قال لي الوزير عبد القادر عمارة: “ليس عندي ما أقدمه لك.. والواجب أديته أنت بنفسك..”
35 اختراعا هو حصة الشاب المخترع عبد الله شقرون (وسط الصورة)، من الإنتاجات العلمية، والذي نال إعجاب العديد من المتخصصين في العلوم والاختراع عالميا وعربيا.. حيث لم تلق براعة شقرون في الاختراع أي التفاتة ولا احتضان مغربي رسمي يذكر، على حد قوله، في الوقت الذي تترصده الأعين الغربية من أجل الاستثمار في اختراعاته، التي تنوعت بين محركات الطائرات والاختراعات العسكرية والطبية..
يحدثنا شقرون (28 سنة)، ابن مدينة تطوان والعاشق للعلم والاكتشاف، في حوار حصري مع “هسبريس”، عن قصته مع الاختراع، وكيف تكللت مسيرته الدراسية بالفشل في إحدى السنوات، لتنقلب بعدها حياته رأسا على عقب ويختار بذلك طريق النجاح والتميز.. وتُوّجت هاته القصة بولوج عبد الله عالم الاختراع وهو لم يتجاوز سن الـ20 بعد، حيث بات معروفا حينها بأصغر مخترع مغربي معترف به دوليا باختراعه لمحرك خاص.. حتى صارت تتوافد عليه الطلبات الخارجية لاعتماد اختراعاته. لكن مخترعنا الشاب يقول بأنه يفضل أن تبقى إنتاجاته العلمية بين جنبيه حتى يستغلها وطنه.. الذي يبدو أنه لا يعرف بعد مخترعا طموحا اسمه “عبد الله شقرون”.
بداية هل من ورقة تعريفية لعبد الله شقرون؟
اسمي عبد الله شقرون، من مواليد تطوان يوم 5 غشت 1984، ابن لأسرة ميسورة الحال وسط 4 أخوات.. كان لجدي الأثر الكبير علي في التربية، أهلني رفقة والديّ على الأخلاق الحميدة بشهادة من تربيت على أيديهم من الأستاذة.. كانت أسرتي تنعتني بـ”البهلول” أو الغبي، وكنت أحب التأمل، حتى أني كنت ماهرا في اصطياد الذباب..
كنت أتميز بالتفوق في سباقات المسافات القصيرة خلال فترتي الدراسية.. التي عشتها متفوقا إلى حدود السنة الثالثة من التعليم الإعدادي، حيث رسبت، لتكون نقطة التحول بالنسبة لي بعد أن شكلت صدمة كبيرة في مساري، وكتبت حينها رسالة حياتي لأبدأ مسيرة التفوق العلمي ..
كيف بدأت قصة أول الاختراع معك؟
بدأت القصة بطريقة غير مباشرة عبر ركوب سفينة المنافسة والتحدي.. فحين مرحلتي الدراسية بشعبة مكانيك السيارات بالتكوين المهني، وكنت حينها معتكفا على دراسة محركات السيارات والطائرات والبواخر بشكل ذاتي.. اطلعت على نوع جديد من المحركات ولأول مرة في حياتي، والذي اخترعه الألماني “فيليكس وينكل”، وقلت في نفسي: ما الفرق بيني وبينه، هل لأنه ألماني وأنا مغربي.. أنا أفضل منه لكونه وجد مشاكلا في محركه.. وأنا استعملت عقلي وبطريقة أحسن لأطور شكلا جديدا من المحركات..
فاتجهت إلى اختراع محرك أكثر تطورا يحل أزمة التكنولوجيا العالمية بالتوفر على محركات اقتصادية، فاخترعت “المحرك الدوار المدور المربع” Diesel M.R.R.C (الصورة) الذي يشتغل بالديزل، في ماي من عام 2002، وأنا لا زلت أدرس في سنتي الأولى من المعهد، وهو محرك يجمع بين القوة والسرعة والاقتصاد في الطاقة.. ويستعمل في الطائرات العسكرية حيث لا يسمع أي صوت..
فهو لا يستهلك وقودا كثيرا، أي أنه اقتصادي لدرجة كبيرة، وستأتي من بعده فصيلة متتالية ليعمل بالهواء والماء أيضا..
ومن غريب الصدف أن أمريكا ظلت تبحث عن فكرة هذا المحرك من 1960 إلى حدود 1984، ولم تجد لها سبيلا.. وهذه السنة هي تاريخ ميلادي ..
وهل سجلت براءة لاختراعك؟
سجلت أول براءة وطنية لاختراعي المحرك يوم 9 غشت 2004، وكان عمري حينها 20 سنة.
وللإشارة، فـ” المحرك الدوار المدور المربع” يستطيع أن يعمل في الطائرات العمودية من النوع الصغير والمتوسط وكذا في أنواع أخرى من الطائرات والبواخر بتغيير بعض القواعد الميكانيكية.فكنت أصغر مخترع يقدم اختراعه بذلك الحجم التكنولوجي في ذلك العام.
بعدها، قمت ببحث في مؤسسة دولية للأبحاث بلاهاي الهولندية عام 2005 من أجل معرفة وجود اختراع مماثل في العالم، فكان الرد هو عدم وجود المثيل المطابق لاختراعي.
ومن تلك الفترة صنفت من بين “المخترعين الدوليين”، وكنت المخترع المغربي الوحيد المصنف دوليا عام 2005، ومن بعد تلك الفترة بدأت العروض تتوافد علي.
هل حصلت هل جوائز على اختراعاتك؟
أجل، فقد حصلت على الجائزة الأولى في المهرجان الدولي للإختراع بالدار البيضاء السنة الماضية، وشاركت في برنامج “نجوم العلوم” بالعاصمة القطرية الدوحة، الذي يشارك فيه الشباب العربي المخترع، إلا أني لم أكمل المسيرة لأن سياسة البرنامج لم تعجبني..
وحزت قبلها على المرتبة الأولى في مسابقة “شالنجر اينوفاسيو” عام 2008 ، باختراع آخر هو نظام أوتماتيكي لتنظيف الزجاج..
والغريب أنهم قالوا أنه لا يمكنني ال في باقي المنافسات، لأن المغرب لا يتوفر على ظروف اختراعاتي..
كم وصل عدد اختراعتك لحد الآن؟
لحد الساعة أتوفر على أكثر 35، غالبها في المجال العسكري، كما لدي برائتا اختراع، بالإضافة إلى أن هناك اختراعا اعترفت به اليابان مؤخرا.
وما مصيرها؟
كلها عندي، ورغم توافد العروض الأجنبية المغرية جدا، حيث تلقى تجاوبا وترحابا كبيرين، إلا أني أفضل أن ينتفع بها بلدي لوحده فقط..
هل يعني هذا أن المغرب لم يلتفت إليك؟
ليس هناك التفاتة ولا احتضان بالمرة، لقد مر علي ثلاث وزارء للصناعة والتكنولوجيا، الأولان قالا لي “أخرج إلى الخارج وستجد ما تريد”.. والوزير الأخير الحالي، عبد القادر عمارة، قال لي “ليس عندي ما أقدمه لك.. والواجب الذي كنا سنقدمه لك من براءة الاختراع والبحث الدولي قد أديته وأكثر..” وأخبرني أنما يمكن أن يفعله اتجاه اختراعاتي هو تثمينها فقط.
وكيف كان إحساسك مع هذا التجاوب؟
أحسست حينها أنني أدور في دائرة مغلقة، لذلك اتجهت إلى التفكير في اختراع شيئ أبسط، وبالفعل نجحت في اختراع جهاز أوتوماتيكي لتنظيف شامل لـ”زجاج العمارات الزجاجية” وللسيارات والحافلات بدون أي مجهود بشري، ونال ميدالية ذهبية في مسابقة للمخترعين تقنيا وفنيا، وكالعادة، قالوا لي أن الجهاز لا يصلح بالمغرب.
بعدها لجأت إلى المجال الحربي، حيث أفلحت في اختراع بعض الأسلحة المتطورة تكنولوجيا، وكانت نتيجة هذا أن عرض علي مدير أكاديمية الخوارزمي الدولية بطهران الالتحاق للدراسة بها مجانا.. لكني رفضت.. كما نصحني الدكتور زغلول النجار بالتواصل مع القوات المسلحة المصرية.. ورفضت كذلك.
ما هي العروض الأخرى التي قدمت لك بالخارج؟
هناك دعوات من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والهند من أجل اختراع المحرك واختراعات الأسلحة، حيث عرضوا علي مبالغ كبيرة، لكني وبحكم رساليتي رفضت.. لأني فكرت في أن الاستثمارات القوية الحالية هي في المجال العسكري، وبلادي محتاجة لهذه الاستثمارات من غيرها.. لأن العلم الذي وهبني الله إياه أمانة، وسيسائلني عليه..
وأخبرك أن محركي لازال في المنافسة مع الشركات الكبرى، وهو اختراع سابق لوقته..
بعد هذا كله، ما هي طموحاتك؟
من أبرز طموحاتي هو تأسيس شركة “عبد الله موتوز” والتنسيق مع الجمعيات والمنظمات الطلابية.. وستعمل هاته الشركة على اكتشاف مواهب الطلبة والتلاميذ المغاربة واستثمارها عبر إعطائها رؤية جديدة للعمل وتغيير الفكرة التي تقول أن الغرب هو السباق لكل شيئ.. كما سنقوم من خلالها بتبادل التجارب بين الجامعات الوطنية والغربية..
وكنت قد قمت إلى حدود الساعة بأكثر من 130 محاضرة لأجل تحفيز التلاميذ واكتشاف مواهبهم.
وستستهدف هاته الشركة أيضا إلى تصنيع المزيد من المحركات التي تعمل بالطاقات المتجددة.
وللإشارة فأنا نسبت تسميتها إلى “عبد الله موتورز” وليس “شقرون”، لأنها ستكون شركة لكل واحد هو عبد لله..
كيف تعيش وقتك؟ وما هي أهم هواياتك؟
صراحة أنا دائم التفكير والتدقيق في المسائل المتعلقة بتخصصي، كما أقضي وقتي في المطالعة ومشاهدة البرامج واللقاءات الهادفة..
من جهة أخرى، ليس لديّ هوايات، فكل وقتي أخصصه للعلم والاختراع، فالعلم بالنسبة لي كالهواء ومن الصعب التخلي عليه، كحب العاشق لمعشوقه.. لدرجة أني أقضي في بعض الأحيان أزيد من 12 ساعة يوميا في البحوث ومتابعة أفكاري..
ما نوعية الكتب التي تقرؤها؟
أقرأ كتبا متنوعة، مثل كتب حسن الندوي، خصوصا كتاب “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”، وكتب راغب السرجاني وزغلول النجار والمهدي المنجرة وأحمد زويل وعائض القرني.
كلمة أخيرة..
يقول الله تعالى “ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا، إنهم لا يعجزون”، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم الدين”.
[email protected]
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
يرجى التحقق من البريد الإلكترونيلإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.>