قالت الدكتورة شيرين نصار المدير العالمي للدراسات اللوجستية، ومديرة ماجستير الخدمات اللوجستية وإدارة سلسلة التوريد في جامعة هيريوت وات دبي: «أحدثت تقنية إنترنت الأشياء ثورة في العالم أجمع. لقد استحوذت على كل الصناعات وأثبتت أنها لا غنى عنها في مختلف الوظائف، وفقاً لـتقرير«فورتشن بيزنيس إنسايتس»، ستبلغ قيمة سوق إنترنت الأشياء 1463.19 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027، مع إظهار معدل نمو سنوي مركب بنسبة 24.9% خلال فترة التوقعات. تلعب إنترنت الأشياء دوراً تقنياً مهماً في صناعة سلسلة التوريد».
وأضافت: إن «من المتوقع أن تكتسب صناعة سلسلة التوريد التطورات الإدارية المطلوبة، من خلال إضافة قدرات إنترنت الأشياء إلى البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، فإن جائحة كورونا، التي أصابت الشركات العالمية بالشلل، وأجبرت المؤسسات على إعادة التفكير في نماذج أعمالها أكدت أيضاً الحاجة إلى تبني التكنولوجيا».
بالتركيز على صناعة الخدمات اللوجستية نعلم أن التعقيدات التي تنطوي عليها هذه الصناعة من البداية إلى النهاية عالية للغاية. لذلك، هناك حاجة مستمرة للتطوير والارتقاء لمستوى الطلبات العالمية المتزايدة على اللوجستيات وسلسلة التوريد. في الواقع، قدر حجم سوق إدارة سلسلة التوريد العالمية بـ 15.58 مليار دولار أمريكي في عام 2020 .
ومن المتوقع أن يصل إلى 17.41 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2021، بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 12.09% من عام 2020 إلى عام 2026، ليصل إلى 30.91 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026.
أشارت دكتورة شيرين إلى أن للتغلب على تحديات مثل الافتقار إلى الرؤية، وإدارة مخاطر سلسلة التوريد غير الفعالة، وسوء إدارة النقل، وأوقات التسليم البطيئة والتعامل غير الفعال مع المخزون، وأمور أخرى، أثبتت إنترنت الأشياء أنها الحل المرغوب والأمثل. عند تطبيقها على سلسلة التوريد العالمية، يمكن أن تساعد تقنية إنترنت الأشياء الشركات في خدمة عملائها بشكل أفضل وأكثر كفاءة مع توفير أموال الشركات وتحسين الكفاءة العامة.
وأضافت: إن من المتوقع أن تبلغ القيمة السوقية الإجمالية المقدرة لإنترنت الأشياء أكثر من 1 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2022، ومن المتوقع أن تكون صناعة الخدمات اللوجستية قادرة على تقديم إمكانات إنترنت الأشياء على نطاق واسع. ومع ذلك، لا يزال يتعين على إنترنت الأشياء إحداث ثورة في عمليات سلسلة التوريد.
وأشارت د. نصار إلى بعض الأمثلة لتطبيقات إنترنت الأشياء في مجال الخدمات اللوجستية وسلسلة التوريد منها:
مراقبة الشحنات:
فقالت: إن «تقنيات التتبع والمراقبة تعد واحدة من أهم العناصر المدرجة في إدارة سلسلة التوريد. يمكن أن تساعد هذه التقنية المؤسسات في ضمان جمع المنتج وتخزينه وشحنه وتسليمه بشكل مناسب. توفر مراقبة الشحنة أيضاً شفافية معززة بين المورد وموفر الحلول اللوجستية والعميل. يمكن توصيل التقنيات التي يتم تمكين نظام تحديد المواقع العالمي بها، وأجهزة استشعار درجة الحرارة بالشحن للمساعدة في تتبع موقعه وحالته.
يتم نقل البيانات التي تم جمعها عبر البوابات إلى منصة، حيث يمكن لمشغلي الأساطيل ومناولي الشحن مراقبة الشحنات وإدارتها، ونتيجة لذلك، فإنهم يحصلون على رؤية كاملة لعمليات النقل الخاصة بهم، ما يسمح لهم باتخاذ قرارات سريعة وذكية لتحسين كفاءة سلسلة التوريد الخاصة بهم، وضمان تسليم المنتجات في الوقت المناسب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون الحلول التي تساعد في مراقبة الشحنات مفيدة أيضاً أثناء اضطرابات سلسلة التوريد، التي يمكن أن تحدث بسبب ظروف غير متوقعة».
إدارة المخزون
أضافت د.شيرين: إن «إدارة المخزون تعد جانباً هاماً من جوانب إدارة سلسلة التوريد. كما يعد الاحتفاظ بالمخزون وإدارته مهمة هائلة لأي منظمة لوجستية. مع إدخال إنترنت الأشياء في إدارة المخزون، أصبح الآن متقدماً تقنياً ويدعم القطاع بشكل إيجابي.
في الواقع، وجد تقرير صادر عن معهد ماكينزي العالمي أن المساهمات المحتملة لإنترنت الأشياء في إدارة المخزون وإدارة سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية يمكن أن تصل إلى ما بين 560 مليار دولار أمريكي و850 مليار دولار أمريكي سنوياً بحلول عام 2025. في إدارة المخزون، المنتجات المربوطة أو الموصولة بأجهزة إنترنت الأشياء توفير تخزين وتتبع فعالين.
يمكن أن تكون أنظمة تحديد ترددات الراديو أساسية في جعل قوائم الجرد أكثر مرونة من خلال منع الحاجة إلى مسح الرموز الشريطية التقليدية أو الملصقات، بدلاً من أن تكون الرؤية فقط من خلال أرقام الرمز الشريطي، يمكن للشركات تتبع مخزونها وسلسلة التوريد بشكل مناسب في الوقت الفعلي».
إدارة الأسطول
وأشارت د.شيرين إلى أنه «يمكن لإنترنت الأشياء أن تلعب دوراً مهماً في إدارة الأسطول والمركبات حيث يسمح إنترنت الأشياء في إدارة الأسطول لمشغلي الأساطيل بأتمتة العمليات المختلفة وتخطيط الرحلات. تعتمد صناعة سلسلة التوريد على العديد من آليات الحركة، من الرافعات وشاحنات التوصيل إلى الرافعات الشوكية. ترسل المركبات المجهزة بأجهزة الاستشعار إشارات آلية وتنبيهات إنذار مبكر، عندما تحتاج الأجزاء المراقبة إلى صيانة أو على وشك الانهيار.
إن ربط هذه الآلات المستخدمة بشكل متكرر بأجهزة الاستشعار، التي تجمع وتزود تلقائياً بيانات الصحة والسلامة الخاصة بالآلات يمكن أن يساعد الشركات على تجنب الأضرار ومشكلات الأداء والأعطال المفاجئة غير المترقبة. يمكن لأجهزة استشعار إنترنت الأشياء أيضاً تتبع سلوك السائق، وأماكن وجوده، وحركاته، وكفاءة استهلاك الوقود في الوقت الفعلي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مركبات التوصيل البطيئة تؤثر سلباً على البيئة، من خلال انبعاث الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. يمكن لهذه المركبات التي تدعم إنترنت الأشياء أن تنبه المؤسسات لاتخاذ إجراءات سريعة، لتقليل مثل هذه السلوكيات والقضاء عليها».
تسليم الميل الأخير
وقالت: «يمكن أن تفرض آلية وأسلوب التسليم تكاليف وأعباء مادية على مزودي حلول سلسلة التوريد، يتطلب مزيداً من الاهتمام ويمكن أن يكون عرضة للأخطاء. مع إنترنت الأشياء، يمكن تحسين التسليم عند الميل الأخير على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، يلعب تسليم المنتجات في الميل الأخير دوراً مهماً في إرضاء العملاء.
يمكن أن تكون تجربة التوصيل الأفضل حافزاً للعملاء لمواصلة الطلب من نفس المورد. يدعم إنترنت الأشياء الجوانب الأساسية للتسليم في الميل الأخير، مثل تتبع موظفي التوصيل من خلال «جى بى إس» وضمان التسليم في الميعاد المحدد.
بالإضافة إلى ذلك، فهو يساعد في مراقبة طرق التسليم ويوفر رؤية بشأن مشكلات المرور ومشاكل التسليم الأخرى. تساعد إنترنت الأشياء أيضاً في التتبع والمراقبة عن بُعد بأجهزة استشعار متصلة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تعزيز تجربة توصيل الميل الأخير».
وبالإشارة إلى التحديات التي تواجه إنترنت الأشياء فصرحت د.شيرين أن «تأتي فوائد إنترنت الأشياء مع تحديات أخرى تعيق تنفيذها على نطاق واسع. أحد الأسباب الرئيسية للتبني البطيء لإنترنت الأشياء هو الافتقار إلى الفهم والثقة في القيمة، التي يمكن أن توفرها إنترنت الأشياء للشركات. بالإضافة إلى ذلك، تولد تطبيقات إنترنت الأشياء مخاطر أمنية مع وجود عدد كبير من الأجهزة المتصلة بشبكات مختلفة. ي
تزامن الافتقار إلى اعتماد إنترنت الأشياء مع نقص الوعي والفهم للمخاطر، التي قد تشكلها هذه الأجهزة، وتعقيد إدارة جوانب الأمن السيبراني. يضاعف الحجم الإجمالي لإنترنت الأشياء من المخاطر، التي تشكلها هذه الأجهزة؛ توقعت جارتنر أنه سيكون هناك 25 مليار جهاز متصل بحلول عام 2021. يمكن أن تلعب حلول الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في التغلب على العديد من مخاوف الأمن السيبراني لإنترنت الأشياء للتغلب على هذا التحدي».
وأضافت: «تعمل إنترنت الأشياء على تغيير وتطوير صناعة سلسلة التوريد. أثرت إنترنت الأشياء بشكل كبير على القطاع من خلال أتمتة العمليات والحلول المستدامة والفعالة من حيث التكلفة وستواصل القيام بذلك بشكل إيجابي. مع التوسع القوي الذي شهدته الصناعة على مر السنين، فإن التطورات التكنولوجية لا تدعم نموها فحسب، بل تجعلها أيضاً أكثر كفاءة واستدامة».
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
طباعةEmailفيسبوك تويتر لينكدين Pin InterestWhats App