدءاً بمبادرة الأردن إلى إطلاق مسار تطبيع العلاقات مع سوريا من بوّابة مشروع «خط الغاز العربي»، مروراً بمجموع اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، مع نظرائه العرب على هامش أعمال الدورة الأخيرة للجمعية العمومية للأمم المتحدة، وصولاً إلى الخطوات الإماراتية الأخيرة، أن العرب لم يعودوا متهيّبين إعلان عودتهم إلى دمشق، اقتصادياً على الأقلّ، فيما لا تجد سوريا حائلاً دون أن يكون الاقتصاد أساساً لإرساء تسويات سياسية تمهّد لإنهاء الحرب، التي فُرضت عليها منذ عام 2011. حفلة جنون قضائية

من الناحية القانونية، وصل ملف التحقيق في انفجار المرفأ إلى حائط مسدود. كل القضاة المعنيون مطلوب ردّهم، أو كُفّت أيديهم فعلاً. لم يعد فيهم من يستطيع أن «يحكم» أو يحقّق. هنا يأتي دور مجلس القضاء الأعلى، وتحديداً رئيسه القاضي سهيل عبود. كان يتوجّب على الأخير أن يقف موقفاً حازماً، ليضع الأمور في نصابها. والمسألة ليست معقّدة. ببساطة، على حارس العدالة أن يلتزم بالقانون. لكن، خلافاً لذلك، قرر عبود أن يقود معركة القاضي طارق البيطار، بصفته فريقاً لا حَكَماً حريصاً على تنفيذ القانون. حتى أسابيع قليلة، كان رئيس مجلس القضاء الأعلى يقول لقضاة في المجلس وخارجه إن البيطار يرتكب أخطاء كثيرة. لكن هذا القول كان يُتَرجم إلى عكسه، من خلال الإصرار على أن يدافع عبّود عما يراه مخالفات في أداء البيطار، كما في توزيع طلبات الرد – التي تُقدّم ضد المحقق العدلي – على قضاة قراراتهم مضمونة. وبعد ذلك، كان عبّود يحمي المخالفات القانونية التي ارتكبها هؤلاء القضاة، وأبرزها عدم الالتزام بموجب إبلاغ أفرقاء الدعوى طلب الرد. في المقابل، قرر عبّود، أول من أمس، تحريك مجلس القضاء الأعلى ضد القاضي حبيب مزهر، بعدما أبلغ الأخير القاضي البيطار بوجود طلب رد بحقه. في جلسة المجلس، سأل مزهر عبّود عن المخالفات التي ارتكبها، فلم يسمّ عبّود واحدة. تحدّث نائب رئيس المجلس، المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات عن أن «التاريخ سيسجّل أن العدلية انقسمت طائفياً في عهدنا»، لكن عبّود لم يعتبر نفسه معنياً بهذا الكلام. اقترح مزهر إصدار تعميم على القضاة يذكّرهم فيها بوجوب التزام القانون عندما ينظرون في طلب رد قاضٍ، فرفض عبّود. انتهت الجلسة إلى لا شيء، بعدما سمع رئيس المجلس «معلومة» تشير إلى إمكان تقديم شكوى بحقّه إلى التفتيش القضائي.

رئيس مجلس القضاء الأعلى، الطامح للوصول إلى رئاسة الجمهورية، وبدلاً من الحرص على «حُسن سير العدالة»، وهي المهمة التي يضعها القانون أولوية لمجلس القضاء، قرر الذهاب إلى فرنسا لحشد التأييد للبيطار، فاستحصل من مجلس القضاء الأعلى الفرنسي، في السابع والعشرين من الشهر الفائت، على بيان داعم للمحقق العدلي في انفجار المرفأ. وبحسب ما هو متداول في العدلية، يضغط عبّود على رئيس هيئة التفتيش القضائي، القاضي بركان سعد، من أجل «فتح تحقيق» مع مزهر، بهدف الضغط عليه معنوياً.

ويوم أمس، حمل عبّود ورقة جديدة في جيبه: مطالعة من المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، يقول فيها إن الجهة المختصة برد المحقق العدلي أو تنحيته، هي المجلس العدلي. المطالعة غير مُلزِمة للهيئة العامة لمحكمة التمييز. الأخذ بها يعني أن عبّود نفسه، بصفته رئيس المجلس العدلي، سيصبح المتحكّم الأبرز بطلبات الرد والتنحية.

لكن مصادر قانونية تشير إلى أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وفي حال أخذت بمطالعة قبلان، وحدّدت المجلس العدلي مرجعاً صالحاً للنظر في طلبات رد المحقق العدلي أو تنحيته للارتياب المشروع، تكون قد قررت حُكماً أن قرار تنحية المحقق العدلي السابق، القاضي فادي صوان، كان قراراً باطلاً وكأنه لم يكن، لأنه صدر عن مرجعٍ غير ذي صفة! حفلة الجنون التي تسبب بها، ويشرف على الجزء الأكبر منها، القاضي سهيل عبّود، تحتاج قراراً من هذا الوزن لتكتمل. «خبيصة» العدليّة: لم يعُد معروفاً من طلبَ كفّ يدْ مَن!

يواصِل القضاء مخالفاته. ليسَت المرة الأولى. لكن ما يحصل في ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت هو الأكثر فظاظة. لم تنقسِم «العدلية» سياسياً، وحسب، بل طائفياً أيضاً. أكثر من ذلِك، هناك من لا يوفّر أيّ إطار للتغطية على المخالفات القانونية منعاً للمسّ بالمحقق العدلي القاضي طارق البيطار. إنه «حزب البيطار» ويتصدّره رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود الذي استحالت ارتكاباته فوضى شاملة، حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه. جبل من الدعاوى والدعاوى المضادة، لم يعُد معروفاً معها، من طلبَ كفّ يدْ مَن، ويدْ مَن كفّت يدْ مَن. الثابت الوحيد هو أن التبليغات قائمة وطارق البيطار «تعطّل».

فبعدَ يوم كامِل، أول من أمس، من سيل الشكاوى التي اجتاحت «العدلية» على إثر قرار القاضي حبيب مزهر كف يد البيطار مؤقتاً، إلى حين البتّ بطلب ردّه المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس، والالتباس الذي حصل (راجع «الأخبار»، الثلاثاء 9 تشرين الثاني 2021) أخذت تطورات الملف منحى أكثر خطورة، ولم تعُد خطورته محصورة بجريمة 4 آب، بل في كون هذه الجريمة كانت الطلقة التي أصابت الهيكل القضائي المتخلخِل في مقتله. أمس بدأ نهار العدلية بدخول مجموعة «نون» النسائية قصر العدل في بيروت، والهرولة في اتجاه مكتب مزهر من دون أن يعترضها أحد! فوضعت الملصقات والشمع الأحمر على القفل، وكانت لا تزال موجودة لحظة وصول مزهر، فاصطدمت به ووجهت له انتقادات بسبب «مرجعيته السياسية». لكن القاضي اختصر الكلام، وقال بأنه لا يحقّ له التواصل معها من دون إذن الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت حبيب رزق الله. وفور وصوله، تبلّغ مزهر من الوكيل القانوني للوزير المدعى عليه يوسف فنيانوس طلب مواصلة الإجراءات والتبليغات، فكان ردّ مزهر بأنه وصله بالتواتر طلب ردّ ضده، وأنه سيتوقّف «احتراماً لقسمه القضائي» عن متابعة أي إجراء إلى حين البت بهذا الطلب. حصلَ ذلِك قبلَ ساعة من تبلّغه رسمياً طلب ردّه.

ارتياب من استنسابيّة التفتيش القضائي تحت تأثير عبّود وتدخّله

كانت الدعاوى المقدمة قد بدأت تسلك طريقها الى التبليغ. ونتيجة يوم أمس جاءت على الشكل الآتي: كفّ يد القاضي نسيب إيليا عن النظر بطلب رد القاضي البيطار. كف يد القاضي البيطار بعدَ تبلغه من قبل القاضي مزهر بطلب الرد المقدم من فنيانوس. كف يد مزهر بعد تبلّغه من القاضي إيليا بطلب الرد المقدم ضده من «متحدون». كف يد إيليا وهيئة الغرفة 12 التي يرأسها عن طلب رد القاضي مزهر، بسبب دعوى ارتياب تقدّم بها الوكيل القانوني لفنيانوس أمام محكمة التمييز المدنية تطلب نقل الدعوى المقدمة من «متحدون» من الغرفة الرقم 12، ما يرفع يد الهيئة تلقائياً استناداً الى المادتين 119 و116 من قانون أصول المحاكمات المدنية. وحصيلة النهار أن الجميع باتت يداه مغلولة بقيود الدعاوى.

وفوق ذلك، تقدم صباح أمس الوزيران المُدَّعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر بواسطة المحامي محمد زعيتر بشكوى أمام هيئة التفتيش القضائي، ضد القاضيين ناجي عيد وروزين غنطوس، بتهمة مخالفة القواعد والنصوص الآمرة والإلزامية الواردة فيها التي تلزم المحكمة إبلاغ الخصوم طلب الرد قبلَ البحث فيه شكلاً أو أساساً. كما تقدّم الوزيران بشكوى مماثلة ضد القضاة جانيت حنا ونويل كرباج وجوزيف عجاقة (هيئة محكمة التمييز، الغرفة الخامسة).

هذه المجموعة من الدعاوى وطلبات الرد، لا شكّ أنها أدخلت ملف التحقيقات في دائرة مفرغة وتعطيلية، بينما ستتجه الأنظار الى هيئة التفتيش القضائي التي يرأسها القاضي بركان سعد، حيث أصبحَت لديها شكويان إضافيتان. وطرح ذلك الكثير من علامات الاستفهام عن تعامل التفتيش مع هذه الشكاوى، والارتياب من الاستنسابية تحت تأثير القاضي سهيل عبود وتدخله، وقد بدأ الهمس في أروقة «العدلية» بأن بصمات عبود ستتظهر تباعاً، وأنه في حال استثناء أي من القضاة من الملاحقة أمام التفتيش فإن ذلك ىسيعقّد الأمور أكثر.

ولم يكُن ينقص حفلة الفوضى هذه سوى مطالعة المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان في الدعوى المقدّمة من قبل خليل وزعيتر أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز لتحديد المرجع الصالح لرد المحقّق العدلي، إذ اعتبر قبلان استناداً إلى نصوصٍ قانونية واجتهادات أن المجلس العدلي هو المرجع الصالح للبت في الدعاوى. صحيح أن هذه المطالعة ليست ملزمة، لكن الأخذ بها ستكون له أيضاً تداعيات خطيرة، لكون رئيس المجلس العدلي هو نفسه سهيل عبود الذي يقود جبهة الدفاع عن البيطار! عن أي دولة أو دويلات تبحثون؟

ابراهيم الأمين لنفترض أن مواطناً مصاباً بمسّ من الجنون، رأى أن أحد القضاة لا يناسبه لا في متابعة ملفه ولا في الحكم عليه، فقرر أن يعترضه أمام منزله، أو في طريقه إلى عمله، أو عند مدخل مكتبه… لكن، هل حصل أن وصل مواطن كهذا إلى قلب قصر العدل وعبّر عن غضبه بالطريقة التي جرت أمس؟

لنضع جانباً كل التحقيقات الجارية، وكل دعاوى الردّ وكف اليد وخلافها، ولنسأل القضاة جميعاً، من رئيسهم الأول سهيل عبود إلى آخر متدرّج يناضل من أجل راتب لا يتجاوز 200 دولار: كيف تنظرون إلى دخول مجموعة من المواطنين إلى قصر العدل، ومعهم يافطات طول الواحدة منها ثلاثة أمتار، ومعهم حاجاتهم الكفيلة بـ«قبع» القاضي مباشرة وليس تهديداً، ومن ثم يقررّون أنهم هم القاضي، فيصدرون الحكم ويتولون التنفيذ وختم مكتب قاضٍ بالشمع الأحمر؟

أين كنت يا سهيل عبود؟ وأين كنت يا غسان عويدات؟ وأين كنتم يا كل قضاة لبنان ومحاميه ومناصري الدولة العادلة؟ أين كنتم أمس؟

هل تقولون لنا إن القضاء انتهى، فقط لأن هناك من يشكك في نزاهة ما يقوم به القاضي طارق البيطار أو حياديته أو قانونيته؟

هل تقولون لنا إن لبنان يقترب، أكثر فأكثر، من تدمير كل سلطاته، على تعاستها، وأن البديل الوحيد هو المجهول؟

في 17 تشرين الأول 2019، تمت «بهدلة» السلطة السياسية واعتبارها جهة غير مرغوب بوجودها في الحكم، وهو أمر مشروع. وبعد انفجار المرفأ، تمت «بهدلة» الإدارة العامة للدولة، وقلتم إنها فاسدة وغير مرغوب بها في الحكم. واليوم، تدمّرون القضاء دفاعاً عن قاض لا يرتاح نصف الشعب لعمله، وتقفون على رؤوس أصابعكم للنظر إلى آخر القوم وهم يتعرّضون لكل أنواع القهر، فماذا أنتم فاعلون؟

كيف يقبل سهيل عبود بغزوة العدلية أمس وكيف نصدق أنه وجميع القضاة يحمون سلطتهم ويريدون استقلالها وفرض هيبتها؟

قوى الأمن الداخلي في حالة ضعف ووهن غير مسبوق. لا سيارات تعمل، ولا قطع غيار موجودة، ولا طعام كاف، ولا لباس مجدّد… ووصل الأمر بوزير الداخلية السابق محمد فهمي إلى افتتاح صالون حلاقة في الوزارة لمساعدة الضباط والعناصر على تحسين هندامهم!

في الإدارة العامة، صار عرفاً أن لا يحضر الموظف إلا عشر ساعات في الأسبوع، إن حضر، ولا داعي لمطالبته لأن راتبه لا يكفيه بدل انتقال إلى العمل. وفي التعليم يوجد ربع جهد وربع إنتاج، ووحده الله يعلم أي جيل سيتخرّج في ظل هذه الإدارة؟ أما المستشفيات الحكومية فعادت لتكون مأوى الهاربين من نار القطاع الطبي الخاص ومجرد نزلٍ لا علاجات فيها. من يبقى من الدولة؟ الجيش؟

يذهب قائد الجيش إلى الولايات المتحدة، لكنه هذه المرة لا يحمل معه لائحة بأسلحة يحتاجها لتعزيز قدراته وقوته الردعية في مواجهة الأخطار الخارجية، بل يصطحب ملفات الضباط والرتباء والجنود: أعدادهم وتصنيفهم العسكري وأنواع عملهم الميداني أو الإداري. ويعرض للأميركيين كيف أن مقاتلاً أو ضابطاً في قوات حزب الله يحصل على راتب يوازي على الأقل ثلاثة أضعاف راتب الجندي أو الضابط في الجيش، وأن المقاتل في حزب الله لا ينقصه الطعام ولا الطبابة والنقل، ولا الإسناد، ويقوم بتدريب كامل المواصفات، فيما يخدم العسكري في الجيش اللبناني نصف نهار، وممنوع على الشرطة العسكرية مساءلته عن أي عمل آخر يقوم به، سواء كسائق تاكسي أو عامل صيانة أو مدرس خصوصي، أو مرافق لهذه الشخصية أو تلك، أو حارساً في واحدة من الشركات الباقية على قيد الحياة.

عملياً، ذهب جوزيف عون ليطلب من الأميركيين دعماً مالياً مباشراً، وتمويلاً مفتوحاً بالدولار الطازج، بما يسمح له بمنح العسكريين، بحسب رتبهم ونوع عملهم، بين 100 و500 دولار شهرياً ليتمكنوا من القيام بمهامهم… وقائد الجيش الذي يعرف خطورة الأمر، قال للأميركيين، ولآخرين، بأن عليهم مساعدة لبنان في الحصول على قروض عاجلة من البنك الدولي لزيادة رواتب الأساتذة والقضاة والإداريين في القطاع العام ولو بمبالغ تقل عما يطلبه للعسكريين، وهو يقول علناً: إذا لم يحصل الجميع على الدعم، سنُتهم بأننا عملاء لمن يدفع لنا رواتبنا، وعندها لن نبقى جيشاً وطنياً يقبل به الجميع؟

قائد الجيش يطالب الأميركيين بتمويل مباشر لرواتب العسكريين مقارناً أحوال جنوده بمقاتلي المقاومة

ما هو المشروع هنا؟ هل هو الدولة الموازية التي تُترجم في بلد كلبنان على شكل دويلات موازية. هل يوجد بيننا من يفكّر حقاً بأن التقسيم ممكن، وأنه يمكن إعادة رسم الخرائط وتوزيع السكان وسنّ قوانين لهذه المجموعة أو تلك وفق ما يراه الزعيم المفدّى… ثم نكتشف في اليوم التالي، أن كل مزرعة تستجدي جيشاً من الخارج لحمايتها، ولو تطلب الأمر تدمير مزارع الآخرين؟

يحصل ذلك، فيما تباشر قوى السلطة، بكل أطيافها، معركة الانتخابات النيابية. ويبدأ موسم التسوّل باسم حاجات سكان الجبال للتدفئة، وحاجات المدارس والطلاب لموازنات النقل والتشغيل، وحاجات البلديات والإدارات لتمويل تشغيل المرافق العامة، وصولاً إلى ما هو أبعد من ذلك… حيث يخصص مرشحون كبار، أكانوا شخصيات أو قوى وأحزاب، بضعة ملايين من الدولارات لشراء كمية من الأصوات تثبت قوتهم الحالية أو تعزّزها حيث يجب. ولا ينافسهم في هذه العملية سوى ثوار السفارات الذين يتعاركون الآن على قيادة منصة تربط مصيرها بمجموعة التمويل الخارجية، وهذه المجموعة يقال لنا إنها عبارة عن لبنانيين يحبون بلدهم ويريدون التغيير، لكن الجميع يعرف أن الأمر ليس على هذا النحو.

وفوق كل ذلك، يشهد لبنان أكبر عملية تزلف وتذلل في تاريخه السياسي. لم يحصل أن فعل السياسيون مع سوريا أو مصر أو حتى أميركا وفرنسا ما يفعلونه اليوم مع السعودية. كل سياسي من الذين قادوا ثورة الأرز، وثورة الاستقلال الثاني، وثورة الشعب الفقير، وثورة الحريات والكرامة، وثورة تحرير لبنان من الوصاية السورية والاحتلال الإيراني، هؤلاء جميعاً، من سياسيين وإعلاميين وأكاديميين فنانين ومن لف لفهم، يركضون خلف متخلّف، بحسب الأطباء المحلفين، وينادون لنيل رضى مريض مهووس بالقتل والتسلّط على إخوته وأبناء عمومته وأهل ملته وأبناء بلده ومحيطه والجيران الأقربين والأبعدين، فقط لأن إعلامياً لبنانياً، صار وزيراً، قال رأيه في أن جرائم الدب الداشر في اليمن ليست سوى حرب عبثية… ليخرج علينا، أخيراً، القائد الجاهز لكل الثورات، وآخر الزعماء القبليين في لبنان، مطالباً بأن نعتذر من القاتل.

حقاً، نحن أمام معركة فاصلة بين لبنانين، وهي معركة قاسية، ستستمر لسنوات وربما لعقود، قبل أن يستفيق البعض من سبات ووهم، ويتعرف إلى حقيقة التاريخ الذي لم ولن يقف عند خاطر أحد. كارتيل الأدوية والمركزيّ يتلاعبان بحياة المصابين: مجزرة مرضى السرطان

ما من تعبير أدقّ من «المجزرة» لوصف ما يتعرّض له مرضى السرطان في لبنان. أدوية أساسية يستخدمها هؤلاء ولا بدائل لها «مقطوعة»، ودولة بكاملها تخضع لابتزاز تجار الدواء الذين يمتنعون عن استيرادها ويلعبون بحياة المرضى لتحصيل مستحقاتٍ مفترضة، في ذمّة واسعة لمصرف لبنان وحاكمه. في النتيجة، نحو 80% من أدوية مرضى السرطان لا أثر لها، وبروتوكولات العلاج باتت تعتمد طريقة «التجربة والخطأ» مع استخدام أدوية لا دليل علمياً قاطعاً على فعّاليتها

قبل شهرٍ ونصف شهر، تلقّت لينا الجرعة الأخيرة من علاجها، ومعها آخر جرعةٍ من الأمل. لم يعد لدى الشابة ما تتكئ عليه في مواجهة مرضٍ خبيثٍ يأكل رئتيها، بعدما فقدت «السلاح» الوحيد الذي يمكن أن تحارب به للبقاء على قيد الحياة. شهر ونصف شهر بلا دواء، فيما الخلايا السرطانية تستأنف نشاطها المعتاد كل واحدٍ وعشرين يوماً، وهو الموعد المفترض لجلسة العلاج التالية التي لم تتوفّر لها.

ليست لينا وحدها من جُرّدت من سلاحها الوحيد في مواجهة الخبيث. كثيرات وكثيرون يعجزون عن تأمين علاجاتهم. كثيرات وكثيرون ترتفع أعدادهم بالآلاف سنوياً. «أحدث» الإحصاءات الصادرة عن السجل الوطني للسرطان، وتعود إلى عام 2016، تشير الى ارتفاع عدد الإصابات الجديدة بـ 12 ألفاً و238 إصابة. لتقدير الرقم في السنوات الخمس التالية حتى عام 2021، يمكن الاستعانة بتقرير المرصد العالمي للسرطان الذي يتحدث عن 28 ألفاً و764 إصابة جديدة خلال هذه الفترة، من بينها 11 ألفاً و600 حالة سُجّلت عام 2020. وإلى هؤلاء، هناك آلاف المصابين «القدامى» الذين يستكملون علاجاتهم، ما يرفع الرقم إلى عشرات الآلاف. هؤلاء، جميعاً، يعيشون أزمة مفتوحة منذ نحو عامٍ ونصف عام، كان «النصف» الأخير فيها الأصعب مع انقطاع نحو 80% من أدويتهم، بعد امتناع المستوردين والتجار عن استيرادها بسبب توقف مصرف لبنان عن توقيع ملفاتهم، إضافة إلى خلاف عالق بين الطرفين حول مستحقاتٍ قديمة. أراد المستوردون تحصيل حقوقهم فلم يجدوا سوى قطع الدواء عن المرضى، وهو ما لا يزال مستمراً، وإن كانت مصادر وزارة الصحة تشير إلى انفراجة قريبة.

لكن، في انتظار أن تتحقّق «النبوءة»، يتساقط مرضى السرطان كالعصافير. لا دواء يسند ما تبقّى من القوة. صحيح أن «من المبكر الحديث عن تأثير هذه الأزمة في رفع عدد الوفيات»، على ما يقول الدكتور نزار بيطار، رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض التورّم الخبيث. إلا أن ما يحدث مع مرضى السرطان ليس أقل من «مجزرة» يمارسها التجار ومصرف لبنان بمباركة الدولة.

يشبّه بيطار ما يحصل مع مرضى السرطان «بحربٍ نخوضها مع إسرائيل، ثم تأتي الدولة لتقول لنا: فليدافع كل فردٍ عن نفسه، فهل باستطاعتنا ذلك؟».

بمعاناة المرضى مع أزمة الدواء، يخسر هؤلاء المعركة، إما بسبب فقدان بعض الأدوية كلياً من السوق أو بسبب احتكار أصحاب المستودعات والمستوردين وبعض الصيادلة لبعضها. وما يصعّب هو استحالة استيراد المريض أدويته مباشرة من الخارج لأن أدوية الأمراض السرطانية تأتي عبر وزارة الصحة مباشرة أو عبر شركات استيراد الدواء، ولا تسلّم للأفراد، وهي بالتالي «أدوية مستشفيات»، على ما يقول وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة. أضف إلى أن أسعارها باهظة، وهي «أدوية لها خصوصية إذ تُعتمد فقط في مراكز إعطاء العلاج».

يلجأ الأطباء إلى أدوية بديلة لا دليل علمياً قاطعاً على فعّاليتها

كل هذه الأسباب مجتمعة تؤثر سلباً على طريقة العلاجات وفعّاليتها، إذ يفتقد المرضى لعنصر الانتظام في العلاج، وهو «من البديهيات في علاج السرطان»، يقول بيطار. فالثابت في مواجهة هذا المرض «هو انتظام العلاج والالتزام بالوقت المناسب والجرعة المناسبة والمدة المناسبة»، وهو ما يُحرم منه المرضى اليوم، إذ إن كثيرين منهم لا يجدون أدويتهم وينقطعون عن أخذ جرعاتهم بانتظام، وفي أحسن الأحوال «يأخذون نصف جرعة أو يستبدلون الدواء الأساسي بأدوية بديلة، وكلها إجراءات خاطئة قد تؤثر على فعّالية العلاج».

بدوره، رئيس الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي الدكتور ناجي الصغير، يوضح مساوئ تأخير العلاج أو تبديله «إذ إن بعض الأدوية البديلة تكون أقل فعّالية أو غير مدروسة بشكلٍ كافٍ، ما يؤثر على درجة الشفاء والعمر تالياً. صحيح أن هذه التأثيرات لا تظهر فوراً، إلا أنها ستظهر عاجلاً أم آجلاً».

المشكلة في علاجات السرطان أصعب من علاجات الأمراض الأخرى، لأنها، بحسب خليفة، «تجري وفق برنامج دقيق من الأدوية والجراحة وتخضع لبروتوكولات طبية لا يمكن تغييرها أو اللعب بها». وهو برنامج أشبه بحلقة تجمع الدواء والمريض والطبيب، وأي عطبٍ في أحد عناصر هذه الحلقة «يهدد العملية كاملة، ما ينعكس على صحة المريض وحياته». وما يجري اليوم أن هذه البروتوكولات التي تضم بين 3 و4 أدوية أساسية في العلاج، «هناك دائماً دواء أو اثنان مقطوعان بشكلٍ كامل» يقول بيطار.

معاناة مصابي السرطان تبدأ بانقطاع الأدوية ولا تنتهي بغلاء الفحوص الأساسية ما قبل العلاج أو خلاله، والتي تضاعفت أسعارها كثيراً، إضافة إلى فواتير الاستشفاء التي تُعدّ بعشرات ملايين الليرات. وليست هذه تفاصيل، إذ إن تأخير الفحوص المخبرية عن وقتها المفترض «يؤثر على العلاج وفعاليته»، على ما يقول الصغير، مشيراً إلى أن هناك اليوم مرضى كثيرين يتأخرون في إجراء فحوصاتهم بسبب أكلافها المرتفعة، «ومنها أحد الفحوص الذي نجريه في مرحلة مبكرة لنقرر على أساسه ما إذا كان المريض يحتاج إلى علاجٍ كيميائي أم لا، إذ تبلغ كلفته 3500 دولار لأن المستشفى يستعين بمختبرات في الخارج». لذلك، معظم المرضى تخلوا عن هذا الفحص، ما يدفع الأطباء اليوم إلى «تقدير الحالة واتخاذ القرار بالعلاج الكيميائي على أساس خبرتنا، علماً أن هناك بعض الأمور الدقيقة التي تستوجب هذه الفحوص».

وإلى ذلك كله، تُضاف أزمة هجرة الأطباء، ومنهم أطباء التورّم الخبيث، ما يؤثر سلباً أيضاً في استكمال العلاجات، إذ إن «التنقل بين الأطباء وانتقال الملفات بين أكثر من طبيب ينعكسان سلباً، لأن الطبيب الرئيسي هو من يعرف أكثر عن مريضه». وفي حالة مرضى السرطان، ثمّة خصوصية لهؤلاء، إذ إن «كل مريض يختلف عن الآخر، وهو ما يجعل الملف أهم نقطة في العلاج»، يقول خليفة.

ولعل أسوأ ما في الأزمة، على ما ينبّه أحد أطباء السرطان، هو التعايش معها. «تعايش» قد تكون حياة المريض ثمناً له مع انتقال الأطباء من مرحلة «إعطاء أدوية بمعايير عالمية، إلى مرحلة الأدوية البديلة التي لا نملك معلومات علمية عن مدى فعاليتها، إلى المرحلة الثالثة التي بتنا نستخدم فيها في البروتوكول نفسه أدوية من شركات مختلفة… إلى المرحلة الحالية التي نختبرها اليوم: جمعة بتاخد دوا وجمعة ما بتاخد»!

اللواء

حكومة «المسارات المنفصلة» تنتظر المسعى العربي.. بلا أفق! البنك الدولي على خط تمويل الكهرباء.. و«مهزلة» في العدلية: مجموعة نسائية تختم مكتب مزهر «بالشمع الأحمر»

الصحافة اليوم 10-11-2021 – موقع قناة المنار – لبنان

خمسة اشهر وبضعة أيام، المدة الفاصلة عن استمرار الحكومة في العمل من خارج جلسات مجلس الوزراء، وتحديد وزارة الداخلية، صاحبة الصلاحية موعد بدء العمليات الانتخابية، ودعوة الهيئات الناخبة لتجديد المجلس النيابي، وهو الموعد، المنتظر محلياً واقليمياً ودولياً، كمحطة لاحداث تغيير عبر الصناديق، دفعاً لمخاطر الحرب والاصطفافات والتوترات المذهبية والطائفية والانشطارات المجتمعية.

في الأشهر الخمسة المقبلة، وهي مهلة قصيرة نسبياً، يتوقع لحكومة «معاً للانقاذ» ان تصمد في ادارة البرنامج الاقتصادي والمالي، ولو عبر الاتصالات والاجتماعات والتفاهمات، مع فصل واضح بين مسارين مترابطين: الأول يتعلق بمسار التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، عبر تثبيت وضعية المحقق العدلي طارق بيطار، الذي تفاقمت «النقمة الشيعية» عليه عبر وصفه برئيس «الشلة القضائية الطائفية»، على حد تعبير الـNBN التي غمزت من قناة رئيس مجلس القضاء الأعلى.

والمسار الثاني، وهو مسار سياسي – دبلوماسي يهدف إلى اصلاح ذات البين مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، من زاوية انتظار مساعي الجامعة العربية، أو انتظار وساطة قطر، مع العلم ان لا موعد لغاية تاريخه لزيارة وزير خارجيتها إلى بيروت، كما سبق وأبلغ امير قطر الشيخ تميم بن حمد الرئيس نجيب ميقاتي في قمة المناخ في غلاسكو في اسكتلندا، قبل اكثر من اسبوع.

وأشار دبلوماسي بارز لـ»اللواء» إلى ان المسعى العربي يحتاج إلى بعض الوقت، والى بلورة ردة الفعل العربية، وبالتالي، فالرهان مستمر على ترميم العلاقات بين لبنان ودول الخليج.

وفي السياق السياسي، أكدت مصادر سياسية لـ»اللواء» أن أي لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء متوقع من أجل ترتيب الخطوات المتصلة بأمكانية عودة جلسات مجلس الوزراء إلى الانعقاد أو التخريجة لذلك مع العلم أن لا مؤشرات يمكن البناء عليها في ظل عدم معالجة قضية الوزير قرداحي فضلا عن تداعبات قضية القاضي البيطار, ولذلك دعت إلى انتظار بعض الاتصالات على أن ثمة معطيات تؤكد أن عودة الجلسات لم تنضج بعد.

وأشارت مصادر سياسية إلى ان معاودة جلسات مجلس الوزراء، اصبحت مرتبطة، بحل مطالبة الثنائي الشيعي، بتنحية المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار ،وحل الازمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي،على خلفية، المواقف المنحازة التي اعلنها وزير الإعلام جورج قرداحي مع الحوثيين باليمن ضد المملكة.

واعتبرت المصادر ان موضوع تنحية القاضي طارق البيطار، دخل في دوامة الصراع السياسي الدائر حاليا، واصبحت كل محاولات حله، محكومة بمجريات هذا الصراع،لاسيما بين الرئاستين، الاولى والثانية، وبالتالي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، واذا لم تنجح الاتصالات والجهود المبذولة، لايجاد حل لهذه المشكلة ، فهذا يعني ان المشكلة طويلة،وستبقى جلسات مجلس الوزراء معلقة الى وقت غير محدد.

اما بالنسبة لحل مشكلة قرداحي، اصبح واضحا، انه لا يستطيع حلها شخصيا، وبمفرده، لانها محكومة بما يقرره حزب الله، الذي ما يزال متمسكا باستمرارية قرداحي بموقعه الوزاري، ويرفض استقالته او اقالته، حتى الان، لان هذا الامر، ينعكس على الحزب، ما يعني استمرار الدوران بحلقة مفرغة وبأن هذه المشكلة دخلت في اطار الصراع المتفاقم بين المملكة العربية السعودية، وايران مع حلفائها بالمنطقة، وبالتالي، فإن حلحلتها،تبدو مرتبطة بجانب منها،بانهاء هذه الخلافات، وقد يطول انهاؤها، الى وقت غير معلوم حتى الآن.

وكشفت المصادر ان البت بالمسائل والملفات الاساسية والضرورية الواردة بالبيان الوزاري للحكومة، متوقفة، برغم كل التحضيرات والإجراءات التمهيدية التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الفريق الوزاري والخبراء، لمواكبتها والبت فيها، في حين تشدد الدول على اختلافها، والمؤسسات المالية الدولية على وجوب الاسراع باجراء الاصلاحات المطلوبة في كافة المؤسسات والقطاعات الحكومية، كشرط اساسي مسبق لتسهيل تقديم المساعدات، لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان.

واعتبرت المصادر، ان التجاذبات السياسية في لبنان، مرتبطة بالتقلبات المتسارعة، في دول الجوار العربي، لاسيما ما يجري بالعراق وسوريا واليمن، ولا يبدو مايؤشر الى توجه، لحلحلة ازمة تعليق جلسات مجلس الوزراء، بمعزل عن هذه التطورات.

وبانتظار ظهور النتائج النهائية للمسعى العربي، والتي سيستكملها السفير حسام زكي بين القاهرة والرياض لمعالجة الازمة المستجدة بين لبنان والسعودية، وبإنتظار زيارة وزير خارجية قطر الى بيروت التي وعد بها الامير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لمحاولة معالجة الازمة، ثمّة إجراءات لا بدّ أن تبادر إليها الجهات اللبنانية أولاً، فراوحت الامور مكانها في حلقة مفرغة وتصعيد في المواقف كما فعل رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط تجاه حزب الله خلال اليومين الماضيين، وغرّد السفير السعودي وليد البخاري على حسابه على «تويتر» قائلاً: رائعةُ مونتسكيو من كتابِ روحِ القوانين وخُلاصةِ تأمُّلاتِه: القانونُ يَجِبْ أنْ يكونَ مِثْلَ الموتِ الّذي لا يَستَثني أحداً.

بالمقابل، علمت «اللواء» ان حزب الله لم يقرر بعد الموقف الذي سيعلنه رسميا بخصوص موضوع الوزير قرداحي والازمة مع السعودية، وهو سيتقرر اليوم في مشاروات قيادة الحزب على ان يعلنه غدا الخميس الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله في كلمته لمناسبة «يوم الشهيد».

دعم الكهرباء

في العمل الحكومي اليومي، عقد الرئيس نجيب ميقاتي إجتماعا خصص للبحث في مشاريع البنك الدولي لدعم قطاع الكهرباء في لبنان وإصلاحه، حضره نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، وزير المال يوسف خليل، وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الوزير السابق النائب نقولا نحاس، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط ساروج كومار، ممثلة البنك في لبنان منى قوزي، والمستشار الاقتصادي للرئيس ميقاتي سمير الضاهر.

اثر اللقاء قال الوزير فياض: تابعنا خلال الاجتماع درس المستلزمات والخطوات اللازمة من اجل تنفيذ عقود استجرار الغاز من مصر والطاقة من الأردن عن طريق سوريا. وشاركنا البنك الدولي في هذا الإجتماع بأخر المستجدات لديه لنموذج التمويل المقترح. ونحن نتعاون معاً لأنجاز خطة العمل واستكمال الخطوات الفنية المتعلقة باصلاح خط الكهرباء والنواحي التمويلية والتعاقدية التي نعمل عليها مع الوزارات والإدارت المختلفة.

وقال كومار: ناقشنا إقتراح البنك الدولي لدعم الاصلاحات في قطاع الكهرباء، وهذا امر اساسي من اجل المزيد من الشفافية، ومن اجل نظم وقوانين أفضل، وزيادة امداد الكهرباء للمواطنين اللبنانيين. هذا البرنامج ستتم مناقشته في الحكومة التي نود ان نعمل معها من اجل تسريع الإصلاحات في قطاع الكهرباء مما يجعله قطاعا اكثر استدامة.

وفي سياق حياتي آخر، اجتمع الرئيس ميقاتي مع المدير التنفيذي لبرنامج الاغذية العالمي للأمم المتحدة دايفيد بيسلي ظهر امس في السراي، في حضور المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، المديرة الاقليمية لبرنامج الاغذية العالمي كورين فليشير، ومدير برنامج لبنان عبد الله الوردات. وتم خلال اللقاء البحث في زيادة المساعدات والتقديمات المالية والغذائية التي يقدمها البرنامج للشعب اللبناني.

اثر اللقاء قال بيسلي: «كان اللقاء منتجا وممتازاً مع دولة الرئيس عرضنا خلاله الوضع الاقتصادي والأمن الغذائي في لبنان، كما تحدثنا عن تدهور الاقتصاد العالمي الحاصل بسبب تغيير المناخ وتأثير فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، ووضع لبنان ليس مختلفاً عما هو حاصل في العالم».

اضاف: «نطمح الان الى توسيع مروحة مساعداتنا في لبنان لتطال نحو مليون وستمئة الف شخص في الاشهر القليلة المقبلة، علما اننا نطال حالياً نحو ثمانمئة الف شخص، والمساعدات الجديدة ستركز بشكل صارم على الفئات الاكثر حاجة.

وخلافاً للكلام عن رفع الدعم عن الادوية المستعصية، اكد وزير الصحة د. فراس الأبيض، بعد لقاء الرئيس ميشال عون في بعبدا استمرار الدعم الكامل للأمراض المستعصية، والوزارة تعمل على تأمينها، وأن المواطنين سيلمسون النتائج قريباً، ولا سيما في مركز الوزارة في الكرنتينا.

جنبلاط ليستقل قرداحي

سياسياً، واصل النائب السابق وليد جنبلاط انتقاداته لفريق الممانعة، وقال في حديث لقناة «روسيا اليوم»:ان لبنان مرتبط بعلاقات سياسية اقتصادية منذ عقود مع الخليج العربي، وهناك مئات الآلاف من اللبنانيين في الخليج العربي يعيشون هناك، ويرسلون الأموال إلى لبنان. أين يذهبون؟ فالخليج أساسي، يصدر تصريح غير مسؤول، ويدين حرب اليمن. وما علاقة لبنان في حرب اليمن؟ ثم تصدر تصريحات من قبل بعض المسؤولين في حزب الله تؤيد هذا التصريح اللامسؤول. لا نستطيع أن نتحمل حرب الآخرين على أرضنا. هذا رأي، ولذلك يجب معالجة هذا الموضوع بشكل أن يستقيل هذا الوزير كي نستطيع أن نتنفس».

وردا على سؤال، قال جنبلاط: «الوزير قرداحي يستند إلى حزب الله وتيار المردة اللذين هما جبهة. المردة والتيار الوطني الحر وحزب الله، هم جبهة واحدة. لكن موضوعيا ، أين يذهب اللبنانيون في الخليج، إلى أي محطة؟ إلى إيران، أو العراق؟ ليس هناك من موارد في هذه البلاد التي تعاني من مشاكل اقتصادية هائلة. تاريخيا نحن مع الخليج. على الأقل أفضل أن لا نشتم الخليج كي نبقى هناك ويأتينا هذا الدعم من عرق جبين اللبنانيين هناك إلى أن نحسن أوضاعنا في لبنان». وشدد على «وجوب توقف الهجوم على السعودية»، وقال: «لنعد إلى الداخل». توتر قضائي

على الصعيد القضائي، حضر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار إلى العدلية صباحا بهدف عقد جلسة الاستماع إلى الوزير السابق النائب غازي زعيتر عند الساعة العاشرة لكن مطالعة الدفوع الشكلية التي تقدم بها زعيتر لم تكن قد وصلته بعد من النيابة العامة التمييزية. وعليه افيد ان القاضي بيطار اعتبر أن يده كفت عن الملف، فلم يعقد جلسة استجواب زعيتر. الى ذلك، تقدم وكيل الدفاع عن زعيتر والنائب علي حسن خليل بشكوى امام هيئة التفتيش القضائي بحق القضاة ناجي عيد وروزين غنطوس وجانيت حنا وجوزيف عجاقة ونويل كرباج.

وظهرا، حصل سجال حاد بين قضاة محكمة الاستئناف في مكتب رئيس الغرفة 12 في محكمة الاستئناف المدنية، القاضي حبيب مزهر بعد رفضه تبلغه اجراءات طلب رده عن النظر بملف تفجير المرفأ. وسجل توتر في أروقة الاستئناف بعد ان رفض مزهر طلب رده عن ملف التحقيق العدلي. اثر هذه البلبلة، تبلّغ القاضي مزهر طلب رده وكفت يده عن ملف البيطار.

ودخل عدد من النساء الأعضاء في مجموعة «نون» النسائية صباحا إلى قصر العدل، حيث تواجهن مع القاضي مزهر ، بعد قيامهنّ بختم مكتبه بالشمع الاحمر وتعليق منشورات كتب عليها «باي باي حبيب مزهر» وone way ticket”” و”أد ما تهربوا المشانق رح تتعلق”، وذلك احتجاجا على ممارساته في ما يتعلق بقضية انفجار مرفأ بيروت، واعتراضاً على ما أسموه «جريمة نفذها القاضي في حق شهداء المرفأ والعدالة»، بعد إصداره قرارا بضم طلب رد القاضي البيطار مع ملف القاضي نسيب إيليا. واعتبرن أن «هذا القرار تعسفيّ ومشبوه وفيه تخطّ لصلاحياته وارتكاب جريمة تزوير معنوي ومحاولة كشف تحقيقات سرية».

من جهة ثانية، افيد ان المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان رد طلب تنفيذ مذكرة توقيف المدعى عليه علي حسن خليل وبرّر رده للنائب العام التمييزي عماد قبلان بأن ما يطلب منه مخالف للمادة ٤٠ من الدستور ولا يمكنه توقيف المدعى عليه.

647778 إصابة

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 909 إصابات جديدة بفيروس كورونا و5 حالات وفاة، رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 647778 منذ 21 شباط 2021.

البناء

الأسد يستقبل عبد الله بن زايد… والإمارات تفتح الباب لحضور سورية قمة الجزائر

قآني ينجح بالتهدئة وجمع الخصوم في بغداد… وشنكر: مأرب هزيمة لواشنطن والرياض

لافروف: واشنطن تريد بقاء النازحين في لبنان… ووزير خارجية قطر يصل اليوم إلى بيروت

كتب المحرر السياسي

يسأل مصدر سياسي يواكب مسار العلاقات الخليجية بسورية، والاعتراف بانتصار الرئيس السوري بشار الأسد، الذي بذلت لإطاحته جهود تعادل حرباً عالمية، وأموالاً قال رئيس مجلس النواب نبيه بري ذات يوم إنها لو رصدت لتحرير فلسطين لحررتها، عن موقف الأطراف اللبنانية التي ربطت سياساتها بخط لا رجعة عنه بلغة العداء لسورية والتدخل في شؤونها، تحت شعار السير وراء السياسات الخليجية، وهي ترى بأم العين الخليج عائداً إلى سورية التي تمسكت بسياساتها ولم تبدل حرفاً في خياراتها، بينما هذا الخليج يعاقب لبنان، غير آبه بهؤلاء الحلفاء، بل ربما مستهدفاً هؤلاء الحلفاء قبل الخصوم، بداعي فشلهم في ترجمة ما وعدوا بتحقيقه، سواء في الحرب على سورية أو في مواجهة حزب الله، ويقول المصدر إن مراجعة السياسات العدائية نحو سورية يجب أن تتقدم أي حديث عن عروبة لبنان، وهي عروبة كانت بوابتها سورية دائماً، ولا مصداقية لحديث عن العروبة يتجاهل إعادة ترتيب العلاقة اللبنانية بسورية، كما قالت وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف، التي اعتبرت العلاقة المميزة بسورية أولى ترجمات عروبة لبنان، ويضيف المصدر أن مواصلة الأسلوب القديم الذي أنتج هذه الصورة السريالية التي تمثلها العودة الخليجية إلى سورية بالتزامن مع التصعيد الخليجي ضد لبنان، لن تجلب على لبنان إلا المزيد من الكوارث، فالإسراع بترتيب العلاقة اللبنانية- السورية ربما يكون نقطة بداية صحيحة نحو الوسيط النزيه الوحيد بين لبنان ودول الخليج، في وقت يتداول القادة الخليجيون نظرية سورية نقطة توازن في العلاقة مع إيران، ويبررون بها ذهابهم إلى ما هو أبعد من عودة العلاقات الدبلوماسية، للبحث بتمويل إعادة إعمار سورية تعويضاً عن غياب وعداوة عقد مليء بالحروب، ويقول هؤلاء القادة إن التسليم بدور سوري في لبنان ربما يكون مدخلاً لترجمة الرؤية الخليجية الجديدة، بينما يعتقد بعض المحللين الخليجيين أن الصيغة الأمثل للتعامل مع الوضع في لبنان بقراءة مسار ثلاثة عقود، هي تلك التي سادت في عقد ونصف بعد الطائف، مقابل حصاد الفشل لعقد ونصف تلاها، منذ انخراط الخليج في القرار 1559، والعداء لسورية وصولاً لاتهامها باغتيال الرئيس رفيق الحريري.

في الوقائع كانت زيارة وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد إلى دمشق هي الحدث، وقد أكدت المواقف الصادرة بعد لقائه بالرئيس السوري بشار الأسد على رغبة قيادتي البلدين بتحاوز ما شهده العقد الماضي، وفتح صفحة من التعاون تقوم على الاحترام المبتادل، والمصالح المشتركة وإعادة لم الشمل العربي الذي تمزق بعد القرار العربي بإخراج سورية من الجامعة العربية، وتقول مصادر دبلوماسية أن وزير خارجية الإمارات وجه دعوة رسمية للرئيس السوري لزيارة دولة الإمارات، وأن هذه الزيارة ستشهد رسم خريطة طريق تتولاها الإمارات مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية، التي كانت في صورة الزيارة، وما سيليها، وصولاً لترجمة تفاهم يشمل مصر ودولاً عربية أخرى باعتبار قمة الجزائر العربية في الربيع المقبل مناسبة لطي صفحة الانقسام العربي، الذي شكل الموقف من سورية عنواناً رئيسياً له.

في المشهد الدولي والإقليمي جاء كلام وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف عن سعي واشنطن لإبقاء النازحين السوريين في لبنان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع سكرتير الشؤون الخارجية في الفاتيكان، ومطالبته برفع العقوبات الأميركية عن سورية، ليضع النقاط على الحروف في سعي موسكو لإبقاء مبادرة موسكو لعودة النازحين على جدول الأعمال الدولي وتحميل واشنطن مسؤولية تعطيلها، ويضع بالتشارك مع الفاتيكان المسؤولين اللبنانيين أمام مسؤولية جدية سعيهم لإنهاء هذا الملف، والوجهة اللازمة لتحقيق هذا الهدف، بينما سجلت زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قآني نهاية إيجابية ترجمت بنجاحه بعقد لقاء جامع ضم رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وقوى التنسيق التي تضم قيادات فصائل الحشد الشعبي التي تضم اللوائح المعترضة على نتائج الانتخابات، ونجح اللقاء بتنفيس الاحتقان، خصوصاً بعد مقتل عدد من المعتصمين بيد رجال الأمن، واستهداف منزل الكاظمي، في يومين متتاليين، ووضع قواعد قانونية وسياسية لفض النزاعات، بصورة تحفظ الاستقرار وتمهد لتفاهمات يتوقع أن تشمل رسم آفاق المشهد الحكومي المقبل في العراق، واكتمل المشهد الدولي والإقليمي بما قاله معاون وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شنكر عن معارك مأرب، معتبراً أن استحواذ أنصار الله عليها مسألة ساعات أو أيام، لكنه بات أمراً محسوماً، مضيفاً أن معركة مأرب هي معركة الفصل في حرب اليمن، وانتصار أنصار الله فيها يعني انتصارهم في الحرب، وأن هذا أسوأ سيناريو بالنسبة للرياض وواشنطن، مستبعداً أن تقدم واشنطن على السعي لتغيير وجهة الحرب بالتورط بتدخل مباشر واسع، داعياً للتساكن مع أن اليمن بات في عهدة الأنصار هو المطلوب، والبدء باتخاذ إجراءات من نوع ترتيبات أمنية في البحر الأحمر، وتشديد العقوبات على بيع السلاح لليمن.

في قلب هذه التطورات تستقبل بيروت اليوم وزير خارجية قطر في زيارة استطلاعية موفداً من الأمير تميم بن حمد آل ثاني، لاستكشاف فرص بلورة مبادرة قطرية للوساطة بين لبنان والسعودية، بينما تستبعد مصادر دبلوماسية أن تتسرع قطر للتحدث عن وساطة في ظل موقف سعودي لا يزال متشدداً تجاه فتح الحوار مع لبنان، معتبرة أن قطر تبقى أكثر رحمة بلبنان من حركة الجامعة العربية، التي مثلها معاون الأمين العام حسام زكي، والتي دعت اللبنانيين للاستسلام وإعلان الركوع وطلب الصفح من الرياض وتأدية فروض الولاء، بما في ذلك التخلي عن ماء الوجه في حفظ الكرامة الوطنية.

وفيما بقي لبنان في دائرة التخبط بأزماته السياسية والدبلوماسية والقضائية والأمنية والاقتصادية، خطفت زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات، عبدالله بن زايد آل نهيان إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الأضواء، لما لهذا الحدث من أهمية وتداعيات على مستوى المنطقة ومنها لبنان.

وأشارت مصادر سياسية لـ«البناء» إلى أن «زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى سورية تعكس قراراً عربياً خليجياً بالعودة إلى دمشق بعد عشر سنوات من الحرب، وجاءت الزيارة تتويجاً للإخفاقات التي منيت بها دول الخليج في الحرب على سورية مقابل انتصار الدولة السورية وصمود الشعب والقيادة طيلة فترة الحرب»، وشددت المصادر على أن «التحرك الإماراتي يخفي رغبة سعودية ومن خلفها أميركية بإعادة فتح العلاقات مع سورية لتحقيق جملة أهداف تتعلق بمستقبل الأنظمة الخليجية بعد الانسحاب الأميركي من المنطقة، فضلاً عن المصالح الاقتصادية والأمنية لدول الخليج في سورية والمنطقة». وتوقعت المصادر استكمال مسار الانفتاح العربي الخليجي على سورية من خلال تحرك سعودي ومن جامعة الدول العربية، الأمر الذي سينعكس على مجمل المنطقة ومن ضمنها لبنان. ودعت المصادر الحكومة اللبنانية والقيادات السياسية في لبنان إلى قراءة أبعاد الزيارة الإماراتية إلى سورية وتلمس نتائجها وحذو حذو الإمارات وتفعيل العلاقات اللبنانية مع سورية ما يمكننا من حل الكثير من الأزمات الاقتصادية وفك العقوبات عن لبنان، بدل انتظار الضوء الأخضر الأميركي السعودي للانفتاح على سورية»، متسائلة لماذا يحرم على لبنان إقامة علاقات رسمية مع سورية فيما يذهب رأس الدبلوماسية الإماراتية إلى الشام في زيارة رسمية للانفتاح على الدولة السورية؟».

ولم تسجل الأزمة الدبلوماسية السعودية المفتعلة مع لبنان أي جديد بعدما طويت مساعي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، وبحسب معلومات «البناء» فإن المطالب التي حملها زكي قوبلت بالرفض من قبل حزب الله وتيار المردة كون لبنان لا يستطيع تحملها وتقديم التنازلات من دون أي مقابل، لا سيما أن زكي حمل فقط الشروط السعودية ولم يقدم أية ضمانات سعودية بحل الأزمة ووقف الإجراءات القاسية بحق لبنان وعودة العلاقات إلى طبيعتها»، مشيرة إلى أن «زيارة زكي لا تتعدى جولة أفق واستطلاع حول إمكانية طرح أفكار ما لاحقاً بعد تقييم زيارته وما لمسه لدى المسؤولين اللبنانيين».

وبحسب المصادر فإن المواقف لم تتغير في ظل رفض رئيسي الجمهورية والحكومة عرض القضية على التصويت في مجلس الوزراء لغياب التوافق حولها فضلاً عن غياب النصاب القانوني لعقد الجلسة في ظل موقف وزراء حزب الله وأمل والحزب السوري القومي وتيار المردة والحزب الديمقراطي اللبناني». ولفتت المصادر إلى أن «عودة الوزراء المعتكفين إلى الحكومة وعقد جلساتها مرتبط بحل أزمة المحقق العدلي طارق البيطار وتصويب أدائه والعودة إلى نصوص الدستور والأصول القانونية».

وأكدت أوساط فريق المقاومة لـ«البناء» إلى أن «كل ما يجري في لبنان من أحداث أمنية وسياسية وضغوط خارجية تهدف إلى استنزاف حزب الله، من خلال استخدام جملة من الوسائل السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والأمنية»، مشيرة إلى أن «أحداث الطيونة وافتعال الأزمة الدبلوماسية الخليجية مع لبنان والتهديد بترحيل اللبنانين من دول الخليج كله يهدف إلى تسعير الازمة والضائقة الاجتماعية للضغط على بيئة المقاومة والحاضنة الوطنية عموماً لتضييق الخناق أكثر على رقبة الحزب لدفعها لطاولة المفاوضات لتقديم التنازلات»، وشددت الأوساط إلى أنه «في حال استطاع الحزب احتواء الضغوط وتجاوز المراحل الخطيرة والكمائن التي تنصب سيدفع المحور الآخر للتراجع، بالتالي فشل المشاريع والسياسات الأميركية- الخليجية- الإسرائيلية». ولذلك تشدد الأوساط إلى أن «لبنان لن يرضخ للإملاءات والشروط السعودية ولن يسمح بأن تحل المملكة مشاكلها وضائقتها الاقليمية والداخلية على حساب اللبنانيين». ولفتت إلى أن «السعودية تخوض حرب شعواء على لبنان الذي يقاوم العدو الإسرائيلي، فكيف تهاجم السعودية لبنان الذي يعادي إسرائيل؟».

وفي سياق ذلك، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «السعودية هي مَن بادر إلى افتعال المشكلة مع لبنان»، مشدداً على أنه «ليس لدينا أي مطلب منها سوى كفّ يدها عن التدخل في الشوؤن الداخلية». وأشار قاسم إلى أن البعض في لبنان استيقظ حديثاً للتصويب على حزب الله من أجل كسب بعض الأموال قبل الانتخابات النيابية، إلا أن ذلك لن ينفعه».

وعن قضية مجزرة الطيونة، أكد قاسم أن «حزب الله و«حركة أمل» جنبّا البلد الذهاب نحو المجهول من خلال التعاطي بحكمة مع المجزرة التي ارتكبتها «القوات»، ودعا إلى قضاءٍ عادل ونزيه وشفاف بعيداً من كل الضغوطات من هنا وهناك. وأكد أن «حزب الله مع إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده، «لأننا نقبل كلمة الشعب وخياراته»، منتقداً في المقابل أولئك الذين يتقاضون الأموال من السفارة الأميركية لتوظيفها في الانتخابات».

وسجل ملف تحقيقات المرفأ تطوراً جديداً، تمثل بكف يد القاضي حبيب مزهر عن ملف القاضي بيطار، وذلك بعدما حصل سجال حاد بين قضاة محكمة الاستئناف في مكتب القاضي مزهر بعد رفضه تبلغه إجراءات طلب رده عن النظر بملف تفجير المرفأ. وسجل توتر في مكاتب محكمة الاستئناف بعد أن رفض مزهر طلب رده عن ملف التحقيق العدلي. وإثر هذه البلبلة، تبلّغ مزهر طلب رده وكفت يده عن ملف البيطار.

وعلمت «البناء» أن ضغوطاً كبيرة مورست على السلطة القضائية لكف يد مزهر وذلك بعد الهجمة التي شنها البطريرك الماروني مار بشارة الراعي وعدد كبير من السياسيين ووسائل الاعلام على القاضي مزهر، وذلك للدفاع عن القاضي بيطار واستمراره في تحقيقاته التي تخالف الاصول القانونية»، وتساءلت المصادر عن سبب هذا الدفاع المستميت في القضاء والأمن والسياسية إلى حد تدخل الكنيسة المارونية ومراجع دينية أخرى للدفاع عن قاضٍ؟ ما يؤكد وجود قرار خارجي بحمايته لحماية المشروع السياسي الذي ينفذه هذا القاضي لتعميم الفوضى القضائية والسياسية وافتعال توترات أمنية لاستهداف أطراف سياسية معينة معادية لاسرائيل كما حصل في الطيونة». وتساءلت المصادر عن سبب السماح لمجموعة من النساء تحت عنوان «جمعيات» بالدخول إلى قصر العدل إلى مكتب رئيس الغرفة 12 في محكمة الاستئناف المدنية، القاضي حبيب مزهر والتهجم عليه وقيامهنّ بختم مكتبه بالشمع الأحمر وتعليق منشورات كتب عليها «باي باي حبيب مزهر»! فيما لم يسمح بدخول مجموعة من المحامين بدعوة من حركة أمل وحزب الله إلى مكتب القاضي بيطار فيما تم نصب كمين للمتظاهرين في الطيونةّ!

وقبل كف يد مزهر، حضر القاضي بيطار إلى العدلية صباح أمس بهدف عقد جلسة الاستماع إلى الوزير السابق النائب غازي زعيتر لكن مطالعة الدفوع الشكلية التي تقدم بها زعيتر لم تكن قد وصلته بعد من النيابة العامة التمييزية. وعليه افيد أن القاضي بيطار اعتبر أن يده كفت عن الملف، فلم يعقد جلسة استجواب زعيتر. إلى ذلك، تقدم وكيل الدفاع عن زعيتر والنائب علي حسن خليل بشكوى امام هيئة التفتيش القضائي بحق القضاة ناجي عيد وروزين غنطوس وجانيت حنا وجوزيف عجاقة ونويل كرباج.

وأفادت المعلومات بأن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان رد طلب تنفيذ مذكرة توقيف المدعى عليه علي حسن خليل وبرّر رده للنائب العام التمييزي عماد قبلان بأن ما يطلب منه مخالف للمادة 40 من الدستور ولا يمكنه توقيف المدعى عليه.

وأكد تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، «ضرورة أن تستعيد الحكومة اجتماعاتها سريعا إنطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات، فالتعطيل الحاصل على خلفية التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت بات في حد ذاته جريمة موصوفة في حق اللبنانيين لا مبرر لها على الإطلاق، خصوصاً أن لا رابط بين عدم التئام الحكومة وأسباب تعطيلها». وشدد على «ضرورة أن تنصرف الحكومة مع مصرف لبنان، إلى تأمين الإحتياجات التمويلية الضرورية بما يؤدي إلى استمرار العمل في القطاعات الاستراتيجية، كقطاعي الكهرباء والاتصالات اللذين يواجهان تحدياً ينذر بتداعيات خطرة». وإذ أكد التكتل دعمه «جهود الحكومة لإقرار خطة التعافي الحكومي»، أشاد بـ»إعلان رئيسها عن قدرتها على توحيد الأرقام في ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، ورأى فيها «مؤشراً إيجابياً لتسريع عملية التفاوض». ودعا «الكتل النيابية إلى وضع هذه المسألة الاستراتيجية فوق التجاذبات السياسية توصلا إلى الخواتيم المرجوة». وحض التكتل على «الإسراع في مسار التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان باعتباره لازماً للاصلاح ومدخلا لمكافحة الفساد». وسأل «القضاء عن مآل الملفات العالقة لديه المتعلقة بتبييض الأموال وبخروقات فاضحة لقانون النقد والتسليف»، داعياً «المجلس النيابي إلى الإسراع في إقرار قوانين استعادة الأموال المحولة إلى الخارج وقانون كشف الحسابات والأملاك».

على صعيد آخر، رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاً في السراي الكبير، خصص للبحث في مشاريع البنك الدولي لدعم قطاع الكهرباء في لبنان وإصلاحه، شارك فيه نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، وزير المال يوسف خليل، وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الوزير السابق النائب نقولا نحاس، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط ساروج كومار. ولفت فياض بعد اللقاء إلى أن الاجتماع تابع «درس المستلزمات والخطوات اللازمة من اجل تنفيذ عقود استجرار الغاز من مصر والطاقة من الأردن عن طريق سورية. وشاركنا البنك الدولي في هذا الاجتماع بآخر المستجدات لديه لنموذج التمويل المقترح. ونتعاون معاً لإنجاز خطة العمل واستكمال الخطوات الفنية المتعلقة بإصلاح خط الكهرباء والنواحي التمويلية والتعاقدية التي نعمل عليها مع الوزارات والإدارات المختلفة».

المصدر:صحف