يحتفي متحف اللوفر أبوظبي، الخميس، بالذكرى الرابعة لافتتاحه، مستعرضاً إنجازاته خلال العام الماضي وتطلعاته للعام المقبل.
وافتتح المتحف معرضين عالميين بنجاح، وهما معرض "التجريد وفن الخط: نحو لغة عالمية" ومعرض "التنين والعنقاء – قرون من الإلهام بين الثقافتين الصينية والإسلامية"، وذلك رغم التحديات التي شهدها العالم العام 2021.
كما أعاد افتتاح متحف الأطفال بمعرض تفاعلي بعنوان "مشاعري! مغامرة جديدة في عالم الفن".
وشهد هذا العام عقد شراكة جديدة مع العلامة التجارية السويسرية ريتشارد ميل، لإطلاق معرض سنوي بعنوان "فن الحين" في اللوفر أبوظبي، والذي يفتح أبوابه للجمهور الأسبوع المقبل، وجائزة ريتشارد ميل للفنون التي تترافق مع المعرض.
وبرز المتحف كجهة رائدة في قطاع التعليم في الإمارات بفضل العديد من البرامج التي تدعم المعلمين وتوجّه الدعوة للطلاب للتفاعل مع الأعمال الفنّية، وتعمل على تدريب جيل جديد من الإماراتيين المتخصصين في المتاحف، من خلال توفير منصة تقدم تجارب لا مثيل لها، فضلاً عن برامج رائدة في البحوث.
إلى جانب افتتاح المعارض العالمية على مدار العام، يتيح تغيير الأعمال الفنّية المعروضة في قاعات العرض، سواء المُستعارة أو المُقتناة، باستمرار، تجربة جديدة للزوار في كل زيارة، وروابط جديدة يستكشفونها بين الأعمال الفنية.
وتمت إضافة أكثر من 100 عمل فني جديد إلى قاعات العرض بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لتأسيس المتحف، وتم إطلاق مركز المصادر ومختبر البحوث.
كما استمر المتحف بتأدية دوره الريادي للسنة الرابعة على التوالي، لا سيما في ظل التغيّرات التي طرأت على المشهد الفنّي والثقافي في الإمارات.
وقال محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: "لا يزال متحف اللوفر أبوظبي يقدّم نموذجاً جديداً للمتاحف ولرسالتها التي تقوم على خدمة الجمهور المحلي والعالمي على حد سواء، رغم أنَّ جذوره تعود إلى العاصمة الإماراتية".
وأضاف أن "مشاريع المتحف وإنجازاته على مر السنين قد رسخّت مكانته كجزء لا يتجزأ من مجتمعنا ومَعلماً من معالم المدينة. ولأنَّه يرى كلّ تحدٍ كفرصة لابتكار جديد يناسب جميع الجماهير، لعب المتحف دوراً محورياً في تعزيز قطاعنا الثقافي، ولا سيما مع تغيّر العروضات الإبداعية والثقافية التي تقدمها أبوظبي".
من جانبه، قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: "لقد شكّل العام الماضي اختباراً لنا جميعاً، من نواحٍ متعددة. ولكن من خلال الإصرار والابتكار، استطاع المتحف تجاوز العديد من الصعوبات التي واجهت جميع المتاحف خلال جائحة كورونا. ولا يزال المتحف ماضٍ قدماً، في مهمته لإشراك جميع الزوار، بأمان، في تسليط الضوء على قصص لقاء الحضارات.
وأضاف راباتيه: "أتقدّم بجزيل الشكر لشركائنا على دعمهم لنا، وللمجتمع الإماراتي على تعاونه معنا على مستويات عدّة. ونتطلع إلى الترحيب بالزوار من جديد في القريب العاجل لنقدّم لهم معارض عالمية ودروس رسم، وعروض أفلام عائلية ومطاعم فاخرة وصفوف يوغا وجولات كاياك."
ويتميّز متحف اللوفر أبوظبي عن غيره من المتاحف بنهجه العلمي الذي يروي قصص لقاء الحضارات، من خلال عرض مجموعة شبه دائمة من الأعمال الفنّية. فقد شهد هذا العام تغيير الأعمال الفنّية المعروضة في قاعات العرض وعرض أعمال جديدة، منها المُقتناة ومنها المُستعارة، حيث تم عرض 56 عملاً فنياً جديداً من مقتنيات المتحف، بمناسبة الذكرى السنوية لافتتاحه. وتختلف أصول هذه القطع الفنّية من حيث الثقافة والمنطقة الجغرافية والعصور التي تنتمي إليها، وجميعها تم اختيارها بعناية لتتناسب مع الإطار السردي للمتحف.
ومن بين مقتنيات المتحف الجديدة لوحة "فتاة تنفخ في مِجمرة" لجورج دو لاتور، ولوحة "القفل" لجان هونوري فراغونارد، كما سيتسنى للزوار تأمّل عملين فنيين جديدين هما "دعوة لحمل السلاح" لأوغست رودان، و"نصب تذكاري لفيكتور هوغو"، كما تُعرض في المتحف ثلاث مطبوعات جديدة ومميزة بأسلوب أوكييو-إه للفنان كاتسوشيكا هوكوساي، تستكشف التقاليد الثرية للطباعة اليابانية.
إلى جانب هذه المقتنيات الجديدة، يقدّم المتحف لزواره 59 عملاً فنياً مستعاراً، في حوار مع القطع الفنّية الأخرى، حيث تزين الأعمال الفنّية الاستثنائية المستعارة من المتاحف الشريكة قاعات عرض المتحف.
وتجسد لوحات "لندن، مجلس البرلمان، أشعة الشمس في الضباب" ولوحة "قوارب النزهة" لكلود مونيه، فترتين مميزتين في مسيرة الفنان، فيما تُعتبر لوحة "صورة ذاتية مثمّنة الأضلاع" لإدوارد فويلارد واحدة من أهم الأعمال الفنّية التي تنتمي لحركة ما بعد الانطباعية.. إضافة إلى لوحة "الفستان الوردي" لفريديريك بازيل، ولوحة "امرأة -القمر تقطع الدائرة" لجاكسون بولوك.
ويمكن لزوار المتحف التماس الاتجاه الفني الهولندي الذي راعى فنانوه أدق التفاصيل في تفسير الرسام يوهانس فيرمير – أحد فناني العصر الذهبي الهولندي - لموضوع عصر النهضة الألمانية والإيطالية حول القديس جيروم، من خلال لوحته التي تحمل عنوان "عالم الفلك" ولوحة "صرّاف المال وزوجته" لكوينتين ماتسيس، ولوحة "أصفر-أحمر-أزرق" لفاسيلي كاندينسكي .
من جانبها، قالت الدكتورة ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في اللوفر أبوظبي: "لقد نشأت فكرة متحف اللوفر أبوظبي انطلاقاً من رغبتنا في أن نروي قصص لقاء الحضارات للعالم، من خلال متحف يجمع الأعمال الفنّية من مختلف العصور والحضارات. وقد أتاحت لنا السنوات الأربعة الماضية الفرصة لإقامة شراكات دائمة مع العديد من المؤسسات المرموقة، مما سهّل علينا الحصول على قطع فنّية مُستعارة، نستكمل بها مجموعة مقتنياتنا".
وأضافت: "خلال هذه الفترة، نمت مجموعة مقتنيات اللوفر أبوظبي بدرجة ملحوظة، حيث أضفنا إليها قطعاً منتقاة بعناية لتندرج ضمن إطار المتحف السردي. إذ تبقى تجربة الزوار في صميم عملنا، ونأمل أن يخرج كل زائر من زوارنا بتجربة شخصية وفريدة من نوعها، بعد استكشافه للقصص التي ترويها قاعات العرض".
ويفتتح متحف اللوفر أبوظبي مرفقين من المرافق البحثية الرائدة هما مركز المصادر ومختبر البحوث. فمن المقرر أن يفتح مركز المصادر أبوابه أمام الجمهور اعتباراً من الخميس 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ليتيح الفرصة للطلاب والباحثين والأساتذة والزوار لاستكشاف مجموعة مقتنيات المتحف والتعرف إليها.
كما سيقدم المركز جميع المواد اللازمة لتوثيق مجموعة مقتنيات المتحف ودراستها وحفظها، ودعم المشاريع البحثية للمتحف في الوقت ذاته.
ومن خلال الموارد الرقمية وقاعدة بيانات الأعمال الفنّية الواسعة ومجموعة المكتبة التي تشهد نمواً مستمراً، والتي تشمل اليوم حوالي 5,000 كتاب حول مجموعة المتحف الفنّية وتاريخ الفن، يركز المركز على تبادل الفن وانتشاره، فضلاً عن تركيزه على تاريخ المجموعات الفنّية وجمع المقتنيات.
وجميع هذه الموارد متوفرة بالعربية والإنجليزية والفرنسية، وهي تتّبع نهجاً متعدد التخصصات في استكشاف الروابط الأنثروبولوجية والتاريخية والجمالية والفنية من منظور عالمي متعدد الثقافات.
ويفتح المركز أبوابه للجمهور أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من كل أسبوع، من الساعة 10 صباحاً إلى الساعة 5 مساءً، والدخول إليه مجاني ومشمول في تذكرة دخول المتحف، كما يمكن للزوار طلب تذكرة مجانية لزيارة مركز المصادر من مكتب بيع التذاكر.
جدير بالذكر أيضاً أن المتحف في المراحل النهائية لاستكمال مختبره البحثي، وهو أول مختبر علمي في متحف في الإمارات؛ حيث سيكون بمقدور العلماء وأمناء المتاحف وخبراء ترميم الأعمال الفنّية الوصول إلى أحدث الأدوات البحثية المخصصة لتحليل مواد الأعمال الفنية من مجموعة متحف اللوفر أبوظبي.
ويطمح المتحف إلى أن يكون مساهماً رئيسياً في تطوير الأبحاث وتبادل المعرفة، لذا فإنَّه يعتزمالبيانات التي يستخلصها فريق العمل من التحليلات البحثية المختلفة مع المجتمع الأكاديمي، عن طريق المقالات والمحاضرات والمؤتمرات العلمية المعتمدة.
كما يشجع مركز المصادر ومختبر البحوث التعاون المستقبلي مع المؤسسات الأكاديمية والثقافية المحلية والدولية في المشاريع البحثية، وسيدعمان تكوين مجتمع من الباحثين داخل الإمارات.
واحتفالاً باليوبيل الذهبي للإمارات خلال شهر ديسمبر المقبل، يقدم متحف اللوفر أبوظبي أعمالاً فنّية من الإمارات تلقي الضوء على وحدة دولة الإمارات، إلى جانب سلسلة من الفعاليات للزوار؛ حيث سيتم عرض الأعمال الفنية من مختلف الإمارات، من العصور القديمة إلى يومنا هذا، في قاعات عرض المتحف.
وتشكل هذه الأعمال، التي تشمل قطعاً أثرية مُستعارة من المؤسسات الإماراتية الشريكة إلى جانب الفيلم المعاصر "آلات حادة" للمخرجة والشاعرة نجوم الغانم، شهادةً جماعيةً على تاريخ الأمة وإنجازاتها الثرية، التي تحققت بفضل الاستدامة الثقافية والتنوع الثقافي في البلاد.
والأعمال مُستعارة من مؤسسات شريكة في دولة الإمارات هي دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، ومتحف جوجنهايم أبوظبي، ومتحف العين، وبلدية دبي، وهيئة الشارقة للآثار، ومتحف عجمان الوطني، ومتحف أم القيوين الوطني، ومتحف رأس الخيمة الوطني.
كما سيتمكن رواد المتحف من مشاهدة قبّته الأيقونية الشهيرة تتحوّل إلى عمل تركيبي بالصوت والصورة يعكس نشأة دولة الإمارات وتطورها، بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيسها.
كما سينظم المتحف أنشطة التزلج بالعجلات بالتعاون مع "ماد رولرز"، تمتد يومين وتترافق مع أنغام الموسيقى كما تترافق الموسيقى مع عرض للصور والفيديوهات من الأرشيف الخاص بالإمارات على مدى السنوات الخمسين الماضية، بالتعاون مع شركة أبوظبي للإعلام، باستخدام لوحات جدارية رقمية ديناميكية.
وعقد متحف اللوفر أبوظبي شراكات متينة مع مؤسسات من جميع أنحاء المنطقة، تضمنت اتفاقيات للإعارة المتبادلة، لتسليط الضوء على تاريخ المنطقة وتراثها الغني.
وتعاون المتحف، منذ العام 2017، مع كبرى المتاحف والمؤسسات الإقليمية الرائدة، بما في ذلك المتحف الوطني في سلطنة عُمان، الذي أعار اللوفر أبوظبي أربعة أعمال فنّية تشمل كنزاً نقدياً يضم 389 درهماً فضياً من عهد الخلافة العباسية في العراق، ومبخرة نادرة على شكل صدفة تعود إلى الفترة ما بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر، ووعاء وجرّة تم اكتشافهما في سيداما "الوقبة".
في المقابل، سيقوم متحف اللوفر أبوظبي بإعارة ستة خزفيات من إزنيق تعود للقرن السادس عشر من مجموعته الفنّية إلى المتحف الوطني العُماني؛ حيث سيتم عرض القطع الخزفية ذات الزخارف الجميلة في قاعة "عظمة الإسلام" اعتباراً من شهر ديسمبر/ كانون الأول 2021 وحتى شهر ديسمبر/ كانون الأول 2022، في معرض بعنوان "حدائق الجنة: لغة الأزهار في خزفيات إزنيق" الذي يستكشف مجموعة متنوعة من الزخارف المستوحاة من الأزهار، التي تم تصويرها بشكل طبيعي على الأعمال الفنّية، والتي تشكل نقطة تحول للفن العثماني ولإنتاج الخزفيات في القرن السادس عشر.
إضافةً إلى الشركاء الإماراتيين، يتعاون المتحف مع شركاء إقليميين منهم دائرة الآثار العامة الأردنية ووزارة السياحة السعودية. في حين لا تزال الأنشطة والبرامج الرقمية متاحة لمختلف الجماهير من خلال الموقع الإلكتروني للمتحف، بدأ المتحف يستأنف تدريجياً عروضه الحيّة.
وعمل المتحف منذ افتتاحه على إشراك المجتمع المحلي، من الطلاب والفنانين وعشاق الفن والعائلات وكبار المواطنين والمقيمين ومواطني الإمارات وأصحاب الهمم وغيرهم، عبر توفير تجارب تعليمية هادفة تناسب جميع الأعمار.
وعلى امتداد السنوات الأربعة الماضية، عمل فريق المتحف على تصميم أكثر من 8,600 نشاط وبرنامج وتقديمها إلى 487,000 شخص، من بينهم أكثر من 100,000 طالب شاركوا في الأنشطة التعليمية في المتحف وعبر الموقع الإلكتروني.
مع الإشارة إلى أن أكثر من 80% منهم من الطلاب الإماراتيين في المدارس الحكومية. كما استقبل المتحف أكثر من 160 من كبار المواطنين، و400 من أصحاب الهمم، و40 يتيماً، و90 مريضاً، و7,500 معلم. ويوفّر المتحف أكثر من 40 مرشداً لتعزيز تجربة الزوار بأكثر من 19 لغة.