أمر رائع أن يخرج علينا الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والقائم بمهام وزير الصحة، ليوجه بالاستجابة لصرخات المعاقين بشأن عدة نقاط طلبوها أكثر من مرة وأطلقوها في أكثر من مكان.
أخيرًا تحقق للمعاقين جزء صغير مما أرادوا.. حين أمر عبد الغفار بتطوير المنظومة الإلكترونية لخدمات ذوي الهمم لتيسير حصولهم على الكشف الطبي والتغلب على المشكلات والتحديات التي تواجههم.
وأمر الوزير أيضًا بسرعة الانتهاء من تحديث الموقع الإلكتروني بمنظور جديد.. وإتاحته للمواطنين خلال 10 أيام، وإضافة عدد من "الخانات" الجديدة على الموقع لإدخال بيانات المواطنين، بما يسهم في التيسير عليهم خلال التسجيل، ووضع آلية محددة للمدة الزمنية التي يتم خلالها حصول أصحاب الهمم على موعد الكشف الطبي.
ووجه الوزير بزيادة أعداد اللجان الطبية، وكذلك أعداد المستشارين وأساتذة الجامعات العاملين بتلك اللجان؛ سواء بفروع المجالس الطبية المتخصصة المتواجدة بجميع المحافظات أو بالمستشفيات المختصة بتوقيع الكشف الطبي، لتتناسب مع أعداد المسجلين على الموقع الإلكتروني.
كل هذه الأوامر والتوجيهات أمر جيد جدًا يُشكر عليه معالي الوزير خالد عبدالغفار، والأجمل أن يتم التنفيذ كما أمر سيادته، دون مواربة أو بصورة مغايرة لما قرر ووجه.
لكن يبقى هناك أمر غاية في الأهمية والخطورة لا ينبغي أن ننساه أو نتجاوزه أو نمر عليه مرور الكرام.. ويا حبذا لو أمكن تنفيذه الآن وليس غدًا، لأنه فعلًا يعذب المعاقين بطريقة فجة ويجرحهم في كرامتهم أيما جرح.. ألا وهو إعادة الكشف الدوري على المعاقين لإثبات إعاقتهم.
فهناك نوعان من الإعاقة ثابتة ومؤقتة.. والحديث هنا مُنصب على الإعاقة الثابتة كبتر ساق أو ذراع أو كفقد العينين أو السمع.. إلى آخره من الإعاقات المختلفة الثابتة والمعروفة لذوي الهمم، وهذه الإعاقات بالعقل والمنطق والبديهة لا تزول ولا تتبدل كلما مرت السنون على المعاق.. فهي ثابتة ثبات الدهر.. وفي بعض الأحيان قد تزيد نسبة العجز، لكنها لا تقل بأي حال من الأحوال.
إذن أين تكمن المشكلة؟! المشكلة تكمن في الاشتراطات المختلفة لدورية الكشف الطبي واستخراج شهادة للمعاق بأنه معاق، كلما رغب أو أراد استخلاص خدمة حكومية جديدة.. كشراء سيارة مجهزة طبيًا، أو ضم معاش الوالد أو الوالدة إليه أو الدخول إلى الجيش أو شراء دراجة بخارية من الجامعة.. إلى آخره.
وفى كل مرة يجب عليه أن يُعيد الكشف الطبي.. ويعيد إثبات أن فى جسده جزءًا غير قابل للعمل.. وأن هذا الجزء ما زال مشلولًا أو ميتًا.. ولا يقوم بوظيفته.
للحقيقية هذا أمر فى غاية الغرابة، أن يطلب من المعاقين تحديدًا ذلك.. لماذا هم فقط دون غيرهم؟! لا أحد يعرف.. لماذا المعاقون الفئة الوحيدة المطلوب منها أن تثبت حالتها بشكل دوري كلما أرادوا إجراء خدمة مع أو من الحكومة؟!
هل رأينا مهندسًا في كل مرة يذهب لبناء عمارة تشترط عليه الدولة اجتياز اختبارًا في الهندسة والمعادلات الرياضية.. وكذلك الأطباء هل في كل مرة يجري فيها عملية جراحية تشترط الدولة عليه اجتياز اختبارات علوم الطب وفروعه.. وهكذاكل فئات المجتمع.. لا يشترط لهم أي اختبار جديد.. إذن لماذا المعاقين؟! لماذا هم وحدهم المطالبون بإعادة إثبات إعاقتهم المرة تلو الأخرى؟!
في هذه الأيام أصبح لدينا بطاقة الخدمات المتكاملة ويمكننا منها وعبرها إثبات إعاقة ذوي الهمم مرة واحدة فقط.. إما عن طريق المراكز الطبية الموثوقة التي تتبع وزارة الصحة أو لنقل مثلا "مراكز التجنيد التابعة للقوات المسلحة".. لأن المعاقين يعفون من تأدية الخدمة العسكرية بعد إجراء الكشف الطبي عليهم.. وبعدما نتفق على آلية محددة، لا نحتاج بعدها إلى إعادة الكشف مرة تلو الأخرى.. فقط على المعاق أن يذهب ويدفع الرسوم المقررة عليه ثم يحصل على الخدمة دون إعادة الكشف.
أثق أن الدكتور خالد عبدالغفار قادر على أن ينصف المعاقين ويريحهم من عناء إثبات إعاقتهم المرة تلو الأخرى، والسنة تلو الأخرى، والخدمة وراء الأخرى.. فقط يضيف بندًا أخيرًا لكل البنود التي أضافها من قبل، بكشف وحيد طوال حياة المعاق.
أتمنى أن يفعل كما فعل من البنود المذكورة أولًا.. وإن فعل فقد حول حياة المعاقين إلى الراحة وحرمهم من الشقاء والتعب والتعذيب.
تويتر: @AhmedTantawi