تعد الابتسامة أحد أقوى أسرار الإنسان السحرية، كما أنها بمثابة نصف الجمال، وفي أحيان أخرى يصنفها البعض على أنها كل الجمال، وعندما يبتسم أحدنا في وجوه من يحيطون به فإنه يتمكن من خطف قلوبهم وأبصارهم، وتختلف الانطباعات عن الشخص بمجرد أن يبتسم، حيث يكتسب ثقة من يحيطون به وينجذبون إليه.
يعاني البعض من مشكلة تجعلهم يجدون صعوبة في الابتسام، حتى إن مجرد الفكرة تجعلهم يشعرون بالخجل أو الحرج، وتعرف هذه المشكلة بالابتسامة اللثوية.
تعطي الابتسامة اللثوية مظهراً يختلف عن مظهر المرء الحقيقي، فيبدو فمه أكبر بمجرد أن يبتسم، كما أن وجهه يبدو أطول، وفي بعض الأحيان تتسبب هذه المشكلة في جعل الابتسامة أقل جاذبية وجمالاً، ولا تعتبر هذه المشكلة دائمة، وممكن أن تعالج من خلال معرفة السبب ومراجعة الطبيب المختص.
عوامل الابتسام
يتحكم في شكل الابتسامة عدد من العوامل، ومنها شكل وحجم الشفتين، وعضلات الوجه، وكذلك شكل وحجم الأسنان، وأخير أنسجة اللثة.
يفترض عندما يبتسم الشخص ألا يظهر من فمه سوى صفي أسنانه العلوي والسفلي مع جزء بسيط للغاية من اللثة العلوية، والذي لا يكاد يرى مطلقاً.
يمكن القول إن الابتسامة المثالية لا تظهر سوى أقل قدر من نسيج اللثة، بحيث يتناغم الجزء الظاهر منها مع الشفة العليا.
يظهر عند المصاب بالابتسامة اللثوية قدر أكبر من اللازم من اللثة عندما يبتسم، وهو الأمر الذي يجعله يشعر أن ابتسامته غير جذابة.
تعد الابتسامة طبيعية إذا كان الجزء الظاهر من اللثة لا يتجاوز ملليمتراً، وهنا لا تكون مشكلة كبيرة، ولذلك فإن الأطباء يعرفون هذه المشكلة بأنها ظهور جزء أكبر من اللازم من اللثة.
ظاهرية وشكلية
يواجه المصاب بالابتسامة اللثوية مشكلتين: واحدة ظاهرية وأخرى شكلية، فاللثة العريضة تظهر أكبر من اللازم، وهو ما يؤدي إلى أن الأسنان تبدو قصيرة وصغيرة.
يعتمد الجزء الذي يظهر من أسنان المصاب ولثته عندما يبتسم على عدد من العوامل، كشكل وحجم الشفتين، وتأثير عضلات الوجه على الابتسامة، وأيضاً حجم وشكل أسنان المصاب، ومدى انتظامها، وشكل اللثة وأنسجتها وتركيبها.
ينزعج الكثيرون من الابتسامة اللثوية، على الرغم من أنها لا تشكل مشكلة طبية، حتى إن بعض المصابين بها يعانون من مشاكل نفسية، كما أنها تؤثر في ثقة المصاب بنفسه، وتؤثر في علاقاته الاجتماعية ومقدرته على التحدث والابتسام بحرية أمام الآخرين.
يجب مع هذا الانتباه إلى أن بعض المصابين بهذه الحالة لا يكون الأثر لديهم جمالياً فقط، وإنما تؤثر أيضاً في الأسنان والفك، وذلك عندما يكون سبب المشكلة تكوين الأسنان نفسها.
يؤدي هذا الأمر إلى شعور المصاب بعدم الراحة عندما يأكل أو يتكلم، وفي أحيان كثيرة فإنه يشعر أنه يضغط على نهاية الأسنان مما يسبب له آلاماً.
العامل الجيني
ترجع الإصابة بالابتسامة اللثوية في كثير من الحالات إلى العامل الجيني، والذي يعد عاملاً رئيسياً لظهور هذه المشكلة، ولذلك فإن نسبة كبيرة من الإصابة تكون لأولاد يعاني أحد الوالدين من هذه المشكلة، فتجد أن المصابين بهذه الحالة حجم الشفة العليا لديهم أصغر من المعتاد بشكل كبير.
تتسبب الأسنان في الإصابة بهذه الحالة، وذلك عندما تنمو بطريقة معينة تؤدي لظهور الابتسامة اللثوية، وهو أمر يختلف من شخص لآخر، ويحدث في بعض الحالات عندما تنمو لديهم اللثة فوق الأسنان، وبالتالي تغطيها من أعلى ولو بشكل قليل.
يمكن أن يكون سبب الإصابة في حالات أخرى نتيجة بروز غير طبيعي للأسنان الدائمة، وذلك عقب خلع الأسنان اللبنية في الصغر، وربما لا تظهر في سن مبكرة، وإنما مع التقدم في العمر، وممكن أن تؤثر في طريقة الأكل والمضغ، ويعاني كبار السن من هذه المشكلة بسبب تآكل الأسنان.
اللثة والشفة العليا
تكون اللثة سبباً لبعض الحالات الأخرى، وذلك عندما تنمو بغزارة أكثر من اللازم، وتكون سميكة، حتى إنها تغطي جزءاً من الأسنان أكبر من الطبيعي.
يتسبب قصر الشفة العليا في أن يظهر عند الابتسام جزء كبير من اللثة، وتظهر اللثة في الحالات الشديدة حتى من غير ابتسام، كما أن حركة الشفاه المستمرة عند الضحك أو الكلام تكون سبباً في هذه المشكلة.
يؤدي النشاط الزائد لعضلات الوجه في ظهور الابتسامة اللثوية، وتتحكم هذه العضلات بشكل دقيق في تحديد الحركات التي تميز الانفعالات، وبالطبع فإن من ضمن هذه الحركات الابتسام، وذلك عن طريق التحكم في الشفة العليا، وعندما تعمل بمعدل أكبر من الطبيعي فإنها تجذب الشفة العليا لأعلى بقوة في كل مرة يبتسم الشخص، وبالتالي تزيد من مساحة ظهور اللثة.
مشاكل الفك
ترجع الإصابة في بعض الحالات إلى مشاكل في الفك العلوي، فتكوين عظام الفك وشكلها يؤثر في ظهور أنسجة زائدة من اللثة.
يكون أحياناً الفك غير متناسق مع بقية الوجه، أو أنه أكبر منه، وذلك إذا نمت عظامه بشكل يتجاوز الطول الطبيعي، وفي أحيان أخرى يكون بارزاً عن بقية الوجه، وبالتالي يضغط على الشفة للخارج، ويجعلها تبدو أقصر، مما يؤدي إلى ظهور مساحة أكبر من اللثة.
يمكن أن يكون فرط نمو اللثة، والذي يعرف بتضخم اللثة، أحد الأعراض الجانبية لبعض الأدوية، ومن ذلك أدوية ضغط الدم المرتفع، وكذلك المضادة لنوبات الصرع والمثبطة للمناعة.
حدد السبب أولاً
يجب في البداية تحديد العلاج المناسب للابتسامة اللثوية من خلال معرفة السبب وراء حدوثها، لأن استخدام علاج غير مناسب أو لا يعالج السبب الحقيقي سيؤدي إلى اختفاء المشكلة بشكل مؤقت، ومن ثم تظهر مرة أخرى، أو أن العلاج لا يعطي أي نتائج فعالة.
يعد من الخيارات المرجحة لطريقة العلاج التكلفة، والتي تختلف من شخص لآخر، وتعتمد على حالة الأسنان، ودرجة التعديل التي يحتاج إليها، فالبعض يكتفي بتعديل بسيط، وربما احتاج آخرون إلى تعديل صف الأسنان العلوي بالكامل.
يبدأ طبيب الأسنان في تشخيص الحالة بمعرفة السبب وراءها، وتحديد أفضل سبيل للعلاج، ومن أجل ذلك يحدد مدى عرض اللثة، وهل هناك مشكلة في الأسنان؟، كما يجري أشعة بهدف التأكد من سلامة الجذور وعظام الفك قبل طرح أي أسلوب علاجي.
التصحيح السليم
تشمل خطط علاج الابتسامة اللثوية تقويم الأسنان أو التصحيح السليم وأيضاً الجراحة، وذلك بالنسبة لمن يعاني من هذه الحالة بسبب نزول الأسنان لأسفل بعض الشيء، مع نمو عظام الفك بصورة مبالغة.
يعد تقويم الأسنان أحد أساليب العلاج المعروفة والتي تصحح مكان الأسنان وتبرز حجمها بشكل أكبر، إلا أنه علاج طويل الأمد، وتعتمد المدة على سوء حالة الأسنان، وبصفة عامة فإن المدة لا تقل عن 12 شهراً، وربما وصلت في بعض الحالات إلى 3.5 سنة.
يكون التدخل الجراحي خياراً مطروحاً بالنسبة للحالات المزمنة أو النادرة، وتعرف هذه العملية بالجراحة التصحيحية للفك، حيث يقوم الطبيب بتصحيح مكان وموضع الفك من خلال نحت العظام الداخلية، وعلى الرغم من صعوبة هذه العملية إلا أن نتائجها جيدة للغاية، وتغير من شكل الفم واللثة بالكامل.
إطالة التاج
يوجد نوع آخر من التدخل الجراحي بالنسبة لمن يعانون من نمو حجم اللثة بشكل كبير يغطي على الأسنان، حتى إنها تبدو قصيرة أو صغيرة، وتعرف بجراحة اللثة العريضة، أو إطالة التاج أو تطويل الأسنان.
يلجأ الطبيب لهذه الجراحة كذلك عندما تكون الأسنان بالفعل صغيرة أو قصيرة، بالمقارنة بالمعدل الطبيعي لحجم الأسنان الطبيعي للكبار والبالغين.
يساعد تقصير اللثة أو إزالة الجزء الزائد منها ورفعها في أن يظهر جزء من الأسنان أكبر، ويبدأ خط اللثة في منطقة أعلى قليلاً مما هو عليه، وبالتالي يستعيد المصاب الابتسامة الطبيعية.
3 أنواع
يلجأ البعض لاستخدام بعض أنواع الحقن في علاج الابتسامة اللثوية، ومن ذلك حقن البوتولينيوم والتي تحقن في الشفة العليا بمقدار وتركيز معين، حتى تغطي على هذه المشكلة، ومفعولها لا يقل عن 5 أشهر، ومن ثم تكرر مرة أخرى.
تستخدم كذلك حقن البوتوكس، حيث تحقن في الشفة العليا فتجمد عضلاتها، وبالتالي تقل حدة ارتفاعها عند الابتسام، غير أن مفعولها يختفي خلال 4 أشهر، وتحتاج إلى تكرارها مرة أخرى.
يمكن أيضاً استخدام حقن الفيلر، فتحقن بها الشفة العليا حتى تجعلها ممتلئة، وبالتالي يقل ظهور قسم كبير من اللثة، وتستخدم هذه الحقن بالنسبة لمن يكون حجم الشفة لديه صغيراً للغاية.
الليزر والقشرة الصدفية
تشير الدراسات الحديثة إلى أن العلاج بالليرز يعد من العلاجات الفعالة للابتسامة اللثوية، ويتم فيه إزالة النسيج الزائد في اللثة باستخدام الموجات الصوتية، وبالتالي يظهر قسم كبير من الأسنان العلوية، وتصبح الابتسامة أكثر جاذبية.
توجد طريقة أخرى للعلاج، والتي تعرف بالقشرة الخزفية، وهي أحد العلاجات التجميلية للأسنان واللثة، وفيها يتم لصق طبقة بورسيلين رقيقة على السطح الخارجي للأسنان.
تستخدم هذه الطريقة في علاج الابتسامة اللثوية إذا كان حجمها ليس كبيراً، ومن الممكن اللجوء إليها عقب العلاج بالليزر للحصول على ابتسامة أكثر جاذبية.
يقول الباحثون إن هذه المشكلة من الممكن أن تسبب الكثير من الانطواء والانعزال، خاصة للبنات، حيث يعتقدون أن من حولهم ينظر إليهن بسخرية، وهذا الإحساس يجعلهم أقل إيجابية وتفاعل مع الآخرين المجتمع عموماً.